الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

برلمان مصر العريق

برلمان مصر العريق
برلمان مصر العريق




فراس الور  يكتب:

باسم الشعب المصرى المكافح الذى يعمل من طلوع شمس صباح الوضاءة إلى مغيبها سعياً وراء لقمة العيش، وباسم  الجائع، والمرهق منهم، والعطش  إلى الرحمة والصدق والعيش بكرامة...باسم الملايين الذين صرخوا فى وجه التجاهل لحقوقهم والإهمال بميدان التحرير العريق، وباسم المسافرين فى بلاد الله الواسعة كسندباد المغامرات بحثًا عن الرزق والعمل وحلم الاكتفاء بالذات.. باسم كل قطرة عرق تنساب من على جبين الوافدين المصريين الذين يقفون فى بلادى الاردن لغاية اثنتى عشرة ساعة على قدميهم فى اليوم الواحد يعملون فى مهنتهم كى يكسبوا قوتهم فى وِرَشِ حِرْفَتِهِمْ لكى يثبتوا بأنهم على قدر المسئولية المهنية، أفتتح هذه المقالة التى أناشد بها من سيجلسون فى مقاعد البرلمان المصرى العريق، فاقول لهم من قلب ينبض حبًا بمصر أم الدنيا.
أنتم فى برلمان جمهورية عريقة...ستجلسون فى كراسى صنعت خصيصاً من دماء و عرق المصريين، ستقفون فى قاعة لها تاريخها العريق و التى مازالت تدوى بها صرخات جنود جبهة حرب تأميم قناة السويس، وصوت عظماء مصر الذين حكموها بروحهم الثورية والقومية الأصيلة، سقف مجلسكم شامخ مثل علم مصر الذى ارتفع فوق هضاب سيناء حينما استرجعت القوات المصرية حقها من المغتصب سنة 73 وتخضبت تراب ضفاف قناة السويس بأطهر الدماء على الأرض...دماء الشهيد.
أنتم فى ذلك المكان لتمثلوا إرادة الشعب المكافح والمواطنين،لكى تكونوا رحمة للخلق كى يُسْمَعَ صوتهم أكثر فى الدولة المصرية، فبين يديكم مفاتيح تستطيعون إعمار مصر بها من جديد، فأنتم من تستطيعون اثبات للشعب المصرى و لدول العالم جميعا بأن مصر موجودة ديمقراطيًا، فالديمقراطية ليست المظاهرات والاحتجاجات.. فهذا معنى ضحل جدا لها، فبعض من أهداف الديمقراطية هى تفعيل مؤسسات للدولة تستطيع معرفة نبض الشارع فى البلاد وإيصاله ونقاشه بصورة متحضرة مع المجلس الوزارى ومُسَانَدَة الدولة فى حياتها اليومية وصيانة مصالح الناس ثم مصالح الدولة، و من شأن المجلس البرلمانى ايضا مراقبة الأداء الوزارى لمجلس الوزراء كحق من حقوق الشعب وصيانة القوانين والتشريعات المختلفة، أمور كثيرة لا مجال لنا للنقاش بها.
المسئولية كبيرة.. فالثورات التى تعاقبت على القاهرة وضواحيها جلبت معها الشلل الاقتصادى للبلاد...عَلِمْتُ بأن بعد ثورة 25 بها يناير بفترة زمنية أغلق 130 بنكًا أغلقت أبوابه فى مصر..
وهذا الرقم كفيل لكى يفهم القارئ بأن الإقتصاد المصرى أصابه الشلل الكامل أثناء أحداث الربيع العربى المؤسفة، فربما سيقف البعض متحيرًا وقائلًا من أين نبدأ...كيف سنعيد الاقتصاد الى ما كان عليه؟ ماذا يجب أن نفعل؟ اين نقطة البداية المثالية لكى ننهض ببلادنا من جديد..؟
أى مناخ استثمارى يعتمد على عدة عوامل من بينها السلام والاستقرار السياسى، وهذه النقطة يحاول أن يستغلها أعداء بلادكم ضد مصر بصنع الضوضاء الأمنية التى من شأنها زعزعة ثقة المستثمرين فى مصر، بأن الدولة غير قادرة على توفير السلام المناسب لكى تستقر سياسياً واقتصادياً.. وهذا ما يتعامل معه الجيش المصرى بصورة ناجحة وقد بذل لأجله جهدًا عظيماً، فأعاد الجيش الاستقرار الشُرَطِيْ للبلاد، وتعامل بصورة ناجحة مع سيناء والمشاكل التى جلبتها للبلاد..فمصر مقارنة مع أيامها السابقة هى مستقرة أكثر فى هذه الأيام.. وهذا ما سَيُسَاهِمْ بإنجاح محاولاتكم بدعم الاقتصاد المصرى وبتفعيل القوانين التى توفر للمستثمر المناخ المناسب لشركاته واستثماراته، بل ما سيجعل التجربة البرلمانية الحالية ناجحة جدًا، فأمامكم فُرَصْ ذهبية كثيرة، فالسلام يعود الى أراضيكم المباركة أكثر فأكثر، فالخنجر الذى ستغرزونه بصدر أعداء أم الدنيا والعروبة هو اجتماعكم فى مجلس البرلمان والبدء بأولى جلساتكم المباركة، فأنتم أول برلمان دستورى سينعقد بعد اكتمال الاستحقاق الثالث من الخارطة الوطنية التى وَعَدَ بِتَأْمينها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى للشعب المصرى.
أحبوا مصر، أخلصوا لها، قدسوا ترابها القومى، لحظات من الحب الصادقة لهذه البلاد التى أعطت الكثير من الأدباء والمبدعين والشعراء والفنانين والفلاسفة والأساتذة والمدرسين والدكاترة، هذا هو المطلوب، فالذى يَخْرُجُ إلى عمله من الصباح الى المساء ويُخْلِصْ لعمله يحب مصر، من يبتعد عن التَسَكُعْ بالشوارع ويذهب بحثاً وراء عمل يحب مصر، حتى وإن لم يكن لديك عمل أو صِنْعَة بين يديك فاذهب على سبيل المثال لا الحصر الى صاحب ورشة واطلب منه أن تتعلم صنعة تهوى تعلمها، الكارثة بألا نحاول، فإن كان لديك طموح بإيجاد عمل يتناسب مع شهادتك فحاول البحث عن فرص داخل مصر أو خارجها فالأمل موجود، المهم أن نحاول، إذا كان لديك طموح بتأسيس مشروع صغير فاقصد من يساعدك ويُقْرِضُكَ المبلغ المطلوب، فالمهم أن نحاول ولا نقتل الأمل باليأس وإن لم تنجح حينها فابحث عن بديل مهنى، العمل ليس عيبًا مهمًا كان المهم أن نبتعد عن التسكع بالشوارع والإعتماد على الدولة فى كل شىء فالدولة مرهقة جدًا من مشوارها وتقوم ببناء مؤسسات، فجزء من وطنيتنا هو العمل فى بلادنا لِنُؤَمِنْ حركة عمران وبنيان مقنعة ننهض بها فى بلادنا.
وبهذه العزيمة وجب علينا أن ندخل البرلمان.. بفؤاد تملؤه النوايا الصادقة والعزيمة القوية لِنُرَمِمْ ما قد دمرته الثورات الملتهبة التى سيطرت على الشارع فى القاهرة، بِصَبْر وإيمان كبيرين بالله بأننا نصنع الأمل بأيدينا لكى نستطيع أن نحيا بسلام وأمان وبكرامة من جديد، فِقِمًةْ الكرامة هى أن لا نرضى بالدمار والخراب واليأس، أن نرفض من يحاول أن يسلبنا الأمن والأمان بمجتمعنا، أن نرفض من يَجْلِبْ لنا الحروب لبلادنا، فبِالْبَرْلَمَانْ نستطيع أن نفعل الكثير، فهو شعلة من الحرية تلتهب بأوقات يحاول الإرهاب به قتل الوعى والإدراك والإرادة الحرة فى أنفسنا، اقتلاع حضارتنا من جذورها، وهذا ما سيفعله اجتماعكم بالبرلمان فى المستقبل القريب، إعادة شعلة البناء لمجتمعكم والمحافظة على الشعلة الثقافية فى مصر.
وسنصنع غدًا أفضل من اليوم لأطفالنا، سنحارب بصبر وعزيمة لكى نبنى مصر طوبة طوبة لكى لا نُسَلِمْ لأولادنا بالمستقبل بلاد بها ثأر هدام وفوضى عارمة وتعصب أعمى.. فالثأر ينبعث من قلة الثقافة، يتولد فى بيئة تَقِلُ بها المسامحة والمحبة والحب، والفوضى تتولد فى بيئة تكره النظام والانضباط وتُحِبْ العشوائية بصورة مطلقة، والتعصب يتولد فى بيئة يتقوقع بها المجتمع حول ذاته، حواجز يجب أن تُكْسَرْ جميعاً بالعلم والثقافة ونظام دراسى يتمتع بوعى وإرشاد ومنهج أكاديمى مقنع يُوَلِدْ عند الطالب آفاقًا اكاديمية و ثقافية واسعة.
مقالتي التى أكتبها ليست عِظَة ولا أكتبها من منطلق الوَعِظْ على أحد،  بل هى كلمة أريد قولها للرأى العام فى مصر حول قضايا عصفت بأمتنا العربية من قلة الثقافة والإدراك والإهمال وقلة الوعى، فالجاهل عدو نفسه، هذا كان السلاح الذى حاول قتلنا به عدونا بالربيع العربي.. فالنهوض ممكن، ولكن يجب أن نتعلم الكثير من الماضى، أقولها من قلبى وعقلى ووجدانى، تحيا مصر أم الدنيا.