الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ألاعيب الحرس الثورى الإيرانى فى سوريا

ألاعيب الحرس الثورى الإيرانى فى سوريا
ألاعيب الحرس الثورى الإيرانى فى سوريا




يكتب محمد بناية
كانت السلطة الإيرانية تُمنى سكان مناطق شرق وغرب إيران منذ سنوات بحقوق المواطنة، وحق الدراسة باللغة الأم، والتنمية وغيرها، لكن لا يزال سكان هذه المناطق محرومين حتى الآن من الخدمات الطبية والتعليمية وغيرهما من خدمات التنمية.
وطبقًا للمعلومات والإحصائيات الرسمية الصادرة عن مراكز الإحصاء الإيرانية، بشأن انتشار الفقر والبطالة والتنمية فى مناطق الأقليات، فإن الحكومة لا تنكر مسألة التمييز فى هذه المناطق.
ورغم أن الرئيس حسن روحانى كان قد تعهد فى بياناته الانتخابية بتكليف مسئولى هذه المناطق بالأمور التنفيذية، وتهيئة المجال للدراسة باللغة الأم حتى فى الجامعات، وتغيير النظرة الأمنية للقوميات والثقافات الإيرانية، وتخصيص ميزانية ضخمة بهدف ترميم آثار التخلف فى المناطق المحرومة والحدودية، إلا أن أيًا من هذه الوعود لم يدخل لطور التنفيذ حتى الآن.
وتحتل المناطق الغربية والشرقية فى إيران كل عام صدارة المناطق الأكثر فقرًا وبطالة، وتحتل مدينة جوانرود من محافظة كرمانشاة بنسبة 50٪ ومدينة سراون محافظة سيستان وبلوتشستان بنسبة 45٪ المستوى الثانى والثالث من حيث ارتفاع نسب البطالة.
وأغلب المدن العشرين الأكثر بطالة بالبلاد هى فى محافظات خوزستان وسيستان وبلوتشستان وكرمانشاة، علاوة على ذلك تحتل مناطق غرب وشرق الإيرانية المرتبة الأولى فى الفقر والحرمان.
وقد أدى عدم اهتمام النظام الإيرانى منذ بداية الثورة الإسلامية وحتى الآن، إلى زيادة الفقر فى هذه المناطق. ويبدو أن السبب فى عدم الاهتمام إنما يعود إلى نوع رؤية الحكام للمذهب والقومية الموجودة بهذه المناطق. وبحسب مقالة «انتشار وعمق الفقر فى محافظات سيستان وبلوتشستان» للكاتب غلام رضا كشاورز حداد، فإن ما يقرب من 1.72٪ من مجموع سكان المدن و3.68٪ من سكان قرى محافظات سيستان وبلوتشستان يعيشون تحت خط الفقر.
وفى بحث آخر بعنوان «تحليل أسباب نمو الفقر وهيكلة التوزيع فى خطط التنمية الثانية والثالثة» خلص الأستاذ وحيد محمودى إلى تدهور الأوضاع فى محافظات سيستان وبلوتشستان وكرمان وكرمانشاة وهمذان وإيلام. ويبدو أن مذهبية وتشيع الرؤية الحاكمة من الأسباب الرئيسية فى تدهور أوضاع الحياة فى مناطق الأقليات، ولقد أدت المناقشات القائمة على التعصب المذهبى إلى مزيد من الصعوبة فى حياة مختلف الأقليات الإيرانية. ويستغل الحرس الثورى شيوع الفقر فى محافظة سيستان وبلوشستان (ذات الأغلبية السنية) فى تجنيد الفقراء وإرسالهم إلى سوريا للحرب ضمن صفوف الأسد.
وكان بعض النشطاء بالمحافظة قد أعدوا تقريرًا يستعرض سوء استغلال الحرس الثورى فقر المواطنين فى بلوتشستان، إذ كشف التقرير النقاب عن إيفاد مجموعة مكونة من 25 شابًا من مدينة الفنوش بالمحافظة إلى سوريا.
كذا تطرق قائد الحرس الثورى بالمحافظة للحديث عن تجنيد ألفين مجند فار. واستنادًا إلى تقرير وكالة أنباء إيرنا فقد تم تجنيد هؤلاء الأفراد وتدريبهم بقطاعات بالحرس الثورى فى زاهدان.
وبحسب تصريحات: «على رضا عظيمى جاهد، قائد الحرس الثورى فى سيستان وبلوتشستان عام 2012 فالأفراد المستخدمون بقواعد المقاومة بمقدورهم تقديم خدمات قيمة للحرس الثرى فى مجال العمليات والمخابرات نظرًا لمعرفتهم الدقيقة بالمنطقة».
ولم يقدم أى إحصاء دقيق حول عدد المستخدمين فى هذا المشروع، لكنه أعلن تنظيمهم فى مجموعات قوام الواحدة 250 فرداً.
والرؤية المغلوطة التى يتبناها النظام الإيرانى فى التعامل مع هذه المناطق إنما تنحرف بالرأى العام نحو شائعة الاختلافات القومية والمذهبية. وتتهم الأجهزة القضائية الإيرانية سجناء أهل السنة من الأكراد والبلوتش «بتكدير الأمن العام» و«تشويه النظام» و«الانضمام للجماعات السلفية» و«الإفساد فى الأرض» و«الحرابة»، ومن ثم تقوم بإعدامهم. الأمر الذى دعا 18 منظمة تعمل فى مجال حقوق الإنسان إلى المطالبة بوقف إعدام 44 مسجونًا سنيًا من البلوتش والأكراد خلال العام الفارسى الماضى.
ومما جاء فى بيان هذه المنظمات: «إن معظم هؤلاء السجناء تم اعتقالهم فى الفترة من 2009-2011م على أيدى قوات الأمن فى كردستان، وتم نقلهم إلى الحبس الانفرادى لأشهر قبل تقديمهم للمحاكمة أو حتى إخطار المحامين أو الأسر. كما صادقت قوات الأمن الإيرانية مؤخرًا حكم الإعدام بحق 27 داعية وشيخًا سنيًا، من المعتقلي بسجن رجائى شهر فى طهران بتهم الإفساد فى الأرض، ومحاربة الله، والترويج ضد النظام، وتشكيل فرق سلفية»، بحسب المحكمة الإيرانية.
فى حين ذكرت وكالة أنباء هرانا إن «الوثائق والمعلومات التى حصلت عليها تؤكد أن جميع المعتقلين الذين صادقت المحكمة العليا الإيرانية على تنفيذ حكم الإعدام بحقهم لم يشاركوا بأى عمليات مسلحة ضد النظام الإيرانى». ويقول الدعاة والمشايخ الذين حُكم عليهم بالإعدام إنهم حوكموا بسبب نشاطهم الدعوى السنّى وعقائدهم السنية، وبسبب تشكيل جلسات دينية وقرآنية تعليمية. ووصفوا ذلك بأنه «عقاب سياسى طائفى من قبل النظام الإيرانى».
ويقول الناشط السياسى البلوتشى والمقيم بالعاصمة لندن رضا حسين بر: «هناك تصور قبيح للحاكمية فى بلوتشستان، فالبلوتشيين عمومًا ليسوا ضد الشيعة وإيران والإسلام، وإنما يريدون الحصول على حقوق المواطنة مثل باقى الإيرانيين وطبقًا لمنشور منظمة حقوق الإنسان، لكن الجمهورية الإسلامية تريد الترويج لفكرة معاداة البلوتش للإيرانيين والشيعة حتى تثير ضدهم مشاعر الشعب الإيرانى القومية والمذهبية». ويضيف: «النتيجة أن الجمهورية الإيرانية ترسل المزيد من قواتها الشرطية والعسكرية إلى سيستان وبلوتشستان، ويوهمونهم أن السكان فى سيستان وبلوتشستان أعداء لهم».
ويعتقد حسين بر أن سياسات الجمهورية الإيرانية تقوم على تشييع أهل السنة، لكن السنة لن يتحولوا إطلاقًا إلى التشيع.
والحقيقة القائمة على الأرض أن السلطة الإيرانية تفرض (بسبب ما تقدم) المزيد من القيود على مناطق سيستان وبلوتشستان وتحول دون تقديم الخدمات إلى هذه المناطق. وطبقًا لخطبة إمام جمعة زاهدان، فإنه نسبة 90٪ من شباب هذه المنطقة يعانون من البطالة الأمر  الذى يزيد من الضغوط على السكان فى بلوتشستان.
ولقد اعترف الرئيس الإيرانى حسن روحانى غداة هدم قوات البلدية المدعومة بالقوات الشرطية والعسكرية، مصلى أهل السنة فى منطقة بونك بالعاصمة طهران بتقصير النظام الإيرانى فى حق أهل السنة قائلا: «أهل السنة فى إيران إخوة لنا. ولكن نحن الشيعة باعتبار أننا الأخ الأكبر لم نراع حق إخوتنا الصغار فى إيران خلال هذه السنوات، وكذلك الآن أيضًا نحن لا نرعاهم». ويضيف فرشتيان: «أتصور أن حكومة روحانى مقصورة فى قطاع حقوق الأقليات. وبعض هذا التقصير يعود إلى القضايا الأمنية والسياسية، والبعض الآخر بسبب رجال الأمن فى حكومة روحانى الذين قصروا بالتأكيد فى هذا المجال. ولكن لا يمكننا تجاهل دور الحكومة فى هذا الصدد. فالحكومة هى المقصر الرئيس، وهذا التقصير يعود فى بعضه إلى تصور الرئيس روحانى أن المستقبل السياسى سيشهد رغبة القطاعات التقليدية بالحوزة إلى التعاون مع بعضها. وإجحاف حق أهل السنة لا يقتصر فقط على القوى الأمنية والسياسية، وإنما نظرة رجال الدين التقليديين فى الحوزة ممن يطلبون إلى الحكومة عدم السماح لأهل السنة بممارسة شعائرهم».
وفى هذا يقول كاوه كوهيار: «ماهية النظام الإسلامى، لا تقوم على التقارب والوحدة بين الشيعة والسنة، وإنما على فوز الشيعة على الفرقاء من السنة والمتصوفة وحتى المسيحيين واليهود والمؤمنين والكفار. ولابد من فهم أدبيات النظام الإسلامى فى إطارها الصحيح، فحين يتحدث قادة النظام الإسلامى عن التقريب بين المذاهب ووحدة الشيعة مع السنة، فلا معنى لذلك سوى ضرورة أن يتخلى البقية عن معتقداتهم وهويتهم، وأن عليهم أيضًا القبول بولاية ولى أمر المسلمين فى العالم».