السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الختان بين ثالوث الدين والطب والقانون






 

عملية ختان الإناث تعد من اسوء العادات المصرية وتفرقت احوالها بين الدين والطب والقانون، ونحن من هنا نسرد بعض القصص الواقعية «لشبات» وفتيات تعرضن لهذه الجريمة البشعة الذى تلقها الخط الساخن لنجدة الطفل والمجلس القومى للمرأة، فنجد شابة فى العشرينيات حالفها الحظ لأعوام تجنبت أسرتها إيلامها بعدم إجراء الختان لها ولكنها عايشت المخاوف وكثرة الأقاويل لترمى بنفسها للهاوية بيديها فعندما أوشكت على الارتباط وعقد القران ومخافة أن ينفر زوجها منها عند علمه أنها غير مختتنة ضحت بنفسها وقامت بختان نفسها مما عرضها لنزيف حاد وانقلبت حياتها فى اللحظات التى تسبق الزفاف من سعادة مرتقبة إلى خوف وذعر وآلام مبرحة وعلى الرغم من مرور سنوات على زيجتها وأصبحت أما لخمسة أبناء إلا أن هذه  الذكرى لم تبارحها قط حتى الآن ولن تفارقها للأبد فى السياق ذاته تعرضت «س» للأسوأ فعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على إجراء الختان لها واتمامها عامها الأربعين إلا أن ذكرى قطع جزء من جسدها لا ينسى وأدى ذلك لرفضها الارتباط وإتمام أى زيجة، وأدى بها لارتياد العيادات النفسية لعلاجها من هذا الجرح النفسى أكثر منه البدنى.
 

ميرفت التلاوى
 
وها هو طفل صغير يتصل من قرية نائية بعيدة  عن الأنظار فى أقاصى الصعيد مستنجدا باكيا «أنقذوا شقيقتى فأسرتى سيجرون لها الختان غدا انقذوا شقيقتى كان هذا نص المكالمة التى لم تتجاوز الثلاث دقائق وبعد سؤاله أبلغ عن اسم الطبيب وميعاد هذه الاحتفالية المزعومة التى تنطلق فيها الزغاريد بينما تنتهك فيها آدمية طفلة، وتشوه فيها أنثى دون مبرر لتظل دموعها وآلامها طيلة حياتها، ناهيك عن عشرات الاتصالات التى تنهال فيها دموع فتيات أطفال فى عمر الزهور يبكين إصرار أسرهن على تشويههن دون إنسانية وربما اختلفت ظروف حياتهن أو مكانها ولكنهن اشتركن فى مقولة «أنا خايفة».
 
وهناك والد طفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة والذى عبر عن رفضه لما ستقوم به زوجته ولكن إصرارها والحاح الجيران يضعه فى دائرة الحيرة، كانت هذه بعض مكالمات التى تلقاها الخط الساخن لنجدة الطفل 16000 ومبادرة توثيق مآسى الختان التى أطلقها المجلس القومى للسكان.
 
وبالرجوع للخلف نتذكر واقعة «بدور شاكر» الذى تناسها المجتمع عدة أشهر بالرغم من أن الطفلة توفيت بعد ساعات قليلة من نجاحها بتفوق فى الشهادة الابتدائية، وذلك إثر جرعة مخدر زائدة، أعطتها لها طبيبة وافقت على إجراء عملية ختان لها فى عيادتها الخاصة نظير 50 جنيها، ولحقتها كريمة فهل ستعاود ظاهرة وفاة فتياتنا من جديد؟
 
 وانتشرت الشائعات بأن المخاوف المرتقبة عاودت لتفتح ملف قضية الختان من جديد، بعدما وقعت فى ثالوث الطب الذى تحول الى بيزنس و72% من عمليات التشويه تتم على ايدى اطباء ، والدين الذى يلوح به المتشددون تحت ستار الطهارة والعفة واخيرا القانون ومادة 242 مكرر من قانون العقوبات لسنة 2008 والذى نص على « يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 اشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن الف جنيه ولا تجاوز 5 آلاف جنيه كل من احدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين 241 ، 242 من قانون العقوبات عن طريق ارجاء ختان الانثى « ولكن القانون يقع الآن فى مهب الريح بين اتجاهات لالغائه وازاحته لفتح الباب على مصراعيه ليتم  تحت مرأى وبصر حكومى وموافقة مجتمعية، ومنذ ايام اصدر اطباء اخصائى امراض النساء والولادة وثيقة ادانة للختان معبرين عن رفضهم للاستمرار فى هذه الجريمة، مدافعين على القانون فى محاولة لانقاذ مستقبل بناتنا.
 
وجدير بالذكر ان آخر مسح سكانى لعام 2008 اشار إلى ان نسبة انتشار تشويه الاعضاء التناسلية لدى الفتيات فى المرحلة العمرية ما بين 15 و17 يصل الى 74% و54% من النساء و57 % من الرجال يؤيدون استمرار الممارسة وعلى الرغم من انخفاض حجم الظاهرة خلال السنوات الماضية 50 % الا انها بدأت للظهور من جديد وهذا ما كشفه  د. عاطف الشيتانى سكرتير عام المجلس القومى للسكان قائلا ان الختان اغتصاب لحق الطفلة وضمن تعرض الطفل للخطر والعنف، وان البلاد العربية المحيطة على رأسها الاردن والجزائر وسوريا لا يوجد بها ختان، متسائلا لماذا تتعرض الطفلة المصرية لهذا الانتهاك وحدها؟ ولماذا لم يتطرق المتشددون بأن الختان لا يطبق بالسعودية؟ مطالبا بأعمال العقل وعدم اتباع الشائعات او الفتاوى المريبة مؤكدا ان هناك جلسة مرتقبة مع د.أميمة كامل مستشارة الرئيس لمناقشتها فى قضية الختان وما اثير من تصريحاتها مشيرا إلى انه لا توجد مخاوف من الغاء قانون تجريم الختان لانه اصدر بناء على رغبة مجتمعية وليس توجيها حكوميا كما اشيع وعلى المخالفين فى الآراء الرضوخ للقانون.
 
واعرب د. عز الدين عثمان سكرتير عام الجمعية المصرية لأمراض النساء والتوليد ان ما يحدث فى مصر كارثة فبعدما كنا الرواد فى مناهضة الختان وأصدرنا اول كتاب فى خمسينيات القرن الماضى لمناهضته ونجحنا بالتدريج بتجريد ربطه دينيا وتجريمه على المستوى التشريعى، ورفعنا الحماية القانونية للاطباء الذين يقومون به ونجحنا فى اعلان العديد من القرى خالية به، عاودت الظاهرة من جديد وبحملات اكثر شراسة ربطت بين العلم والدين والختان،  ولذا اصدرنا وثيقة تذكير للاطباء بخطورة الختان الذى اكدنا انه قطع للاعضاء التناسلية للانثى معربين انه لا توجد علاقة بينه وبين الطهارة بشقيها البدنى والجنسى، من جانبه اشار د. مجدى خالد مساعد ممثل صندوق الامم المتحدة للسكان إلي ان محاولات ادخال مفهوم الصحة الانجابية ومضار الختان فى المناهج التعليمية باءت بالفشل، بل على النقيض لا يزال المدرسون يمتنعون عن تدريس الجزء العلمى والتشريحى للمراحل الاعدادية ولكننا نجحنا فى التعليم الازهرى وذلك عبر رسائل فى الصحة الانجابية، مطالبا بتدريب المدرسين اولا على تدريس المناهج.
 
واشارت عزة الجرف نائبة سابقة عن حزب الحرية والعدالة إلى انه يجب علينا احترام القوانين الصادرة ولا نناقشها لانها صدرت بناء على اتفاق مجتمعى.
 
وايدتها د. منال أبوالحسن عضو مجلس الشعب المنحل  التى اشارت إلى ان حزب الحرية والعدالة يحترم القانون وان الاخوات لم يطالبن بأى طلب لالغاء القانون خلال الفترة البرلمانية، وان ما اثير عن اجراء الحزب للختان بالمنيا بالمجان شائعة، ولم يناقش الحزب فكرة الغاء القانون او تدعيم الختان مجددا واشارت إلى ان علاج ظاهرة الختان يكون بمنظور اجتماعى ثقافى اكثر منه قانونيا لانه متأصل فى عادات بعض القرى.
 
من جانبها أوضحت د.منال الطيبى عضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور  أنها قد لاحظت من خلال عضويتها  بلجنة الحقوق والحريات بالجمعية التأسيسية، أنه يوجد لدى بعض  أعضاء  الجمعية كراهية وعداء شديدين  للقانون الدولى لحقوق الانسان ، فالبعض قد عارض وجود مادة فى الدستور تشدد على ضرورة محاربة الاتجار بالبشر فى مصر وقالوا ان هذه المادة خادشة للحياء، كما أنه تمت مناقشة موضوع زواج الفتاة فى سن 9 سنوات من اثنين من اعضاء الجمعية، كما تمت مناقشة  عودة سوق الجوارى وكان تبريرهم لذلك هو أن ذلك الأمر سوف  يحل مشكلة العنوسة فى مصر مشددة على ضرورة محاربة هذه الافكار التى تقصد المرأة بوجه خاص.
 
وعبرت ميرفت التلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة ان المجلس لن يتهاون فى حق الفتيات ممن يتم اجراء عمليات الختان لهن وانه لجأ للتصعيد بعد ضبط عيادة يجرى بها عمليات ختان بمركز العدوة بالمنيا.
 
واشارت إلى ان المجلس سيبدأ خلال ايام حملات توعية بالمحافظات للتأكيد على خطورة الختان ويحذر من خطورة الانسياق وراء هذه الدعوات وعبرت د. فيفان فؤاد مسئول التدريب بالمجلس القومى للسكان ان الخط الساخن 16000 يتلقى يوميا العديد من البلاغات من مختلف المحافظات وتأتى قرى الصعيد فى المقدمة تليها قرى الدلتا وان قضية الختان تأتى فى الاساس لقرارات اسرية ولدواع اخلاقية مؤكدة ان درجة الوعى بالمجتمع ارتفعت وظهر ذلك جليا بالرفض المجتمعى لالغاء قانون الختان، والبلاغات التى تلقوها عقب القوافل المجانية للختان فى المنيا.
 
 
د. منال ابو الحسن