الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رضا عبد الرحمن يختار «الحمار» بطلاً فى معرضه الفنى

رضا عبد الرحمن يختار  «الحمار» بطلاً فى معرضه الفنى
رضا عبد الرحمن يختار «الحمار» بطلاً فى معرضه الفنى




كتبت - سوزى شكرى

للحيوانات صفات وأدوار ووظائف فى الحياة اليومية عند البعض، منحهم الله صفات اجتماعية ليرافقوا الإنسان فى حياته اليومية، البشر أيضًا منحوهم صفات أخرى إيجابية وسلبية، فمثلاً الحمار من نفس فصيلة الخيول إلا أنه أبطأ فى الحركة وتكوينه يوحى بالطيبة والأمان والطاعة العمياء، ارتبط وجوده بالفلاح المصرى باعتباره رمزًا للفقراء ومصدر رزقهم يحملونه بالمحصول الترحال من بلد إلى أخرى، كما وثق لنا التاريخ العديد من الصفحات تسرد قصصًا وأساطير وروايات بطولة وانتصارات للحمار.

أشار التاريخ المصرى القديم على هذا الارتباط فى العديد من البرديات والجداريات، كما رافق الرسل والأنبياء فى رحلاتهم مثل رحلة العائلة المقدسة إلى مصر واطمأنت له الرسل فى مسيرتها عبر التاريخ، وفكرة التحاور مع الحمار وبطولته تواجدت أيضًا فى التراث الشعبى الأدبى والفنى، بعض المثقفين اخترع هذا التحاور كنوع من الإسقاط السياسى خوفا من السلطة والكتابة الساخرة، مثل الكاتب توفيق الحكيم عام 1938 الذى اتخذ من الحمار محاوراً له فى مقالاته بالإضافة  إلى روايته «حمار الحكيم».
تفرد وتحدى وتحيز الفنان التشكيلى رضا عبد الرحمن باختياره «الحمار» كتيمة فنية تحمل جماليات بصرية وإنسانية لمعرضه الجديد المقام فى «جاليرى مصر» بالزمالك، اعتمد «عبد الرحمن»  فى موضوعات لوحاته التصويرية على المرجعيات التاريخية والاجتماعية والأديبة والثقافية والشعبية التى وثقت لعديد من المشاهد والقصص والأساطير فنجد فى إحدى اللوحات  جمع  بين المرأة والرجل قادمين من صفحات الحضارة المصرية القديمة وبينهما الحمار المصاحب لرحلتهما التراثية، ومشاهد تؤكد أن الحمار أكثر  شعبية لارتباطه بالطبقات الفقيرة، اختفت من اللوحات «العصا» التى يضرب بها الحمار فقد رفع «عبد الرحمن» أدوات التعذيب عن «الحمار» وأعاد إلية قيمته الإنسانية ودوره التاريخى.
وبجانب اللوحات التصويرية تواجدت فى فضاء قاعة العرض مجموعة من المجسمات النحتية «للحمار»  أظهرت أجمل صفاته وهى الطيبة وانحناء رأسه إلى أسفل وأنه منصاع للآخر إلى أقصى درجة، المجموعة ملونة بلون التفاؤل والبهجة والاسترخاء، مع مسحة شجن وعتاب فى ملامح الحمار، ورسم على عاتق الحمير النحتية النجوم وأوراق النبات وكأن الحمير فى وقت استرخاء بعد عناء رحلتها مع الإنسان.
جاءت لوحاته التصويرية بأسلوب فنى معاصر وحداثى  يجمع بين عدة اتجاهات فنية، ملامح الشخصيات والهيئات الفرعونية فى العنصر البشرى التى تفرد بها وتميز بها فى مشروعة الفنى، وأعطى الملامح اهتماما فى التعبير مستخدماً المدرسة الكلاسيكية، مع استخدام المنظور الجانبى للشخصيات المستوحاة من جدرايات الحضارة الفرعونية، كما استخدم بعض الإشكال الزخرفة والنجوم والزهور والأشجار والتفاحة والنبات التى تحمل دلالات خاصة بحسب وجودها فى كل مشهد وتكوين، ورغم سيطرت الخط  فى تحديد بعض العناصر إلا إن الخط جاء أداة اتصال وربط بين العناصر، ونجد عنصر «الحمار» فى بعض اللوحات مرسوم بالخط الحر المرح وكأنه يلهو ويتحاور مع باقى العناصر، بينما نجده فى لوحات أخرى مرسوم بتجسيم واقف فى شموخ يتأمل من حوله بصمت وسكون،  بالإضافة إلى استخدام الفنان مجموعة لونية شفافة خالية من التعقيد والتدريج، وهى الأزرق والأخضر والوردى وألوان شروق وغروب الشمس والذهبى التراثى  الصافى.
وأيضًا جمع بين عدة تقنيات وأساليب منها وجود الملامس الخشنة والناعمة وأسلوب والخربشة والكشط  التى جاء أشبه بنصوص مكتوبة، وأسلوب التسييل والمسح الذى كشف عن طبقات فى أرضية مسطح اللوحة قام الفنان بتحضيرها، ثم  بالتشهير أظهرها تعبيراً عن طبقات الأزمنة والتاريخ.
باختياره للحمار كموضوع فنى أعاد رضا عبد الرحمن للفن أحد الموضوعات المهملة فى التناول والمعالجة التشكيلية منذ زمن والتى سبق وتناولها رواد الحركة الفنية المصرية وعلى حد قول «عبد الرحمن»: معرضى رسالة للفن وللمجتمع بإعادة النظر فى التعامل مع الحيوانات بإنسانيات، ويكفى التعامل الانتقامى للحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب والحمار تلك الحيوان الصبور، وان البشر هم من استغلوا صفة الطاعة واستخدموها كصفة إهانة وتسفيه.