الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

التنمية والاستقرار السياسى

التنمية والاستقرار السياسى
التنمية والاستقرار السياسى




أحمد عبده طرابيك يكتب

يعيش الاقتصاد العالمى حالة من الانكماش، نتيجة عدم الاستقرار التى تشهدها أكبر الاقتصاديات العالمية، وفى مقدمتها الاقتصاد الصينى، والذى انعكس بشكل كبير فى الانخفاض الحاد لبورصتى شينزين وشانغهاى الصينيتين فى أولى جلسات التعامل لعام 2016، الأمر الذى أدى إلى تخوف المستثمرين من أن يشهد النمو العالمى حالة من الكساد على إثر التباطؤ فى الاقتصاد الصينى، وانخفاض أسعار النفط فى الأسواق العالمية، وتأثير ذلك على حركة التجارة العالمية، وحجم الاستثمارات.
الاقتصاد المصرى بدوره كجزء من الاقتصاد العالمى يتأثر بشكل كبير بما يحدث فى العالم، خاصة أنه - الاقتصاد المصرى - يتأثر بحركة التجارة العالمية التى لها دور مهم فى عائدات قناة السويس، إلى جانب حجم الاستثمارات الذى يعتمد على حجم النمو فى الاقتصادى العالمى، ومصر بدورها تسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات فى مختلف المجالات، لاسيما فى المشاريع الوطنية الكبرى التى تم طرحها خلال مؤتمر شرم الاقتصادى العام الماضى.
مع بداية العام الجديد 2016 شهدت مصر أولى جلسات انعقاد مجلس النواب، والذى يعقد عليه الكثير فى الداخل والخارج آمالا كبيرة فى تحقيق تطوير وتنمية الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد، بما يصدره من تشريعات تعيد مصر إلى مكانتها على الساحة الإقليمية والدولية، باعتبارها دولة محورية ومؤثرة بشكل كبير فى مجريات الأحداث فى المنطقة التى تعتبر من أكثر المناطق الملتهبة فى العالم، حيث إن عودة الأمن والاستقرار للمنطقة هو أمر ضرورى وشرط أساسى للتنمية والازدهار، تلك التنمية التى تنعكس بشكل مباشر على التنمية الاجتماعية وفى مقدمتها الرعاية الصحية والتعليم.
عمل البرلمان قد يكون أحد أهم عوامل انتعاش الاقتصاد المصرى، لما يوفره من استقرار سياسى فى البلاد، ومن ثم إعطاء ثقة للمستثمرين الذين يبحثون عن الاستقرار لاستثماراتهم فى ظل عدم الاستقرار التى تسود كثير من مناطق العالم، إلى جانب دور البرلمان فى الرقابة التى تعتبر مقياسا مهما للشفافية، ولكن فى نفس الوقت يتوجب على البرلمان إقرار حزمة من التشريعات التى من شأنها جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال التخفيف من الإجراءات البيروقراطية، وإعطاء أولوية للاستثمارات كثيفة العمالة لامتصاص أكبر عدد من العمالة العاطلة والمساهمة فى حل المشاكل الاجتماعية الناتجة عن تلك البطالة.
تسهم السياحة بنحو 12% من الناتج المحلى الإجمالى، كما تساهم بتوفير نحو 20% من النقد الأجنبى للخزينة المصرية، إلى جانب ما يوفره هذا القطاع من حلول لكثير من المشكلات الاجتماعية الناتجة البطالة، حيث كان يقدر عدد العاملين فى القطاع السياحى بنحو 3.5 مليون عامل، قبل انهيار ذلك القطاع الحيوى، الأمر الذى أدى إلى تسريح عدد كبير من العاملين فيه، لينضموا إلى صفوف العاطلين.
ولذلك فإن الجانب الآخر لحالة الاستقرار الناتجة عن عمل البرلمان هو توفير المناخ الملائم لعودة السياح إلى لمصر، من خلال التأثير فى الجانب النفسى للسياح، بما يعكسه الاستقرار السياسى من مناخ عام بأن البلاد تعيش حياة طبيعية، واستقرار سياسى والذى بدوره ينعكس على الاستقرار الأمنى، إضافة إلى دور البرلمان فى إقرار التشريعات التى من شأنها تنشيط السياحة الداخلية.
وإذا كان للبرلمان دوره الكبير فى توفير المناخ السياسى المؤثر بشكل فعال فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فإن الانفتاح على الأسواق الجديدة للسياحة، وجذب الاستثمارات تعد من أهم الواجبات التى يجب أن تقوم بها الحكومة فى الفترة المقبلة، فلا ينكر أحد أهمية أسواق الدول الكبرى سواء من حيث حجم الاستثمارات أو من ناحية أعداد السياح القادمين منها، لكن مع الهزات العنيفة التى تعرضت لها السياحة المصرية جراء بعض الأحداث الأمنية، أصبح من الأهمية التوجه نحو الأسواق الجديدة خاصة فى القارة الآسيوية، وإن كانت صغيرة، إلا أنها مجتمعة تمثل أسواقا كبيرة، كما تعد تنوعا ضروريا ومهما لسوق السياحة المصرية لمواجهة أى هزات أخرى فى المستقل.
كما أن الأسواق السياحية الجديدة من شأنها أن تفتح آفاقا أوسع للتعاون فى مجالات أخرى، حيث تعتبر السياحة فى حد ذاتها من أكبر وسائل الترويج للفرص الاستثمارية والتجارية مع تلك الدول، خاصة أن الأسواق الآسيوية الآن تشهد نموا ملحوظا فى كافة المجالات، فى ظل القيادة الصينية المرتقبة للاقتصاد العالمى فى الفترة المقبلة، رغم ما يشهده الاقتصاد الصينى الآن من حالة تباطؤ، إلا أن الخبراء يؤكدون أن هذا التباطؤ هو لفترة مرحلية وعابرة.