الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«دنيا» سائقة «ربع نقل»

«دنيا»  سائقة  «ربع نقل»
«دنيا» سائقة «ربع نقل»




كتب – محمد سعيد


تذوقت المر، ولجأت للربا لتجهيز ابنتها العروس ولسداد ديونها المتراكمة، هذا ما بدأت به حديثها دنيا عبد الله – سائقة سيارة ربع نقل 55 عامًا بمركز نبروه بمحافظة الدقهلية - روت لـ«روزاليوسف» أن ما تعرضت له من حكايات ومآس تحزن لها القلوب وتدمع لها العيون، ما يقرب من الـ 35 عاما وهى تعمل فى توزيع أسطوانات الغاز، وهى مهنة شاقة للغاية، اضطرت للعمل بها لعدم وجود من يعيلها، وكان هذا العمل هو المتوفر أمامها  كمصدر رزق لها ولابنتها، فقد استأجرت سيارة ربع نقل لتوزيع البوتاجاز مقابل 100 جنيه يوميا لكي تعيش مستورة بعيدا عن القيل والقال.


تعرضت لأسوأ المعاملات وأكثرها قسوة من جميع المتعاملين معها فى بداية الأمر، وكان النساء قبل الرجال ينظرن لها بتعجب لقيادتها سيارة فى هذا التوقيت الذى قلّ فيه أن تجد إمرأة تعمل سائقة، وتعرضت لأشد المضايقات لكنها لم تهتم لمثل هذه التفاهات، فالأمر الذى كان دائما يدور فى رأسها ويشغل فكرها هو لقمة العيش فهى تعول والدتها وابنتها وبنات أخيها المتوفى.
وتروى «دنيا» عن مشوار كفاحها قائلة: لا يوجد موعد ثابت لعملى، فمن الممكن أن أخرج  فى منتصف الليل لأعمل، وكان قطاع الطرق يقفون على قارعة الطريق بالأسلحة البيضاء للاستيلاء على ما مع المارة، ومن أسوأ المواقف التى تعرضت لها بسبب مهنتى أن جاءنى  اتصال من أهل بلدة بمحافظة الغربية وطالبونى بإرسال أسطوانات غاز ممتلئة، فأثناء عودتى فى منتصف الليل لاحظت سيارة تطاردنى من الخلف، وبعد خروجى من المنطقة السكنية وسيرى بين الأراضى الزراعية أسرعت أمامى وخرج منها بلطجية يحملون الأسلحة، وهددونى واستولوا على كل ما معى من نقود واسطوانات فارغة وممتلئة، فعدت إلى بلدتى واستعوضت ربى، وتداينت للمستودعات لكى أحصل على بديل الأسطوانات التى سرقت وقتها، ولم تكن تلك هى الحادثة الأخيرة بل تكرر الأمر عدة مرات، فهم يستغلون كونى امرأة ولا أستطيع الدفاع عن نفسى.
كان يومها شاقا إذ كانت تقود السيارة وترافقها ابنتها الصغيرة لتعمل معها، ومهمتها هى الطرق على أسطوانة البوتاجاز، إلى أن كبرت الفتاة وتولى مهمتها شاب يحصل على 25 جنيها يوميا.
ويزداد ضغط العمل عليها فى فصل الشتاء فلا وقت لديها لتذوق الراحة أو النوم، فالحصة التى تحصل عليها من المستودع لا تكفى القرية وتخرج ليلا بحثا عن السوق السوداء لكى توفرها، وعند التوزيع  تتعرض «للبهدلة» من الرجال والنساء ولا ينظرون لها كونها امرأة وضعيفة، ويحدثون فوضى ويغالطونها فى الحساب، فمن الناس من يأخذ الأسطوانة ولا يعطيها نقوداً فيحدث لديها عجز كبير، مؤكدة أنه بعد أزمة الشتاء الماضية قامت بجرد الأسطوانات لتجد عجزا بلغ 60 إسطوانة.
وواصلت: تراكمت ديونى وكبرت صغيرتى وحضر من يطلبها للزواج، فأردت تجهيزها، وبحثت عمن أقترض منه مالا فلم أجد، واضطررت فى النهاية للاقتراض بالربا من أحد الاشخاص، كما وقعت على إيصال أمانة ولم يكن أمامى إلا اللجوء إلى هذا الحل لتجهيزها وسداد ديونى المتراكمة، بعدها توفى شقيقى الوحيد بعد صراع مع المرض، وتعهدت بالإنفاق على بناته القصر، وحاربنى كثيرون فى رزقى ظنا منهم أننى أكسب الآلاف، وبدأوا فى ترويج الشائعات وأننى أنقص من الأسطوانة، ليروجوا لتجارتهم كما تقدموا ضدى بشكوى فى التموين والوحدة المحلية، مدعين كذبا أننى أبيع بأكثر من السعر المقرر، ولكننى على يقين بأن الذى خلقنى كفيل برزقى ولا أحد يأخذ غير المكتوب له.