الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

زوج غير رومانسى!

زوج غير رومانسى!
زوج غير رومانسى!




عاطف بشاي  يكتب:


«أيسوب حكيم عاش فى القرن السادس قبل الميلاد تضاربت الأقوال حوله فمن الباحثين من ينكر وجوده أصلاً ويعتقد أن اليونانيين القدماء كانوا ولوعين بنسبة الأعمال إلى مؤلف ما، فإن لم يجدوه اتخذوا لها مؤلفا، ومنهم من يرى أنه شخصية شبه اسطورية، وأنه المؤلف لمئات من الحكايات الخرافية التى نسبت إليه، وتحمل مغزى أخلاقياً أو حكمة تلخص معنى فلسفياً، منها هاتان الحكايتان اللتان ترجمهما «د.إمام عبدالفتاح» فى كتابة عنه.
الحكاية الأولى: فحواها أن ثعلبة سخرت ذات يوم من لبؤة لأنها لا تنجب أبداً سوى شبل واحد فى كل مرة، فأجابتها اللبؤة: «واحد فقط، نعم، لكنه أسد»..
والمغزى الأخلاقى لتلك الحكاية أن القيمة الحقيقية لأى شىء تكمن فى نوعه لا عدده، أى المهم هو الكيف لا الكم.
وأهدى هذه الحكاية لمحدودى الموهبة من الكتاب ومؤلفى المسلسلات، والأفلام التليفزيونية التى يمطروننا بوابل من أعمالهم الغزيرة السطحية، وقد تحولوا من كتاب إلى ماكينات فيشار.
الحكاية الثانية: تقول إنه كان فى مدينة «أفوس» منذ سنوات مضت امرأة فقدت زوجها الذى كانت تحبه حباً جماً فوضعت جثمانه فى تابوت، وعاشت فى منزل بجوار قبره حزينة تنعى هذا العزيز الغالى، تبكى ليلاً ونهاراً وتعيش على ذكراه، وذات يوم اتهم لص بسرقة معبد كبير الألهة، «زيوس» وحكم عليه أن يصلب، وقد جرت العادة أن يكون هناك جنود يحرسون جثث من صلبوا ويمنعون اللصوص من سرقتهم، وكانوا يجلسون بجوار القبر الذى دفنت فيه المرأة زوجها» وحدث أن نال العطش ذات يوم من أحد الجنود فطلب جرعة  ماء من جارية المرأة، فرأى الجندى الأرملة لأول مرة، كانت امرأة رقيقة، رائعة الجمال، فوقع فى غرامها من أول نظرة، وبدأ يصطنع الأعذار لرؤيتها كل يوم، محاولاً أن يتودد اليها، وشيئاً فشيئاً بدأت المرأة تستسلم لغزله ثم وقعت فى حبه، وهكذا أصبح هذا الحارس يقضى لياليه معها، وكانت النتيجة أن اختفت ذات ليلة جثة من جثث الذين صلبوا وكان يقوم على حراستها وفى الصباح اخبر الحارس معشوقته بما حدث وهو مذعور، لكن جوابها كان حاضراً: ليس ثمة ما يدعوك الى الخوف والرعب على هذا النحو: خذ جثة زوجى وعلقها على الصليب مكان الجثة المسروقة حتى لا تعاقب بسبب اهمالك فى الحراسة «على طريقة المثل الشعبى الحى أبقى من الميت».
والمغزى الأخلاقى للحكاية أنه بهذا الفعل القذر فقدت المرأة احترام الناس وسمعتها الطيبة السابقة، وأصبحت نموذجاً للاثم والفجور.
ما أبعد اليوم عن البارحة وصفحات الحوادث تمتلئ بعشرات الجرائم التى لا تنتظر فيها الزوجة الخائنة أن يموت زوجها قضاء وقدراً لتعيش حياتها كما تريد، لكنها تستخدم الساطور والسلق والتعبئة فى أكياس بلاستيك بمساعدة عشيقها، ثم تعترف أمام جهات التحقيق أنها غير نادمة على قتل الزوج فقد كان لا يتمتع برومانسية كافية.