السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الدور الثقافى فى العلاقات (المصرية ـ الصينية)

الدور الثقافى فى العلاقات (المصرية ـ الصينية)
الدور الثقافى فى العلاقات (المصرية ـ الصينية)




أحمد عبده طرابيك  يكتب:

 اكتسبت زيارة الرئيس الصينى لمنطقة الشرق الأوسط أهمية كبيرة لدى الجانبين الصينى من ناحية، والدول الثلاث التى زارها ودول المنطقة من ناحية أخرى، كما يراقبها الكثير من خارج المنطقة باهتمام كبير، وذلك لعدة من الأسباب، أهمها أن هذه الزيارة هى أول زيارة للرئيس شى جين بينج لمنطقة الشرق الأوسط منذ أن تولى السلطة فى الصين، كما أنه زار أكبر وأهم ثلاث دول فى المنطقة، إلى جانب أنها تأتى فى ظل ظروف إقليمية شديدة الحساسية والأهمية، سواء من ناحية الموقف من الأزمة السورية والدور الذى تلعبه الدول الثلاث فيها إلى جانب الدور الصينى الهادئ، أو من ناحية تطور الأحداث بين المملكة العربية السعودية وإيران، كما أنها تأتى بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران، وانعكاس ذلك على سوق النفط باعتبار الصين أكبر مستورد للنفط فى العالم، أو على العلاقات الإيرانية الصينية من جهة، والإيرانية العربية من جهة أخرى.
 ما أريد أن أشير إليه فى العلاقات الصينية العربية عامة، والصينية المصرية بشكل خاص، هو الجانب الثقافي، حيث يشكل هذا الجانب أهمية كبيرة فى السياسة الخارجية للصين، باعتبار أن الثقافة هى المفتاح السحرى لكل جوانب العلاقات الأخري، فالعلاقات الثقافية هى التى تمكن كل طرف من معرفة وفهم الطرف الآخر بشكل جيد، وهو ما تعمل الصين على تطويره فى علاقاتها مع مصر والدول العربية الأخري، بالانفتاح الثقافى مع العالم العربى ونشر الثقافة واللغة الصينية من خلال المدارس الصينية التى توجد اثنتان منها فى مصر (فى شبين الكوم، السادس من أكتوبر)، ومعاهد كونفوشيوس والمراكز الثقافية الصينية.
إذا كان حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية يمثل المؤشر الذى يقيس حجم العلاقات بين الدول، فإن العلاقات الثقافية تمثل الطريق الذى تسير عليه العلاقات الاقتصادية، وغيرها من العلاقات الأخرى سواء كانت سياسية أو حتى عسكرية، ولذلك فإن الصين تسعى إلى محاولة فهم أعمق للعالم العربى ومصر فى مقدمتها من خلال العلاقات الثقافية، وهذا ما يفسر الاهتمام الصينى بالفعاليات والأنشطة الثقافية المكثفة والمتبادلة بين الجانبين، وخاصة هذا العام 2016، الذى تحتفل فيه كل من مصر والصين بمرور 60 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث دشن الرئيسان من مدينة الأقصر فعاليات العام الثقافى المصرى الصينى المشترك.
 فى ظل فعاليات العام الثقافى المصرى فى الصين، والعام الثقافى الصينى فى مصر، تمت ترجمة أعمال لكتاب مصريين بارزين للغة الصينية، وترجمة بعض الأعمال الصينية إلى اللغة العربية، كما تم الاتفاق على أن تكون الصين ضيف شرف مهرجان القاهرة السينمائى الدولى 2016، ومصر ضيف شرف مهرجانى بكين وشنغهاى السينمائيين الدوليين 2016، وإقامة أسبوع أفلام مصرية فى أكثر من مدينة فى الصين، وتفعيل العروض السينمائية التجارية بين البلدين، وعرض أهم الأفلام الصينية والمصرية فى تليفزيونى البلدين، وتوقيع اتفاقية أول إنتاج سينمائى مشترك بين البلدين، وتصوير أفلام سينمائية فى مصر والصين مع تقديم تسهيلات بهذا الشأن بين البلدين، وإقامة تعاون بين أكاديمية الأفلام ببكين والمعهد العالى للسينما بأكاديمية الفنون بالقاهرة، وتوفير منح دراسية ودورات تدريبية فى الصين للمختصين المصريين فى السينما.
وضع الصين علاقاتها الثقافية مع العالم الخارجى فى مكانة وأهمية متقدمة، يكمن فى الميراث الحضارى الصينى العريق الذى يتشابه إلى حد كبير مع الميراث الحضارى العربى كالحضارة المصرية وحضارة بلاد الرافدين، بخلاف الولايات المتحدة والدول الغربية التى تضع العلاقات الثقافية فى مرحلة ما بعد العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية، وهذا ما يفسر الاهتمام الصينى بالعلاقات الثقافية القائمة على فهم الآخر جيدا من خلال الفكر والثقافة. هذا الفهم الذى مكن الصين من تحقيق النمو والتطور الاقتصادى الذى وصل بها إلى أن تكون ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، حيث استطاعت غزو الأسواق الخارجية بانتاج السلع التى تحتاجها تلك الأسواق سواء من حيث التقنية أو الأسعار، وليس فرض ما تنتجه على الأسواق الخارجية، كما أنها استطاعت أن تجتذب كبريات الشركات العالمية إليها التى أكسبتها التقنية المتقدمة وتوفير فرص العمل للصينيين من خلال فهمها العميق لما تبحث عنه هذه الشركات من مزايا استثمارية.