الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

مكانهم الشارع لا البرلمان!

مكانهم الشارع لا البرلمان!
مكانهم الشارع لا البرلمان!




وليد طوغان يكتب:

لا أحد للآن يعرف على أى أساس رفض البرلمان قانون الخدمة المدنية. وزير التخطيط قال إن لجنة القوى العاملة فى المجلس رفضت بلا أسباب وجيهة، وواضح أن كلامه صحيح، فلا أعضاء اللجنة قالوا ما الذى دفعهم إلى رفض القانون، وبلا مناقشات، ولا ما الذى فكروا فيه وهم يدفعون الهيكل الادارى فى الدولة إلى مزيد من الوحل، عندما رأوا أن القانون لا يصلح.
«الخدمة المدنية» هو الحل. حل ماذا؟ حل اغلب مشاكل وبلاوى وأزمات الجهاز الادارى فى مصر. ملايين من الموظفين فى الهيكل الحكومى، زادوا ملايين أخرى من أبناء العاملين، بعد يناير، بلا عمل ولا شغلة ولا مشغلة.
السنوات الخمسة الأخيرة أصبح التعيين فى المصالح الحكومية بالتراضى، وبالدور، لا بالقدرة على العمل، ولا بالقيمة المضافة المتوقعة. فى مصالح حكومية، كثيرة تجد عائلات مسيطرة، وأسر بأكملها فى مناصب مهمة، يأتى بعضها ببعض على طريقة لعبة الأولى فى صفوف مدارس البنات الاعدادية.
قانون الخدمة المدنية كان المبيد الوحيد لمكافحة فيروسات العمل الحكومى، فهو مثلا يمنع التعيين بالواسطة والمحسوبية، ويربط العمل بالانتاج، وينص على منع صرف الأرباح بطريقة بروتوكولية فى شركات القطاع العام الخاسرة.
العام الماضى، رفض 7 ملايين موظف القانون لأنه يربط الأجر بالانتاج. وكانت كارثة ودلالة على ان الموظف يريد الاجر، ولا يعمل على انتاج. يصبنا كلنا الروتين الحكومى، وتراب تراث إدارى خارج من إطار الزمن فى المصالح الحكومية والهيئات، بينما لا نفعل إلا أننا نلعن الروتين، وثقالة الموظفين، وتغيبهم مع كل اتصال بمصلحة أو جهة حكومية، ثم نلف وندور ونعود لنلعن الحكومة التى تسعى لافتراء على الموظفين العموميين بقانون جائر.
الخدمة المدنية ليس قانونا جائرا. ويبدو أن لجنة القوى العاملة بمجلس النواب رفضته تماشيا مع الموجة. رفض مجلس النواب القانون، يعنى أن نجلس ونربع أيدينا، ونقرأ الفاتحة، ونقول على الجهاز الحكومى فى مصر، يا رحمن يا رحيم. فلا إصلاح ولا دياولو.
مثلا، يكفى استمرار تعيين أبناء العاملين، لهدم منظومة العمل الحكومى خلال عشر سنوات من النهاردة. الذى اخترع تلك الفكرة عبقرى، مثله مثل الذى اخترع الحد الاقصى للاجور. ولا بلد فى العالم يعرف فكرة الحد الاقصى للاجر، كما ليس هناك بلد فى العالم ترفض ربط الأجر بالانتاج.
شباب كثيرون بدأوا التعامل مع الوظيفة الحكومية، كشهادة التعليم الجامعى، يعلقونها على الحوائط فى برواز، ثم يبدأو فى البحث عن وظيفة. لم تعد الوظيفة الحكومية «شُغل». أصبح الحصول على الوظيفة الحكومية خطوة مبدئية، يبدأ بعدها «الشغل» فى البحث عن شغلانة تأكل عيش!
لا حل لبداية الاصلاح، إلا من الهيكل الحكومى، وتعديل مفهوم ثقافة العمل. لو ظل الشاب يسعى للوظيفة الحكومية كى يعلقها على الحائط، ثم يبدأ فى البحث عن عمل.. فمصيبتنا فى الجهاز الادارى والحكومى ستكون أكبر بعد عشر سنوات.
لن يلاقى هذا الكلام صدى عند الذين يتحدثون عن أفكار ثورية، فى واجب الدولة ضمان وظيفة حكومية للمواطن، حتى ولو هو غير مؤهل، ولا قادر. هؤلاء مكانهم الميادين العامة، وقماش يفط المظاهرات.. ليس مكانهم تحت قبة البرلمان.