الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«روزاليوسف» تنقل مآسى «المطرودين» من رحمة «وزير الإسكان»

«روزاليوسف» تنقل مآسى «المطرودين» من رحمة «وزير الإسكان»
«روزاليوسف» تنقل مآسى «المطرودين» من رحمة «وزير الإسكان»




تحقيق: محمود ضاحى - محمد سعيد

يطالبون بمد يد العون لهم والبحث عن مشاكلهم من أجل تجاوز هذه الأزمة بعد فقدانهم مصدر رزقهم الوحيد، لكن لم يشعر بهم أحد ولم يتحرك مسئول، بل لم يسألوا أنفسهم من أين ستعيش أسر400  فرد عند الاستغناء عنهم بعد فترة عمل زادت على 12 عاما؟، تشرد عمال شركة التعمير والإسكان بعد قرار الشركة بتصفيتهم مع نهاية شهر ديسمبر 2015، والتى كانت قد استعانت بهم عام 2003 فى وظائف عديدة منها صيانة عقارات المدن الجديدة والإشراف المالى والإدارى والأمن وخلافه، وذلك بعد تعاقدها مع هيئة المجتمعات العمرانية.

الشركة التى أنشأها د. محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق عام 2002 بهدف الحفاظ على الثروة العقارية لإسكان الشباب تتكون من 5 قطاعات، هى قطاعا غرب وشرق القاهرة والساحل الشمالى ووسط الدلتا إضافة إلى مشاريع محطة الصرف الصحى بالجبل الأصفر ومدن القناة، ويتبعها فى مدينة العبور 1096 عقارًا يضم 1366 شقة سكنية، وفى مدينة القاهرة الجديدة 112 عقارًا مقسمى على  716 شقة سكنية، وفى مدينة 15 مايو 157 عقارًا فيهما 2374، وفى مدينة دمياط الجديدة 216 عقارًا بعدد 481 شقة سكنية ، وفى مدينة العاشر 329 بعدد 5080 شقة سكنية ، ومدينة الشروق 1397 بعدد 17126 شقة سكنية ، وفى مدينة طيبة الجديدة 130 عقارًا بعدد 1300 وحدة سكنية، وفى مدينة 6 أكتوبر 5882 بعدد 62004 وحدة سكنية.
«روزاليوسف» التقت عددًا من العمال المشردين بقرار إدارة الشركة، وقال عماد حمدى - المدير المالى والإدارى بقطاع شرق القاهرة بالشركة – إنه يعمل بالشركة منذ عام 2003 فى  قطاع شرق القاهرة الجديدة والذى يضم عددًا من المواقع هى التجمع الأول، والتجمع الثالث، والتجمع الخامس والعبور، والشروق، والعاشر من رمضان ومدينة 15 مايو، ودمياط الجديدة، وبدر والزهور، وبدأ عمله محاسبًا وتولى مسئولية المدير المالى والإدارى بالشركة، وقال: لا توجد لائحة مالية محددة للأجور بالشركة والذى يتولى تحديد الرواتب هو العضو المنتدب بالشركة، ويحكم ذلك المعارف الشخصية والوساطة والولاء للإدارة، متابعا أن صيانة العقارات تتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وليست لديها مانع فى التجديد للموظفين، إضافة إلى أن كل وحدة سكنية تدفع ما بين 2 و3 آلاف جنيه وديعة فى بنك التعمير والإسكان، يتم الإنفاق من أرباحها وعائدها على صيانة العقارات والوحدات السكنية.
وقال إنه واجه سلبيات كثيرة فى العمل داخل الشركة والذى بدأ بأجر 500 جنيه فيها، والآن وصل إلى 2000 جنيه، وتم شموله بالتأمينات الاجتماعية منذ عام 2008، مضيفاً: فى أول ديسمبر 2015 راسلت هيئة المجتمعات أجهزة المدن بأن آخر أعمال الشركة فى المشروعات هو 31 / 12 / 2015، بناء عليه سوف تنهى الشركة عقود العاملين بها والبالغ عددهم 400 عامل.
ويضيف محمد رضا - مشرف صيانة عمارات موقع العبور التابع للهيئة - أعمل بالشركة منذ عام 2005، وأقوم بالإشراف على مشروعات قطاع شرق القاهرة بأجر 450 جنيها وقتها حتى وصلت الآن إلى 1050 جنيها فقط بعد 10 سنوات، موضحاً أن طبيعة عمله تتلخص فى مراقبة أعمال السباكة والكهرباء فى موقع العبور والذى يضم 1069 عمارة ملك هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إضافة إلى صيانة خطوط الصرف الصحى الخارجى لكل العمارات، وصيانة الشبكات الفرعية الخاصة بالوحدات السكنية، مؤكدا أن حقه مهضوم منذ عام 2005 ويتم نقله من موقع لآخر تعسفيا من دمياط إلى العاشر من رمضان والعكس.
وقال، إنه تم نقله مسبقا من 3 قطاعات  بسبب مطالبته بحقوقه وحقوق العمال وكشفه لبعض قضايا الفساد داخل الموقع، والتى منها محاسبة الدولة على تكاليف عمالة زائدة كانت فى مشروعات الشركة، فالشركة تحضر مثلاً 100 عامل ويتم تسجيل العدد 200 فى أوراق مستخلصات النظافة بمدينتى دمياط الجديدة وبدر، مشيراً إلى أن هناك فسادًا فى الصيانة والتى منها شراء خامات رديئة من المواسير الـ«بى فى سى» الخاصة بالصرف 4 بوصة ويتم تركيبها على مواسير الزهر، والمفترض استخدام خامات ذات جودة أعلى  لتصل نسبة التوفير لـ75% فارق بين الخامتين، إضافة لسرقة غطاء التفتيش ووضع بديل أسمنتى، كما أنه يتم إسناد بعض أعمال النظافة لموظفى الأمن.
وطالب «رضا» بضم العاملين بعمارات هيئة المجتمعات العمرانية فى كل مواقعها إلى الهيئة، وتثبيتهم وعلى الأقل عند تسريح العمالة يتم منح كل عامل مقابل شهرى عمل على كل عام عمل، وذلك طبقاً للقانون، وحرصًا على أولادهم من التشرد، ومساعدتهم للبدء فى مشروعات جديدة.
وبدأت نوال جميل - 45 عاماً - والتى تعمل  بقسم صيانة العمارات بالمدن الجديدة بالتعمير والإسكان، حديثها بأن الشركة تأسست عام 2001 وبدأت تعمل بها منذ عام 2003، والشركة تعمل على عائد الوديعة الخاص بالسكان والتى يضعونها فى البنك واتحاد ملاك البنك يأخذون الفوائد الخاصة بالوديعة، وعائدها يصرف على الصيانة والتشغيل، وأضافت: العام الماضى بعد أن أبلغونا بانتهاء مدتنا فقمنا بعمل وقفة احتجاجية، وذهبنا إلى وزارة الإسكان ورئاسة الوزراء ووافقت هيئة المجتمعات العمرانية على مواصلة العمل لمدة سنة حتى  31/ 12/2015، وطالبنا بعمل اتحاد ملاك، فرفض السكان وفشل الأمر، وهذا ما جاء فى حديث الدكتور مصطفى مدبولى وزير الإسكان الحالى عندما سُئل لماذا لم يفعل اتحاد الشاغلين؟، فأجاب أن الفكرة غير جادة والموضوع غير ناجح، مؤكدة أن الحل يتلخص فى هذا الأمر الذى اعترف الوزير بفشله، ولابد أن يقوم بالتجديد للشركة مباشرة أو يضم الموظفين البالغ عددهم 400 شخص للصيانة.
أما على محمود - مهندس حسابات ويعمل فى موقع مدينة الشروق - فعمله يختص بصيانة العقارات التابعة للشركة، وقال إنه انضم للعمل بالشركة عام 2004  بعقد يجدد كل عام، حتى أصبح عمله الرئيسى ومصدر رزقه الوحيد طوال 12 عاما، والشركة مساهمة تضم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وبنك الإسكان والتعمير، وشركة وادى النيل، وبنك الاستثمار لكن النسبة الأكبر للشركة بنسبة 35% لبنك الإسكان والتعمير، وهى مسئولة عن الثروة العقارية، ومهمتها صيانة العقارات، سواء فيما يخص إنارة السلالم والنظافة والسباكة والكهرباء، أو صيانة محطات الصرف الصحي، ونظافة الشوارع فى المدينة، ويتم ذلك بواسطة الفنيين والإداريين والمهندسين، وأغلب العمال مرتبطون بجهاز كل مدينة وتحت إشراف مباشر من هيئة المجتمعات العمرانية.
وأوضح أن عدد العمال المتضررين 400 فرد من إجمالى عدد الشركة 900 عامل، وتم فصلهم بدعوى عدم وجود عائد، وقيام الأهالى بصيانة عقاراتهم بأنفسهم بدلاً من أن كنا نوفر لهم عمال نظافة، وصناع ألوميتال، وبناءين، وإداريين، وغيرهم.
ويضيف بهاء الدين سعد- بكالوريوس تجارة - محاسب و مشرف فى قطاع شرق القاهرة بموقع التجمع الثالث - أنه عمل فى الشركة منذ عام 2005  لكن تم التأمين عليه فى عام 2011 ، ومهمته هى عمل تسوية كهرباء حيث دوره هو التوسط  بين شركة التعمير والإسكان ووزارة الكهرباء، وأنه يفاجأ فى نهاية كل عام بتهديده بالفصل وذلك عن طريق خطابات ترسل له، والهيئة ردودها مختلفة عن الأمر ولا يوجد شعور بالاستقرار فى العمل.
وأشار «فكرى محمد كمال» – أمين مخزن صيانة قطع غيار سباكة وكهرباء 43 عاما - متزوج وله أسرة مكونة من 3 أولاد، إلى أنه بعد قرار الشركة بعدم تجديد أى تعاقد آخر لهم، نظم وقفة احتجاجية أمام شركة الإسكان والتعمير فى شارع سوريا من أجل العودة للعمل خاصة وأنه لا يوجد أى خلاف مع الشركة نهائياً لكن المطلوب هو استقرار العمالة  فى عملها.
وحصلت «روزاليوسف» على عدد من المستندات تفيد أن الشركة تعاقدت مع العاملين بعقود لم تحترم قانون العمل, وقامت الشركة بالتعاقد من الباطن مع بعض الشركات، لعدم استطاعتها الوفاء بجميع الأعمال المكلفة بها من قبل هيئة المجتمعات العمرانية، وأيضاً لعدم تعيين عمال جدد بالشركة، واستأجرت عمالاً باليومية للقيام بأعمال النظافة دون تحمل الشركة عبء التأمين عليهم، أو صرف قيمة عدد الأيام التى عملوا بها خلال الشهر لهم، إضافة إلى قيام بعض مديرى المواقع أيضًا بشراء فواتير على بياض من بعض المحلات مقابل دفع قيمة ضريبة المبيعات لتسجل فيها مشترياتهم من لوازم صيانة وأدوات ومعدات لازمة للعمل فى المواقع ولكن بأسعار مبالغ فيها.
كما كشفت المستندات عن قيام بعض القيادات التنفيذية بجمع أغطية غرف التفتيش المكسورة وهى مواسير الصرف الخارجى الخاصة بالعمارات المصنوعة من مادة الزهر، وبيعها لتجار الخردة السريحة, وتركيب بدلاً منها أغطية أسمنتية ومواسير بلاستيك، وعند انفجار أى وصلة من مواسير مياه الشرب يتم إصلاحها بطريقة دق «خوابير» بدلا من تغيير الوصلة، وتم رفع شبابيك الألوميتال الخاصة بسلالم العمارات وتخزينها فى مخازن الشركة.
وقدم عدد من عمال قطاع شرق القاهرة بمدينة العبور استغاثات للمسئولين يشكون فيها مدير موقع العبور، إذ قالوا إنه جمع أغطية الصرف الزهر لغرف التفتيش وقام ببيعها خردة، واستبدلها بأغطية خرسانة أسمنتية، كما استبدل مواسير الزهر المكسورة للصرف الخارجى للعمارات بمواسير بلاستيك وباعها خردة لحسابه الخاص وتربح من ورائها، وأنه اشترى فواتير مزورة من بعض المحلات مقابل مبالغ مالية بسيطة «قيمة الضريبة» لكتابة الفاتورة بمبالغ أكثر من قيمتها الفعلية للاستفادة من الفارق، وقام بشراء فاتورة تفيد شراءه أغطية صرف أسمنتية جاهزة الصنع بمبلغ يزيد على 7 آلاف جنيه، علماً بأنه قام بإجبار عمال الشركة على صناعتها وصبها داخل الموقع ووضع فرق الأسعار أيضاً فى جيبه الخاص.
وبعد أن استمعنا لمشاكل العمالة التى شردتها الشركة، انتقلنا للطرف الآخر من المشكلة، فأوضح أحمد صلاح - المدير الإدارى بالشركة - أن العقد الذى تم توقيعه مشروط بانتهاء المشروع، والعمال يعلمون ذلك جيداً، لكن الإدارة تسعى بكل السبل لمحاولة استمرار المشروع حتى لا يتشرد العمال، فهناك الكثيرون فى الشركة يحاولون مع مسئولى الدولة لمد المشروع ولو لعام آخر على الأقل، حتى تستطيع العمالة توفيق أوضاعها، حفاظاً على العمال وعدم هدم كيانات الشركة، كما تحاول التواصل مع وزير الإسكان وطلب المساعدة حتى لا يتشرد العمال، مضيفاً: أرسلنا خطابات لكل المسئولين فى الدولة وكلنا متضررون وسيكون هناك حل قريباً.
 أما اللواء محمد شاكر- مدير صيانة العقارات – فيوضح أن جميع العقارات فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة يجرى لها الصيانة، وبناء على ذلك يتم التعاقد مع الشركة، وأكد أن الشركة ليست من يطمح فى الاستغناء عن العمال، لكن الأمر جاء رغما عنها، والسبب أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تتعاقد مع الشركة عن طريق بنك التعمير والإسكان لإجراء الصيانة، وأوضح أن الهيئة تحصل على  فوائد عائد وديعة السكان من البنك لإجراء الصيانة من خلالها، والتى منها رفع كهرباء السلالم، والنظافة والسباكة وغيرها من الخدمات.
وأشار إلى أنه بانتهاء عقد الشركة مع هيئة المجتمعات العمرانية سيحصل السكان على الوديعة الخاصة بهم من البنك لإجراء أى أعمال صيانة خاصة بهم بأنفسهم، لكن المدن وقتها ستتحول إلى عشوائيات، لافتا إلى أنه منذ بداية يناير 2016 ستتوقف الشركة عن دفع كهرباء السلالم وسيتم تغيير عدادات الكهرباء، والاستغناء عن العمال، ويقوم سكان بخدمة أنفسهم بعد حصولهم على عائد الوديعة الخاصة بهم فى البنوك والتى لا تتعدى 1%.
وقال اللواء فتحى قزمان – العضو المنتدب لشركة الإسكان والتعمير ونائب وزير الإسكان سابقاُ - لدى عمالة كثيرة فى الشركة، وعقد صيانة العقارات المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية ينتهى فى 31 ديسمبر 2015،  لكننا رفعنا مذكرة لوزير الإسكان لعدم تشريد العمال والحفاظ على مصدر دخلهم وقوت أبنائهم، رغم أن هناك عجزاً مادياً، والمشروع يضم 7 آلاف عمارة وجميع العقارات المملوكة لهيئة المجتمعات العمرانية تم سحبها، ولا يوجد لديه مشروع الآن، وبالتالى فلا يوجد أعمال من الأساس ليتم تكليف العمال بها.
واستطرد: منذ  5 أشهر سحب بنك التعمير والإسكان أمر صيانة العقارات، وحاولنا وضع حل للعمالة فتم التجديد لمدة عام آخر، والمشروع عقده انتهى مع الشركة ولا مكان للعمال، مشيراً إلى أن المشروع مستمر منذ أكثر من 10 سنوات، و لا يوجد أى تعسف مع العمال، وأنه سوف يلتقى الوزير لحل المشكلة، وأرسل استغاثة لوزير الإسكان قال فيها: استغاثة لوزير الإسكان بحق 3 آلاف أسرة مشردة، وفى كل منها ما لا يقل عن 5 أفراد سيحرمون من الأكل والشرب، فرجاء استمرار الشركة فى العمل فى صيانة العقارات المملوكة للهيئة  لمدة لا تقل عن سنة أخرى.