الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الأسطاوات».. ستات بميت راجل

«الأسطاوات».. ستات بميت راجل
«الأسطاوات».. ستات بميت راجل




«التزام» سائقة توك توك

كتبت: سمر حسن

جمعهن الفقر وقسوة الحياة.. فما بين زوج عاجز عن العمل، وآخر انفصل عن زوجته وتركها بوليدتها الصغيرة بلا مورد رزق، وزوج ترك مسئولية أبنائه الثلاثة لوالدتهم  دون الإنفاق عليهم جاءت حاجتهن للعمل.. قصص لـ3 نساء قهرن تلك الظروف الصعبة ولم يلتفتن لغرابة الأمر.. وسط مهنة سيطر عليها الذكور.. ولكن قسوة الحاجة دفعتهن لقهر الخوف والجوع والتشرد.. فجاءت قطرات عرقهن قوتا يسد رمق الصغار.. ويجهز العرائس ويسد المصروفات التعليمية للأبناء.. نساء لم يعترفن بالفشل.. ورغم مضايقات المجتمع لا يزلن على نفس الخطى المكافحة.. لن يتزحزحن عنها ولن يتركن أنفسهن عرضة لتحكم أحد فى مصائرهن.. هن سائقات عملن بتلك المهنة ونجحن فيها ما بين سائقة توك توك وسوزوكى وربع نقل.. وهذه قصص كفاحهن.


لم تكن تتوقع «التزام حسن توفيق» - 47 سنة - أن تصل بها الحال لتصبح سائقة توك توك،
 لكن الفقر وضعف المستوى التعليمى سببان كفيلان بتحطيم حياة أى شخص، بل ممكن أن يصل به إلى الانحراف، إلا أن هذه السيدة المصرية الأصيلة لم تستسلم لكل هذا، واختارت أن تتحدى كل الصعوبات، وأن تجابه كل التحديات التى كادت أن تعيقها عن مواصلة حياتها.
بدأت رحلة عذاب التزام منذ سنوات، حينما تزوجت من شخص قدراته الذهنية ضعيفة، تعيقه عن العمل وكسب المال، فكل ما يستطيع فعله هو تنظيف السيارات الموجودة فى إحدى ساحات الانتظار، على أن ترافقه فى رحلة الذهاب والإياب من وإلى الساحة، رضيت بالمقسوم لها، وصبرت، إلى أن رزقهما الله بطفلهما الأول، ثم الثاني، وقتها اضطرت للبحث عن عمل، واجهت صعوبات عدة وأغلقت الأبواب أمامها خاصة أنها لم تحصل على أى مؤهل دراسى يساعدها فى الحصول على فرصة عمل.
وتروى إلتزام رحلة كفاحها قائلة: فى بداية الأمر لجأت لتفصيل العباءات وملابس السيدات، واشتريت ماكينة خياطة، وكنت أنفق من عائدها على أسرتى، إلى أن خسر المشروع أمام الملابس الجاهزة التى اتجهت زبائنى لشرائها لتوفير الوقت، بعدها  فكرت فى شراء موتوسيكل، لفتح باب رزق جديد على أن أقوم بتوصيل طلبات من وإلى المصانع ولو بثمن قليل حتى أوفر مصدر رزق لى وﻷسرتى، وقف إلى جانبى أهل الخير وتمكنت من شرائه، وبدأت أعمل لدى عدة مصانع وتحسنت الأحوال، إلا أن حظى العسر لم يتركنى أكافح بشكل موفق، فأثناء عبورى الطريق تعرضت لحادث أليم، حيث صدمتنى سيارة مسرعة ولحقت بى إصابات بالغة فى قدمى اليسرى، وبسبب ضعف الإمكانيات المادية أهملت العلاج، حتى أصبحت الإصابة مزمنة.
 اضطررت لمواصلة العمل على الموتوسيكل ﻷنه مصدر رزقى الوحيد، حتى رأيت الشفقة والإحسان فى عيون الناس، تركت مصدر رزقى واخترت الجوع على أن أرى ذلك، خاصة عندما أسمع همساتهم عن عجزى، فالإصابة كانت تتسبب فى وقوعى باستمرار على الأرض أمام الجميع، وذلك كان سبباً فى كسر خاطر «التزام» حتى تركت هذه المهنة.
واستطردت: أولاد الحلال سلفونى فلوس علشان أشترى توك توك اشتغل عليه، فهو الوسيلة الوحيدة التى يمكن أن تفتح باب الرزق لأسرتى وتستر عاهتى، فهو يعتمد على اليدين وقدم واحدة فقط، على أن يقرضوها ثمن التوك توك وبمجرد عملها وكسبها الأموال تعيدها فى شكل أقساط، وبالفعل اشترت التوك توك، ولكن المبلغ لم يكف لشراء توك توك مطابق للمواصفات، فاضطررت لشرائه ولكنه غير مرخص وغير مسموح له بالترخيص.
واجهت صعوبات كثيرة، من حيث رفض الزبائن الركوب معها، ونظرات الاستهجان والأحاديث الجانبية التى أحاطت بها، فكيف لسيدة أن تمتهن مهنة الرجال، مضايقات من قبل سائقى التوك توك وصلت لحد التجريح، والتضييق عليها من قبل رجال المرور، إلى أن بدأ يتعامل معها البعض وانتشرت قصة كفاحها واتسع لها باب الرزق، ورجال المرور بمجرد علمهم بقصتها من خلال ظهورها فى إحدى القنوات الفضائية بدأوا يتعاطفون معها.
ولكن ظل خوفها دائما من قطاع الطرق، والبلطجية، وعصابات سرقة التوك توك، إلا أنها كانت تنجو منهم دائماً برحمة الله، وفى النهاية قالت التزام إنها راضية بقضاء الله وقدره، ولن تترك باب الرزق الحلال، فقد رفضت اللجوء للتسول، أو أى عمل يغضب الله، وطالبت من الحكومة بأن تسمع صوتها وأن تنظر لها وﻷسرتها بعين الرحمة، وتتمنى أن توفر فرصة عمل لابنها الذى يعانى من إصابة فى كف يده منعته من مساعدتها فى العمل على التوك توك.