السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الموازنة.. أداة الحرب بين البرلمان والحكومة

الموازنة.. أداة الحرب بين البرلمان والحكومة
الموازنة.. أداة الحرب بين البرلمان والحكومة




تحقيق - طه النجار


مع بدء جلسات واكتمال تشكيل البرلمان عقب تعيين الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية 28 بالبرلمان وهى النسبة التى أقرها الدستور فى مجلس النواب والتى تمثل 5٪ من عدد المنتخبين ليسدل بذلك الستار عن المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق لتبدأ السلطة التشريعية فى أداء دورها الذى حدده الدستور والمتمثل فى إقرار القوانين والتشريعات.
ويأتى على رأس هذه التشريعات إقرار الموازنة العامة للدولة والتى تقدمها الحكومة للبرلمان سنويا وتتضمن موارد الدولة المختلفة وأوجه إنفاقها وإذا أقرها البرلمان تخرج بقانون من مجلس النواب.
وهذه المرة الأولى منذ عام 2010 التى يتم عرض الموازنة العامة للدولة أمام البرلمان ووفقا للمعتاد فإن «الموازنة» تعد أداة الحرب وحمامة السلام فى آن واحد بين الحكومة والبرلمان حيث يستغل نواب المعارضة بعض الثغرات فى الموازنة أو عدم إدراج نفقات معينة لشن الحرب على الحكومة والموازنة رافضين اقرارها فيما يدافع عن الموازنة أعضاء الأغلبية عنها باستماتة فإذا تم إقرارها كما جاءت وبدون تعديل أو استجابة الحكومة للمعارضين وتغيير بعض البنود بها وتم إقرارها صارت «حمامة السلام» بين الجانبين ..فهل ستتكرر هذه المشاهد مع برلمان الثورتين الجديد بين الأغلبية ممثلة فى تحالف «فى حب مصر» وبين التكتلات الأخرى؟
ففيما أكد برلمانيون أنهم لن يوافقوا على إقرار الموازنة العامة للدولة اذا تضمنت أى مساس بمحدودى الدخل والمعاقين والمهمشين وأفراد بنود اضافية للانفاق على السلع التموينية قال آخرون إن افراد بنود للإنفاق على الاوجه الاستثمارية ضرورى لأنه من عائدها نستطيع الانفاق على المزايا الاجتماعية للفقراء فيما اكد برلمانيون آخرون ضرورة تحقيق التوازن العام فى الموازنة بين الانفاق الاجتماعى والانفاق الاستثمارى بما لا يتضمن ارهاق المستثمرين أو الأفراد بفرض ضرائب ورسوم اضافية.


وعلى الجانب أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن ملاحظات جهاز المحاسبات على الأداء الحكومى السلبية تتكرر سنويا وطالبوا البرلمان الجديد باقرار تعديل تشريعى لضمان تنفيذها بهدف ضبط اداء الموازنة العامة للدولة لتكون أكثر فاعلية.
كما طالبوا بوضع إطار مالى متوسط الأجل للموازنة العامة للارتقاء بخدمات التعليم والصحة.. وأكدوا ان الأجهزة الرقابية بفرنسا تراقب الاداء المالى للحكومة وتقيم فعالية الخدمات العامة ..وقال خبراء الاقتصاد أن المراقب المالى يمكنه التدخل لإصلاح أوجه الخلل بأداء الجهاز الادارى للدولة وطالبوا بتفعيل ذلك فى المنظومة المصرية.
 وأكدوا أن الحكومة ومجلس النواب مدعوان للاهتمام باتخاذ خطوات لاستكمال الاصلاحات والتحول الى موازنة البرامج والاداء والتى تحتاج لربط منظومة الاصلاحات المالية بالإصلاح الادارى، بما يسهم فى تحسين مؤشرات تنافسية مصر سواء التصنيف الائتمانى أو فيما يخص الشفافية وممارسات الاعمال، بجانب أحكام الرقابة بصورة اكثر فعالية على الإنفاق العام حيث تمنع ميكنة المدفوعات المالية مثلا الضغوط التى تمارس على المراقبين الماليين.
فى البداية تؤكد الدكتورة ياسمين فؤاد مدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أهمية إصلاح ادارة المالية العامة باعتبارها من الأدوات المؤثرة فى قضايا التنمية وتعزيز مشاركة الرأى العام فى ترشيد وتحديد أولويات الانفاق العام ونشر ثقافة المساءلة والشفافية فى السياسات المالية الحكومية، مشيرة الى أن مصر لا تحتاج لموارد مالية اكبر مما هو متاح بقدر احتياجها الى حسن توجيه هذه الموارد وبصورة تنحاز لتعزيز جوانب التنمية الاجتماعية.
إصلاحات ضرورية
ويقول الدكتور خالد زكريا أمين أستاذ مساعد المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية و مستشار أول إصلاحات المالية العامة بالمجلس الوطنى للتنافسية أن الموازنة العامة فى الدولة تضع مخصصات مالية لنحو 33 وزارة و250 مديرية تتبعها و27 محافظة و150 هيئة خدمية واقتصادية واجتماعية و40 مصلحة عامة هى مكونات الجهاز الإدارى للدولة وكل هذه الأطراف تشارك فى عمليات صياغة واعداد الموازنة السنوية لمصر والتى يراقب على تنفيذها نحو 14 ألف مراقب مالى تابعين لوزارة المالية.
ويضيف أن الاهتمام بملف الموازنة العامة للدولة يأتى من كونها الانعكاس المالى للسياسات الحكومية ومدى انحياز تلك السياسات لفئات المجتمع المختلفة، ولذا فإن الأخذ بالمعايير العالمية فى جميع مراحل اعداد وتنفيذ هذه الموازنة واصلاح ادارة المالية الحكومية سيسهم فى تحقيق عدد من الاهداف مثل زيادة فعالية الانفاق العام والشفافية والمساءلة الاجتماعية والضبط المالى والقدرة على توقع الأداء المالى بشقية ايرادا وإنفاقا وايضا الربط بين السياسات المعلنة للدولة وعمليات الانفاق العام.
وقال إن الرؤية الحديثة لإصلاح الموازنات العامة تركز على 6 مكونات رئيسية الاولى التخطيط الاستراتيجى للموازنة، واعداد الموازنة، وادارة الموارد المالية، التدقيق المالى الداخلى والرقابة المالية، المحاسبة وإعداد التقارير، المساءلة الخارجية، مشيرا الى أن هناك اتجاها متزايدا فى العالم لإنشاء وحدات للتخطيط المالى الكلى تكون مسئولة عن التنبؤ بالاداء المالى للحكومة فى الفترات المقبلة، بجانب المساعدة على الربط بين السياسات المالية والنقدية.
 وأكد ان الحكومة ومجلس النواب مدعوان للاهتمام باتخاذ خطوات لاستكمال هذه الاصلاحات والتحول الى موازنة البرامج والاداء والتى تحتاج لربط منظومة الاصلاحات المالية بالإصلاح الادارى، بما يسهم فى تحسين مؤشرات تنافسية مصر سواء التصنيف الائتمانى أو فيما يخص الشفافية وممارسات الاعمال، بجانب احكام الرقابة بصورة اكثر فعالية على الإنفاق العام حيث تمنع ميكنة المدفوعات المالية مثل الضغوط التى تمارس على المراقبين الماليين.
معايير «البيفا»
ويضيف أنه خلال عام 2001 تم عقد اجتماع مشترك ضم خبراء من البنك الدولى وصندوق النقد الدولى بجانب السلطات المالية المعنية بكل من المملكة المتحدة وسويسرا والنرويج وفرنسا انتهى إلى وضع 28 مؤشرا لقياس أداء الإدارة المالية الحكومية عرفت باسم «البيفا» اضيف لها فيما بعد 3 معايير أخرى خاصة بممارسات الدول المانحة، ومنذ هذا التاريخ وهناك تقارير تصدر عن أداء مناطق العالم المختلفة وفقا لهذه المعايير.
التعليم والصحة
وتؤكد الدكتورة إسراء عادل الحسينى المدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أهمية أن تراعى الموازنة العامة للسنوات المقبلة اعداد اطار مالى متوسط الاجل لوضع مخصصات مالية لقطاعى التعليم والصحة  لمدة 3  سنوات متتالية على الاقل بما يضمن الارتقاء بخدمات القطاعين بصورة حقيقية. وتقول إن هذه الموازنات القطاعية متوسطة الأجل هى خطوة ضرورية للتحول الى موازنات البرامج والأداء التى تستهدف الدولة تطبيقها بدلا من النظام الحالى المعتمد على موازنة بنود لا ترتبط بتحقيق اهداف محددة، مشيرة الى ان هذا التحول يحتاج أيضا لتعديلات تشريعية وتغيير اللوائح والاجراءات الادارية إلى جانب تدريب العاملين بالهيئات الموازنية على النظام الجديد.
مكافحة الفساد
وتؤكد الدكتورة ياسمين محيى الدين اخصائى الإدارة المالية الحكومية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ضرورة تطوير منظومة الرقابة المالية وعمليات التدقيق المالى الداخلى والخارجى من خلال تطبيق المعايير الصادرة عن المنظمة الدولية للمؤسسات العليا والمراقبة المالية لأهداف عمليات الرقابة وهى التأكد من ممارسة عمليات منظمة واخلاقية قائمة على مبادئ الاقتصاد والكفاءة والفعالية وتنفيذ متطلبات المساءلة والالتزام بالقوانين واللوائح المتعلقة بجمع وصرف المال العام خاصة قوانين مكافحة الفساد والحفاظ على الموارد العامة من الاهدار وسوء الاستخدام والتلف نتيجة الاهمال او سوء الادارة أو وجود  مخالفات وتزوير.
العدالة الاجتماعية
يؤكد السيد محمود الشريف وكيل مجلس النواب وعضو المجلس عن دائرة أخميم بسوهاج «تحالف دعم مصر» ونقيب السادة الأشراف أن الموازنة يجب أن تدعم بشكل قوى وحقيقى الفقراء ومحدودى الدخل وتخفف متاعب الحياة عليهم ولا تضيف أية أعباء إضافية وفى نفس الوقت لا ترهق المستثمر بالشكل الذى يجعله يهرب من الاستثمار فى مصر بما يحقق العدالة الاجتماعية.
ويقول «الشريف»: أن الموازنة أيضًا تتضمن بنودا واضحة لتعمير سيناء والصعيد والصحراء الغربية وتجارب الفقراء واضحة من خلال ضخ استثمارات كافية فى المشروعات القومية كثيفة العمالة بما يساهم فى توفير فرص عمل للشباب والقضاء على البطالة.
ويضيف أن أهم شيء فى الموازنة هى أن تعالج الجوانب الاجتماعية للمواطنين وحالات الفقر وتعمل على الحد من العشوائيات من خلال رصد ميزانيات للقضاء عليها من ناحية وتطويرها من ناحية أخرى والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ويخدم التنمية ويحافظ على حقوق العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات والفقراء وتخصيص مبالغ كافية لملف الإسكان.
الزراعة والرى
ويؤكد المهندس عبد الحميد الدمرداش نائب دائرة الرياض بكفر الشيخ ومرشح تحالف فى حب مصر لرئاسة لجنة الزراعة الرى أن الموازنة العامة للدولة يجب أن تكون متوازنة بحيث تحقق المعادلة الصعبة وهى دعم الفقراء وفى نفس الوقت تشجع الاستثمار.
ويوضح «الدمرداش» أنه لابد من تقديم كافية الدعم للفلاح المصرى بما يعمل على زيادة صادرات مصر من المنتجات الزراعية ويعود على الاقتصاد القومى بالعملة الصعبة مؤكدًا على ضرورة تحويل الدعم العينى إلى نقدى وتحرير أسعار السماد وغيرها من مستلزمات الإنتاج الزراعى وفى كل المجالا بما يساهم ويقول إنه لابد أن تتضمن الموازنة العامة للدولة بنودا واضحة ومحدد لشق الترع وتطوير منظومة الرى من خلال بناء سدد وتطهير موارد المياه وحمايتها من التلوث وحماية النيل.
الشباب والعمال
أما نائبة الفيوم الدكتورة سحر الهوارى والمرشحة لرئاسة اللجنة الرياضية بالمجلس فتؤكد على ضرورة أن تتضمن الموازنة العامة للدولة بنودا واضحة لإنشاء وإصلاح وتطوير مراكز الشباب والأندية الرياضية وتحويلها إلى مراكز تنوير شاملة.
ويؤكد عبد الفتاح محمد عبد الفتاح نائب الإسكندرية والمرشح لوكالة لجنة القوى العاملة بالمجلس أنه سيرفض الموازنة العامة للدولة ويدعو الأعضاء إلى رفضها إذا تضمنت أى مساس ببنود الدعم للفقراء بداية من رغيف العيش أو الطاقة أو غيره من أوجه الدعم.
الصرف الصحى
ويقول أبو العباس تركى نائب الإسكندرية والمرشح لرئاسة لجنة الإسكان أنه سيرفض الموازنة العامة للدولة إذا لم تتضمن خططا واضحة ودعما كافيا لتوصيل مياه الشرب النقية والصرف الصحى لكافة أنحاء البلاد مع تطوير منظومة العرف القائمة والتى كشفت الأمطار الأخيرة فشلها.
ويضيف أنه لا بد من توافر ميزانية كافية لصيانة مرفق مياه الشرب الصرف الصحى القائمة وليس الاكتفاء فقط ببناء محطات جديدة.
توزيع الخدمات
أما سمير شاهين أبو شامة نائب دائرة شبين بالقليوبية فيطالب بضم صندوق تحيا مصر للموازنة العامة للدولة للحد من العجز فى الموازنة مؤكدًا أعلى ضرورة أن تتضمن الموازنة العامة الدعم الكافى للتعليم والصحة وتحقق العدالة الاجتماعية وتوزيع الخدمات لجميع المحافظات بالتساوى وفقًا لعدد السكان.
ويشير إلى أهمية الاهتمام بمشاريع مياه الشرب والصرف الصحى ورصف الطرق وتحديد ميزانيات كافية لها.
اللامركزية والبطالة
ويؤكد اللواء صلاح عفيفى نائب دائرة أسوان عن حزب حماة الوطن ضرورة أن يتم تقسيم الموازنة على أساس اللامركزية بحيث يتم تحديد موازنة محددة لكل محافظة بمعنى أن تكون ميزانية الإقليم بيد المحافظ وهو يحدد أوجه الانفاق التى يراها وفقًا للواقع على أن تحدد الميزانية بعدد السكان مع الوضع فى الاعتبار تحديد موازنة خاصة للتنمية بالصعيد وسيناريو المحافظات الحدودية بحيث يكون هذا النظام بديلًا لإعطاء الموازنة لتكون أوجه النظام بديلًا لاعطاء الموازنة لتكون أوجه الانفاق بيد الوزارات.
ويشير إلى أهمية تخصيص موازنات كبيرة للتعليم والصحة وكذلك دعم لتنشيط السياحة وإقامة المشروعات الزراعية والمشروعات الصغيرة واستصلاح الأراضى الصحراوية وتطوير النوبة والصعيد.
ويوضح «عفيفى» أنه من الضرورى أن يتم تحديد بنود فى الموازنة من أجل تشغيل الشباب للحد من البطالة على أن تكون تشغيل الشباب للحد من البطالة على أن تكون هذه الوظائف وتحديدها وصاحب القرار فيها هو محافظ الاقليم وفقًا للاحتياج الفعلى.
دولة المواطن
ويقول النائب الشاب عمرو أبو اليزيد نائب دائرة بولاق الدكرور أن الموازنة العامة كى يتم إقرارها من البرلمان لابد أن تضمن حياة كريمة للمواطن من حيث توفير دعم كاف للصحة والقضاء على البطالة مع زيادة ميزانية البنية التحتية الخاصة بمياه الشرب والصرف الصحى والطرق وغيرها مع إجراء عمليات إحلال وتجديد سريعة لكل المبانى والمرافق المتهالكة بكل الهيئات والمصالح الحكومية والمرافق والطرق.
ويضيف أننا سنحاسب الحكومة حساب الملكين فى كل بنود الموازنة ولن نترك كبرية ولا صغيرة بها دون مناقشة مؤكدًا على ضرورة زيادة الموازنة المخصصة لقطاع مياه الشرب والصرف الصحى والإسكان لتتعدى الـ20 مليار جنيه بكثير وكذلك زيادة الدعم المخصص لمنظومة التعليم والصحة مؤكدًا على ضرورة أن تتجاوب هذه الموازنة مع نبض الشارع المصرى وتكون لصالح المواطن بما يحقق مبدأ «دولة المواطن».
محدودو الدخل
ويؤكد النائب راشد أبو العيون دائرة القوصية - أسيوط وعضو لجنة الخطة والموازنة أنه سيرفض الموازنة العامة للدولة فى حال تقديم الحكومة لها وتتضمن أى مساس بمحدودى الدخل باعتبارهم خط أحمر لن نقبل تجاوزه أو المساس به من جانب الحكومة.
ويقول إنه لا بد أن يتضمن مشروع الموازنة دعم كافى للنهوض بالصحة وإنشاء المستشفيات وتقديم العلاج المجانى للفقراء وكذلك تخصيص دعم كاف لإسكان محدودى الدخل.
ويتفق معه فى الرأى عبد الفتاح جمال نائب دائرة أبو تيج أسيوط والمرشح لوكالة لجنة الزراعة والرى ويؤكد على ضرورة الاهتمام بدعم الفلاح وتخصيص موارد كافية فى الموازنة لهذا الغرض بما يعمل على وصول مستلزمات الإنتاج والبذور والسماد بأسعار مناسبة.