الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«المعامل» خط الدفاع الأول ضد الوبائيات والفيروسات

«المعامل» خط الدفاع الأول ضد الوبائيات والفيروسات
«المعامل» خط الدفاع الأول ضد الوبائيات والفيروسات




حوار - محمد سعيد

ارتبطت المعامل المركزية بوزارة الصحة بكثير من الأزمات فى الأوقات السابقة، خاصة فيما يتعلق بفيروسات بي، وسي، وكورونا، وإنفلونزا الطيور والموسمية، الأغذية المغشوشة بالأسواق المصرية، سواء كانت سلعا أو لحوماً مستوردة وخلافه.. «روزاليوسف» حاورت د. أحمد صفوت - رئيس الإدارة المركزية للمعامل بوزارة الصحة والسكان - الذى أكد أن «الفوضى» هى أزمة المعامل الخاصة وتظهر نتائج غير مضمونة، وأن الآلاف من المعامل الصغرى الموجودة تحت «بير السلم» فنتيجة تحليلها «أنتو ونصيبكو» إلى نص الحوار:


■ بداية عرفنا بالمعامل المركزية؟
- الإدارة المركزية للمعامل هى إحدى الإدارات المركزية لقطاع الشئون الوقائية والمتوطنة، وتقدم الإدارة من خلال معاملها المركزية العديد من الخدمات الوقائية والتشخيصية والبيئية تطبيقا لسياسات وزارة الصحة والسكان، والتى تهدف لتحقيق الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين، وهى المعمل المرجعى لمعامل وزارة الصحة والسكان، وتوجد شبكة من المعامل الإقليمية بالمحافظات تتبع فنيا الإدارة المركزية للمعامل وإداريا لمديريات الشئون الصحية بالمحافظات.
■ وما مسئولياتها؟
- أولها الإشراف الفنى على المعامل الإقليمية بالمحافظات، حيث تقوم بدور المعامل المركزية بكل محافظة، وتفحص الأغذية والمياه بنفس مستوى الأداء للمعامل المركزية بالقاهرة، إضافة إلى الفحوص التشخيصية، والإشراف الفنى على معامل الموانئ التى تفحص المواد الغذائية قبل تداولها بالأسواق، ومتابعة الأداء وتطبيق برامج الجودة للوحدات المعملية التابعة لوزارة الصحة والسكان، والاشتراك فى لجان التوحيد القياسى لوضع المواصفات القياسية، والاشتراك فى اللجنة العليا للأغذية لوضع القرارات الخاصة بالإضافات الغذائية، واستحداث القوانين والقرارات، واقتراح السياسة العامة للخدمات المعملية وتطويرها بما يتواكب مع التقدم العلمى لتحقيق أهداف الخطط الصحية، والمشاركة فى وضع المواصفات الفنية اللازمة لها، بالإضافة لإصدار الترخيص المكانى للمعامل الخاصة.
■ وماذا عن إمكانيات تلك المعامل؟
- بها الأجهزة والإمكانيات المناسبة لإجراء التحاليل المطلوبة لكل مستوى، ولأن تقنيات التحاليل تشهد تطورا متناميا فقد حرصنا على توفير الأجهزة الحديثة والمتطورة بحيث تواكب الطفرة الهائلة للفحوص المعملية فيما يقدم من خدمات تشخيصية ووقائية، وكذلك فى مجال فحوص الأغذية والمياه، وتولى المعامل كل الاهتمام لتطبيق نظم الجودة الداخلية والخارجية فى التخصصات المعملية المختلفة، والعاملون بها مؤهلون وإخصائيون، ومدربون، ونوفر أحدث الأجهزة الحاصلة على شهادات الجودة المعتمدة من الهيئات العالمية، وننظم مناقصات سنوية لكل ما نقوم بشرائه، إضافة إلى أن المعامل ليست مرجعية لمصر فقط، لكن للمنطقة العربية، ولمنظمة الصحة العالمية.
■ ما أهم الأقسام داخل تلك المعامل خاصة التى حصلت على شهادات اعتماد وجودة؟
- معمل «تشخيص الدرن»، وهو أحد المعامل المشخصة لمعامل الصحة العالمية، ومعمل «الفيروسات» ويوجد منه معامل مرجعية دوليا فى تشخيص الحصبة والإنفلونزا، ومعمل «الالتهاب السحائي» وأكثر من 70% منها حاصلة على شهادة الاعتماد الدولية «أيزو» ومع بداية العام الجديد 2016 ستحصل باقى المعامل الأخرى عليها بنسبة 90%.
■ ماذا عن المعامل الخاصة.. ودرجة الأمان بها سواء فى نتائج التحاليل أو سحب العينات وخلافه؟
- على الرغم من وجود معامل خاصة يديرها كبار الأساتذة وتسير على نظم جودة معتمد كالمعامل العالمية فى كل دول العالم، إلا أن هناك مشكلة كبرى فى بعض المعامل الخاصة وهى «الفوضي» التى من الممكن أن تظهر نتائج خاطئة وليست مضمونة، وللأسف الآلاف منها نتائج عيناتهم تحمل شعار «أنت ونصيبك»، لأنها لا تتبع أى نظام للجودة فى كل خطوات التحليل بداية من دخول المريض لسحب العينة، شاملة الأمان الحيوى فى المعمل، والتخلص الآمن من النفايات.
■ كيف يتم تأهيل المتدربين الجدد؟
- لابد أن يخضع حديثو العمل للتدريب لمدة تتراوح بين 3 و 6 أشهر، ثم يعاد تدريبه فى المجال الذى يتخصص فيه، ولا يعتمد عليه فى العمل إلا بعد التقييم، سواء كانوا من الأطباء البشريين أو الصيادلة أو الكيميائيين أو البيطريين أو المهندسين الزراعيين أو فنيى المعامل.
■ ما حقيقة الفيروس الغامض بأسيوط «الدنج» والذى بلغ عدد المصابين به 195 حالة؟
- سحبنا عينات من المصابين وتم تحليلها وتوصلت نصف المعامل إلى إصابة المرضى بحمى الدنج التى تسبب ارتفاعاً فى درجات الحرارة والصداع الشديد، فيما أكد الباقى أنها فيروس غير محدد، أما حمى الدنج فهى مرض مدارى منقول بالبعوض يحدث بسبب فيروس الضنك، وتشمل أعراضه الصداع وآلام العضلات والمفاصل وطفح جلدى متميز شبيه بطفح الحصبة، ويصاب بها الملايين سنويا على مستوى العالم خاصة فى المناطق الاستوائية، لكنها المرة الأولى التى تظهر فيها فى مصر.
■ ما تكلفة تحاليل فيروس سى بما أنه من أخطر أمراض العصر؟
- تحليل الفيروسات بصفة عامة مكلف، فبالنسبة لفيروس سي، التحليل الأولى للعينة الواحدة، بين 25 و 30 جنيهاً، لو نتيجة التحليل إيجابية، لابد من اختبار تأكيدي، «بى سى آر» وتكلفته بين 150 و 200 جنيه، بعدها لابد من إجراء تحاليل، وظائف كبد، وصورة دم، وغيرها، إضافة إلى متابعة أشعة موجات فوق صوتية للتوصل لتشخيص نهائي، وقد تصل التكلفة إلى 500 جنيه، كذلك الحال بالنسبة للتحاليل الخاصة بفيروس بي، وتستغرق يوم عمل لظهور النتيجة.
■ هل يوجد عجز فى ميزانية المعامل؟ وماذا تفعلون فى رسوم التحاليل والموارد اليومية لها؟
- على الإطلاق.. لا يوجد عجز بالميزانية فبالإضافة لميزانية الوزارة فإن جزءا كبيرا من رسوم التحاليل اليومية يخصص للتدريب، وشراء الأجهزة، والوفاء ببعض الالتزامات وسد الحاجات التى لا نستطيع توفيرها عن طريق الميزانية العامة، وطبقا للائحة التقسيم، جزء من الموارد يخصص لدعم الوزارة، وللحوافز لتقدير مجهودات العاملين.
■ «جامكا» جهة إدارية متعاقدة مع مجلس التعاون الخليجي، يحول إليها المسافرون لدول الخليج لإعادة الفحص بعدكم، وهذا ينتقص من فكرة كفاءة المعامل المركزية.. ما تعليقك؟
- يعتبر الفحص الطبى فى جامكا من إحدى خطوات الكشف الطبى للعمالة المسافرة لدول الخليج العربى وفقا لمتطلبات بعض شركات العمالة وأصحاب الأعمال، ولكن هذا لا يعنى تقصيرنا فى العمل بأى شكل من الاشكال، علما بأن تلك الجهة تشترط فى البداية خضوع مقدم الطلب لتحاليل المعامل المركزية والاطلاع على نتائجها، ويذكر أن تحليل الفيروسات والإيدز لابد أن يكون فى المعامل المركزية ولا يعاد فحصها بعدها، أما باقى التحاليل فقد تختل.
■ ما هو ضمان نزاهة وشفافية العاملين بالمعامل لعدم تزوير نتائج التحاليل لصالح أحد أو جهة ما؟
- لا وجود للتزوير أو الوساطة والمجاملات، فخبرتنا طويلة ووصلت لأكثر من 20 سنة، ومر علينا خلالها جميع أشكال التلاعب فى النتائج، وتم ضبط من يتلاعبون بالنتائج والتعامل معهم، و تم التحقيق فيها، إلى أن وصلنا إلى نظام أمثل قضى على التلاعب ونسير عليه الآن، فالعميل يوزع بطريقة عشوائية، والعينة تؤخذ فى لجنة بها 4 أفراد ويستحيل انفراد أحدهم بالعميل، بعدها تنقل للمعمل، فى أمبوبة مدون عليها أكواد وأرقام فقط، وتظهر النتائج على الأجهزة، ومربوطة بشبكة داخلية، وتبلغ النتائج إلكترونيا.
كما أن الجهة التى تسحب العينة ليست هى التى تخضعها للفحص، وتوجد رقابة على المعامل من وزارة الصحة، وهى جهة فنية تبدى رأيها فى شىء معين فقط، وتعاملنا مع جهات رسمية وليس العميل نفسه.
■ ما أهم ما تركزون عليه فى تحليل الأغذية؟
- كل ما يتعلق بصحة الإنسان له مواصفات قياسية، ومهمة المعامل هى تأكيد مطابقتها للمواصفات الغذائية المصرية، وخلوها من الميكروبات التى تؤثر على صحة الإنسان، ومن المواد الكيماوية مثل المعادن الثقيلة، والألوان غير المصرح بإستخدامها، ومتبقيات المبيدات.
■ ما الجهات التى تطلب تحليل العينات؟
- هيئة الرقابة على الصادرات والواردات مسئولة عن كل أنواع الأغذية، أما الأشياء التى يوجد فيها شبهة استخدام غذائي، لابد أن ترسل عينات إلينا، سواء فى المعامل المركزية أو فى أفرعنا المتواجدة بالموانئ، لكى نتأكد أنها مطابقة للمواصفة المصرية، أما أغذية الإنتاج المحلى فعليها رقابة من جهات عديدة، منها مراقبة الأغذية بوزارة الصحة، وتمر على الأسواق والمصانع والجهات الخاصة بإنتاج الأغذية، والتأكد مما إذا كانت تتبع التعليمات والاشتراطات الصحية، وتؤخذ عينات دورية، ويتم إرسالها إلى المعامل المركزية.
■ ما التحديات التى تواجه المعامل المركزية؟
- أخطر الفترات التى مرت علينا كانت بعد ثورة يناير 2011 من الناحية الأمنية، أما التحديات العامة فهى مستمرة دائما، لأننا فى تطوير دائم ونحرص أن نظل فى المستوى المطلوب، والخطورة تكمن فى انخفاض معدل الأداء، وألا نكون على المستوى الذى يليق بنا كمعامل مرجعية لوزارة الصحة.
■ كل فترة تعلن مباحث التموين عن ضبطيات بآلاف الأطنان من اللحوم الفاسدة.. فما دوركم؟
- هناك رقابة مشتركة بين المعامل المركزية وإدارات الطب البيطرى بوزارة الزراعة، وقبل دخول اللحوم إلى البلاد نحضر عينات لفحصها ونقرر إن كانت مطابقة أم لا؟، وأحيانا تذهب لجان لفحصها فى بلد المنشأ، وهذه اتفاقية على مستوى الوزارات، أما اللحوم البلدية فالرقابة عليها من الطب البيطري، وبخصوص الأسواق تأتى إلينا عينات من المسئولين عن سلامة الغذاء ويجرى تحليلها، وبالنسبة للأغذية المستوردة فنأخذ منها عينات قبل السماح بالإفراج عنها، ونطبق عليها بنود المواصفة القياسية المصرية، ولا يسمح بدخول أى منتج غير مطابق للمواصفة الخاصة، ونجرى عليها التحاليل التى تثبت أو تنفى مطابقة الغذاء للمواصفة القياسية، ونبلغ الجهات الرقابية بنتيجة هذا التحليل.
■ كم من الوقت يستغرق فحص عينات الأغذية؟
- فى المتوسط يستغرق بين ٣ و ٧ أيام وفى عينات المعلبات قد تصل إلى ١٥ يوما.
■ المبيدات والمواد المسرطنة أخطر ما يثار عن ملوثات الغذاء.. فماذا عنها؟
- لدينا معمل يطلق عليه «دايوكسين»، ويتم فيه فحص الأغذية من متبقيات المبيدات والمواد المسرطنة، ويوجد فيه جهاز يعد الوحيد فى الوزارة والثانى فى مصر، حيث يوجد جهاز آخر فى معامل وزارة الزراعة، وخطورة هذه الملوثات تكمن فى التسبب فى الإصابات السرطانية.
■ وما نسبة احتمال الخطأ فى نتائج التحاليل.. وأشكالها؟
- هناك 3 مراحل تمر بها العينة، الأولى قبل التحليل وفيها استلام العينة وتسجيلها، إلى أن تدخل المعمل الذى يتم فيه التحليل، والثانية أثناء التحليل نفسه داخل المعمل على الأجهزة، والثالثة ما بعد التحليل وهى مرحلة كتابة النتيجة وتفسيرها وتسليمها للشخص أو للجنة المختصة، وبالنسبة لأخطاء التحاليل أثبتت الدراسات والإحصائيات أن 80% تحدث منها فى مرحلة ما قبل وبعد التحاليل، وغالبا خطوات التحاليل الفنية نفسها أقل نسبة أخطاء ممكن أن تحدث لها، وأحيانا يكون التركيز عاليا أثناء إجراء خطوات التحليل، أما المشاكل التى تسبب أخطاء فى التحاليل، من الممكن أن تكون فى استلام العينة، أو التى تم أخذها ليست هى المطلوبة، أو تم تسجيلها باسم شخص آخر، وسلمت لغير صاحبها، هذه هى الأخطاء الشائعة التى تؤثر سلبيا على نتيجة التحاليل.
■ هل توجد فروع للمعامل المركزية بالمحافظات؟
- بالفعل.. وعددها 29 معملا فى محافظات مصر ويعمل بها 700 موظف، ويطلق عليهم المعمل الإقليمى أو المشترك، ويهتمون بسلامة الغذاء والمياه، وترصد الأمراض الوبائية، وبالنسبة للتجهيزات أسعارها مبالغ فيها، والمعامل الموجودة بالمحافظات تعتمد فى دخلها على ميزانية المحافظة، أو المحليات، ولهم منا كل الدعم الفنى الكامل من ناحية التدريب.
■ هل تحتاجون لزيادة الأفرع بالمحافظات لتغطية الجمهورية؟
- إطلاقا، يكفى معمل واحد فى كل محافظة، إضافة إلى معامل المستشفيات، وخاصة مستشفى الحميات والصدر، ولهم دور فى الرقابة، وتدخل معاملهم ضمن منظومة الطب الوقائي.
■ يتردد أن المعامل تعمل تتبع الحكومة، وبالتالى لن تصدر نتائج مخالفة لرأيها أو تضعها فى حرج.. إلى أى مدى تتفق مع هذا الطرح؟
- توجد اتفاقيات صحية دولية ومصر موقعة عليها، وهى تلزم كل الدول بالإبلاغ للجهات المعنية دوليا بأمراض محددة وخلال فترة محددة، فهناك أمراض التبليغ عنها فورى وأخرى خلال 24 و 48 ساعة حسب نوع المرض وطريقة التشخيص، مثل الحمى التنفسية وأشهرها الإيبولا والفيروسات «الدنجى - والحمى الصفراء» وشلل الأطفال والحصبة فنحن ملتزمون بالاتفاقيات، ولا يوجد شىء يمكن إخفاؤه، ويوجد مراقبون دوليون يتابعون تنفيذ تلك الاتفاقيات، وعدم الالتزام يؤدى إلى جزاءات معينة، ويعلن أن البلد غير ملتزم بالإبلاغ، فبالتالى يحظر التعامل معها من ناحية التبادل التجارى أو السفر أو السياحة لأن من سيأتى إلى البلد يعلم أن به أوبئة لم تبلغ، وبالتالى نحن مجبرون على الإبلاغ بالنتائج، وتراقب منظمة الصحة العالمية جميع المعلومات حتى لو كانت شائعات، وتستعلم عنها، ومن حقها انتهاج جميع السبل للتأكد من صحتها من عدمه.
■ ما التحديات التى تقابلكم؟
- لا توجد تحديات بحجم المعنى نفسه، لكن مشكلتنا الكبرى فى الموقع الحالى للمعامل بالقاهرة، ونحتاج إلى مكان أكبر وقابل للتوسع، فمن وقت لآخر نحتاج إلى التوسع وتطوير المعامل لكن المساحة محدودة.
■ ما خطتكم المستقبلية، وكيف تتمنى أن ترى المعامل المركزية فى مصر مستقبلا؟
- المعامل المركزية مرجعية لمنطقة شرق البحر المتوسط، ومعمل تشخيص الدرن من المعامل المركزية ذات المرجعية الدولية، وأتمنى أن تصل جميع معاملنا إلى نفس المستوي، كما أتمنى أن يزداد التعاون بيننا وبين الجهات البحثية، وخاصة فى الجامعات، وخطتنا تزويد أكبر عدد من الأبحاث لكى نتقدم فى مجال البحث العلمى إضافة إلى مجال الطب الوقائي.