الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عُرس الأطفال

عُرس الأطفال
عُرس الأطفال




عاطف بشاى  يكتب:

«أصغر عروسين فى العالم»، هما الطفل «محمود حسن أبو عطية» التلميذ بالصف الرابع الإبتدائى.. وابنة عمه الطفلة «نبيلة عبد السلام» بالصف الثالث الابتدائى، جاء ذلك الخبر بصحيفة يومية الأسبوع الماضى والتى ذكرت أن عائلة «أبو عطية» احتفلت بخطوبة الطفل والطفلة وسط «فرحة ومعازيم وراقصات وكوشة» فى إحدى القاعات الكبرى بمدينة «شربين» بمحافظة الدقهلية.. والخبر مصحوب بصورتى العريس والعروس .. هو يرتدى حلة سوداء وبابيون .. وهى ترتدى فستان فرح وطرحة بيضاء وعمرهما لم يتجاوز تسعة أعوام للعريس وثمانية للعروس.
وبالطبع فقد أثار الخبر دهشة وغضب رواد صفحات مواقع التواصل الإجتماعى.. لمخالفة الواقعة للأعراف السائدة والقوانين الشرعية كما أثار استنكار المنظمات النسائية، حيث ندد المدير التنفيذى لمركز المرأة للإرشاد والتوعية باتخاذ أسرة الطفلين قرار ارتباطهما، معتبراً أن الحدث يعد اعتداء على طفولتهما وعودة لفكرة تزويج القاصرات حيث إن الفتاة التى تتزوج قبل سن الـ (18) عاماً تعد طفلة لم تمنح فرصة كافية لتنضج عاطفياً واجتماعياً وجسدياً وعقلياً .. ولم يتح لها المجال لتطوير مهاراتها وتنمية إمكاناتها المعرفية واكتشاف ذاتها ومعرفة مدى قدرتها على تحمل المسئوليات الأسرية.. وأعباء الزواج وفى حوار مع المحرر «صالح رمضان» بجريدة الوطن أكد الناشط الحقوقى «رضا الدبنوقى» المدير التنفيذى لمركز المرأة أن الزواج المبكر يعنى بالضرورة الحرمان من التعليم بسبب الانقطاع عن الدراسة .. كما يعنى مخالفة لقانون الطفل وللاتفاقات الدولية بسبب حرمان الأنثى من الفرص المتساوية فى التعليم والتطور والنمو .. كما هو محدد فى اتفاقية حقوق الطفل وهى جزء مهم من الحقوق الإنسانية للبشر .. كما يعنى الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية.
والحقيقة  أن الخبر رغم شذوذه وغرابته لم يثر دهشتى البالغة ذلك لأن ظاهرة «زواج القاصرات» التى روج لها الإخوان والسلفيون لم تنته ولم تتقلص بعد ثورة (30) يونيو كما يتصور البعض خاصة فى الصعيد حيث يزوج الأهل بناتهم مبكراً بالتحايل على القوانين التى لا تسمح للفتاة بالزواج قبل اتمامها (18) عاماً حيث يلجأ المأذون إلى كتابة عقد الزواج فى كراسة حتى إذا أتم الطفلان السن القانونية يتم توثيق العقد بالشكل الرسمى متحايلاً على القانون الذى يمنع «زواج القاصرات» مما يضيع الكثير من الحقوق وتعرض الأسرة والأبناء للعديد من المشكلات التى سوف تواجههم فيما بعد مثل هروب الأزواج إلى دولة أخرى بحجة العمل وعدم عودته مرة أخرى.
أما الإحصاءات فتقول بناء على وثائق الأسرة والسكان أن نسبة زواج القاصرات فى بعض محافظات الصعيد وصلت إلى (74) فى المائة من عدد الزيجات .. كما أكدت دراسة أعدت بالتعاون بين وزارة التضامن ومنظمة اليونسيف أن نسبة زواج القاصرات فى «مصر» بلغت حوالى (11) % فى المائة من الزيجات .. وبالرغم من وجود قوانين تنص على عدم زواج القاصرات إلا أنه دائماً ما يجد الأهل الثغرات للتحاليل على القوانين عن طريق زواج «الكراسة» غير المعترف به لأنه لا يجوز- كما تنص المادة (31) مكرر من قانون الطفل رقم (126) العام (2008) – توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة.. ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبى للراغبين فى الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التى تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما ويعاقب تأديباً كل من وثق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة.
لكن محافظة أسيوط مثلاً التى تعتبر «إمبراطورية»  لزواج القاصرات لا يعترف الناس فيها بالقانون .. ولا يأبهون سوى بالعرف فقط .. ولا يهتمون إلا بالسترة والزواج .. بل من تتعرض للاغتصاب أو الإعتداء يتم قتلها .. لذلك يلجأ الأهالى للزواج مبكراً حتى وإن ضاعت حقوق المرأة كاملة ..
والحقيقة أن مواصلة السلفيين لرسالة الإخوان – الذين دحرتهم ثورة (30) يونيو – بطرح أنفسهم كبديل ووريث لهم من خلال التأثر بفتاويهم المضللة وتكريسهم لفقه الخرافة والتخلف ومنها الترحيب بزواج القاصرات .. مازال يلقى بظلاله الكثيفة والكئيبة على الشارع المصرى .. فالمزاج السلفى بأفكاره الرجعية وأصوليته القميئة التى لم تبرح بعد عقول وأفكار وسلوكيات العامة فى جميع أمور حياتهم الاجتماعية .. وفى ظل عدم التصحيح الجدى للخطاب الدينى .. هو المسئول الأول بالقطع عما يحدث.. وعما وصلنا إليه.