الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى ذكرى رحيله الـ«41».. العرب يتحدثون عن «جمال عبدالناصر»




يراه كثير من العرب فى صورة الزعيم، والدعم الأول للوحدة العربية وحق الفلسطينيين فى التحرر من الاحتلال الصهيونى.. هو الزعيم الراحل «جمال عبدالناصر»، فى ذكرى رحيله الـ41.. حاولت «روزاليوسف» رصد آراء وانطباعات السفراء العرب فى مصر حول شخصية الرئيس المصرى الذى استعاد قناة السويس من قبضة الاستعمار.
 

 
«نذير العرباوى» السفير الجزائرى لدى مصر ومندوب بلاده فى الجامعة العربية يقول عنه «كان رجلا عظيما ينتمى إلى قلة من الرجال الذين تركوا أثرا وإرثا فى النضال وتبوأ فضل المقام بإيمانه العميق بالعروبة وحالما بالوحدة العربية.. ساند ودعم الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة منذ اندلاعها وناصر حركات التحرر العربية ضد الاستعمار، وإدراكا منه بأن مصلحة مصر الشقيقة تتغذى من المصلحة العربية.
 
يضيف «العرباوى»: الشعب الجزائرى الذى أعطى لنفسه بتفجيره لثورة نوفمبر الخالدة موقعا مرجعيا لحركات التحرر فى العالم من أجل الحرية والكرامة والاستقلال لم ولن ينسى مواقفه السامية ودعمه المطلق السياسى والعسكرى والإعلامى لثورة الجزائر التى اعتبرها امتدادًا لثورة يوليو ونجاحها وانتصارها، وفشلها فى نهايتها.. ستبقى صفحة ناصعة فى التاريخ النضالى المشترك تختزن فى الذاكرة الجماعية ووجدان الشعب الجزائرى وعبر الأجيال المتعاقبة».
 

 
ويتابع: «يكفينى التذكير بأنه عرفان باحتضان مصر لثورة الجزائر المجيد، استقبل الشعب الجزائرى الزعيم الراحل عبدالناصر استقبالا لم يسبق له مثيل حيث توافد الشعب الجزائرى من كل مكان فى الجزائر للتعبير عن محبته وتقديره وعرفانه للرئيس الراحل مما تسبب فى بكاء «عبدالناصر» فرحا بحب وإخلاص الشعب الجزائرى وسميت إحدى الساحات الشهيرة بالعاصمة الجزائرية باسم بورسعيد.
 
إن هذا الإرث التاريخى تسرب للشعبين الشقيقين حتى جمعتنا الدماء الزكية الطاهرة فى نضالنا المشترك من أجل الكرامة والحرية وأسست لبناء علاقات قوية بين البلدين الشقيقين وتتعزز بشكل مستمر بهدى من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وأخيه الرئيس الدكتور محمد مرسى انطلاقا من الإرادة القوية التى تحدوهما والحرص المشترك للارتقاء بهذه العلاقات المتميزة إلى أعلى المراتب.
 
سفير الكويت بالقاهرة رشيد حمد الحمد قال عن ناصر: «كان دور الزعيم جمال عبدالناصر ليس رئيسا على مستوى مصر بل الوطن العربى كله، فبصماته لتحرير كثير من الدول فى ذلك الوقت واضحة وكان خير صديق للكويت فى وقت العلاقات كانت مميزة عام 1958 وبعد الاستقلال عام 1961 وعندما طالب رئيس الوزراء العراقى «عبدالكريم قاسم» باعتبار الكويت إمارة عراقية، على هذا الأساس الكويت استعانت بالحماية الإنجليزية والرئيس جمال عبدالناصر رفض ذلك وقال نحن كعرب أولى بالحماية حتى تكون الكويت فى حماية عربية وقام ببناء جيوش عربية لحماية الكويت وقد دخلت الجيوش العربية الكويت واستطاعت حمايتها وأيضًا من ضمن إنجازاته نحو الأمة العربية نتيجة لحدوث خلاف بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، دعا عبدالناصر لقمة عربية عاجلة عقدت بالقاهرة وقبل وفاته كان آخر من ودعه الأمير الكويتى الشيخ «عبدالله السالم الصباح» ودعه فى المطار وعند وفاته، كان هناك حزن عميق بالكويت حتى عطلت الدراسة 3 أيام بالكويت وأطلق على أحد الشوارع المهمة بالكويت على اسم الرئيس الراحل عبدالناصر ومن أهم بصمات الرئيس الراحل بالكويت افتتاحه مبنى بيت الكويت بالقاهرة وكان المبنى المسئول عن استقبال الطلاب الكويتيين والذى تحول إلى سفارة الكويت بالقاهرة حاليًا وهناك اتفاقيات كثيرة عقدها الرئيس الراحل مع الكويت وأهمها اتفاقية التعليم والتربية ومازالت المشاعر قوية بين العرب منذ عهد عبدالناصر وبعد ثوارت الربيع العربى مازالت هناك وحدة صف ما بين الدول العربية وهناك تعاون ومصالح بين الدول العربية والقومية.
 

 
د. «خالد زيادة» السفير اللبنانى بالقاهرة ومندوبها بالجامعة العربية يقول: «إنه فى يوم 25 مارس 1959 التقى الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة التى تضم مصر وسوريا بالرئيس اللبنانى فؤاد شهاب وقد تم هذا اللقاء فى غرفة على الحدود اللبنانية - السورية ولتنظيم اللقاء أوفد الرئيس اللبنانى ضابطا إلى دمشق ليلتقى وزير الداخلية عبدالحميد السراج دون أن يتفقا على مكان اللقاء. وبعد مداولات تم بناء غرفة على خط الحدود نصفها يقع فى الأراضى اللبنانية ونصفها الآخر فى الأراضى السورية. وعندما تم اللقاء جلس الرئيس فؤاد شهاب فى الجانب اللبنانى بينما جلس الرئيس عبدالناصر فى الجانب السورى.
 
يتابع «زيادة» حديثه: كان الرئيس اللبنانى قد انتخب قبل ستة أشهر من هذا اللقاء التاريخى بين الرجلين بعد أحداث واضطرابات طائفية شهدتها البلاد، بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا فى 23 فبراير عام 1958. وقد حرص الرئيس اللبنانى فى هذا اللقاء الغنى بالدلالات الرمزية ألا يدخل الأراضى السورية وألا يدخل الرئيس عبدالناصر الأراضى اللبنانية.
 
وقد تفهم «عبدالناصر» الواقع السياسى اللبنانى كما تفهم حرص «شهاب» على إعلان الحيادية والندية وكان ناصر يدرك خصوصية الوضع اللبنانى فى الإطار العربى لهذا فإن العلاقات بين مصر ولبنان قبل هذا اللقاء وبعده تميزت بالتفهم وحرص الرئيس عبدالناصر على أمن لبنان ووحدته واستقراره.
 
السفير قيس العزاوى مندوب العراق الدائم بالجامعة العربية قال: فى عهد الرئيس عبدالناصر كنت أدرس بإحدى الجامعات بمصر وشاهدت عصر الرئيس عبدالناصر منذ عام 1963 - مكثت فى مصر حتى عام 1972 - وعبدالناصر كان زعيمًا للأمة وله خطاب عروبى وفقدت الأمة شخصية عربية مهمة مؤثر مع الذين لا يتفقون معه ويحترمونه فى تعزيز مكانة مصر والأمة العربية على أحسن حال، ففى عام 1958 كان المثل الأعلى للثوار العراقيين والذين حولوا الملكية إلى جمهورية فثورة العراق من الضباط الأحرار شبيهة بثورة «1952» إذ انقبلوا مثل الضباط الأحرار فى مصر، حتى أنشئ مجلس قيادة الثورة بالعراق مثل مصر فى عهد عبدالناصر والقرارات التى اتخذت هى نفس قرارات عبدالناصر، فالحضاراتان بلاد الرافدين ووادى النيل وما بهما من قدرات تاريخية وعلمية والشعبين لهما كوادر وخبرات يستطيعون أن يغيروا من وجه الأمة العربية.. كل هذه العوامل تساعدهم على الاتحاد مثلما فعل عبدالناصر لكن القوى الخارجية منعتهم من ذلك واتحدت مصر وسوريا، «عبدالناصر» هو الرجل الوحيد الذى استطاع أن يفعل الوحدة العربية بحيث تكون من نسيج واحد وعزز مكانة الأمة العربية بين الأمم وأثر فى كل بقاع الأرض.
 
محمد ولد بوبكر السفير الموريتانى بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية يصف «ناصر» بأنه كان زعيمًا عربيًا وإفريقيا بارزا بالاضافة إلى حركة عدم الانحياز التى أسسها وقام بدور كبير فى فترة الخمسينيات والستينيات كان لها أثر فى تعزيز حركات التحرر فى أفريقيا وفى مساعدة الدول على استقلالها وبدعم الدول الإفريقية من جانب مصر لأنها فى ذلك الوقت كانت تتمتع بنفوذ كبير فى أفريقيا بشرقها وغربها مما مكنها من الوقوف بقوة مع الحق العربى والفلسطينى ضد إسرائيل واعترف العالم بالنضال الفلسطينى.
 
بوبكر قال إنه يتذكر دعم «عبدالناصر» لموريتانيا فى سنواتها الأولى بعد الاستقلال سياسيا وثقافيا وكان يستقبل الطلاب الموريتانيين لأول مرة فى مصر وقد أنشأ مركزًا ثقافيًا فى العاصمة الموريتانية «نواكشوط» وسياسيا، دعم موريتانيا فى الحصول على استقلالها من الأمم المتحدة وتعزيزًا له أطلق اسمه على أكبر شارع فى العاصمة «شارع عبدالناصر» وبعد رحيله، أفريقيا افتقدت عبدالناصر لأنه كان من الزعماء الكبار، إذ يعتبر أكبر زعيم أفريقى من طراز «نيلسون مانديلا» الذى حارب العنصرية فى أفريقيا وعبدالناصر حارب من أجل استقلال أفريقيا.
 
رئيس الوزراء الليبى الأسبق إمبارك الشامخ قال «إن الزعيم جمال عبدالناصر كان ولايزال يمثل هرما من أهرامات مصر العظيمة والوطن العربى والإسلامى وحتى الإنسانى ويعتبر امتدادًا لما أنجبته الأمة العربية من أبطال سيظل يذكرهم التاريخ، وفيما يتعلق بالعلاقات الليبية المصرية فى ذلك الوقت، فى تقديرى كانت العلاقة أكثر من علاقات ما بين دولتين كانت علاقة الثورة الأم بالثورة الرافد، علاقة الثوار بقيادة الثورة والحركة العربية الواحدة وهذا الوصف فى تقديرى ينطبق على المستوى الرسمى والشعبى أما بشأن القومية العربية والربيع العربى.. فطالما الفهم للقومية العربية هو فى جوهره يعنى حالة النهوض للأمة العربية المكلفة برسالة سماوية خالدة لإعادة الأمور الطبيعية إلى نصابها وهى نصرة الإسلام والمسلمين وتحقيق أهدافها للمحافظة على هويتها وعقيدتها فإننى أرى أن حالة النهوض التى مرت بالوطن العربى تعبتر امتداداً للثورة الشعبية العربية التى اندلعت يوم 23 يوليو وتجديدا لها وترسيخا لمبادئها السامية المتمثلة فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، إلى أن نرى يوم النصر العظيم لهذه الأمة وقد حققت وحدتها ونصرة عقيدتها بعيدا عن التعصب والتطرف من أجل خلق مجتمع العدل والكفاءة والمساواة فى وطن الأمة العزيز.
 
السفير الليبى ومندوبها بالجامعة العربية الأسبق «عبدالمنعم الهونى أكد أن الأمة العربية تفتقد سياسة ومبادئ وقدرات وقوة الإرادة التى تجمعت فى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ورؤيته للأمور كانت واضحة واستطاع أن يقنع الآخرين الشعوب العربية والأفريقية بالوقوف بجوار بعض ضد القوى الخارجية فى الوقت التى كانت القوى الخارجية متمثلة فى الاستعمار مسيطرة على اقتصادها وثقافتها ومستقبلها السياسى ومعظم الدول العربية لم تكن مستعمرة بشكل مباشر وكل العالم تواجدت فيه قوات من الدول الاستعمارية، فجنوب اليمن محتلة ومنطقة الخليج كلها محتلة فى ذلك الوقت، فقام عبدالناصر بمساعدتهم على التحرير.. القومية كانت فكرة موجودة لدى الأمة العربية فأعطاها الدفعة القوية لأنه كان رئيسًا للشعب المصرى العظيم، فالرئيس عبدالناصر رفض كل الحملات المستهدفة فى المنطقة العربية ودافع عن مصالح الأمة العربية لأنه امتلك مقومات أهلته لهذا الدور، والعلاقات المصرية الليبية فى ذلك الوقت فليبيا لم تكن دولة مستقلة، الاستعمار فى ليبيا تواجد بقواعده العسكرية الأمريكية والبريطانية، فرنسا كانت مسيطرة على جنوب ليبيا وكانت الحدود مفتوحة مع ليبيا وكان هناك تأثير استعمارى على كل قرارات ليبيا والثوار الليبيين لجأوا إلى ثوار مصر ولا ننسى مساعدته للنضال ضد الاستعمار البريطانى والإيطالى حتى تحررت ليبيا ولا يوجد وجه مقارنة بين الرئيس الراحل عبدالناصر والرئيس الراحل معمر القذافى الذى كان يردد دائما أنه ناصرى فهو لا يمت بأى شكل من الأشكال إلى الرئيس عبدالناصر لأنه أودى بليبيا إلى الهلاك والتخلف لكن عبدالناصر كان بناء وليس هداماً.