الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

ما الذى يمكن أن يؤذى الأسد؟!




«الاجابة عن السؤال دفعت القادة الغربيين والعرب الى التخبط لعدة أشهر، فى محاولاتهم بحثا عن وسيلة لاجبار الرئيس السورى بشار الاسد على وقف اعمال الكبت القاتلة ضد انتفاضة سوريا التى مضى عليها 14 شهرا، وادت حتى الآن إلى مقتل أكثر من تسعة آلاف شخص. وظل الغموض محيطا حتى يوم الخميس بتفاصيل التداعيات التى سيتحملها الزعيم السورى إذا تحايل على ترتيبات وقف إطلاق النار التى بوشر بها قبل أسبوع، وذلك بعد لقاء وزير الخارجية الفرنسى الان جوبيه فى باريس مع نظيرته الامريكية هيلارى كلينتون واثنى عشر وزير خارجية آخرين، من بينهم وزراء خارجية تركيا والمانيا وقطر ومصر. وردا على سؤال أحد الصحافيين عما إذا كانوا سينظرون اخيرا فى احتمالات القيام بهجمات عسكرية ضد قوات الاسد، مثلما فعلوا العام الماضى فى ليبيا، قال جوبيه إن الاولوية لتنفيذ وقف اطلاق النار الذى تفاوض بشأنه الامين العام السابق للامم المتحدة كوفى عنان، ثم اضاف: «إذا فشلت المهمة، فسيتم النظر فى الخيارات الاخرى، الا أن الامر ليس كذلك اليوم».
 
ولكن ما هى الخيارات الآخرى؟ قالت كلينتون فى المؤتمرين إن الولايات المتحدة ستقدم مزيدا من المساعدات للمعارضة بتوفير مزيد من معدات الاتصالات والاجهزة اللوجيستية، وأنها تحبذ فرض حظر دولى جديد على واردات السلاح وقيود على سفر أعضاء نظام الاسد. غير أن هناك احتمالا بان ترفض روسيا والصين، حليفتا سوريا الرئيسيتان، هذه الاجراءات، وكانتا قد استخدمتا حق الفيتو فى مجلس الامن الدولى ورفضتا حضور اجتماع الخميس فى باريس.
 
ووصفت كلينتون وجوبيه اتفاق عنان لوقف اطلاق النار، وهما يشعران بخيبة الامل لعدم قدرة القادة الغربيين والعرب على إنهاء صراع الربيع العربى الدامي، بانه اتفاق او لا اتفاق، يمكنه ان يدفع الى اتخاذ اجراء اشد ضد الاسد إذا هو اخل به. وكانت كلينتون قد وصفت خطة عنان اثناء وجودها فى بروكسل يوم الاربعاء بانها «آخر فرصة» أمام الاسد، بينما قال جوبيه للصحفيين يوم الخميس إن القادة «سينظرون فى اى اجراءات جديدة يمكن اتخاذها» اذا خالف الاسد شروط وقف إطلاق النار.
 
 
وبكل المقاييس فإن هذا ما يحدث بالفعل. اذ قال النشطاء يوم الخميس إن شخصا قتل فى درعا عندما اطلقت قوات الاسد النار بعد زيارة قام بها المراقبون الدوليون. وقال أهالى حمص إن القوات الحكومية اطلقت قذائفها على عدد من ضواحى المدينة، حيث كان قد قيل ان المئات قتلوا نتيجة هجمات الحكومة الشهر الماضي. وقال أحد السكان ويدعى أحمد لمنظمة «آفاز» التابعة للنشطاء: «قاموا بعمليات سطو وتدمير للمساكن بل اشعلوا النار فى بعضها». وقال الامين العام للأمم المتحدة بان كى مون للصحافيين الخميس إن قوات الحكومة والثوار قاموا بهجمات منذ بدء وقف اطلاق النار الاسبوع الماضى. وقال ايضا إن هناك حاجة لارسال 300 مراقب دولى آخرين لتنفيذ الخطة، وهى عملية تكتنفها مخاطر جمة، إذا ما أخذ فى الاعتبار استمرار القتال فى عدة مدن وفى ضواحى دمشق. وكان الاسد قد وافق على 250 مراقبا فقط. وقال إنه لم يُسمح للمراقبين الستة غير المسلحين الموجودين فى سوريا بزيارة حمص. واضاف: «ليس هناك تقدم حقيقى على الارض. وهذا وضع غير مقبول بالمرة». وحسب خطة عنان ذات النقاط الستة، فإن من المفروض أن يتمتع المراقبون بحرية الحركة فى المناطق. كما تدعو الخطة إلى السماح للمنظمات الانسانية بمعالجة الجرحى والمشردين، وان تمنح تاشيرات للصحافيين الاجانب، وان يطلق سراح السجناء السياسيين وعدم اعتراض التظاهرات.
 
 
لكن هذه الامور كلها تبدو بعيدة المنال. وقد أصدر اللواء مصطفى احمد الشيخ، قائد الجيش السورى الحر، الذى يعتقد أن مصير خطة وقف اطلاق النار هو الفشل، شريط فيديو يوم الخميس دعا فيه الى «ائتلاف عسكرى بين الدول الصديقة» للقيام بهجمات ضد المنشآت الحكومية. غير انه يبدو ان اقناع القادة الغربيين المترددين الذى يتطلب نجاح هذه الحملة استخدام قواتهم العسكرية، بعيد الاحتمال جدا. وقال مدير مركز دراسات الشرق الاوسط فى جامعة اوكلاهوما الاميركية جوشوا لانديس لمجلة «تايم» أمس الخميس ان «المشكلة هى ان هناك احتمالا بان تصبح سوريا عراقا آخر. فنحن نستطيع ان نقتل الاسد وندمر قواته العسكرية، وهذا هو الجزء السهل من المهمة. لكن ماذا بعد ذلك؟ عندها سنجد امامنا دولة منهارة».
 
 
ويظل العديد من النشطاء يحذرون من أن الاسد يجر القادة الغربيين والعرب إلى مفاوضات مطولة لمواصلة إجراءاته المتشددة. وقد صرح ضابط متقاعد من الخدمة فى الجيش السورى هو اللواء عقيل هاشم لمجلة «تايم» فى باريس حيث يعيش فى المنفى بأنه «ليس هناك من يثق بالخطة، أو يؤمن بنجاحها. فالنظام ظل لفترة طويلة يستخدام وسائل الخداع والكذب واستغلال كل شيء».
 
وكان هاشم قد تخلى عن عضويته فى المجلس الوطنى السورى الشهر الماضى بسبب رفضه المطالبة بتدخل عسكرى دولي. ويقول إنه يعتقد ان التدخل العسكرى سيكون ضروريا فى المستقبل. «الشيء الوحيد الذى يقوم به النظام هو شراء الوقت، وهو يعتقد انه خلال هذا الوقت سيجد وسيلة لانهاء الثورة. ولكن النجاح لن يكون حليفه. فهذه ثورة لا عودة عنها».
بقلم : فيفيان وولت