الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لا تمزقوا الدستور

لا تمزقوا الدستور
لا تمزقوا الدستور




يكتب ياسر شورى
إذا صدقت المعلومات الواردة حول تقديم حكومة شريف إسماعيل لبرنامجها لنيل ثقة البرلمان، قبل تقديمها لاستقالتها بالكامل، فإننا بذلك نكون قد أقدمنا على أول خرق للدستور بعد انعقاد البرلمان الجديد.
الدستور جعل استقالة الحكومة التى تسبق البرلمان وجوبيا وبعدها يختار رئيس الجمهورية شخصية رئيس الوزراء الذى يقوم بدوره بعرض برنامج حكومته فإذا حاز ثقة غالبية الأعضاء يشرع بعدها مباشرة باختيار الوزراء ويكون مسئولا عن تحقيق ما تعهد به مسئولية كاملة، أما ما يراد تمريره فى الوقت الحالى، فإنه أبعد ما يكون عما أراده الدستور.
فذهاب شريف إسماعيل إلى البرلمان بدون استقالته ومن خلفه حكومته بتشكيلتها القديمة يجعل الأمر برمته مجرد تحصيل حاصل وفى الغالب يتم تمرير الحكومة القديمة ببرنامجها القديم وبعدها ستكون حكومة الرئيس ولن يجرؤ البرلمان على محاسبتها وهنا تكمن الكارثة التى ستحول الدستور إلى خرقة بالية ومعه البرلمان الذى سيتخلى، لو وافق على ذلك، عن أقوى اختصاصاته وهى اختيار الحكومة ومراقبتها.
فى رأيى نحن جميعا مدعون فى وجه مخطط السلطة التنفيذية بالإفلات من ضوابط الدستور وسحب اختصاصات البرلمان.
المسألة خطيرة وتقضى على آمال عريضة فى تحقيق حياة نيابية سليمة تقوم على التوازن بين السلطات بدون تغول سلطة على أخرى.
القضية ليست مجرد خطوة نخسرها ونكسب ما بعدها ولكنها لحظة فارقة ستحدد مصير النظام السياسى فى مصر.
إذا تنازل البرلمان أمام السلطة التنفيذية اليوم فإن هناك تنازلات مقبلة أمام السلطة القضائية وهكذا ستتحكم السلطات المعينة فى المنتخبة وتتغول مؤسسات الدولة على مؤسسة الشعب.
نحتاج إلى مجلس تشريعى قوى، رغم ما لا يخفى على أحد من أنه مجرد برلمان تم انتخابه فى ظروف غير طبيعية وجاء من خلال قانون انتخابى ساعد فى وصول رموز النظام السابق وأعضاء الحزب الوطنى وأصحاب المال الفاسد، ورغم ذلك فإنه ليس ملكا لهؤلاء أو غيرهم، إنما برلمان الشعب وإحدى مؤسساته ولا يملك هؤلاء أو غيرهم التفريط فى حق الشعب فى مراقبة الحكومة بعد اختيارها، البرلمان عليه دور كبير فى سن قوانين العدالة الاجتماعية ومنوط به غل يد المؤسسات الأخرى ومنعه من التحول إلى عزب تورث للأبناء.
إذا هذا المجلس بكل عيوب تشكيله على المحك، وإذا فشل وفرط فيما منحه له الدستور فإن التاريخ لن يرحمه، هو برلمان التأسيس ولا يجب أن يترك الأمر للصدفة ورغم انه مجلس مفتت بلا أغلبية أو معارضة فإن ذلك لن يعفيه من المسئولية.
الحكومة بدأت بالفعل فى تنفيذ خطة التمرير عن طريق التجهيز لتغيير بعض الوزراء وعددهم ما بين ٦ و٩ وزراء حتى تبدو وكأنها حكومة جديدة أما أعضاء مجلس النواب، وهى حيلة لا يجب ان تنطلى على أحد، لو أرادت الدولة ان تبدأ بشكل صحيح فعلى الرئيس السيسى أن يطلب من الحكومة القديمة تقديم استقالتها واختيار رئيس وزراء جديد قادر على تشكيل حكومه تقود المرحلة المقبلة وبهذا فقط نكون دخلنا إلى عملية ديمقراطية صحيحة.