الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جبل ناعسة.. باطنية إسكندرية

جبل ناعسة.. باطنية إسكندرية
جبل ناعسة.. باطنية إسكندرية




الإسكندرية - إلهام رفعت


جبل ناعسة بالإسكندرية منطقة سيئة السمعة نتيحة وصمها بأنها مأوى تجار ومتعاطى المخدرات لذلك يتبرأ سكانها من ذكر الإقامة بها ويضطرون لإعطاء أى سائل ومتعامل معهم اسم أى شارع قريب من المنطقة التى تقع فى قلب حى كرموز أقدم أحياء الإسكندرية وأكثرها تعرضاً للاهمال.
عندما ذهبت لإعداد هذا الموضوع عن جبل ناعسة كان حتمًا على أن أستعين بشخص من المنطقة لأن للغرباء رهبة تمنعهم من الوصول للحقيقة اصطحبت أسامة الجمال شاب من كرموز يعرف بعض أهالى الجبل وينتمى إلى مجموعة يطلق عليها  «كوماندوز» للمساعدة فى عمل الخير وتوصيله للغلابة من أهالينا واستمرت جولتنا لأكثر من 3 ساعات وكانت المفاجأة التى أوجعت قلوبنا أن أهالى الجبل بعيدون كل البعد عن أعين الأجهزة التنفيذية ولايرون أعضاء البرلمانات إلا أثناء الانتخابات طمعًا فى أصواتهم.
ورغم ما يشاع عن العائد المغرى لتجارة المخدرات إلا أنهم أفقر سكان الإسكندرية.
«روز اليوسف» رصدت مآسى وأحزان جبل المخدرات.
يقول أحمد العربى صاحب «قهوة العربى» عائلتنا من أشهر عائلات الجبل ووالدى الله يرحمه كان كبير المنطقة وأمين شياخة الدائرة أيام الحزب الوطنى شهرة الجبل فى تجارة المخدرات جاءت بالوراثة فابن تاجر المخدرات يحترف تجارة  مخدرات لكن فيه ناس محترمة وعائلات معروفة فبالنسبة لعائلتى طول عمرنا أصحاب قهاوى وأنا ورثت مهنتى عن والدى.
ويتهم العربى الحكومة بأنها أهملت المنطقة تماما وأمس اشتعلت كابلات الكهرباء وعناية الله أنقذتنا جميعا من كارثة.. مشيرًا إلى أن  كابلات الضغط العالى معلقة بين البيوت على «مزراب مأسورة صرف المياه» ومناشر الغسيل ورصدت «روزاليوسف» هذا المنظر بالصور فى جميع شوارع الجبل.
ويضيف أحمد راشد سائق و«شهرته أحمد كانيش» قائلا: منطقتنا زى كل منطقة فيها الحلو والوحش وشبابنا من غير عمل متسائلاً ماذا يفعل الشاب لما يلاقى نفسه بدون عمل يلجأ إلى  تجارة المخدرات.
وأوضح راشد أن المحبة والخوف على بعض مازالت موجودة ولايزال الكبير له هيبته ومكانته فى الجبل ويحل المشاكل بين الأهالى وأحيانًا يلجأ له قسم الشرطة لحل المشاكل.
وقال: كلنا عندنا مشاكل ولا أحد يسأل فينا أنا ساكن فى شقة بشارع الحماسة كانت ملك تاجر مخدرات قديم وفرضت عليها  الحراسة ومعى عقد إيجار من الحراسات وفوجئت بخطاب أنه سيتم عمل مزاد على الشقة  وغيرها ومطلوب منى حضور المزاد للمزايدة على شقتى التى أسكن فيها وأدفع إيجارها 5.5جنيه شهريا  أعمل إيه ولمين ألجأ.
وتساءل راشد هل يعقل أدخل مزايدة على شقة أسكن فيها وادفع منين الزيادة.
وتشير إيمان أيوب من سكان كرموز إلى أن جبل ناعسة معروف عنه أنه وكر للمخدرات وكبرنا فى المنطقة على ذلك ولكن منذ عدة سنوات تقلصت هذه التجارة التى كانت تتم بصورة علنية وأهالى الجبل أنفسهم هم من قاموا بمنع بيع المخدرات وكذلك المتابعة الأمنية المستمرة للمنطقة.   
وأشارت إيمان إلى أن المنطقة ليست جبلا بالمعنى الحقيقى ولكنها منطقة مرتفعة عن مستوى الأرض مؤكدة أنها تمر من الجبل دون خوف منذ الصغر لأن بالقرب منها سوقاً.
أكدت أن الجميع يراعى الجيرة ولا يؤذون بنات وأولاد منطقتهم وأشارت إلى أن هذه الروح موجودة فى المناطق الشعبية ولم تتأثر.. لافتة إلى أن منطقة كرموز عامة وجبل ناعسة أعلنى من تهالك المبانى وشبكات المرافق من صرف صحى وكهرباء ومياه.
وطالبت بضرورة أن يتم تنفيذ مشروع تطوير حضارى لمنطقة الجبل على غرار المشروع الحضارى الذى تقيمه القوات المسلحة بمنطقة غيط العنب لتسكين مساكن العشش.  
ويروى الحاج إبراهيم حسن إسماعيل حكاية الجبل قائلاً: كان زمان فيه حشيش وأفيون، سمعة الجبل زى الباطنية ما حدش يدخل غير أهله المعروفين وكان فيه معلمين كبار كلهم ماتوا ولم يبق غير الصغار  ودول غلابة ومكسبهم قليل ومن التسعينيات الجبل اختلف وأهله نفسهم يرفضون المخدرات والسمعة السيئة لجبل ناعسة الذى يضم حوارى «سعوداية والروضة والنيل وخط مصفية» ومساحته كبيرة وناعسة دى كانت أول واحدة تسكن الجبل.
وكانت جزارة وأولادها وأحفادها مازالوا يعملون فى الجزارة وهى عيلة محترمة بعيدة عن المخدرات تمامًا ويقولون إن أصلها ليبى وجاءت استوطنت الجبل ومازال لها أصول وأهلها يسكنون منطقة الحمام ثم جاء الصعايدة من بنى سويف عائلات المراغة وديره والبصلية وعاشوا فى الجبل وعمروه.
وتقول الحاجة علية من سكان شارع 12: كنا نخاف ونحن صغار الخروج ليلاً والمشى عند جبل ناعسة لوجود باعة مخدرات الحشيش والافيون يقطعون بضاعتهم ويبيعونها (عينى عينك) دون خوف وكنا نرى وجوها غريبة تأتى للشراء وسمعت أنه دلوقتى فيه بودرة وكوكايين ربنا يكفينا شرهم ولفتت إلى أن الحملات الأمنية بالجبل مستمرة ولكنهم يأخذون الغلابة وأن الشرطة تظلم الناس ومازالت تعامل أهل الجبل على السمعة القديمة وتاخد العاطل مع الباطل شباب زى الورد ورغم انكار الكبار لوجود تجارة المخدرات بالمنطقة إلا أن الشباب كان له رأى آخر.. يؤكد هيثم حسن 29 سنة أنه عمل بتجارة المخدرات منذ الصغر وترك المدرسة من تانية ابتدائى ووالدى غلبان وليس له أى علاقة بالتجارة إلا أنه يحترفها لسهولة تواجدها أمامه.
 وقال هيثم: الحشيش أمامى ليل نهار يقطع ويباع فى العلن ومكسبه كويس مما جعلنى أحترفها ودخلت السجن قضيت عقوبة سنة فى حاجة ثانية غير الاتجار وعايز أعيش بشرف لانى متزوج وعندى طفلان لم أستطع استخراج رخصة قيادة مهنية لأنها تتكلف أكثر من 3000 جنيه و»السابقة» عائق فى طريقى.
وأضاف هيثم: لا تسمعى ما يقولونه عن تغيير الجبل وانتهاء تجارة المخدرات به كل شىء موجود وكل أنواع المخدرات موجودة وهى الشغل الأسهل والأربح مضيفًا أنه ويعمل حتى يستطيع توفير 40 جنيها آخر النهار يأكل بيها عياله وأقسم بالله أريد  عملاً شريفًا ولكن من يساعدنى؟
نفس الكلام سمعته من  محمد نبيل 27 سنة قضى عقوبة سنة ويريد عملاً ولا يجد وشباب كثير من أهل الجبل يعانون من ذلك.
وأكد محمد أن رخصة القيادة المهنية صعبة جدًا ولذلك فإن 75% من أهل الجبل يقودون سيارات ميكروباص دون تراخيص.
وخلال الجولة  بالجبل التقيت ياسمين السيد لا تعمل وتقيم فى حجرة صغيرة وقالت: البيت الذى أسكنه وقع من 15 سنة وهو بيت ورثه أهل زوجى ومختلفين وأهل المنطقة جمعوا وبنوا لى الحجرة أعيش فيها مع بناتى الخمسة وأختى وأولادها.
وتطالب ياسمين بسكن آدمى يأويها مع بناتها
وأوضحت أن البيت إنهار على زوجها وتوفى ولا أحد يسأل فيها ولم تحصل على أى تعويض.  
ويقول أشرف السيد حسن: بيتى بيقع من أسبوع واتصلت بحى غرب وحتى الآن لم تحضر المهندسة المسئولة لمعاينة البيت وكتابة تقرير هل تنتظر حتى ينهار تماما على وعلى زوجتى وأولادى السبعة.
ويشير أسامة الجمال إلى أن المنطقة كلها منازل قديمة ومتهالكة ويسكنها مواطنون فقراء وعندما تنهار لا يستطيعون إنشاء بدلا منها نتيجة وجود مشاكل الوراثة والفقر الشديد ولذلك تحولت كلها إلى خرابات ومقلب قمامة.
ويطالب أحد سكان الجبل الذى رفض ذكر اسمه بتغيير مباحث مكافحة المخدرات كلها واستبدالها بآخرين عندهم دورات نفسية وتربوية حتى يستطيعون التعامل مع الناس.
وقال: عندما تقول لضباط المباحث عايزين نتوب ونشتغل شغل شريف يردون علينا لما انتم تتوبوا احنا نشتغل إيه.. ياريت تنقذونا من المخبرين والضباط الذين يتعاملون معنا بقسوة بسبب سمعة الجبل.
بينما يرى الدكتور إبراهيم إمبابى رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لتطوير وتنمية المجتمع أن منطقة كرموز من المناطق القديمة جدا متهالكة المساكن وتحتاج إلى تطوير حضارى بالمنطقة وانتشار المخدرات والبلطجية يرجع لغياب دور الدولة.. مطالبا بضرورة بسط الدولة لسيطرتها على المنطقة وتوفير فرص عمل للشباب.
وأضاف إمبابى أن جمعيته تقدم مساعدات غذائية وتوعية سياسية وثقافية وتتبنى  مشروع محو أمية الحاسب الآلى.. مؤكدًا أن الجمعية تتلقى مساعدات كبيرة من القوات المسلحة وتقدمها مباشرة للمحتاجين  حتى نعمق الانتماء لدى المواطن حيث نعرفهم أن تلك المساعدات من قواتنا المسلحة.
من جهته يلفت محمد رمضان نائب البرلمان عن دائرة كرموز إلى أن جبل ناعسة جزء من كرموز ويحمل كل مشاكل الحى القديم الأثرى ويحتاج لنظرة من الدولة فالمرافق متهالكة والعشوائية اجتاحت الدائرة خلال السنوات الخمس الأخيرة مما ضاعف مشاكله ولابد من خطة لتطوير المنطقة بالكامل فليس منطقيا العشوائية  مؤكدا أن ذلك لن يتم فى يوم وليلة محتاجين خطة تطوير طويلة المدى بمساعدة الدولة.
وقال عضو مجلس النواب:  كنت رئيسا سابقا للمجلس المحلى لحى غرب ولى خبرة فى هذا المجال فالمجالس المحلية تراقب الخطط الموضوعة من الجهاز التنفيذى وتتابعها وكعضو فى البرلمان سوف أعمل على توصيل هذه المطالب للمسئولين وسأكون ظهيرا للمجالس المحلية فى المستقبل.
من جانبه يؤكد المحاسب محمد فهيم رئيس حى غرب أنه تولى رئاسة الحى منذ قرابة شهر فقط ورغم ذلك يعى تماما مشاكل الحى ومنها جبل ناعسة بكرموز.
وأوضح فهيم أن أهم مشاكل الحى تراكم القمامة وأنه يرفع قمامة متراكمة من ستة أشهر بمعدات الحى وشركة النهضة مع الاستعانة بمقاول ويتم رفع من 100 إلى 150 طنًا يوميا من حى غرب كله وتأتى مشكلة الأنقاض المتراكمة فى أراضى ناعسة وكرموز وغيرها من مناطق الحى على رأس مشاكل الحى.
لفت رئيس الحى  إلى أنه لا يستطيع رفع أنقاض المبانى  فى حالة عدم وجود مالكها لأن ذلك يعرضها لاستيلاء مافيا العقارات على الأرض ولذلك نتركها حتى يأتى مالكها ويطلب رفعها ونساعده بإحضار معدات مع تعهده بمحاسبة المقاول.. أما العقارات التى صدر بشأنها قرار هدم وبها سكان فنحن نرسل للسكان للإخلاء ومن يرفض يوقع إقرارًا بالإقامة على مسئوليته ولا نستطيع الإخلاء بالقوة الجبرية دون توفير سكن بديل وللأسف غير متوفر بالمحافظة عدد كاف من المساكن البديلة.
وأشار فهيم إلى أن مشروع القوات المسلحة الحضارى بمنطقة غيط العنب لنقل المساكن القديمة والآيلة للسقوط حول مركز الشباب وسوف تزال هذه العقارات وتدفع الدولة تعويضات لأصحابها وعمل مشروعات عليها وحتى الآن لا نعرف عدد الوحدات وهل يوجد فائض يمكننا من نقل سكان المناطق المجاورة الآيلة للسقوط هذا ما سنعرفه عند انتهاء المشروع ويمكننا حل أزمة كبيرة لسكان كرموز.