الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

المشير طنطاوى!

المشير طنطاوى!
المشير طنطاوى!




يكتب: سمير راضى
عزيزى المشير طنطاوى، أرجوك لا تبكى أو تتألم أو تحزن، فقد حزنت حزناً شديداً لتلك الشعارات التى أصابتنى فى مقتل فى ملعب مختار التتش بالنادى الأهلى منذ أيام تطالب بالقصاص منك، من شباب مجروح ولكن لا يعلم.
فقد كتبت منذ أربع سنوات فى هذا المكان أن لولا المشير طنطاوى والفريق سامى عنان ما نجحت ثورة 25 يناير، وغيرت معالم المجتمع شكلاً ومضموناً، وقد خرجت سطورى وقتها وسط الظلام الدامس بالرفق لهؤلاء الرجال، وقلت نصاً لنرى المشهد بشكل آخر إن مبارك ورجاله استطاعوا السيطرة على هذه الثورة المجيدة، فماذا سيكون حال وحياة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، سيتم تقطيع أوصالهما وأشلائهما نساير بل سيتم نسف أولادهما وأحفادهما، وإن استطاع مبارك ورجاله أن يصلوا إلى قبور أبنائهما وأجدادهما لنبشوا قبورهم ووضعوها فى الميادين، لكنهم رجال آثروا حب الوطن والتضحية بما يملكون من شرف وسمعة انحيازاً لهذا الشعب، ناهيك عن الحروب الخفية ضد أصحاب المصالح وجيوب الفساد والذى ضرب أعمدة المجتمع لسنوات عديدة، وعلى الجانب الآخر كان هؤلاء الرجال يرون أن إطلاق النار وإهدار دم الشباب من الكبائر التى لا يغفرها الله لأحد.
أبنائى وأولادى شباب الأولتراس، هل يمكن أن نرى المشهد من هذا البعد الآخر، أن الجيش تعامل مع الثوار الشباب فى 25 يناير من منطلق حالة تمرد غير مشروعة أو قانونية وقتها أعتقد أن القتل لن يصيب ألفاً أو ألفين أو حتى خمسة آلاف، بل ستسيل دماء أكثر من ثلاثة ملايين مصرى، وستهدم أبنية عامة وخاصة لا تحصى ولا تعد.
أبنائى شباب الأولتراس أنا أتكلم عن رجال ليسوا فى السلطة وقد بلغوا من العمر عتيا، فهل تعتقدون أن هؤلاء الرجال الذين سمعوا نداء الوطن وشعبه أن يكون جزاؤهم بعد سنوات أنهم «قتلة» ويجب القصاص منهم؟
أنا أعلم أن الجرح غائر، والألم شديد، بل لا يحتمل، وسأحكى لكم قصة من واقع الحياة ومرتبطة بهذا البطل.
 منذ أكثر من عشر سنوات طلب منه أحد الوزراء المهندس أحمد الليثى انتداب أحد رجال القوات المسلحة ليعيد انضباط إحدى بؤر الفساد فى وزارته وخاطبه أكثر من مرة بالتليفون يرجوه، فضلاً عن الرسائل المكتوبة من وزارة الزراعة إلى وزارة الدفاع، أخذت هذه الأمور شهوراً عديدة كأنها سنوات عجاف، وكانت عبارته الشهيرة لوزير الزراعة: إن رجالى لا يعرفون الفوضى ولا يلعبون فى المنطقة الرمادية، حتى فوجئ المشير طنطاوى بالوزير يدخل مكتبه، غير متنازل عن طلبه قائلاً: إننى أطالبك باسم مصر أن ترسل لى أحد رجالك لهيئة التعمير بالوزارة، ورضخ المشير طنطاوى لطلب الوزير، وتم استدعاء أحد رجال القوات المسلحة اللواء المهندس محمود عبد البر والمهندس العقيد أيمن المعورارى، وتلك قصة أخرى.
المهم، إن هذا الرجل ليس بطالب سلطة أو نفوذ أو جاه وسلطان، ويده لم ولن تلوث بدماء أبنائه وشبابه وشعبه، فقد خاطر بحياته وعائلته وتاريخه طوال توليه حكم البلاد «المجلس العسكرى» ليخرج بالبلاد من عنق الزجاجة الضيق المحفوف بضياع دولة بل أعظم الدول قاطبة، مع الوضع فى الاعتبار إنه كان يمكن أن يفعل الكثير عندما أقاله رئيس الجمهورية وقتها د. محمد مرسى، وآثر الخروج من المشهد بهدوء تاركاً المجتمع يحدد مصيره بالطريقة التى يراها مناسبة له، فهل هذا يلوث يده بدماء الشباب، وترفع هذه الشعارات ضده بهذا الشكل؟
أنا لا أدافع عن أشخاص ولكن أدافع عن مبادئ وقيم، وأرفض التطرف بأى شكل ولون، سواء كان تطرفاً دينياً أو سياسياً، مع العلم بأننى لم أقابل هؤلاء الرجال أبداً ولا أعرفهم شخصياً، فمن حقى أن أطالب بمحاسبة المخطئ فى «جريمة استاد بورسعيد»، ولكن دون اتهام وتشويه رجال أبرياء، عظماء.
نأتى للنقطة الثانية من هذه السطور، ليعلم القارئ حجم المؤامرة الرخيصة فى استغلال شباب أراه نقياً، يملؤه الحزن والعواطف الجياشة المؤلفة، فضلاً عن قلة الخبرة وممارسة حروب السياسة القذرة.
هناك من يعلم أن هؤلاء الشباب الثائر، جاء إلى مقر النادى الأهلى غاضباً، ولهم خبرة فى التعامل مع هؤلاء الجماهير الكروية من «موظفيهم»، فكان يجب كما هو الحال فى مثل هذه الأمور تأمين البوابات بمنع دخول اللافتات والشماريخ، مع الوضع فى الاعتبار أن حجم الألعاب النارية التى دخلت مقر النادى لم يسبق لها مثيل طوال السنوات الماضية.
ولكن هناك من رأى عكس ما تراه الدولة واستقرارها، وإشعال فتيل الأزمة وتجديدها فى نفوس الشباب الصغير، والتحافها بغطاء سياسى، وليدارى أزمته داخل النادى واحتقان الأعضاء، والتغطية أيضاً على فشله الذريع الفاضح داخل أروقة النادى العريق، لا تسلسل الأحداث بعد الحكم القضائى ودعاوى الاستقرار والشرعية، وقبول التعيين، والجمعية العمومية، وغير ذلك من الأفلام والمسلسلات الهندية القديمة.
فمع الموافقة على إقامة هذه «الذكرى المؤلمة» بالشماريخ والهتاف المثير أن تعقد ندوة لقراءة القرآن فى سرادق محدد كما فعلوا قبل ذلك من أجل الاستقرار والسيطرة على الأمور، ولكن لكل مآربه الخاصة وليذهب المجتمع إلى الجحيم، اللهم قد بلغت، وعزائى الشديد لأبنائى وأولادى الذين ذهبوا لمشاهدة مباراة كروية، ولم يرجعوا أحياء، وتباً للأيادى الملطخة بدماء الفتن.