الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تدريب الشباب.. الفريضة الغائبة!

تدريب الشباب.. الفريضة الغائبة!
تدريب الشباب.. الفريضة الغائبة!




إلهام عبد العال  تكتب

لإنسان هو من يبنى الحضارة وهو من يهدمها، هو من يعمر وهو أيضا من يدمر ويفجر، ولم تقم حضارة يوما فى أرض مهجورة لا يعيش عليها إنسان.
إذا كان الأمر كذلك، والإنسان هو البداية والنهاية، فلماذا نهمل بناء الانسان؟
فهل يكفى الاهتمام بحفر القنوات وانشاء الطرق واقامة البنايات، لاقامة حضارة؟ بالتأكيد لا، فالجاهل والعاطل والمقهور ليسوا إلا قنابل موقوتة يمكنها فى لحظة أن تهدم كل بناء مهما علا، وكل حضارة مهما عمرت.
فى مصرنا الغالية، ثروتنا ونكبتنا هى الإنسان، فرقم الـ٩٠ مليونًا الذى يبدو مزعجا، يمكنه أن يصبح ثروة هائلة إن أحسنا تعليمه وتدريبه وتشغيله،  ولننظر إلى اليابان نموذجا، فعدد سكان اليابان تخطى ١٢٨ مليون نسمة، على مساحة من الأرض تقل عن ٤٠٪‏ من مساحة مصر، فمساحة اليابان لا تتعدى ٣٧٨ الف كيلومتر مربع، ٧٠٪‏ منها جبال وعرة، تتسم بانتشار الزلازل والبراكين بها، ورغم هذا فمتوسط دخل الفرد فى اليابان يصل الى ٢٩ الف دولار سنويا وتعد فى المركز التاسع عالميا من حيث أعلى الدول دخلا للفرد فى العالم فى مقابل اقل من ٣ آلاف دولار للفرد فى مصر سنويا.
إذا فالإنسان العاطل الذى هو المشكلة فى مصر، هو ذاته المنتج والحل فى اليابان.
لم تصل اليابان التى دمرتها الحرب العالمية الثانية إلى ما وصلت إليه إلا بالتعليم والتدريب، فتطوير التعليم والذى اتخذ الرئيس قرارا بشأنه مؤخرا، هو ركيزة مهمة لبناء الإنسان المنتج، لكن الركيزة الأخرى الأكثر أهمية فى اللحظة الراهنة هى التدريب.
التدريب على الصناعات اليدوية، وإقامة المشروعات متناهية الصغر المنتجة والتى يتحول من خلالها كل بيت فى مصر إلى ورشة صغيرة منتجة، وتتحول كل يد فى مصر الى يد منتجة، والأمر هنا لا يتوقف فقط على التمويل والذى وجد حلا جزئيا من خلال مبادرة البنك المركزى بتمويل المشروعات الصغيرة، لكن الأمر الأكثر أهمية هو التدريب على الإنتاج وتسويق المنتج وإعلاء شعار صنع فى مصر، والمصرى أكثر جودة.
التدريب فى مصر يحتاج هيئة قومية كبرى، تتوفر لها ميزانية ضخمة، ويقوم عليها عسكريون وتعمل بنظام معسكرات الجيش، وتكون عبارة عن كتائب تدريبية منظمة، تضم ورشا مجهزة ومدربين لكل حرفة، أو مهارة، ولتكن مقرات تلك الورش التدريبة فى مراكز الشباب المنتشرة فى كل أنحاء الجمهورية، بحيث  ينضم لها كتائب الشباب من خريجى مراحل التعليم المختلفة، من المتسربين ومتوسطى التعليم وأصحاب الشهادات الجامعية النظرية، بحيث يتخرج الشاب وقد اتقن صنعة ما، وحينها يسهل مده بقرض حسن أو منخفض الفائدة لإنشاء ورشة انتاجية.
ثم تأتى المرحلة الثانية والتى لا تقل أهمية عن المرحلة الأولى، وهى إنشاء شركات متخصصة للتسويق داخليا وخارجيا، تتولى تسويق منتجات تلك الورش داخل مصر وخارجها، عن طريق الانترنت والمعارض.
نهضة مصر ليست مستحيلة، لكنها تحتاج فقط الى الحسم والحزم والجدية من المسؤلين والتخلى عن «الشو الإعلامى» الذى تقوم به بعض الوزارات المهتمة بالشباب إلى العمل الحقيقى على أرض الواقع.