الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«القليوبية» تنجح فى تحويل قلعة صناعية لمركز رئيسى للإهمال

«القليوبية» تنجح فى تحويل قلعة صناعية لمركز رئيسى للإهمال
«القليوبية» تنجح فى تحويل قلعة صناعية لمركز رئيسى للإهمال




القليوبية - حنان عليوه

مصرف تحول لمقلب قمامة.. معديات من شجر النخيل.. روائح كريهة.. طرق محطمة.. قطاع طرق.. منتجات تالفة بسبب عدم تسويقها.. هذا حال المنطقة الصناعية بالعكرشة التابعة لمدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، بل ويمتنع الخبراء الأجانب عن صيانة المعدات بسبب سوء حالة المنطقة، وخوفا من إصابتهم بالأمراض المزمنة، علاوة على أنها ليست منطقة عشوائية على عكس ما ردده المترددين على المنطقة.
تلك الكوارث أفقدت المنطقة هويتها الصناعية، وحرمتها من تسويق منتجاتها، بعد أن طالها الإهمال من جانب الحكومة، الأمر الذى دفع رجال الأعمال بوصف «العكرشة» بأنها عشوائية، ما أدى إلى تعرض أصحاب المصانع إلى خسارات فادحة، لعدم تمتع المنطقة بالمرافق الأساسية، وانهيار البنية التحتية.
انتقلت «روزاليوسف» إلى «العكرشة» لتسلط الضوء على المنطقة وترصد معاناة أصحاب المصانع، والأسباب التى أفقدتها هويتها الصناعية.
بداية يقول جميل صالح، 45 سنة، صاحب مصنع نحاس لتغليف الأسلاك 3 مللى الكهربائية، الكائن بمنطقة العكرشة فى الخانكة، إن المصنع يعمل به نحو 23 عاملا «نصف العمالة العام الماضي»، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها المصنع خلال الفترة الحالية.
ويشير صالح إلى أن توقف حركة البيع والشراء أثرت بالسلب على أرباح المصنع، بل وصلت إلى حد الخسارة، حيث إن يومية العامل 100 جنيه، لينتج طنا أو طنا ونصف الطن، ورغم أن المصنع الآن ينتج الآن نصف الكمية إلا أن العاملين يأخذون نفس مرتباتهم، ناهيك عن الخسائر الفادحة التى يواجهها جراء شراء المواد الخام التى تدخل فى المنتجات.
ويضيف إبراهيم منصور، صاحب مصنع: لايوجد تسويق للمنتجات فى تلك الفترة بسبب الظروف الاقتصادية، وننتظر البورصة لرفع الأسعار، موضحا أن تكلفة أعمال طن الأسلاك حوالى 5 آلاف جنيه، منوها إلى أن المنتجات تم حجزها وفى انتظار فتح التسويق لتسليم المنتجات، قائلا: «لو قمت بتسويقة حاليا سوف اتعرض لخسارة حوالى 200 ألف جنيه قيمة الأعمال».
ويلفت منصور إلى أن العمال لا يتمتعون بالتأمين الصحى إلا بعد مرور أكثر من عامين ممن ممارسة العمل، فى الوقت الذى لا يمكن فيه ارتباط العامل بمكان محدد، نظرا للمشاكل أو الأزمات الاقتصادية، منوها إلى أن خالد شوقى «أحد العمال» أصيب فى عينه ولا يتمتع بتأمين صحى، الأمر الذى يجبره على تحمل نفقة العلاج على حسابه الخاص فى الوقت الذى يعانى ضعف حالته المادية.
انتقلت «روزاليوسف» إلى مصانع الزهر، التى تستخدم فى مياه الشرب، وأيضا فى صناعة مواسير ضغط المياه التابعة للشركة العامة لمياه الشرب، وتتم صناعته من خلال تجميع الحديد الخردة وصهره وتحويله إلى زهر.
ويلفت عزت نجيب، أحد المتضررين، إلى أنه اشترى ماكينة ديزل لتوليد الكهرباء سعة ميجا واحدة «1000» كيلو بـ700 ألف جنيه، رغم ذلك تقوم شركة الكهرباء بإجبار أصحاب المصنع على سداد قسط ثابت بقيمة 30 ألف جنيه، بالإضافة إلى الاستهلاك الشهرى، الأمر الذى دفعهم إلى التقدم بشكوى إلى غرفة الصناعات باتحاد الصناعة.
ويستنكر نجيب ما تقوم به شركة الكهرباء على إجبار أصحاب المصانع على سداد قسط ثابت، حيث إن المصانع التى لا يزيد استهلاكها على 600 كيلو تلزمه الشركة بسداد قيمة الاستهلاك الثابت «800 كيلو»، حيث يتساوى حينها الشركات الكبرى بالمصانع الصغيرة، دون مراعاة أرباح كل منهما.
ويرى سيد حسنى المرسى، صاحب مصنع، أنهم مستعدون لسداد تعريفة الكهرباء كما تحددها الدولة، شريطة أن يقوموا بسداد فاتورة الكهرباء طبقا لاستهلاكهم الفعلى، منوها إلى أنه يقوم بدفع 360 ألف جنيه سنويا، فى حين أن استهلاكه لا يتجاوز نصف المبلغ الذى يقوم بسداده للشركة.
ويطالب نصحى كمال، متضرر، بالتنازل عن مصانعهم بالمعدات للدولة، مقابل قيام الدولة بسداد قيمة الاستهلاك لهم، مشيرا إلى أنه تم إغلاق نحو 90% من المصانع بمعدل 220 مصنع حديد، يعمل فى كل مصنع منهما 40 عاملا بإجمالى 880 أسرة بقطاع واحد فقط وهو مصانع الحديد، بسبب الخسائر الفادحة التى يتعرضون لها، ومازال يعمل 50 مصنعا فقط وفى طريقهما أيضا للغلق.
ويوضح هانى شفيق، صاحب مصنع، أن العكرشة يوجد بها جميع الصناعات مثل: «قطن- نحاس- ألومونيوم حديد- بلاستيك- ورق- طوب حرارى»، فهى منطقة صناعية معتمدة، لكنها تعرضت لخسائر كبيرة بعد أن غلق المصانع 3 سنوات بعد الثورة، منوها إلى أن الخردة التى كانت تأتى من الشركات بالقاهرة 8 أطنان يوميا، والآن تراجعت للنصف، بفعل الإهمال.
ويقول أسامة خليل، أحد المضارين: «الصناعة بتموت، والمصانع بتشتغل نصف انتاجها عشان حالة الركود اللى إحنا فيها»، مشتكيا سوء الخدمات والمرافق بالمنطقة ورفض المستثمرين العمل بالعكرشة لعدم تهيئتها، مقارنة بالمناطق الصناعية المشهورة مثل العبور و6 أكتوبر والعاشر، وذلك بسبب عدم وجود صرف صحى، وتهالك الطرق، والمصرف الذى تحول إلى مقلب قمامة.
ويستنكر خليل عدم وجود كوبرى علوى أو حتى مشاة، حيث إن تبادل المنتجات بين المصانع بعضها البعض لابد أن يمر بالمصرف، من خلال ألواح الشجر التى تقوم بدور المعدية، منوها إلى المصانع تغرق فى مياه الصرف الصحى رغم الردم بحوالى 2 متر، معلنا استياءه من سوء حالة الطرق وضيقها وعدم رصفها، الأمر الذى يتلف السيارات.
ويشير ميشيل كامل، صاحب مصنع، إلى أن المنطقة الصناعية لا يوجد بها وحدة مرور أو نقطة شرطة لحماية المصانع من السرقة وتعرض الحمولات للبلطجية، حيث إن أصحاب المصانع يضطرون لدفع اتاوات للبلطجية لحمايتهم من السرقة، فضلا عن تخصيص خفير خصوصى لكل مصنع.
ويتابع: ولا توجد وحدة مطافى للسيطرة على الحرائق، فضلا عن أن الوحدة الصحية تفتقد الخدمات الطبية، وتشتكى غياب الأدوية والأطباء، وتعتبر أقرب مستشفى للمنطقة هو الخانكة الذى يبعد 6 كيلو عن المصانع، الأمر الذى يعكس بدوره أن العامل الذى يصاب أثناء العمل لا يجد من يسعفه.
ويطالب ناجى متولى، بتعميم توصيل الصرف الصحى للمصانع والمساكن، حيث اقتصر المشروع على المنازل فقط رغم أن كل منزل يجاوره حوالى 5 مصانع، مستنكرا قرار المحافظة بتوصيل الصرف الصحى للمنطقة السكنية فقط دون المصانع، رغم مرور مواسير الصرف أمام المصانع.
ويشير تامر على، صاحب مصنع، إلى أن مواسير الغاز الطبيعى أيضا تمر بالمصانع ولم تصل سوى شركات ومصانع محددة وهى: «أراسمكو للسيراميك- المنى للمكرونة»، وعندما طلب أصحاب مصانع الحديد التطوير واستخدام الغاز بدلا من المازوت لأنه مصدر تلوث أكد المسئولون أنه لابد من إنشاء محطة ضغط.
ويلفت أصحاب المصانع إلى أن الدولة تعرقل عمليات التطوير، حيث إنه رغم إعلان المسئولين عن وجود قروض للتطوير، إلا أن أصحاب المصانع لم يستطيعوا سحبها إلا بالترخيص الذى لا يصدر إلا بعد التطوير، لكن الكارثة هنا أنهم يصطدمون بأزمة حقيقية بعد التطوير وإنفاق الأموال حيث يجدون القروض عبارة عن قرض معدات وليس أموالا.
وتابعوا: إن جمعية المستثمرين لم يكن لها أى نشاط ملحوظ، ولا تفيد أصحاب المصانع، حيث قام المتضررون بعرض الشكاوى لاتحاد الصناعات ولم تسفر الاجتماعات عن حلول ولم نجد سوى رد «هنشوف ونرد عليكم» ولا حياة لمن تنادى.
ويشير أصحاب المصانع إلى أن مصانعهم تسبق المنازل، ولا توجد أى شكوى من الطرفين، حيث إن معظم أصحاب المصانع بالمنطقة لهم منازل قريبة، ويوجد تأمينات عامة للعمال، لكن لا يوجد تأمين صحى بسبب عدم انتظام العمال بالمصانع، ففى المصنع الواحد هجر أكثر من 22 عاملا الصناعة ولجأ الى العمل بمجالات أخرى بحثا عن الرزق نظرا للظروف المعيشية الصعبة واشترى عدد منهم «توك توك- سيارات- تروسيكلات» للعمل عليها.