السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

دراسة.. مجلس النواب مسئول عن إعادة الثقة للشباب وإزالة الفجوة مع الدولة

دراسة.. مجلس النواب مسئول عن إعادة الثقة للشباب وإزالة الفجوة مع الدولة
دراسة.. مجلس النواب مسئول عن إعادة الثقة للشباب وإزالة الفجوة مع الدولة




عرض - مصطفى أمين

 

 أكدت دراسة حديثة أهمية دور لجنة الشباب بمجلس النواب فى تبنى قضايا الشباب داخل المجلس ورسم رؤيته، والنظر فى كل ما يتعلق برعايتهم بالتعاون مع الأندية ومراكز الشباب، والمجلس الأعلى لرعاية الشباب والرياضة، والاتحادات الرياضية.
واعتبرت الدراسة الصادرة عن المركز العربى للدراسات أن الشباب هم ثروة الأمم، ومستقبلها، بل وصميم أمنها القومي، لذلك عندما تم إهماله وتهميشه كان وقوداً لأحداث عصفت بأنظمة عديدة فى إطار ما حدث فى دول «الربيع العربى»، ولم تكن أزمات وتطلعات الشباب مختلفة فى كثير من الحالات. وعندما نتحدث عن الشباب فى مصر، فهم ثروة حقيقية، وأيضاً مسئولية كبيرة.
وشددت الدراسة التى قاما بها الباحثان هانى سليمان وبسام صلاح على أنه عندما قامت الثورة بأيدى الشباب معلنين تمردهم وصرختهم ضد الظلم والتهميش، كانت القلوب والعقول مليئة بالأمل والنور، فقد وميضه شيئاً فشيئاً بعد فترات انتقالية مختلفة تخللتها محاولات وصدامات ومزيد من دماء الشباب.

 وتابعت ولكن العديد من القوى السياسية لعب بأحلامهم واستغل قضاياهم، والآن، نحن أمام الأمل الأخير فى سبيل تحقيق طموحات وتطلعات الشباب المصرى بعد ثورة لم تحقق نتائجها، حتى الآن، المستوى المأمول فى كثير من الأحيان من ناحية الشكل الديمقراطى، ولا من حيث المضمون الذى يحقق مقاربات فعلية لجذور وأسس المشكلة، وكل ما تم إنتاجه حتى الآن لا يخرج عن مبادرات وأشكال اجرائية تحاول معالجة أعراض وآثار مشكلات وقضايا الشباب، لا مقاربة جذورها ومسبباتها.
وأشارت إلى أنه بعد اكتمال خارطة الطريق، ووجود مجلس نواب، يتمثل فيه الشباب بنسبة 51 نائبًا تحت سن الـ35 سنة، لأول مرة فى تاريخ مصر، هناك العديد من التطلعات والآمال، والمسئوليات، فى انتظار هذا المجلس، لمحاولة تحقيق الحد المقبول من الرضاء بين الشباب والتعبير عنهم وعن قضاياهم.
وقالت بداية لا يوجد اتفاق عام على تحديد فئة الشباب، فهى قد تخضع لأطر تختلف ضيقاً واتساعاً، وبصرف النظر عن هذا الجدل، فإن كل الأرقام تعطى انطباعاً عن الأهمية العظيمة لمكون الشباب داخل المجتمع المصرى، حيث تم تحديد فئة الشباب –وفقا لتقارير رسمية- بحوالى 62% من المجتمع المصرى «وهو فى الأغلب التقدير الذى أخذ بالمفهوم الواسع لنطاق تمثيل الشباب» وبعض الإحصائيات، وفقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أكدت أن عدد الشباب المصرى من الفئة العمرية «18-29 عاماً» يبلغ عشرين مليون نسمة نهاية 2014، مشكلين ما نسبته 24.3% من السكان، وأضاف بيان الجهاز أن 25% من هذه الفئة العمرية يعانون من البطالة، ونحو 27% منهم يعانون من الفقر، ويشكل الشباب فى الفئة العمرية من 14 - 35 أكثر من 31 مليونًا بما يشكل أكثر من 33 % من جملة السكان «وفقاً للتفسير الضيق لنطاق التمثيل».
ولكن يواجه الشباب مشكلة تنبع أساساً من المفارقة بين واقع الشباب الطبيعى من حيث كونهم الطاقة المحركة لتقدم ونمو أى مجتمع ولكن فى نفس الوقت يبدو دورهم مجمداً فى ظل وجود عناصر وأجيال قديمة تدير المشهد السياسى وتسود المشهد الاجتماعى وتديرهم وعدم قدرة الشباب على التقدم لنيل ما يستحقونه من مكانة لأسباب اقتصادية واجتماعية.
اهتمام الدولة بتمثيل الشباب فى البرلمان ظهر بوضوح فى دستور 2014 الذى نصَّت مادته 244 على تمثيلهم تمثيلاً ملائماً فى مجلس النواب، الأمر الذى انعكس فى قانون الانتخابات فى 5 يونيو 2014 الذى نص على تخصيص عدد 16 مقعداً للشباب فى القوائم الانتخابية، كما ظهر فى تصريح الرئيس السيسى خلال المناورة التعبوية «بدر 2014» وقوله: «أريد أن أرى الشباب أمامى خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة».
لكن الفارق الأساسى بين انتخابات 2015 وما سبقتها من انتخابات أن الشباب المستقل قد وجد فرصة للمنافسة ودخول البرلمان فى هذه الانتخابات مقارنة بغالبية النواب الشباب الذين انتموا إلى الأحزاب الحاكمة أو المهيمنة من قبل كما فى حالة الحزب الوطنى قبل الثورة وحزبى الحرية والعدالة والنور بعدها.
مع اكتمال خارطة الطريق، هناك العديد من التطلعات والآمال، والمسئوليات، فى انتظار مجلس النواب، لتحقيق الرضاء بين الشباب والتعبير عنهم وعن قضاياهم.
وتمثل السلطة التشريعية المحور الثالث والأهم فى مثلث التوازن بين السلطات، بل الضلع الأهم فى التعبير عن الشعب بكل فئاته وتنوعاته، والشباب بشكل خاص للتعبير عن طموحاته واستيعاب تمرده، ولهذا على البرلمان العديد من المهام والمسئوليات، منها:
أداة فى يد رجال الأعمال
لقد كان برلمان 2010 هو السبب الرئيس فى تدهور الأوضاع السياسية وفقدان الأمل فى التطورات الاقتصادية والاجتماعية من خلال وجود تزوير كبير، وتهميش قطاع عريض من الشباب وقضاياه، وتمكين رجال الأعمال من احتكار المجلس وقراراته، حيث يذكر على سبيل المثال أن «لوبى» رجال الأعمال قد منع إصدار قانون ضد الاحتكار يصب فى حماية الشعب ومصالحه وضبط الأسعار. وبالتالي، فإن أول خطوة هى عملية التأكيد على أن هذا المجلس سينحاز للشعب الذى اختاره وسيعبر عن إرادة التجديد والشباب، ولن يكون أداة فى يد رجال الأعمال، خاصة مع وجود تخوفات من حصول أحزاب رجال الأعمال على أغلبية «المصريين الأحرار بزعامة ساويرس، ومستقبل وطن برعاية أبو هشيمة»، بالإضافة لقائمة فى حب مصر. فالتحدى الأول هو أن يقوم المجلس باحتضان الشعب والشباب عبر تبنى قضاياهم خاصة أيضاً فى ظل وجود حديث عن تشكيل «ائتلاف دعم الدولة المصرية» والذى يثير مخاوف من غلبة النظرة التقليدية فى قضايا الشباب من خلال سيطرة رجال الدولة بثوابتها التى تخشى طموحات الشباب وتطلعاتهم. بمعنى استمرار الهوة بين ما تراه الدولة وما يراه الشباب؛ فالدولة ترى فى ظل الأحداث الإقليمية والدولية، بل والداخلية، أن أولوياتها تتعلق بتحقيق الأمن والاستقرار بما له من تكلفة وأدوات وما يحاك من مؤامرات وتربصات، فى حين الشباب يرى العالم بعين الحرية والفرص البديلة وروح التمرد والمغامرة، وأن يعلو الروحى والقيمى فوق كل ما هو تقليدى ومادى.
القضايا السياسية
كانت المرحلة السابقة منذ 25 يناير هى فترة «انكسار» الطموحات بشكل كبير، عقب انتفاضات شعبية قام بها شباب وكانوا أكثر من قدم تضحياته ودفع ثمنها ولكن جاءت المسارات التالية لها معاكسة لما آمنوا وخرجوا فى الشوارع للهتاف به، ففى المجالس النيابية المتتالية التى شكلت بعد الثورة لم يكن للشباب مكانًا وغيبوا عن صنع القرار ولكن يتم استدعاؤهم بشكل متكرر لتكملة الديكور كجزء من النظام إبان المجلس العسكرى أو الإخوان أو عقب 30 يونيو عهدى منصور والسيسى وحتى مجلس الشعب المنتخب غاب عنه الصوت المعبر عن الثورة كجزء من غياب أشمل عن المشهد السياسى ككل.
كان البرلمان هو كلمة السر فى الأزمة فى 2010، ثم فى 2012، وبالتالى فهناك حالة انتظار كبيرة وتأهب فى ظل وجود البرلمان القادم، من خلال اختباره فى عدة قضايا سياسية التوجه بالأساس:
أ- قانون التظاهر والحريات السياسية:
يراه الشباب الملف الأهم فى إثبات ما يسمونه «حسن النية» من قبل الدولة، البعض يرى ضرورة التخفيف من وطأته وتقليل إجراءات إصدار التصريح بالتظاهر، إلى جانب تخفيف عقوبة المخالفة. والبعض الآخر يرفع شعارات ودعوات إلغاؤه بشكل كامل، وهو ما تتحفظ عليه الدولة خاصة فى ظل الحاجة لتحقيق استقرار، وقطع الطريق على من يتلاعب بالوطن أو يستغل الأحداث، وإن كانت الحكمة هنا تتطلب الفصل بين ما هو سياسى وما هو أمنى.
وتظل المؤشرات غير واضحة هنا خاصة مع قيام جريدة «اليوم السابع» باستطلاع رأى وتساؤل طرحته على 15 نائباً مفاده، هل تؤيد بقاء قانون التظاهر أم تعديله أم إلغاؤه؟ وكانت النتيجة أن 80% من النواب مع الإبقاء عليه كما هو، بينما هناك 20% مع تعديله، بحيث يكون التظاهر بالإخطار وتقليل العقوبات.
ب- ملف المحبوسين والنشطاء:
وهنا البرلمان عليه أن يتخذ خطوة قوية فى هذا الملف بتحديد العلاقة من خلال حزمة قوانين مترتبة، وتعلق بالحبس الاحتياطي، والقبض والاتهامات، والقواعد الإجرائية والموضوعية. ويجب البحث عن مخرج وقواعد للتعبير عن الرأى السياسى من خلال الالتزام بالمعايير السلمية تجنباً لتزايد الاحتقان بين السلطة السياسية والشباب.
وربما هنا القرار الجمهورى المتعلق بالعفو الرئاسى عن عدد من الشباب المحبوسين فى قضايا متعلقة بقانون التظاهر، التى أعلنته مؤسسة الرئاسة رسميًا، بمثابة بارقة أمل وخطوة فى تحسين العلاقة بين دوائر صنع القرار السياسى فى الدولة وبين الشباب المصرى، ويساعد المجلس فى البناء عليه والوصول لصيغة ملائمة تحفظ للدولة كيانها وهيبتها، وتعطى متنفساً للتعبير والحرية، ولإعادة النظر فى ملفات بعض الشباب المتهمين بقضايا ذات بعد سياسى.
جـ- التمكين والتمثيل السياسى
أزمة الشباب تتعلق بأنهم لا يجدون من يعبر عنهم، فيفضلون الانسحاب ويعزفون عن المشاركة، كانت تلك حقيقة دامغة فى استحقاقات عديدة «حيث بلغت نسبة مشاركة الشباب فى الأحزاب السياسية والعمل الجماعى أو التطوعى أو فى الأندية لا تتجاوز 2.5%». وبالتالى على البرلمان العمل على تذليل جميع المعوقات أما الشباب لتمكينهم من المشاركة والتمثيل السياسى فى جميع المراحل والمستويات خاصة فى المحليات، والبناء على شعار «المحليات للشباب».
خاصة أنه بعد ثورتَى 25 يناير و30 يونيو كان من المتوقع ازدياد المشاركة السياسية للشباب فى الانتخابات والاستفتاءات المختلفة، ولكن لوحظ طبقاً لتقارير جهات عديدة متابعة لعملية الانتخابات بعد 25 يناير عزوف بعض الشباب عن المشاركة سواء فى الانتخابات الرئاسية أو الاستفتاءات، ربما بفعل اعتقادهم بأن التغيير الذى تم بعد إسقاط النظام الأسبق لم يكن مُرضياً بالقدر الكافى لطموحاتهم العريضة.
 والحقيقة هنا فإن ظاهرة عزوف بعض الشباب هذه لا تقتصر على مصر وحدها، فهى موجودة فى كثير من بلدان العالم حتى العالم المتقدم، وفى الأمد القريب رصدت الانتخابات الرئاسية فى تونس عزوفاً من الشباب عن التصويت، وهذا يعكس عدم رضاء الشباب عن الأوضاع بصفة عامة، إما لتسرعهم وعدم جدِّهم لجنى ثمار الثورة، أو لانشغالهم بلقمة العيش لمواجهة الحياة الصعبة وتوفير احتياجاتهم.
أهم تحديات المجلس تتمثل فى قانون التظاهر والحريات الأساسية، ملف المحبوسين والنشطاء، التمكين والتمثيل السياسى، ومحاربة الفقر والبطالة وشبح الهجرة.
القضايا الاقتصادية والاجتماعية:
هناك العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة، والتى يجب أن تحتل الأولوية على برنامج مجلس النواب، جزء عريض منها فى جوهره متعلق بمستقبل الشباب وأجيال كبيرة على عتبة الأمل، وفى الحقيقة فإن تلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية كانت هى المحرك الأساسى لكل الأحداث والهبة الثورية التى شهدتها مصر والمنطقة، وما كانت الأمور السياسية إلا نتاجاً لها، وهنا نذكر بعضاً منها:
محاربة الفقر والبطالة، وشبح الهجرة:
يعيش حوالى 40% من المصريين تحت خط الفقر، وفقاً للتقديرات الرسمية، بل إن دخلهم اليومى لا يتجاوز «دولارين» فقط، أغلبهم من فئة الشباب، وبحسب تقرير للجهاز المركزى فى مصر، فإن الدخل المتوسط لهؤلاء لا يتجاوز 12 جنيها مصريا فى اليوم، ويعتمدون فى حياتهم على السلع المدعومة ويأتى فى مقدمتها «الخبز»، فهو زادهم اليومى.
وسببب رئيس للفقر هو تراجع مؤشرات الاقتصاد، وندرة فرص العمل وانتشار البطالة؛ وتشير تقديرات الدولة إلى أن البطالة تتركز فى الأعمار الأولى من سن العمل، حيث إن 61% من المتعطلين أعمارهم أقل من 25 سنة، بدءاً من 15 عاماً حتى 24 عاماً، وترتفع النسبة لتصل إلى 91% من المتعطلين وصولاً لسن 29 عاماً. فالغالبية العظمى من المتعطلين من الشباب حديثى التخرج، ويبحثون عن العمل لسنوات عديدة بعد التخرج ولا يجدونه، ولفت التقرير إلى أن غالبية المتعطلين، بنحو 58% منهم، يتركزون فى 7 محافظات فقط، حيث إن 15% منهم بمحافظة القاهرة، تليها الإسكندرية بـ9%، فالغربية بـ8%، فالجيزة بـ7.8%، فالشرقية بـ5.8%، فالقليوبية بـ5.1%.
يرتبط ارتفاع معدلات البطالة فى مصر بعدة أسباب منها ضعف التعليم والتأهيل المتأخر للراغبين فى دخول سوق العمل ولكن أكبر أسبابها تتمثل فى غياب رؤية واضحة للتعامل مع المشكلة وتوفيق احتياجات سوق العمل مع مخرجات العملية التعليمية على أساس حقيقى وواقعى بعيدًا عن التقديرات والآمال، ولعل الأزمة الحقيقية تتمثل فى:
- شباب دخلوا مجال العمل مجبرين وذلك بسبب ضيق مساحة الاختيار أمامهم، خصوصاً فى ظل سياسة التنسيق من ناحية ونظرة المجتمع لبعض الأعمال من جهة أخرى، فنظرة المجتمع لأصحاب المهن الفنية «السباكة، النجارة وغيرها» تختلف عن نظرتهم لذوى الوظائف الإدارية أو الثابتة رغم فارق المقابل المادى فى كثير من الأحيان.
- شباب أجبروا على القيام بأعمال ليست من اختصاصهم زيادة عدد طلاب العمل عن حاجة السوق مثل خريجى كليات التجارة والحقوق وكثير من المعاهد المتوسطة والعليا.
- غياب قواعد العدالة من حيث توظيف من يستحق من حيث الكفاءة فى العمل وليس الوساطة والمحسوبية، التى من خلالها يضطر الشباب إلى الهجرة من اوطانهم ،للبحث عن لقمة العيش.
وارتفاع معدل البطالة والفقر يفدى إلى مشكلات مجتمعية عديدة أهمها ارتفاع معدلات الطلاق منذ عام 1990 حتى 2013 بنسبة 143% فيما يقارب ربع قرن فقط، فيما تزايدت عقود الزواج خلال نفس الفترة لتسجل 115%، فهنا نجد ظاهرتى «الزواج المبكر.. والطلاق المبكر» منتشرة بين فئات المجتمع خاصة الشباب الذى من المفترض أنه فى أول تجربته.
ونتيجة لتلك الأرقام والمؤشرات المحبطة للشباب، فإن واحداً من بين كل ثلاثة شباب ذكور لديه الرغبة والنية فى الهجرة للخارج. فتزداد النسبة لدى الشباب الذكور الريفيين لتسجل 31% مقابل 27% لشباب الحضر، كما بلغت النسبة 33% عند شباب العشوائيات، فيما تقل بشدة لدى الإناث، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى مأساة «هجرة العقول» من مصر.