الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«هيبا كوشا» فى زيارتهم للقاهرة: أنقذوا مصر بالاستغناء عن الطاقة النووية




روايات ومشاهد لم تنس حفرت فى الذاكرة على الرغم من شدة بشاعتها وقسوتها فهى تحمل تفاصيل كارثة إنسانية أودت بحياة أكثر من 140 ألف مواطن يابانى وإصابة الآلاف بأضرار جسيمة وأمراض خطيرة ناجمة عن انفجار القنبلة الذرية بمدينة هيروشيما ونجازاكى عام 1945 فى نهاية الحرب العالمية الثانية.. التقيت روزاليوسف عدداً من الضحايا الباقين على قيد الحياة من القنابل الذرية التى سقطت على اليابان ويطلق عليهم «هيباكوشا» خلال زياراتهم إلى مصر عبر مشروع يسمى «سفينة السلام» من أجل النضال وخلق عالم خال من الأسلحة النووية.
 
 
يروى «مياكى نوبو» ما حدث يومها قائلاً: «كنت متواجداً فى مكان يبعد عن موقع الانفجار ب 2 كيلو متر مستقلاً قطاراً إلى مدينة هيبوكوشا وفجأة ظهر ضوء مبهر غطى سقف الترام اعتقدت أنه ماس كهربائى وقفزت من القطار على الفور وعقب ذلك حدث دوى انفجار رهيب أدركت حينها أنها قنبلة فقدت بعدها الوعى.
 
 
ويستكمل: «عند إفاقتى لم أر شيئاً على الإطلاق من كثرة الغبار ولكن بعد انقشاعه عدت مسرعاً إلى منزلى فوجدت أمى ملقاة على الأرض وفى ذلك الوقت كانت ألسنة النيران تندلع فى كل جوانب المدينة، أثناء محاولتنا الهروب من المدينة لشعورنا بالخطر ورأيت الناس جميعاً يسيرون مثل الأشباح محترقين وأجسادهم مهترئة من شدة الحروق لدرجة أننى شعرت بأنى فى جهنم ولست على الأرض، لم أكن أصبت باحتراقات فى جسدى وإنما كنت أشعر بحرارة شديدة على جلدى وأكثر ما كان يؤلمنى الجثث المنتشرة فى أرجاء المدينة.
 
 
ويوضح نوبو أنه فى اليوم التالى خرج فى جولة بالمدينة وشاهد حجم الدمار الهائل لدرجة أن النهر الذى يقع وسط المدينة كان ممتلئا بالجثث وعرف أن كل من حوله ماتوا أو احترقوا أو أثرت عليهم تلك العاصفة الذرية وأصابهم السرطان فيما بعد.
 
وانتقل الحديث إلى «سوجينو نوبوكو» التى روت أنها تعرضت للانفجار وعمرها عام ونصف العام ولا تتذكر سوى تحطم المنزل فوقهم وما سردته والدتها لها بعد ذلك من أن الجيران هم من انقذوهم وعلمت بعدها أن جميع اشقائها توفوا لوجودهم وقت الانفجار بمدارسهم وعندما بلغت سن الثانية والأربعين عاماً أصيبت بسرطان الثدى ولكنها شفيت منه.
 
 
فتقول سوجينو أنه فوق معاناتنا الإنسانية إلا أننا تعرضنا لظلم بسبب قيام الإدارة الأمريكية بمنع إذاعة أى أخبار تتعلق بهذا الحدث على مدار الـ 10 سنوات التى أعقبت الانفجار مما زاد من أضرار العاصفة الذرية على صحة الناجين من القنبلة وتعرضهم للإصابة بالأمراض ومنها السرطان، فنحن اليابانيين نسميها «العشر سنوات الضائعة» حيث تم خلالها تعتيم اعلامى كامل على القنبلة الذرية وبعدها بدأت تظهر الأمراض على من تعرضوا للإشعاع الذرى ولو كان هناك اعلام حقيقي لتنبهنا لاضرار القنبلة.
 
 
وأكدت أنها بعد هذا الحدث أدركت مدى أهمية التعاون مع من نجوا من الانفجار لفعل شىء من أجل وقف الاستخدام النووى سواء فى الطاقة أو تصنيع الأسلحة خاصة مع وجود العديد من الحوادث منها تعرض جنود قوات التحالف بالعراق إلى أضرار بسبب استخدام اليورانيوم المخصب خلال الحرب فى عام 1991.
 
 
وطالبت جميع الدول التى تصنع الأسلحة النووية بالتوقف لأنه فى حالة نشوب حرب نووية ستزول البشرية بأكملها فقنبلة واحدة بإمكانها تدمير العالم، منبهة على خطورة الأوضاع السياسية فى العالم بسبب وجود عدد من مناطق الخطر والصراع وأنهم جاءوا إلى مصر حاملين رسالة السلام لأنها دولة تعمل فى طريق منع الانتشار النووى.
 
واستشهدت سوجينو بما حدث فى 11 مارس العام الماضى من تسرب اشعاعى فى منطقة فوكوشيما بعد الموجة العاتية التى ضربت اليابان موضحة أن من خلال عملها كمهندسة تعلم بأن الطاقة الهائلة التى تنتج عن الانشطار النووى تشبه تماماً الانفجار النووى وعلى الرغم من تطور وتقدم التقنيات المستخدمة فى المفاعلات النووية إلا أنها مازال ينقصها عوامل الأمان والسلامة.
 
وتحدثت إحدى الشابات المشاركات فى سفينة السلام عن التسرب الإشعاعى الذى طال مدينة فوكوشيما وتسبب فى فوضى عارمة بعد أن فقد الناس بيوتهم وعاشوا فى حالة خوف من التلوث الاشعاعى خاصة مع تأخر الحكومة اليابانية فى الإعلان عن الحادث مما زاد من الأضرار الجسيمة فإن الاشعاع لا يؤثر على الصحة بشكل مباشر وإنما قد ينتقل لهم عبر الأغذية الموجودة فى الأسواق.
 
ووجهت رسالة إلى العالم قائلة «إن الطاقة الذرية التى تنتج فى حالة السلم لا تختلف كثيراً عن القنابل النووية المستخدمة فى الحروب فهى أيضاً تؤثر سلباً على حياة الإنسان وتعد خطراً على البشرية وعلى دول العالم أن تعى ذلك، مشيرة إلى أنها لا تعلم ما إذا كانت تضررت بسبب هذا الانفجار أو متى سيظهر عليها أثار هذه الأعراض».
 
وأكد «ناجيما أيوا» أن الجهود المدنية التى تبذل من أجل نشر السلام وإيقاف السلاح النووى ضعيفة فإذا نظرنا إلى الـ 67 سنة الماضية فقد شهدت عدة أزمات خطيرة كادت تودى بنشوب حروب نووية وفى كل مرة تصل إلى حد التصادم المسلح ولكن نظراً للتوعية التى تقوم بها منظمات المجتمع المدنى فقد ساهمت فى التراجع عن هذه الخطوة الخطيرة.
 
واستطرد قائلاً: «نشاطنا المدنى سيكون مؤثراً فى تحجيم الاستخدام النووى فى المستقبل ونحن نريد أن ننقل القيادة للشباب لاستكمال المسيرة كما اعتقد أن اليابان عليها الإمساك بزمام هذه الحركة المناهضة للاستخدام النووى بسبب تعرضها لعدة انفجارات وأتمنى أن تقف مصر لإنجاح هذه الحركة».
 
وبكلمات بسيطة وموجزة عبر عن أسطورة السلاح النووى الذى تمتلكه بعض الدول معتقدة أنه لا يوجد من يستطيع مهاجمتها والحقيقة أن هذه الأسلحة ليست للردع وإنما تصنع من أجل استخدامها فى الهجوم فالحرب النووية تبدأ بقذيفة واحدة بعدها لن نستطيع إيقافها.
 
وأشار أيوا إلى أن الحكومة اليابانية لم تذكر تاريخ هيروشيما فى المقررات التعليمية ولا تدرسه بشكل تفصيلي وإنما تقدمه بشكل مختصر يفيد بسقوط القنبلة وانتهاء الحرب فقط وهى طريقة غير سليمة يغيب عنها الضمير على حد وصفه.
 
وأبدى استياءه من استسلام اليابان إلى العروض التى قدمتها لهم الولايات المتحدة الأمريكية لإقامة مفاعلات نووية والقياب بـ«غسيل مخ» لليابانيين وإيهامهم بأسطورة الأمان والسلامة.
 
وفى النهاية قدم نصيحة للشعب المصرى بعدم إدخال الطاقة النووية واستبدالها بالطاقة الشمسية النظيفة مشيراً إلى أن ما يقال حول أن الطاقة الكهربائية النووية تكلفتها منخفضة ما هو إلا أكذوبة كبيرة.