السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المطلقات أكثر عزلة عن المجتمع لغياب الدعم النفسى

المطلقات أكثر عزلة عن المجتمع لغياب الدعم النفسى
المطلقات أكثر عزلة عن المجتمع لغياب الدعم النفسى




كتبت - علياء أبوشهبة

اضطرت ندى سعيد، 32 عاماً، التخلص من شخصيتها الهادئة والخجولة، لصبح أكثر جرأة، وتحملا للمسئولية بعد أن وجدت نفسها فى مطلع العشرينيات مطلقة تحمل رضيعها وتتحمل مسئوليته بالكامل.. لم تكن المسئولية هى عبء ندى الأكبر لكن الضغط النفسى الذى تعرضت له ومازالت من المجتمع؛ هذا هو الهم الذى تحاول دائما الهرب منه.
ندى سعيد، واحدة من 2.5 مليون مطلقة وفقا للإحصائيات التى أعلنها جهاز التعبئة العامة والإحصاء، والتى توضح أن نسبة الطلاق ما بين 30 و35 سنة بلغت 20% عام 2013 أى ما يعادل 30 ألف حالة، وبمعدل 240 حالة طلاق يوميا، أى بمعدل حالة طلاق كل 6 دقائق، وفقا لإحصائية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وتتزايد معدلات الطلاق فى مصر بنحو 5 آلاف حالة سنويا، منها 86 ألفا فى مناطق الحضر، ونصيب الريف نحو 75 ألف حالة.
تشير الاحصائيات الرسمية، إلى ارتفاع نسبة حالات الطلاق بشكل ملحوظ خاصة بين الشباب فى الفئة العمرية من 25 عاما إلى 35 عاما، وتبين الدراسات أن نسبة الطلاق فى مصر وصلت إلى أربعة فى المائة من إجمالى الزيجات خلال الخمسين عاما الأخيرة فقط.
تستكمل ندى سعيد، الحديث عن معاناتها قائلة: إن أسرتها رفضت رغبتها فى الطلاق، وهو ما لم يكن يتمنون حدوثه حتى بعد زيجتها الثانية، وتتولى ندى مسئولية تربية ابنها بالكامل بينما يتكفل والده بالأمور المادية، وهو ما تحمد الله عليه لأنه أزاح عن كاهلها هما ثقيلا، «المشكلة فى المجتمع العقيم الذى ينظر إلى أى سيدة مطلقة على أنها مستباحة وبالتأكيد منفلتة أخلاقيا؛ وهو أكثر ما يؤلمنى».
عدم وجود جهة لتقديم الدعم النفسى للمطلقات مشكلة قابلت ندى وتتمنى وجود جهة توفر هذا الدعم النفسى للسيدات لأنه ضرورة وليس رفاهية.
«سماح» اسم مستعار لسيدة أربعينية، طلبت إخفاء هويتها، تقول إن معاناتها نفسية ومادية أيضا لأنها حصلت على حكم من المحكمة بالطلاق لأن زوجها لا ينفق على المنزل، ويتعمد إهانتها فحملت ابنها وما تبقى لها من متعلقات وإستأجرت غرفة لتعيش فيها.
«لحظات الانكسار والحزن والألم الذى أعانيه فى كل زيارة لأهلى وكل مناسبة عائلية لا أستطيع نسيانها، كنت ومازلت أمضى الليالى الطويلة أبكى بسبب الكلام المؤلم الذى أسمعه بسبب إقامتى مع ابنى وحدى بعيدا عن أسرتي».
 تحكى «سماح» أيضا عن مضايقة بعض جيرانها لها، وتطاول صاحب محل الملابس الذى كانت تعمل فيه بعد علمه أنها مطلقة، لتترك العمل على الفور، وتحلم سماح بالحصول على دعم نفسى يساندها ويعيد إليها ثقتها المفقودة فى نفسها.
تفضل «سارة»، سيدة فى نهاية العشرينيات، إخفاء حقيقة وضعها الاجتماعى عن زملاء الدراسة والعمل حتى لا تصبح مطمعا لأى طامع يراها متعة سهل الوصول إليها، وتقول إن زيجتها المبكرة وضعف خبرتها كان سببا فى طلاقها السريع الذى تم فى عامها الزوجى الأول «أحيانا أخبر الناس أن ابنى هو أخى الصغير وهو ما يؤلمنى ولا يستوعبه الطفل نظرا لصغر سنه».. اضطرت سارة إلى الانعزال عن المجتمع لفترة طويلة، وأصابها الاكتئاب وراجعت طبيبا نفسيا لكنه لم يحقق لها الفائدة المرجوة، وكان ملاذها التقرب من زميلات الدراسة المطلقات وهو ما أخرجها من أزمتها ووجدت الحل فى إخفاء حقيقة وضعها الاجتماعى.
وفقًا لإحصائيات أجراها مركز معلومات دعم اتخاذ القرار، ارتفعت نسبة حالات الطلاق من 7% لتصل إلى نسبة 40% فى الخمسين عاما الأخيرة فقط، فضلا عن ارتفاع نسبة الطلاق ما بين عامى 1990 و2013 إلى 143%.
دعاء عبد السلام، باحثة اجتماعية ونفسية أعدت دراسة عن أوضاع المطلقات فى مصر عام 2013 فى كلية التربية جامعة عين شمس، وعملت مقياسا بحثا ومسجلا فى أكاديمية البحث العلمي، وقالت لـ«روزاليوسف» إن تقديم الدعم للسيدات المطلقات ضرورة وليس رفاهية، وأضافت أن الدراسة التى أعدتها كانت عن تقدير الذات وعلاقته بالمطلقات، وكيف تستطيع السيدة المطلقة إثبات وجودها وتحقيق ذاتها فى ظل مجتمع ذكورى لا يقدم لها أى دعم نفسى ولا مادي.. وطالبت بتخصيص معاش للمطلقات لافتة إلى أن بعض الحالات تضل طريقها السوى بسبب عدم وجود مورد مالي، وطالبت أيضا بإنشاء جهة حكومية رسمية لرعاية المطلقات تتولى تقديم الدعم النفسى والمعنوى لهن، وبشكل مستقل عن المجلس القومى للمرأة وخاصة فى ظل الأعداد المتزايدة للمطلقات، وهو نظام متبع فى دول منها المملكة العربية السعودية.
كما أشارت إلى أن الخلل النفسى الذى يصيب المرأة ينعكس بالضرورة على الأبناء ويحدث ازدواجية فى الشخصية للأبناء وعدوانية، واضطرابات سلوكية مثل الكذب أو السرقة أو يمارس سلوكيات جنسية غير سوية.