الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

عزل المفتي مقابل زيارته للقدس




أثارت زيارة علي جمعة مفتي الديار المصرية إلي القدس أمس موجة انتقادات واسعة اعتبرت الزيارة بمثابة تطبيع مع إسرائيل علي المستوي الديني واعتراف بشرعيتها في السيطرة علي القدس وقبول ذلك كأمر واقع، وذلك لأن الدخول والتحرك داخل الأراضي المحتلة يتطلب تأشيرات وتصريحات من قوي الاحتلال الإسرائيلي.
فمن جانبه أعلن مجمع البحوث الإسلامية رفضه زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، وقال في بيان له عقب جلسته الطارئة لمناقشة زيارة مفتي الجمهورية د.علي جمعة للقدس: اجتمع مجمع البحوث الإسلامية في جلسته الطارئة بمشيخة الأزهر حيث ناقش زيارة المفتي للمسجد الأقصي والمجمع يعلن موقفه الرافض لزيارة القدس والمسجد الأقصي وهو تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف البيان: إن الأزهر استمع لمفتي الجمهورية وملابسات زيارته التي قال فيها إنه قام بالزيارة بصفة شخصية وغير رسمية، وأن الزيارة كانت في إطار علمي لافتتاح وقف الإمام الغزالي ولم يحصل علي تأشيرة إسرائيلية، كما لم يكن هناك أي حراسة إسرائيلية.
وشدد البيان بعد سماعه لملابسات زيارة المفتي فإنه يعاود التأكيد علي قراره الرافض لزيارة القدس والمسجد الأقصي وهو تحت الاحتلال الإسرائيلي.
 
في المقابل أكد د.علي جمعة مفتي الجمهورية أن زيارته للقدس جاءت فجائية ولم يكن مرتباً لها ولم يستطع أن يرفضها خاصة أنها لم تكن تحت أي سلطة إسرائيلية، إلا أنه اعتبر تلك الزيارة من النادر الذي لا يقاس عليه.
وقال جمعة في مؤتمر صحفي عقب انتهاء جلسة مجمع البحوث الإسلامية لتوضيح موقفه من الانتقادات التي وجهت له بسبب زيارته للقدس: «إن مرجعيتنا جميعًا هو مجمع البحوث الإسلامية، وقد تناقش المسألة واستمر علي دعمه بعدم جواز السفر للقدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي وما يترتب عليه أخذ التأشيرات من المحتل الإسرائيلي الذي يعد نوعًا من أنواع التطبيع».
 
واستطرد: زيارتي الشخصية التي كانت من الجانب الأردني وتلبية لدعوة الملك الأردني عبدالله التي لم أر فيها أي إسرائيلي حتي دخلنا لبيت المقدس لم يختموا علي جوازي لا في الدخول ولا في الخروج، وكانت الحراسة أردنية، ومنّ الله عليّ بالصلاة في القدس وصليت بالناس الظهر والعصر ولم أقصر الصلاة، وأعتبرها منة من الله، وليس تحت علم التطبيع ولا علم إسرائيل بل القدس هو قطعة منا جميعًا ولم تكن الزيارة رسمية ولكنها شخصية لا تمثل الأزهر ولا دار الافتاء وكانت مفاجأة لي أن عرض علي الأمر ولم أستطع رفضه لأن القدس هي جزء منا وهي الراية التي يجب علي العرب والمسلمين أن يحرروها ويؤكد علي الطغيان الذي يحدث فيها تحت الاحتلال.
وشدد المفتي علي أن زيارته كانت فيها معان كثيرة استمعنا فيها للمقدسيين الذين يستغيثون من أفعال الاحتلال والنادر لا يقاس عليه ونرجو أن يمن الله علينا بزيارة أخري للمسجد الأقصي بعد أن تكون القدس قد تحررت.
وأضاف: إن رسالة المقدسيين لنا والاستغاثة بنا جميعًا علينا ألا ننساها والقدس عزيزة علينا ويجب ألا تضيع منا ويجب علينا الاستنهاض.
 
وعن اعتبار الزيارة ضوءًا أخضر لزيارة القدس أوضح د.جمعة: أن كل حالة لها ما فيها والنادر لا يقاس عليه فزيارتي نادرة لا تحدث، مشيرًا إلي أنه لا ينبغي أن نخوَّن بعضنا بغضا لأن بعضنا خالف، ويجب علينا جميعًا ألا نترك القدس.
وحول رفض الإخوان والسلفيين لزيارته القدس قال: «إن هذه وجهة نظرهم، ولم أكن أستطيع رفض الدعوة لزيارة القدس، مؤكدًا أنه ضد التطبيع، وأن المقدسيين جميعهم يطالبون بزيارة المسلمين للأقصي لنصرته، لكن نلتزم بمسألة الزيارة في السياق المصري.
يأتي ذلك فيما نظم طلاب جامعة الأزهر مسيرة حاشدة في المدينة الجامعية لجامعة الأزهر احتجاجًا علي زيارة علي جمعة إلي المسجد الأقصي معتبرين الزيارة نوعًا من أنواع التطبيع الذي يرفضه طلاب الأزهر رفضًا قاطعًا، وفي كلمتهم خلال المؤتمر عبر الطلاب عن استيائهم الشديد جراء ما حدث من المفتي رافضين أي اعتذار إذا كان أدني من إقالة المفتي.
وعلي المستوي الفلسطيني شن الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس وخطيب المسجد الأقصي هجومًا شرسًا علي جمعة واصفًا هذه الزيارة بالسرية وغير القانونية، التي يجب عزل الشيخ جمعة إثرها.
 
وأوضح صبري الذي كان يتحدث مع إذاعة الشمس العربية في إسرائيل أن الزيارة كانت غير معلنة وسرية، وبالتالي فهي غير قانونية.
كما أكد الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني أنه فوجئ بزيارة الشيخ علي جمعة، إلي القدس ووصفها بأنها في غير توقيتها الطبيعي، مؤكدًا أن السلطات الإسرائيلية هي التي تسمح أو لا تسمح بالدخول إلي المسجد الأقصي وليس الديوان الملكي الأردني، كما صرح مستشار المفتي.
وأضاف في تصريحات تليفزيونية: إن الشخصيات الرسمية أمثال جمعة لن تدخل القدس إلا في حماية أجهزة الأمن الإسرائيلية المتمثلة في الشرطة والمخابرات، قائلاً: أعيب علي مفتي الديار المصرية أن يقع في مثل هذا المطب، وتساءل عن سبب عدم مجيء هذه الزيارة قبل الثورات العربية الأخيرة، وإذا كانت زيارة المفتي للمسجد الأقصي للاطلاع فقط، وفقًا لما صرح به مستشار المفتي.. فهل يخفي علي أي عربي أو مسلم ما يعيشه الأقصي من احتلال وتضييق؟!
كما أكد أن الاحتلال الذي تعيشه القدس مسئولية تتحملها الأمة العربية كلها وليس المفتي المصري أو الأردن وحدهما، مشيرًا إلي أن مثل هذه الزيارات تكررت أكثر من مرة، بما يمثل ظاهرة تريد المؤسسة الإسرائيلية من خلالها أن تؤكد للجميع أنها صاحبة السيادة علي المسجد الأقصي.
وحول اصطحاب الشيخ محمد حسين مفتي القدس للشيخ علي جمعة في زيارته المفاجئة، أوضح الخطيب أن حسين موظف في مؤسسة فلسطينية دعت من قبل إلي تكثيف زيارات العرب والمسلمين للقدس، ولكن هذه الدعوات كانت ردًا علي الفتوي الجريئة للشيخ القرضاوي، رئيس اتحاد العلماء المسلمين، حول زيارة المسلمين والعرب للقدس.
 
وختم الخطيب حديثه قائلاً: هناك من يقول إن مثل هذه الزيارات تمثل دعم معنوياً لأهالي القدس، ولكن لماذا يقف الإسرائيليون الآن بالمرصاد للمتضامنين الأجانب الذين يأتون لتقديم الدعم للفلسطينيين في قضية الجدار العازل والمستوطنات.. لماذا يمنع هؤلاء الذين يأتون لمساعدة الفلسطينيين ويسمح لشخصيات في مصر بزيارة القدس، وهذا يعني أن هذه الجموع العربية والإسلامية والفلسطينية أنها ستبقي تحت نظر وعين الاحتلال الإسرائيلي، وأن من يتصور أن وصول الآلاف من المسلمين العرب إلي القدس لخلق واقع جديد فهو مخطئ وواهم.
وعلي الصعيد الداخلي شنت جماعة الإخوان المسلمين هجومًا حادًا علي د.علي جمعة وقال د.أسامة ياسين الأمين العام لحزب الإخوان ورئيس لجنة الشباب بمجلس الشعب إنهم يرفضون بشكل قاطع الزيارة التي قام بها المفتي، مهما كانت المبررات والأسباب، معتبرًا أنها تمثل كارثة حقيقية وضربة موجهة للجهاد الوطني الذي نجح في إفشال كل محاولات التطبيع طوال السنوات الماضية.
وأضاف ياسين: إن النظام السابق الذي يتمتع بعلاقات متينة مع قادة إسرائيل قد فشل في فرض التطبيع علي الشعب المصري، وبالتالي فإنه ليس مقبولاً أن تحدث مثل هذه الزيارة بعد الثورة التي شهدت توافقًا بين الموقف الشعبي والرسمي الرافضين لوجود أي علاقات مع الكيان الإسرائيلي طالما استمر الاحتلال والاستيطان وحصار غزة.
 
وتابع د.ياسين في تصريح صحفي أن مفتي الديار المصرية عندما ذهب للمسجد الأقصي خالف كل الفتاوي الصادرة من علماء المسلمين ومن بينهم الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، مضيفًا أن د. جمعة لم يكن يمثل نفسه، وإنما يمثل أحد المسئولين في المؤسسة الدينية الرسمية، وبالتالي فإن ما قام به لا يقبل تبريره ولا يمكن تمريره بل يجب مساءلته بالشكل الذي لا يسمح بتكرار مثل هذا الموقف من أي شخصية اعتبارية رسمية بما فيه إضرار بالقضية الفلسطينية ولا يخدمها بأي حال من الأحوال.
من جانبه أدان حزب الوسط زيارة مفتي الجمهورية إلي القدس، حيث اعتبر عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط ورئيس الهيئة البرلمانية له بمجلس الشعب أن تلك الزيارة جاءت لتقسم الأمة إلي نصفين.
وأضاف سلطان: إن التواصل الذي يقصده الفلسطينيون ليس ما فعله المفتي، إنما مساندتهم ومواجهة العدوان الغاشم الواقع عليهم ومواجهة عمليات تهويد المقدسات.
وفي نفس السياق هاجمت الجبهة السلفية علي جمعة ووصفته بأنه وصمة عار علي جبين الأزهر الشريف، وقال خالد سعيد المتحدث الرسمي للجبهة السلفية إن زيارة علي جمعة مفتي الجمهورية لمدينة القدس المحتلة بمثابة الخزي والعار لمفتي فلول النظام السابق وما حدث ليس بغريب علي رموز النظام البائد.
 
وأضاف سعيد إن الشيخ جمعة مفتي المسلمين ذهب بتأشيرة للتطبيع مع الكيان الصهيوني في حين أن البابا شنودة الراحل كان يمنع الأقباط من زيارة القدس، واصفًا هذه الزيارة بأنها سابقة خزي وعار.
وأوضح سعيد أن الجبهة ستطالب بعزل علي جمعة فورًا باعتباره أحد الأشخاص الذين قام بتعيينهم نظام مبارك بشتي الطرق عن طريق الأعضاء السلفيين بمجلس الشعب، مشيرًا إلي أنهم سيطالبون بإسقاط شيوخ الفلول الذين تم تعيينهم من قبل النظام السابق وعلي رأسهم الشيخ علي جمعة مفتي الجمهورية وأحمد الطيب شيخ الأزهر.
 
كما هاجم الشيخ ياسر البرهامي نائب رئيس الدعوة السلفية الزيارة التي قام بها علي جمعة للقدس المحتلة حيث قال برهامي: إن تلك الزيارة تعني أن مفتي الجمهورية يطبع مع إسرائيل وهو ما يعتبر ضد الإرادة الشعبية والوطنية وإضعافًا للقضية الفلسطينية، وخيانة لها، وذلك لأنها تعطي شرعية علي الكيان الصهيوني باعتبار أن القدس مازالت محتلة، ولم تحرر أي أن أي زيارة لها تعتبر زيارة لإسرائيل، ومن ثم فقد يعطي ذلك طابعًا بأن المؤسسة الأزهرية وهي أكبر هيئة دينية إسلامية في الشرق الأوسط تبارك دولة إسرائيل وتتعامل معها كدولة، خاصة أن زيارة القدس تستوجب الدخول بختم إسرائيلي وموافقة منها وهو ما يدخل في إطار التعاون.
وقد طلب برهامي من المفتي أن يقوم بالاعتذار إلي الشعبين المصري والفلسطيني، وهذا أبسط ما يقوم بفعله ردًا علي تلك الزيارة.
وفي نفس السياق هاجم حزب النور المفتي بسبب تلك الزيارة وطالب بمحاسبة المفتي علي ذلك الأمر، حيث طالب يونس مخيون النائب البرلماني عن حزب النور بأن يتم عزل المفتي من منصبه بسبب ذلك الأمر.
 
وعلي المستوي الرسمي أكد د.شاكر عبدالحميد وزير الثقافة في تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أنه لن تتم مناقشة الزيارة وما تبعها من جدل في اجتماع مجلس الوزراء.
في المقابل يتجه اتحاد الكتاب لفصل المفتي من عضويته لتجاوزه قانون الاتحاد، وقال محمد السيد عيد عضو الاتحاد أدعو اتحاد الكتاب لعقد لجنة تحقيق عاجلة لما حدث. موضحًا أن قانون الاتحاد يسمح بالفصل نظرًا لرفض التطبيع مع إسرائيل مؤكدًا رفضه للزيارة التي جاءت علي حد وصفه في توقيت غير مناسب، مشيرًا إلي أن المفتي من المفترض أنه يمثل قدوة للمسلمين. متسائلاً: ماذا يحدث إذا قلده الآخرون وشدوا جميعًا الرحال إلي المسجد الأقصي الذي سيكون بذلك بمثابة تطبيع مع إسرائيل ويسهم في تحسين صورتها أمام العالم؟!


 

مظاهرات طلاب الأزهر ضد الزيارة