الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الدواعش» خلفاء «للحشاشين»

«الدواعش» خلفاء «للحشاشين»
«الدواعش» خلفاء «للحشاشين»




تحقيق - نسرين عبد الرحيم


مع قدوم الصليبين للشرق العربى ظهرت فرقة متطرفة دينيا وعقائديا وسياسيا وإنسانيا، نشأت فى إيران واتخذت من بلاد الشام مستقرا لها، وأقنع كهنتها تابعيهم أنهم يملكون مفاتيح الجنة، عرفت بـ«الحشاشين» بمعنى «القتل غدراً» أو «القاتل المحترف المأجور»، ومؤسسها الحسن الصباح والذى ادعى قرابته لآل البيت، كما أعلن نفسه خليفة وأميرا للمؤمنين، واعتمد قادة تلك الحركة على استخدام الحشيش فى غسل عقول معتنقيها فكان التابعون يسيرون خلف أئمتهم دون تفكير، مسلوبى القوة والعقل والإرادة، متخيلين أنهم مغفور لهم وأنهم بما يفعلون يتقربون إلى الجنة.. وجلب «الصباح» لتابعيه جوارى فاتنات ومحترفات فى العزف والغناء والرقص، وأحل لهم التمتع بالغلمان وكان الحسن يختار معتنقيه من  فتيان ما بين عمر 12 و 20 عاما، وخاصة من القرى حيث يختار كل من رأى فيه قابلية لأن يكون مجرما، وبدأ هؤلاء المنقادون فى الشعور أنهم أعلى من ذويهم فى الدرجة الإيمانية ودخلوا إلى حلقة السمع والطاعة، وتبعتها مرحلة توجيههم للاغتيالات والقتل والتدمير والحرق.
حيث أكد دكتور عبد العزيز الفضالى - مؤرخ وباحث فى التراث وخبير فى الأثار الإسلامية - من خلال دراسة أجراها حديثا أن الحسن الصباح أول من أسس مفهوم الانتحارى الموجه وأطلق عليه اسم «فداوى» ونفذ مخططاته عن طريق تشكيله لخلايا «انتحارية» يتزعم كل منها أمير الجماعة، وعندما يشتد ساعد الفتية، يدربونهم على الأسلحة ولا سيما الخناجر، ويعلمونهم الاختفاء والسرية وأن يقتل الفدائى نفسه فى النهاية قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم، وبذلك أعدوا طائفة الفدائيين التى أفزعوا بها العالم الإسلامى كله آنذاك.
واعتمد الصباح وعصابته فى تمويل جماعتهم على السرقات والقتل وقطع الطرق، وحاولوا اغتيال السلطان «صلاح الدين الأيوبى» أكثر من مرة، وكذا «الخليفة العباسى» المسترشد بالله، وفى أيام «هولاكو» دخلت الجماعة فى طاعته وإذعانه. ودمر بعدها الظاهر بيبرس عام 1270م آخر معاقلهم فى الشام.
وأى قارئ للتاريخ يستنبط أن تلك الفرقة من فرق الصليبيين تحارب بالوكالة عنهم، وتمهد لهم الأرض، لوقف عملية التحرير والمقاومة، وبمرور الوقت استغلهم الصليبيون ضد بعضهم البعض، فاعتدى الحشاشون على بعض الإمارات الصليبية، وخطفوا بعض الأميرات والأمراء الصليبيين فى إطار الصراع على الحكم، وكانت عمليات القتل والخطف والتخريب والتى تمت بإيعاز من بعض أمراء الصليبيين  ضد البعض، وسيلة للحشد ضد العرب، وكذلك فرصة  لأمراء الصليبيين بالشام من أجل ابتزاز ملوك أوروبا وإرهابهم بالخطر العربى الإسلامى، واستمر الأمر هكذا حتى قضى المصريون عليهم بقيادة الظاهر بيبرس.
وأشار الفضالى لـ«روزاليوسف» أنه فى أيامنا هذه إذا نظرنا لحالنا نرى إسرائيل تحتل بيت المقدس وتسيطر عليه، والعالم العربى والإسلامى مفكك، والعراق ضائع، ومصر تحارب من أجل الاستقرار بعد خروجها من محنة الإخوان، والشام يعيش فى خراب، وهى نفس ظروف نشأة فرقة الحشاشين التى تكونت فى وقت ضعف الخلافة العباسية فى العراق، وتفكك الشام  وأنين مصر الفاطمية وبزوغ  الأمل بصلاح الدين فى الوقت الذى سيطر فيه الصليبيون على بيت المقدس.
ولكن تلك المرة ظهر أبو بكر البغدادى  الذى ادعى نسبته لبيت النبوة، وأنشأ تنظيمه الإرهابى «داعش» موجها سهامه إلى الدول العربية الإسلامية متهما إياها بالكفر، والخروج عن الدين، وقام بعمليات إرهابية، وحاول اغتيال وإسقاط  أنظمة حكم عربية، ووجه سهامه بشكل خاص تجاه مصر، فى حين أنه لم يقم بأى عمليه تجاه إسرائيل مع أنها الأقرب له، كما أنها مسيطرة على المسجد الأقصى، وهذه هى نفس فكرة الحشاشون الخاصة بالعمالة للغرب عبر التاريخ،  ونفس أسلوب الغرب فى التعامل مع مصر حال ظهور أى بادرة نهضة، لنتأكد أن الغرب الآن ينظر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى نفس نظرة أجدادهم إلى صلاح الدين الأيوبى، وكما زرع الصليبيون لصلاح الدين الحشاشين زرع أحفادهم للسيسى داعش.
وكما اعتمد الحشاشون على استقطاب الصبية من ذوى الميول الإجرامية نجد مقاتلى داعش من خريجى السجون ومدمنى المخدرات، وكما أباح الصباح لأتباعه شرب الحشيش والأفيون فقد عثر رجال الجيش العراقى بعد تحريرهم بعض المناطق من نفوذ داعش على زجاجات خمور عليها شعارات الدولة الاسلامية، وكما اعتمد الحشاشون على عنصر المرأة لجذب رجالهم، ها هم الدواعش يعتنقون نفس الفكرة، فقد اعتبر الدواعش المختطفات سبايا وأجازوا التمتع بهن، وتفسر تلك الخطوة على أنها إغراء للمراهقين للانضمام إلى داعش، كما أن أموال غير الدواعش حلال لهم ومن ثم يجوز للداعشى السلب والنهب من الجميع.
واستطرد: الحشاشون وداعش مجرد قتلة هدفهم المادة والمتعة الحسية، دون أى اعتبار لأى دين، وهدف من يمولهم هو ضرب الدين الإسلامى وتشويه صورته.