الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«محبى الفنون الجميلة» تحتفى بـالفنان «قاهر الحديد»

«محبى الفنون الجميلة» تحتفى بـالفنان «قاهر الحديد»
«محبى الفنون الجميلة» تحتفى بـالفنان «قاهر الحديد»




كتبت - سوزى شكرى

احتفت جمعية محبى الفنون الجميلة مؤخرا  بـ «قاهر الحديد»  الفنان صلاح عبد الكريم 1925 - 1988، وذلك ضمن البرامج الثقافى الذى تنظمه الجمعية، وقد أقيمت الاحتفالية بحضور د.احمد نوار رئيس الجمعية، والأمين العام الفنان د.رضا عبد الرحمن، مقرر اللجنة الثقافية الناقد الفنى محمد كمـال، وادارالندوة وتحدث فيها د.أشــرف رضــا الأستاذ بكلية الفنون الجميلة ونائب رئيس الجمعية وآخر تلاميذ الفنان صلاح عبد الكريم، كما تحدث الدكتور أحمد حسنى أساتذة الديكور بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة احد أصدقائه، كما تحدثت  الناقدة الدكتور هبة الهوارى.

 

فى البداية تحدث الدكتور احمد نوار عن صلاح عبد الكريم الفنان والأستاذ حيث وصفه بالمتألق فى كل المجالات الفنية من رسم وتصوير ونحت وجداريات وديكور وأنه صاحب أداء متميز استطاع التعبير الفنى وان اختلفت الأدوات والتقنية إلا أن الكفاءة الفنية والتشكيلية والفكرية والبنائية والتنظيمية أضفت على إعماله صفة البقاء، وتميز فى مجال النحت حيث كان يعيد تجميع صياغة المخلفات والخردة ويحولها إلى  مفردات وموضوعات عضوية، فقد استلهم من الخردة واقعًا جديدًا، مثل «صيحة الوحش»، «السمكة» التى كونها من مخلفات الخردة القريب من الشكل الهندسى التكعيبى وهو مذهبة الذى أبدع منه العديد من الأعمال.
قدم الفنان الدكتور أشرف رضا  السيرة الذاتية والمحطات الفنية فى مشوار «عبد الكريم» الفنى كما عرض فيلمين، الأول لمعظم أعمال الفنان صلاح عبد الكريم فى الرسم والاسكتشات، النحت، التصوير، الخزف، وتصميم الأزياء، ديكور المسـرح، والرسوم الصحفية،  والفيلم الثانى بعنوان «قاهر الحديد» وصور ولقطات نادرة  عن حياته صلاح عبد الكريم حيث اختم الفيلم بكلمة قالها الفنان صلاح عبد الكريم قبل رحيله «لقد فقدت عينى وكسبت فنى».
وقال عنه د.أشرف رضا: لم يكن «عبد الكريم» فنانًا معتادًا أو نمطيًا ولم يعرف الفصل بين مجالات الفنون بل تمكن بادراك ووعى وثقافة من الربط بين المجالات الفنية، فى أعمال الديكور التى قدمها نرى وجود الجدراية النحتية جزء لا ينفصل من العمارة الداخلية للمكان مثل التى نفذها لبعض الفنادق الشهيرة فى مصر مثل فندق فلسطين بالإسكندرية وغيرها، وفى ديكور المسرح  قام بعمل ديكور للمسرحيات العالمية التى كانت تقدم بالمسرح المصرى مثل «ماكبث»، أضاف لأول مرة  فى المسرح المصرى تقنيات الإضاءة التى تخدم دراما المشهد والإبهار الجمالى وتعامل مع كبار المخرجين مثل المخرج  سعد أردش والمخرج كمال يس وغيرهما، وكان من الطبيعى بالنسبة لفنان صلاح عبد الكريم أن يهتم بالأزياء باعتبارها تأتى استكمالاً للشكل المسرحى الذى يخدم المضمون، فصمم العديد من الأزياء الجمالية والابتكارية ونفذت كلها، فترة إقامته بالخارج أضافت له ثقافة واطلاع على كل جديد،اما الإعمال النحتية التى ابهر بها العالم كلة وهى استخدامه لمفردات الخاصة بالخردة والتى يخرج منها أشكالا فنية مثل «صيحة الوحش» وهى صرخة صامته للوحش، العمل مكون من أجزاء من قطع غيار  السيارات وخردة قديمة التى كانت تباع بوكالة البلح و لا يلتف إليها إلا صلاح عبد الكريم  والنسخة الأصلية من العمل موجودة فى المتحف الفن الحديث، الحصان، السمكة، صراع الديوك، النسر، البومة  ذلك العمل الفنى المكون من مجموعة من  المسامير الذى منحه الشهرة وحصل به على جائزة البينالى كما نفد البومة بالنحاس المطروق بالخزف، وله أيضا جدراية الإصلاح الزراعى، وتمثال «الأسرة» الذى اخذ منه شعار تنظيم الأسرة، أما تمثال «الصناعة والعمل» والذى كان مسابقة وكسر فيه قالب النحت والذى أخذت منه جامعه حلوان شعاراها من الجزء العلوى وهو المعبرة عن «التكنولوجيا» فى شكل كرة.
كما تحدث الفنان د.حازم فتح الله عن ذكرياته مع صلاح عبد الكريم وعن إبداعاته فى الرسوم الصحفية ورسوم والاسكتشات وقال: الفنان صلاح عبدالكريم فكرة راقية تجسدت على الأرض وعاشق لكلية الفنون الجميلة، رفض المناصب من اجل الفن حين عرضت عليه رئاسة جامعة رفض وتمسك بالفن، وأتذكر انه كان يعمل فى فناء الكلية وكنا نستغرب من القطع التى نراها ولا يمكن لنا أن نتوقع أن هذه القطع سوف تكون عمل فني،  كان يبحث عن تماثيله داخل هذا الحجر لذلك نراه باحث عن أشكاله فى وليس العكس، رسوماته الصحفية والاسكتشات نفذها بالألوان بالأقلام الفلوماستر ويراعى المنظور والأبعاد والظل والنور، تناقشنا كثيرا حول تأثره بتكعيبية بيكاسو، مع أن بيكاسو نفسه كان متأثر بـ«جيكومتى» ولا عيب هنا فى التأثر على أن يكون للفنان أسلوبه الخاص بعد التأثر مثلما فعل صلاح عبد الكريم،  وهو عاش أبهى عصور الفن المصرى حيث رافقه فى نفس الفترة الزمنية الفنان بيكار وحامد ندا وعبد الهادى الجزار.
وأكمل «فتح الله»: كتب بيكار فى مقدمة  مقاله إلى الفنانون صلاح عبد الكريم! وقال عنه انه أربع فنانين فى وقت واحد، صلاح عبد الكريم المصور، المثال، الخزاف، المصمم، وان أرادت أن تتقابل مع الأربعة سوف تجد شخصًا واحدًا يقابلك فى تواضع وأدب وفن وثقافة وسوف تدرك أن هذا الشخص هو أربعة فنانين مجتمعين، وأثبت أن بالموهبة تصنع الفنون».  
 وأضاف «فتح الله»: الفنان الراحل المصور والجرافيكى كمال أمين الذى سافر معه، لبعثات الخارج، كان قد سبقه فى الرسوم الصحفية، وصلاح عبد الكريم رسم فى جريدة الأهرام قصص لكتاب كبار من بينهم نجيب محفوظ وكان الواقعية منتشرة فى الرسوم الصحفية، أضاف عبد الكريم المذاهب الفنية الرمزية والتكعيبة وتأثير الملامس فى الرسوم كان مما يميز رسوماته،  ففى هذه الفترة كان الفنان عبد السلام الشريف وعبد الغنى أبو العينين من مبدعى الفن الصحفى  والإخراج الصحفى الذى أعطى للرسام  الصحفى مساحة للإبداع بجانب النصوص.
 أما الجانب الشخصى الإنسانى فهو يحمل جانبًا من أسمه فهو «كريم» فى فنه وعطائه، يجيد صناعة النجم، كان لدية حس فنى خاص يمكنه أن يستنتج أن هذا الشاب سوف يكون فنانًا حقيقيًا، يعلم الشباب بمحبة ويقدم لهم الكتب التى كان يشتريها من سفرياته، فنان لا يخبل بالثقافة والمعرفة على الجميع بصرف النظر عن تخصص كل منهم،  وكان عاشقًا لصوت الفنانة «نجاة الصغيرة» و«أم كلثوم»، وهناك جانب إنسانى آخر فهو كان يحب «القطط» وخصوصا قطط الكلية، فكان يعطى الفراش المال ليطعم القطط ويهتم بها.
كما تحدثت الناقدة د.هبة الهوارى عن الأعمال التشكيلية لفنان صلاح عبد الكريم  وأنه شخصية لا تتكرر يحمل بأعماقه الشخصية المصرية وحضاراتها العريقة مهما تأثر بفنون الغرب ومهما سافر إلا أن له ما يميزه وما يعبر عنه بصدق فنى وأمانه تشكيلية، وألوانه لها تركيبة وطبقات خاصة كونها تشابه الإحساس النحتى التكعيبي، لوحاته لا تنفصل عن الفكر النحتى فى البنائية والهندسية والتكعيبة، رغم وجود ألوان الساخنة بجوار الباردة إلا أنه حذر فى لقاء الألوان على المسطح التصويري، من الصعب أن نجد فنانًا متصالحًا مع جميع المجالات الفنية ويمكنه التعامل معها بدون حواجز رغم اختلاف التقنيات والأدوات والخامات إلا أنه خاضها جميعاً، نجد فى لوحاته التشكيلية إتقان وتميز ودقة فى تفاصيل رسوم الأزياء وديكور المسرح والتصميمات، كلها مجالات خدمت التشكيل، فنان نادر فى اختياره للمذهب التكعيبى وإتقانه التعبير به فى التشكيل والنحت والتصميم والخزف وديكور المسرح والرسوم الصحفية.