الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إبراهيم أصلان 4 أعوام على رحيل مالك الحزين

إبراهيم أصلان 4 أعوام على رحيل مالك الحزين
إبراهيم أصلان 4 أعوام على رحيل مالك الحزين




إعداد - رانيا هلال

منذ أيام قلائل مرت علينا الذكرى الرابعة لرحيل الكاتب القدير إبراهيم أصلان الذى ولد بقرية شبشير الحصة التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية ونشأ وتربى فى القاهرة وتحديدا فى حى إمبابة والكيت كات، وقد ظل لهذين المكانين الحضور الأكبر والطاغى فى كل أعمال الكاتب بداية من مجموعته القصصية الأولى «بحيرة المساء» مرورا بعمله وروايته الأشهر «مالك الحزين»، وحتى كتابه «حكايات فضل الله عثمان» وروايته «عصافير النيل» وكان يقطن فى الكيت كات حتى وقت قريب ثم انتقل للوراق ثم المقطم.

 

لم يحقق أصلان تعليما منتظما منذ الصغر، فقد التحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى استقر فى مدرسة لتعليم فنون السجاد لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية. التحق إبراهيم أصلان فى بداية حياته بهيئة البريد وعمل لفترة كبوسطجى ثم فى إحدى المكاتب المخصصة للبريد وهى التجربة التى ألهمته مجموعته القصصية «وردية ليل». ربطته علاقة جيدة بالأديب الراحل يحيى حقى ولازمه حتى فترات حياته الأخيرة ونشر الكثير من الأعمال فى مجلة «المجلة» التى كان حقى رئيس تحريرها فى ذلك الوقت.
لاقت أعماله القصصية ترحيبا كبيرا عندما نشرت فى أواخر الستينيات وكان أولها مجموعة «بحيرة المساء» وتوالت الأعمال بعد ذلك إلا أنها كانت شديدة الندرة، حتى كانت روايته «مالك الحزين» وهى أولى رواياته التى أدرجت ضمن أفضل مائة رواية فى الأدب العربى وحققت له شهرة أكبر بين الجمهور العادى وليس النخبة فقط.
التحق فى أوائل التسعينيات كرئيس للقسم الأدبى بجريدة الحياة اللندنية إلى جانب رئاسته لتحرير إحدى السلاسل الأدبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة إلا أنه استقال منها أثر ضجة رواية وليمة لأعشاب البحر للروائى السورى حيدر حيدر.
ومن أهم أعماله فى المجموعات القصصية بحيرة المساء. مجموعته القصصية الأولى، صدرت فى أواخر الستينيات، ويوسف والرداء، ووردية ليل.
أما الروايات فقد صدر له مالك الحزين، عصافير النيل، حجرتان وصالة خلوة الغلبان.
حكايات من فضل الله عثمان، شيء من هذا القبيل.
حققت رواية مالك الحزين نجاحا ملحوظا على المستوى الجماهيرى والنخبوى ورفعت اسم أصلان عاليا بين جمهور لم يكن معتادا على اسم صاحب الرواية بسبب ندرة أعماله من جهة وهروبه من الظهور الإعلامى من جهة أخرى، حتى قرر المخرج المصرى داود عبد السيد أن يحول الرواية إلى فيلم تحت عنوان الكيت كات وبالفعل وافق أصلان على إجراء بعض التعديلات الطفيفة على الرواية أثناء نقلها إلى وسيط آخر وهو السينما، وبالفعل عرض الفيلم وحقق نجاحا كبيرا لكل من شاركوا فيه وأصبح الفيلم من أبرز علامات السينما المصرية فى التسعينيات.
كان إبراهيم أصلان أحد أطراف واحدة من أكبر الأزمات الثقافية التى شهدتها مصر دون أن يرغب فى ذلك، وذلك فى سنة 2000م حين نشرت رواية «وليمة لأعشاب البحر» لكاتبها حيدر حيدر وهو روائى سوري، ضمن سلسلة آفاق عربية التى تصدر عن وزارة الثقافة المصرية وكان يرأس تحريرها إبراهيم أصلان.
تزعمت صحيفة الشعب والتى كانت تصدر عن حزب العمل من خلال مقالات للكاتب محمد عباس حملة على الرواية حيث أعتبر الكاتب أنها تمثل تحديا سافرا للدين والأخلاق، بل وأنها تدعو إلى الكفر والإلحاد. مما أثار جدلا عارما فى الأوساط الثقافية، وحشد طلاب الأزهر العديد من المظاهرات بعد أن استفزتهم المقالات التى تصدت للرواية وترفضها ظنا منهم أنها ضد الدين بالفعل، ولم تهدأ الأوضاع وحقق مع إبراهيم أصلان وتضامن معه الكثير من الكتاب والأدباء والمفكرين، غير أن مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر قد أدان الرواية والقائمين على نشرها فى مصر واعتبروها خروجا عن الآداب العامة وضد المقدسات الدينية.
حصل إبراهيم على عدد من الجوائز منها: جائزة طه حسين من جامعة المنيا عن رواية «مالك الحزين» عام 1989 جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 2003م – 2004م. جائزة كفافيس الدولية عام 2005م جائزة ساويرس فى الرواية عن «حكايات من فضل الله عثمان».
تتميز كتابات إبراهيم أصلان بقدرتها على التقاط تفاصيل متناهية الدقة، والصغر، بل وربما تبدو تافهة، لدرجة أنك لن تلتفت إليها إذا ما حدثت أمام عينيك، ولكن القارئ ينبهر بها إذا ما رآها حاضرة فى كتابات أصلان.
كثيرون كتبوا عن المهمشين والصعاليك والفقراء، ولكن أحدا لم يستطع أن يلتقط من حيواتهم البسيطة أحداثا أكثر بساطة ليصوغها فى قالب أدبى يضفى عليها سحرا غير مفهوم، وكأن أصلان إذ يلتقط هذه الأحداث يبث فيها روحا تجعلها بلا قيمة إذا ما انتزعت من أوراقه.
من أهم ما قدمته روايتا إبراهيم أيضا تحويلهما إلى أفلام سينمائية، فبالرغم من أن هذا التحويل حقق لأصلان نجاحا وشهرة كبيرين، فإنه أيضا كان أمرا مبشرا بظهور جيل من الأفلام السينمائية القادرة على استعادة نهضة السينما التى شهدتها الستينيات.
فى عام 1991 قدم المخرج داود عبد السيد فيلم «الكيت كات» المأخوذ عن «مالك الحزين». الفيلم بطولة محمود عبد العزيز وشريف منير وعايدة رياض ونجاح الموجي.
«الكيت كات» حقق نجاحا باهرا من الناحيتين الجماهيرية والنقدية، إذ وُصف بأنه أحد أفضل الأفلام فى تاريخ السينما المصرية.
أما فيلم «عصافير النيل» فأنتج عام 2010، من بطولة فتحى عبد الوهاب وعبير صبري، من سيناريو وإخراج مجدى أحمد علي.
الفيلمان لفتا النظر لسمة مهمة للغاية فى كتابات أصلا وهى سمة الاهتمام بالحكاية، التى رغم كونها إنسانية بامتياز، فإنها لا تحمل رؤية للكاتب، أو عظة كما يصف النقاد الكتابات الكلاسيكية، إنما تحوى فقط حكاية، الأمر الذى يتيح للقارئ أن يتدخل فى القصة ويتداخل معها، ويمنح الجمهور الفرصة لقراءة العمل من عدة زوايا.