الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

انفراد تقرير استخباراتى أمريكى: دربنا «6 إبريل» على «حشد المتظاهرين».. والحركة تفوقت على «الإخوان» فى«إشعال غضب» الجماهير

انفراد تقرير استخباراتى أمريكى: دربنا «6 إبريل» على «حشد المتظاهرين».. والحركة تفوقت على «الإخوان» فى«إشعال غضب» الجماهير
انفراد تقرير استخباراتى أمريكى: دربنا «6 إبريل» على «حشد المتظاهرين».. والحركة تفوقت على «الإخوان» فى«إشعال غضب» الجماهير




يكتب: هانى عبدالله

 

مع بدايات العام 2009م.. كانت مجلة «نيويورك تايمز» (New York times) على موعدٍ، من نوع خاص، وعددٍ من «الوجوه الشابة» داخل مقاهى «وسط القاهرة».. كانت الأحداث، وقتها، «ملتهبة» بعض الشىء.. إذ شهدت «القاهرة» – فضلاً عن بعض العواصم العربية الأخرى - موجة احتجاجية «غير معتادة»، نسبيًّا، فى أعقاب ما عُرف إعلاميًّا بـ«الحرب على غزة».. وهى موجة أسهم فى تأجيجها – إلى حدٍّ بعيد – العديد من القوى الدولية، والإقليمية، منها: «إيران»، و«تركيا»، و»جماعة الإخوان».
إلا أنّ «نيويورك تايمز»، كانت لها رؤية «مختلفة» للأحداث، إذ اهتمّت بما شهدته «مسيرات القاهرة» من تغييرات «نوعية» فى تكتيكات التظاهر (!)
ومن ثمَّ؛ كان أن كتبت « سامانثا م. شابيرو» (Samantha M. Shapiro) – فى 22 يناير - تقريرًا «تفصيليًّا» حول أولئك «الصغار»، القادمين للشارع السياسى المصرى، بقوة دفع «الكترونية»، عبر فضاءات الانترنت.. إذ كتبت تحت عنوان: «ثورة.. على طريقة فيسبوك» (Revolution, Facebook-Style)، ما نصه:

«لا جديد بين المظاهرات المناهضة لإسرائيل فى العواصم العربية المختلفة.. فأغلب الحكومات العربية (من عمان إلى الرياض)، اعتبرت ما يحدث صمام أمان يمكن أن ينفس من خلاله المتظاهرون عن غضبهم.. لكن.. كان للاحتجاجات فى مصر – هذه المرة – وقعٌ مختلف، إذ وجهت بعض الجماهير الغاضبة (تقصد: 6 إبريل) انفعالاتها نحو الرئيس المصرى، وحكومته».
ثُمّ كان أنْ تابعت «سامانثا» سرد مشاهداتها، ولقاءاتها، واقتباساتها عن «الصفحات الشخصية» لمؤسسى الحركة بـ«مواقع التواصل الاجتماعي»، فى نحو 5 آلاف كلمة.
أما ما لم تتطرق إليه «نيويورك تايمز»، بشكل تفصيلى، هو: كيف تغيرت «تكتيكات» حركة – حديثة النشأة – مثل «6 إبريل» بين عشية، وضحاها.. عندما قررت أن تقود بنفسها «فعل التظاهر» داخل الشارع، وأن تدعو لفاعلياتها، وأنشطتها بشكل «مستقل»، أو «تنسيقى».. لا بشكلٍ «تابع»، كما كان يحدث - قبل انبثاقها - عن حركة «كفاية»؟!
لكن.. لم يكن هذا الأمر – على كُلِ حالٍ – مُلغزًا، أو عصيًّا عن الحل.
(1)
بالتزامن مع «تعدد» قنوات الاتصال بين «شباب 6 إبريل»، والسفارة الأمريكية بالقاهرة.. كان أن تم توجيه الحركة عبر العناصر «ذات الخلفيات الأمنية» بمؤسسة «فريدم هاوس» (Freedom House)؛ لاستغلال «الأحداث السياسية» كافة، فى تأجيج «حالة الغضب» من النظام المصرى «الأسبق».
ومن ثمَّ.. كان أن بدأت العديد من آليات «الحشد الجماهيري» تنتقل – شيئًا فشيئًا - لعناصر الحركة، بشكل تدريجي، ومتتابع.. وهى «آليات»، رغم بساطتها، إلا أنها على المدى البعيد «ذات تأثير فعال».. ومع ذلك؛ سنترك مهمة شرحها – من باب «التوثيق»، لا أكثر – لتقرير «استخباراتى» أمريكى، تمت كتابته فى أعقاب خطاب 2 فبراير «الشهير» بالعام 2011م (خطاب مبارك «العاطفي»)، بيوم واحد فقط.. لحساب مركز «ستراتفور» (Stratfor).
و«ستراتفور» لمن يعرف، هى شركة «أمريكية» تم تأسيسها فى عام 1996م؛ للعمل بمجال الدراسات «الاستراتيجية»، والـ«جيو- سياسية»، و«الاستخبارية».. كما تُعد إحدى أهم «المراكز الخاصة» المعنية بقطاع الاستخبارات، إذ يُمكن اعتبار – كما أطلق عليه البعض بالصحافة الأمريكية – «النسخة الخاصة» من وكالة الاستخبارات المركزية (The Private C.I.A)، إذ إنّ أغلب خبرائه من ذوى الخلفيات الأمنية، و«الاستخبارية» بالولايات المتحدة الأمريكية بدأ التقرير – رغم حالة الانقسام التى شهدها الشارع المصرى، فى أعقاب «خطاب 2 فبراير» – بالجزم بأن مصير «مبارك» إلى زوال.. وأن «القاهرة» ستكتب نهاية 33 عامًا من احتكار «الحزب الوطنى الديمقراطي» للسلطة، فى القريب.. ومن ثمَّ؛ كان أن بدأ «التقرير» فى تشريح (كامل) للقوى السياسية «المختلفة» الموجودة على الساحة المصرية.
وعندما تعرض التقرير لحركة «6 إبريل»، ذكر أن التوجيهات الأخيرة لـ«أحمد ماهر»- منسق الحركة -، التى نقلها لشباب «الحركة»؛ شددت على ضرورة أن يميزوا أنفسهم عن باق القوى السياسية الموجودة على الساحة، خاصة جماعة «الإخوان»، أثناء عمليات الحشد، والتحرك.
وهنا.. يشرح التقرير نموذجًا «مهمًا» للتفريق – من حيث «تكتيكات الحشد» – بين «6 إبريل» وجماعة «الإخوان»، إذ عاد – بدوره – لبدايات عملية «التغير التكتيكي» تلك (أى: الحرب على «غزة» بالعام 2009م).. وهى الفترة التى تناولها بالمتابعة، أيضًا، تقرير «نيويورك تايمز» السابق، إذ أوضحت متابعات مركز «ستراتفور» أن أحد الأمثلة «المحورية» فى التمييز بين الفريقين، هى أن الحركة – أي: 6 إبريل - كانت تستغل مثل تلك الأحداث؛ لتفجير الغضب الجماهيري، متجاوزة - على خلاف الإخوان – مضمون الحدث نفسه (!)
أى إن «الحركة» كانت تعمد فى مثل تلك الحالات إلى «توسعة» قاعدة الجماهير الغاضبة، عبر ربط الأحداث بالعديد من المشاكل الأخرى.. ففى حالة «الحرب على غزة» – على سبيل المثال – لم تعمد «6 إبريل» إلى استغلال الحدث فى التنديد بالعلاقات «الدبلوماسية» بين الحكومة المصرية، وتل أبيب، فقط.. بل ربطته – كذلك – بالفساد، والطبيعة القمعية للحزب الحاكم.
ومن هنا؛ (والقول لنا): يمكننا ملاحظة تأثير «عمليات التوجيه السياسى»، من قبل الجهات الأجنبية «المانحة» – أى: جهات التمويل – على آليات، وتكتيكات الحشد الجماهيرى الذى انتهجته «6 إبريل».. فكلما ازدادت «قاعدة المطالب»، أو استطالت «قائمة الانتقادات» – بغض النظر عن دقة تلك المطالب، أو الانتقادات، من عدمه – فإن هذا سيصب (تدريجيًّا) ناحية «القاعدة الجماهيرية» لداعمى الحركة.
ومرة، تلو الأخرى؛ ستزداد كتلة رافضى سياسات الحكومة.. إذ ستصادف – قطعًا – أيٌ من تلك المطالب، أو الانتقادات (فكرة، أو خاطرة، أو قناعة) لدى متلقى «الخطاب التثويرى».. ومن ثمَّ.. سيصبح اصطفافهم خلف «الحركة» أسهل، وأسرع، فى كل مرة يتم خلالها الدعوة لـ«وقفة احتجاجية» جديدة.
وبغض النظر عن مضمون تلك المطالب، أو النتائج «الانفعالية» المترتبة على تلك الدعوات، فى حينه.. فيمكننا بسهولة، ملاحظة أن آليات «التوجيه السياسى» تلك، قد انعكست - بشكلٍ متتابع - على العديد من بيانات الحركة.. فى وقت لاحق.
(2)
وسط العديد من أجواء «الشد والجذب» فى أعقاب «الحرب على غزة»  وهى الأزمة التى تم استغلالها، إذ ذاك، من قبل كلٍ من: تيار «الإسلام السياسي»، و«الحركات الاحتجاجية»، على حدٍّ سواء – كان أن بدأت «القاهرة» فى تكثيف تحركاتها «الدولية»: (سياسيًّا، وأمنيًّا)؛ لقطع خطوات «جادة» فى سياق رأب الصدع السياسى بـ«القضية».. وهو ما لم يكن محلاً لترحيب التيار «اليمينى المتطرف» داخل إسرائيل.
وبالتوازى مع استعدادات «القاهرة»، عبر زيارة «رسمية» لنائب رئيس الجمهورية الراحل «عمر سليمان» للأراضى المحتلة فى إبريل من العام 2009م – كان «سليمان»، وقتها، مديرًا لجهاز المخابرات العامة -؛ أعادت تقارير صحفية «عبرية» مناقشة الموقف المصرى «الرسمى» من وزير الخارجية الإسرائيلى «أفيجدور ليبرمان»، إذ سبق أن أطلق «ليبرمان» فى أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2008م، تصريحات صحفية، تتعرض بالإهانة لرئيس الجمهورية الأسبق «حسنى مبارك»، إذ قال: (يُمكن للرئيس المصرى «أن يذهب إلى الجحيم»، ما دام يرفض القيام بزيارة رسمية لإسرائيل).
وكانت تستهدف تلك التقارير – فى المقام الأول – إفشال تحركات القاهرة «المرتقبة»، وإحراجها سياسيًّا.. وعلى هذا.. كان أن بدأت «الآلة الإعلامية» – المحسوبة على «التيار اليمينى» فى تل أبيب – بالتزامن مع لقاء «سليمان»، ورئيس الوزراء الإسرائيلى (بنيامين نتنياهو)، فى الترويج إلى أن «الوزير الراحل» وجه الدعوة لـ«ليبرمان» بزيارة القاهرة، رغم تصريحاته المسيئة للرئيس المصرى (!).. وهو ما لم يكن له أى نصيب من الصحة (!)، إذ أكدت «الخارجية المصرية»، فى حينه، أن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام «العبرية» عن دعوة «ليبرمان» لزيارة القاهرة: «أمرٌ عارٍ من الصحة».
وفى 23 إبريل من العام 2009م – أى بعد لقاء «سليمان»، و«نتنياهو» بنحو 24 ساعة - نفى السفير «حسام زكى»، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، وقتئذ (مساعد وزير الخارجية الحالي، للشئون الأوروبية)، ما رددته مصادر إعلامية إسرائيلية، عن أنّ الوزير «عمر سليمان» - مدير المخابرات المصرية - قد وجه أى دعوة - من أى نوع - إلى وزير خارجية إسرائيل (ليبرمان)، عندما التقاه - بشكلٍ موجز - فى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى.
.. وقال «زكي»، منوهًا عن الدور الذى لعبه، إذ ذاك التيار الساعي؛ لإفشال تحركات القاهرة:
 «إن هذا الخبر عارٍ من الصحة، وإن «سليمان» وجه الدعوة فقط إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية للحضور إلى مصر، فى توقيت يُتفق عليه قريبًا؛ للمزيد من المشاورات حول جهود تحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين.. ولم يكن «غائبًا» عنا – بأى حال من الأحوال - أن «البعض فى إسرائيل»، سوف يحاول إلقاء الشكوك حول «رؤية مصر» من مواقف «وزير الخارجية الإسرائيلي».. التى تحدث بها مرارًا وتكرارًا فى الفترة الأخيرة».
(3)
رغم وضوح «الموقف المصري».. وتأكيده – بشكلٍ كبير – على ثوابته «السياسية» فى التعامل مع «القضية الفلسطينية»، بمختلف جوانبها؛ إلا أن «حركة 6 إبريل» – فى إطار «التوجيهات الأمريكية»، الداعية لاستغلال الأحداث السياسية «المختلفة»؛ فى تأجيج حالة الغضب بـ«الشارع المصري» – لم تلتفت إلى أيٍّ من «التوضيحات الرسمية» فى هذا السياق.
ومن ثمَّ.. كان أن أعقبت «الحركة» توضيح الخارجية المصرية، بـ«بيانٍ» تصعيدي، فى 25 إبريل من العام 2009م.. وهو بيان لم يكن له ما يبرره من «الناحية السياسية».. ولا يُمكن فهمه – كذلك - سوى فى إطار توجيهات «التصعيد»، إذ قال البيان:
«تابعت حركة (شباب 6 إبريل) الأخبار الواردة من صحافة الكيان الصهيونى بشأن دعوة رئيس المخابرات المصرية «عمر سليمان» مسئول الخارجية الصهيونية (ليبرمان)؛ لزيارة مصر، والالتقاء مع «حسنى مبارك»، واستضافته على أرض مصرنا الحبيبة.
إن الحكومات الحرة المنتخبة بإرادة شعبها تأبى دائمًا، أن تكون على طاولة واحدة مع مسئول غربى قد أهان بلادها، وتسارع بمحاولة فرض مقاطعة دولية لهذه الدولة التى تطاولت حتى يتراجع المسئول المتطاول عن تصريحاته، وحين يصل الأمر إلى التهديد بشن هجوم عسكرى يكون الرد الدبلوماسى بطلب فرض مقاطعة دولية لتلك الدولة المهدِدة. فبدلاً من أن يسعى مبارك لفرض عزلة دولية على مجلس الحرب الصهيونى «اليمينى المتطرف» بسبب تصريحات مسئول الخارجية الصهيونية (ليبرمان) – رجل المافيا الروسية - التى يهدد فيها بقصف السد العالى وإعادة احتلال أرض سيناء العزيزة، والتعدى على كرامة مصر، ووصفها بأنها تابعة للكيان الصهيوني، وأن أجندة الحكومة الصهيونية ستطبقها مصر رغمًا عن أنفها.. وجدنا مبارك وزمرته يرفضون المحافظة على كرامة مصر، ويحبون على بطونهم؛ لنيل رضا مجلس الحرب الصهيونى الجديد، وتقديم التنازلات من أجل خدمة مصالحهم الشخصية.
كنا نأمل أن نرى أوامر بوقف تصدير الغاز للكيان الصهيوني، بدلاً من تقبيل واحتضان أعضاء مجلس الحرب الصهيونى .
إن دعوة عمر سليمان لـ(ليبرمان) لزيارة مصر تمثل سابقة خطيرة فى تفريط مبارك وزمرته فى كرامة، ومكانة مصر.. وتمثل – كذلك - اعتداءً على أمن مصر القومي، وتعتبر دليلاً على عمالة النظام المصرى للكيان الصهيوني، والتفريط فى ثوابت القضية الفلسطينية.. ولهذا فإن حركة (شباب 6 إبريل)؛ تدعو جماهير شعب مصر الحبيب إلى رفض زيارة الذل والمهانة التى سيقوم بها رئيس مجلس الحرب الصهيونى (نتنياهو)، ومسئول الخارجية الصهيونية المتطرف (ليبرمان).
(4)
كان لنا – حتى تلك اللحظة – أن نعتبر بيان الحركة، نوعًا من «الجهل السياسي»، أو «الاندفاع الشبابي» المشفوع بـ«غيرة» قطاعات متنوعة من قليلى الخبرة السياسية.. لولا العديد من «المعلومات التفصيلية» التى تتكشف أمامنا – يومًا بعد يوم – حول عمليات «التوجيه السياسى الغربي»، وآليات الحشد الجماهيرى التى تم تدريب مؤسسى الحركة عليها بالخارج، فى أعقاب «عملية التشبيك» التى أمنتها السفارة الأمريكية بالقاهرة لعدد من نشطاء «6 إبريل»، نهاية عام 2008م، مع عدد من «الحركات الدولية» المماثلة فى مدينة «نيويورك».. إذ كان ما شهدته «القاهرة» مع بداية تحرك «6 إبريل» تطبيقًا «حرفيًّا» لتلك التوجيهات والتوصيات كافة.
وهى «توجيهات» كانت تتطلب – فى البداية – التمسك بسلمية التحرك، حتى لا تفقد الحركة الراغبة فى «إسقاط النظام» ظهيرها الجماهيري، الذى تكتسبه بمرور الوقت.. بل كلما رفعت الحركة لافتة «السلمية»، وازدادت المواجهات الأمنية لها؛ كلما اكتسبت مزيدًا من الأرض، وتعاطف الداعمين (لاحظ، هنا، التشابه بين فكرة «المظلومية» لدى جماعة الإخوان.. وهذا التكتيك).
كما لا يُمكننا هنا، أن نغفل – بأى حال من الأحوال – أن أحد الروافد «الأساسية» المغذية لتلك «التكتيكات»، كانت واحدة فى كل من: مصر، وتونس، واليمن، وسوريا مع بداية اضطرابها السياسى (!).. ونقصد بذلك خبرات منظمة «أوتبور» الصربية (Otpor).. وهى الخبرات التى تم نقلها، أيضًا، لكل من: أوكرانيا، وجورجيا، عبر النشطاء الصربيين أنفسهم، فيما عُرف بـ«الثورات الملونة» فى أوروبا الشرقية (!)
ففى تقريرها الذى كتبته «تينا روزنبرج» (Tina Rosenberg)، قبل عام كامل – 13 فبراير 2015م –ونشرته مجلة «نيويورك تايمز»، تحت عنوان: كيف تُسقط ديكتاتورًا (How to Topple a Dictator)، قالت «تينا»:
منذ عدة أعوام، قبل أن تصبح مظاهراتهم مصحوبة بالعنف، أمضى مجموعة من الشباب السورى الباحث عن طريقة للإطاحة ببشار الأسد أسبوعًا داخل منتجع ساحلى معزول خارج سوريا؛ للمشاركة بـ«تدريب على الثورة».
وكانا المدربان: سرديا بوبوفيتش (Srdja Popovic)، وسلوبودان دينوفيتش (Slobodan Djinovic).. وهما قياديان فى «أوتبور» - تلك «الحركة الطلابية»، التى كان لها دور فعال فى إسقاط الرئيس الصربى «سلوبودان ميلوسوفيتش» (Slobodan Milosevic) لعام 2000م.
فبعد نجاحهما فى صربيا، ساهم الاثنان فى دعم الحركات الاحتجاجية «المماثلة» فى كلٍ من: أوكرانيا وجورجيا.. ثم كان أن أسسا، لاحقًا «المركز التطبيقى لحركات اللاعنف» (Center for Applied Nonviolent Action and Strategies)؛ ليُدربا – من خلاله - على طريقة «أوتبور» نشطاء الحركات الاحتجاجية بـ«46 دولة» مختلفة.. إذ كانت تلك المؤسسة الجديدة، التى تُعرف اختصارًا باسم «كانفاس» (Canvas)، تطويرًا لـ«أوتبور»، التى استمدت أفكارها – من حيث الأصل - من أفكار الأكاديمى الأمريكى «جين شارب» (Gene Sharp) عن حركات اللاعنف..لكنهم.. قاموا بتطويرها، والإضافة إليها.
وتنقل «تينا» عن كتاب «بوبوفيتش»، المعروف باسم «مُخطط للثورة» (Blueprint for Revolution)، قوله: إن طريقة «أوتبور»، وشعارها (قبضة اليد المضمومة) تم اعتمادهما من قبل «الحركات الديمقراطية» – على حد توصيفه - حول العالم.. كما أن «المعارضة المصرية» – يقصد: حركة 6 إبريل – استخدمتهما؛ لتطيح بـ«حسنى مبارك».. وفى لبنان ساعد الصرب ثورة الأرز فى تخليص البلاد من النفوذ السوري.. وفى المالديف، ساعدت طريقة «أوتبور» فى إسقاط ديكتاتور كان فى منصبه لأكثر من 30 عامًا.. فى دول أخرى كثيرة، استخدم الناس تدريبات مركز «كانفاس»؛ ليحققوا أهدافًا سياسية أخرى، مثل محاربة الفساد، وحماية البيئة(!)
أما كيف بدأت «تكتيكات أوتبور» تعرف طريقها نحو نشطاء «6 إبريل».. فتلك قصة أخرى.