الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عام خروج الأمة العربية من كبوتها

عام خروج الأمة العربية من كبوتها
عام خروج الأمة العربية من كبوتها




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

خلال السنوات القليلة الماضية، انتشرت الكثير من الظواهر الغريبة والدخيلة على مجتمعنا المصرى، وعالمنا العربى العزيز، ومما يزيد من الأسى والأسف أن تلك الظواهر التى لم تكن مألوفة بيننا يومًا ما، والتى كانت لوقت قريب تعتبر من المكروهات وترتقى لتصل إلى درجة المحرمات، وكانت تدرج تحت مصطلح «العيب»، تلك الظواهر تكاثرت وازدادت قسوتها وغرابتها، وباتت على كثرتها من الأمور العادية والمألوفة فى حياتنا التى لا تزعج أو يتأفف منها الكثيرون، فما عادت تزعجنا صور الدماء أو أخبار القتل، وجرائم الاغتصاب وزنى المحارم، والسرقة بالإكراه، والسب والقذف وغيرها من الجرائم البشعة التى تملأ عناوين الصحف وتحليليات الفضائيات وتعليقات مواقع التواصل الاجتماعى.
 لقد أظهر الكثير من أبناء الوطن أسوأ ما فيهم من أقوال وأفعال تحت مسمى الحرية، رغم أن حرية أى شخص تنتهى عندما تلتقى مع حرية الآخرين، أى عندما تمس كرامة ومشاعر وحقوق أى شخص آخر، فالحرية ليست شيئًا مطلقا يتصرف الإنسان باسمها كيفما يشاء دون حدود أو قيود، وللأسف فإن تلك الظواهر المشينة شملت مختلف القطاعات وفى مقدمتها القطاعات التى تؤثر بشكل كبير فى ثقافة المجتمع وذوقه العام، وتضع قيمه وتقاليده وسماته التى يتصف ويتميز بها عن غيره، وتعبر عنه وترسم صورته فى الخارج، وفى مقدمتها قطاع الإعلام ونخب المجتمع.    
وإذا كان تشخيص الظاهرة وتحليلها أمر مهم من أجل معرفة أسبابها، ووضع الحلول وبرامج العلاج المناسبة لها، فإننى لا أريد أن نسرف كثيرًا فى تحليل تلك الظواهر لأن التحليل الآن يصل بنا إلى جدال عقيم، وذلك الجدال أصبح هو الآخر من الظواهر التى تحتاج إلى علاج، فطريقة الحوار والاختلاف فى الرؤى والأفكار بين الأطراف المختلفة أصبحت من أسباب العداوة والخلاف والفرقة التى نبحث لها عن حلول ولم نجد حتى الآن، ويبدو أننا لن نجد فى المستقبل فى ظل تلك الأجواء السائدة.   
 انشغل الجميع بما هو سلبى، انشغلوا بعيوب الآخرين ولم ينظروا إلى عيوبهم ونواقصهم التى لا حصر لها، وتلاسن البعض ضد الآخر بعبارات نخجل أن تسطر فى صفحات تاريخنا، فكانت سببا فى تمزيق الأمة إلى فرق وأحزاب بين مؤيد ومعارض، وأصبح الانقسام بين أبناء الوطن من أوسع الأبواب التى يدخل منها الأعداء الذين لا يريدون للبلاد خيرًا، ويتحينون مثل تلك الفرص لتحقيق أهدافهم. تناسينا الكثير من العادات والتقاليد والقيم الأصيلة التى كانت توحدنا، وقد استفحل ذلك الانقسام، فانتقل بدوره من داخل الوطن الواحد لتكون ظاهرة بين الشعوب العربية، فظهر الانقسام جلياً لدرجة بات التحالف فيها مع الأعداء من الأمور المألوفة، فتداعت علينا الأمم.   
ونحن على أبواب عام جديد، وبعدما ذاقت الشعوب مرارة السلوكيات المشينة، واكتوت بنيران الفرقة والانقسام، ما أحوجنا إلى أن نبدأ مع أيام العام الجديد 2016 صفحة جديدة، لا أقول من الوحدة والتضامن، ولكن لاستعادة رح تلك الوحدة واستدعاء قيمنا العربية الأصلية وتقاليدنا العريقة التى غابت عنا، والتى كانت السبب فى تقدم الأمة ورقيها، وصنعت مجدًا ما زلنا نتغنى به حتى اليوم، نبدأ صفحة نأبى ألا يُكتب بها إلا ما نفخر به من طيب الكلم، وجميل العمل، كلام يجمعنا، وعمل ينفعنا.
 الأمة العربية والإسلامية التى تعيش أسوأ مراحلها التاريخية فى حاجة ماسة إلى إعادة ترتيب أوضاعها من جديد، وإعادة النظر فى كل سياستها التى أدت إلى تلك الأوضاع من تدمير وقتال وترويع وتهجير لأبناء الأمة، ولن يتحقق مجد الأمة وتقدمها إلا بالتخلى عن السياسات الخاطئة التى مزقت الأوطان، وجعلت الشعوب فرقاً تقاتل بعضها البعض. لقد أضحى التضامن بين أبناء الأمة العربية والإسلامية مطلبًا ملحًا لخروج الأمة من كبوتها، ولا ننتظر أن يقدم لنا غيرنا طوق النجاة، فكل يبحث عن مصالحه، ومصالحنا تكمن فى وحدتنا، فنحن نمتلك كل مقومات التقدم والرقى والازدهار من ثروات وموارد طبيعية، وطاقة بشرية قادرة على صنع الإنجازات والمعجزات.  
  لندع الأمنيات والأحلام جانبًا، فلقد تمنينا الكثير فى بداية كل عام جديد، وعلى مدار أعوام عديدة، ولنجرب العمل بجد واجتهاد مع بداية عام 2016، فكل فرد من أفراد الأمة يؤدى ما عليه من عمل كل فى موقعه، ويقوم بالدور المنوط به فى المجتمع، فارتقاء المجتمعات وتقدم الأمم، وبناء الدول، وصناعة الحضارات مرتبط بالأعمال الصغيرة التى يؤديها كل فرد من أفراد المجتمع بإخلاص وتفانٍ.