الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الربيع العربى يهدد امبراطورية «القاعدة» ويفتت التنظيمات التابعة له




بعد تزايد العمليات المسلحة التى شهدها عدد من دول المنطقة آخرها حادث استهداف مجندين مصريين على الحدود المصرية - الإسرائيلية واتهام جماعات إسلامية تابعة للتنظيم بوقوفها وراء هذا الحادث؛ بدأت العديد من مراكز الفكر والرأى الأمريكية الاهتمام بشبكة تنظيم القاعدة فى المنطقة، وبحث مستقبله بعد موجة الربيع العربى، وفقدانه عددا كبيرا من مؤيديه.
 
ومن تلك الدراسات التى تأتى فى هذا السياق الدراسة التى صدرت فى شهر أغسطس الماضى عن «مركز سابان» لسياسات الشرق الأوسط التابعة لمؤسسة بروكينجز تحت عنوان «كسر الروابط بين تنظيم القاعدة والمنظمات التابعة له» لدانيال بايمان، وهو استاذ الدراسات الأمنية فى جامعة جورج تاون، وزميل فى مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط فى المؤسسة، ومؤلف كتاب «الثمن الباهظ: إنجازات وإخفاقات إسرائيل فى مكافحة الإرهاب».
 
يبدأ «بايمان» دراسته بالإشارة إلى أن وفاة زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن» وسقوط الديكتاتوريين العرب جعل قيادة التنظيم متخبطة وفى موقف دفاعى، غير أن التنظيم تلقى دعما من المنظمات التابعة له؛ حيث استخدم التنظيم جماعات محلية فى العراق والمغرب والصومال واليمن وغيرها من البلدان لتوسيع نطاق أعماله، ولتعزيز قوته، وزيادة عدد أفراده.
 
ولم تنته هذه السلسلة من عمليات الاندماج بعد؛ إذ إن المنظمات التابعة لتنظيم القاعدة تتواجد فى أماكن مثل شبه جزيزة سيناء ونيجيريا. مع ذلك؛ يرى بايمان أن العالم الجهادى هش للغاية عما قد يبدو عليه للوهلة الأولى؛ حيث إن العديد من الجماعات الجهادية السلفية لم تنضم إلى تنظيم القاعدة. وحتى لو انضمت الجماعات السلفية للتنظيم، ستحدث توترات وانقسامات، ما من شأنه أن يتيح الفرصة للولايات المتحدة وحلفائها لإضعاف روابط التنظيم.
 
وتبحث الدراسة التحليلية لبايمان قضيتين متداخلتين. القضية الأولى: لماذا لا تنضم بعض الجماعات الجهادية مع الأيديولوجيات المماثلة لتنظيم القاعدة إلى منظمة الظواهرى؟ القضية الثانية: لماذا قد تتسرب بعض المنظمات القائمة من التشكيل الإرهابى؟
 
ويشير بايمان إلى أن الإجابة على السؤال الثانى تتطلب دراسة الانشقاقات المحتملة بين نواة تنظيم القاعدة والمنظمات التابعة له، وكذلك دراسة أوجه التباين بين جداول الأعمال المحلية والعالمية، ودراسة النقاط التى ستركز عليها الولايات المتحدة أو القوى الخارجية لجعل الانقسام أكثر احتمالا.
 
ويوضح الباحث أنه فى الوقت الذى توجد فيه العديد من المغريات للانضمام إلى تنظيم القاعدة، فإن الانتماء لجماعات أخرى يعد اعترافا بالفشل على الصعيد المحلى، كما أن الانتماء للتنظيم يمكن أن يؤجج النزعة القومية المحلية، ويجلب أعداء جدداً، بل ويمكن أن يجعل الجماعة أكثر عزلة
 
ويلفت بايمان النظر إلى أن انضمام أى جماعة لتنظيم القاعدة قد يهدد شعار القاعدة نفسها من خلال أى تصرفات أو مواقف ايديولوجية فى صفوف المقاتلين المحليين، ومن ثم يمكن أن تلعب الولايات المتحدة على هذا التوتر، مما سيؤجج الخلافات الايديولوجية والاستراتيجية داخل التنظيم.
 
 
وتعتبر مواصلة الولايات المتحدة لضغوطها على تنظيم القاعدة واتصالاته وموارده المالية مسألة حيوية أيضا للقضاء على علاقات التنظيم الأساسية.
 
المنظمات الرئيسية التابعة لتنظيم القاعدة
 
قبل أحداث 11 سبتمبر، دعم تنظيم القاعدة طائفة واسعة من الجماعات الجهادية السلفية، غير أنه اندمج مع جماعة واحدة فقط؛ وهى حركة الجهاد الإسلامى فى مصر. وقد طور تنظيم القاعدة أيضا شراكات مع العديد من المنظمات الأخرى، موسعا بذلك نطاق الجماعة فى المغرب والعراق وشبه الجزيرة العربية. وفيما يلى لمحة موجزة عن الجماعات الرئيسية التابعة للتنظيم.
 
وتعتبر هذه الحركة هى أولى وأهم المنظمات التى انضمت إلى تنظيم القاعدة. وظهرت هذه الحركة خلال النمو المطرد للتيار الإسلامى فى مصر فى عام 1970، واغتال أعضاء من هذه الحركة الرئيس المصرى أنور السادات فى عام 1981 .
كما جاهدت هذه الحركة الإسلامية النظام المصرى فى السنوات التى تلت عملية الاغتيال هذه، وقد زعزعت الاعتقالات الجماعية التى جرت فى مصر صفوف الحركة، وكانت الجماعة تعانى من نقص فى الأموال، مما حد من قدرتها على مواصلة عملياتها ودعم أسر مقاتليها.
 
وبسبب هذه المشاكل؛ لجأت حركة الجهاد الإسلامى إلى «القاعدة» للحصول على مساعدة، ومن ثم تولت الحركة جدول أعمال عالمى أكبر. ففى عام 1997، بدأت نشرات حركة الجهاد الإسلامى تدعو إلى شن هجمات على الولايات المتحدة.
 
 
تنظيم القاعدة فى العراق
 
تدفق المقاتلون الأجانب إلى العراق بعد الغزو الأمريكى للبلد فى عام 2003، وكان لدعاية تنظيم القاعدة دور كبير فى هذا التدفق. وتدرب عدد من الأفراد الذين يقاتلون القوات الأمريكية فى المخيمات التى يديرها التنظيم فى أفغانستان.
 
وفى عام 2002، دخل أبو مصعب الزرقاوى العراق بوصفه قائدًا للسلفية الجهادية وبات الشخصية الأجنبية المقاتلة هناك. وبعد عدة سنوات من المفاوضات، قدم الزرقاوى ولاءه لبن لادن فى عام 2004، ومن ثم صارت للتنظيم أسماء عديدة، تشمل: تنظيم القاعدة العراقى، ومجلس شورى المجاهدين، والدولة الإسلامية العراقية.
 
تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية
 
كان لتنظيم القاعدة والحركة الجهادية موطئ قدم فى كل من المملكة العربية السعودية واليمن. ففى التسعينيات، وحتى اليوم، كانت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى مصدرا مهما لجمع التبرعات لتنظيم القاعدة وغيرها من الحركات الجهادية. وكان اليمن مركزا لوجستيا لعمليات مثل تفجيرات السفارة الأمريكية فى عام 1998.
 
وبالإضافة إلى ذلك؛ كان اليمن والمملكة العربية السعودية مصدرا للمقاتلين المجندين. وعقب سلسلة من الهجمات على أهداف غربية وسعودية؛ انهار التنظيم بعد قيامه بعمليات فعالة فى عام 2006؛ حيث إن المملكة العربية السعودية شنت حملة مدمرة ضد التنظيم، واعتقلت أفراداً كثيرين منه وقتلتهم. ومن ثم هاجر بعض أعضاء التنظيم إلى اليمن؛ حيث انضموا إلى الجهاديين المحليين الذين انتعشوا بعد تعرضهم لنكسات خلال السنوات الماضية.
 
وفى عام 2008 أطلقت الجماعة على نفسها اسم «تنظيم القاعدة الجهادى فى جنوب شبه الجزيرة العربية» ثم غيرته إلى «تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية» فى عام 2009.
 
تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى
 
فى ظل احتدام الجهاد الجزائرى فى التسعينيات؛ ظهرت العديد من التنظيمات، فى حين انقسمت أخرى عن جماعات قائمة، واختفى أيضًا بعضها. ومن الجماعات التى ظهرت «الجماعة السلفية للتبشير والقتال» الجزائرية، والتى تشكلت فى التسعينيات بعد انقسامها عن الجماعة الإسلامية المسلحة الوحشية، وهى جماعة نفذت العديد من الأعمال الوحشية ضد جزائريين عاديين، وشنت حربا على الحكومة.
 
واعتبارًا من عام 2003؛ بدأت الجماعة عملية من شأنها أن تضعها فى نهاية المطاف فى صميم تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى. وفى سبتمبر 2006 ، أعلن الظواهرى الاتحاد مع «الجماعة السلفية للتبشير والقتال» الجزائرية، محضا الجماعة المتحدة على أن تكون بمثابة «شوكة فى حلق الصليبيين الأمريكيين والفرنسيين». وفى يناير 2007، أعلنت الجماعة السلفية تغيير اسمها ليصبح «تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى».
 
حركة الشباب الصومالية
 
 
فى فبراير 2012 أعلنت حركة الشباب الصومالية رسميا ولاءها لتنظيم القاعدة. ويذكر أن تنظيم القاعدة حاول فى أوائل التسعينيات هدم الدولة الصومالية، غير أن الحرب الأهلية فى الصومال كانت على أشدها، مما جعل من الصعب على عناصر التنظيم تحقيق تقدم ملموس هناك ومع ذلك استخدم التنظيم الصومال كجزء من قاعدة إقليمية لشن هجمات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
 
 
واعتبارًا من 2005 بدأت نواة تنظيم القاعدة تحقق مكاسب كبيرة فى الصومال.
 
 
وبحلول عام 2007، حاولت حركة الشباب الصومالية - التى انشقت عن جماعات إسلامية أخرى - إقامة صلات أوثق مع تنظيم القاعدة. وفى عام 2008، استخدم كل من تنظيم القاعدة وحركة الشباب مواقعهم الإلكترونية لمدح بعضهم بعضا. وفى سبتمبر 2009 أعلنت حركة الشباب ولاءها لأسامة بن لادن. واستمر مهرجان المحبة فى السنوات التى تلت ذلك.