الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

اللواء محيى نوح: دمائى روت سيناء 4 مرات.. وابنتى أنقذتنى من الغرق أثناء تدمير مطار «الطور»




 
■ كيف عرفت بقيام حرب 1967؟

- عدت من حرب اليمن إلى شرم الشيخ مباشرة حيث تلقينا تعليمات بتنفيذ مهمة بالذهاب للإسماعيلية ولم نكن نعلم حينها أن حرب 1967 قامت، ورأينا أناسًا يدخلون علينا بالجلابيب وكان القادة ليلتها منشغلين باقامة حفل فى قاعدة انشاص، ولم يكن للجندى المصرى حينها أى ذنب فيما حدث من خسارة، لكن كانت كلها مسئولية القيادة التى كانت مشغولة عن الوطن، ونحن فى طريقنا من شرم الشيخ إلى الإسماعيلية بدأنا نسمع عن الحرب من خلال الإذاعة التى كانت تذيع دائما عن كم الخسائر فى صفوف العدو الإسرائيلى، ولكنها كانت جميعا بيانات خاطئة ومخادعة.
 

■ وكيف تعاملتم مع الوضع وقتها؟
- عرفنا أن لواء مدرعًا إسرائيليًا خرج من شرم الشيخ فى طريقه إلى القنطرة فطلب منا توقيفه والقضاء عليه فاستخدمنا حينها أسلحتنا الضعيفة وكانت عبارة عن قنابل لاصقة وبنادق آلية و «أر بى جى» رقم 2، وكان اللواء الإسرائيلى يرافقه لواء مشاة ودبابات ومدرعات ومدفعية ومساندة بالطيران، فواجهناه لمدة 24 ساعة فصنعنا حفرًا برميلية ولكن طيرانهم ضرب المنطقة كلها، وضربنا بعض الدبابات وبدأت تقع بعض الخسائر لدى العدو ولدينا.. ثم بدأ العدو يدخل وتعاملنا معه بالأسلحة الصغيرة وكان يمتلك دبابات أمريكية جديدة الصنع فوضعنا تحتها قنابل لاصقة صنعت بعض التدمير، واستطاع هذا اللواء اقتحام الموقع ودخل بالفعل إلى القنطرة، ثم تلقيت أوامر جديدة بجمع الشاردين واحضارهم إلى بورسعيد وأمرت أن أكون قائدا لـ3 مواقع هى «رأس العش» و«الكاب» و«الميناء».

■ أهم اسهامات مجموعتكم فى معركة رأس العش؟
- فى رأس العش بدأت الدبابات التى دخلت القنطرة الولوج إليها وكانت الكتيبة 43 صاعقة فى الضفة الغربية هى من استطاعت الوقوف أمام اللواء مدرع الذى كان ذاهبا لاحتلال بورفؤاد وطلب منا مساندتهم «أنا ومجموعتى» وكنا بالضفة الشرقية وقاموا بالتحرك إلى الكيلو 10، وحينها وصل العدو إلى هناك لعمل موقع فقمت بقطع الاتصالات كلها وصعدت فوق فنطاس مياه وكانت لدينا أوامر بعدم الضرب إلا أننى اتفقت مع مجموعتى أن يفتحوا نيرانهم على العدو ما أن أقوم بضرب طلقة فى إحدى السيارات وبالفعل دمرنا 4 عربات ودبابة وانسحبت أخرى، ثم أتى طيرانهم بعد نصف ساعة وضرب السكة الحديد والطريق وقطع المياه الحلوة وضرب فندق بورسعيد ولم يستطع النيل من العسكريين إلا أنه نال من المدنيين وأخذت قواتى ووضعتها فى الملاحات وأصبت فى هذه المعركة.

■ ما أهم انجازاتكم خلال فترة الحرب؟

- بعد هذه العملية ذهبنا إلى القاهرة لفرع العمليات الخاصة بالمخابرات الحربية وعدنا لتنفيذ عمليات إغارة واستطلاع وحصول على أسرى فسقط ما بين 430 قتيلاً وجريحًا إسرائيليًا ودمرنا 77 مركبة وعملنا استطلاعا بالمنطاد وضربنا مناطق داخل إسرائيل وبسيناء فعملنا 92 عملية مختلفة.

■ ما أول عملية إغارة قمت بتنفيذها مع مجموعتك؟ وما نتيجتها؟


- كانت أول عملية إغارة خاصة بالانتقام للشهيد الفريق عبدالمنعم رياض يوم 14 - 4 - 1969 وأصبت بهذه العملية، وكان الاهتمام من جانب القيادة كبيرًا جدا وجاء لى اللواء محمد صادق وأخبرنى بأن أجهز نفسى لزيارة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأحكى له ما حدث فى هذه العملية، فأتى وسردت له ما حدث وكان سعيدا جدا بالنتائج حيث قضينا حينها على قوة العدو تماما ورفعنا العلم المصرى وأخبرته أن ما يقال عن أن الجندى الإسرائيلى لا يقهر مجرد شائعات صنعتها إسرائيل فالجندى المصرى يستطيع فعل أى شئ فرد علىَّ «أنا عاوزكم تزودوا هذه العمليات فأنتم فخر مصر ومن ستحررونها وعاوزين نحرر أرضنا المغتصبة» وأمر الفريق صادق بتلبية جميع طلباتنا فورا.

■ ما أهم الأنواط التى حصلت عليها؟

- حصلت على نوط النجمة العسكرية ونوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الأولى ونوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الثانية ونوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى وميدالية التربية العسكرية ونوط جرحى الحرب ومجموعة من جوابات الشكر من وزراء الحربية السابقين.

■ هل حدث خلال فترة الخدمة ما يسبب استياءكم؟

- للأسف وعلى الرغم من كل هذه البطولات ولمجموعتي، قاموا بعد انتهاء الحرب بتوزيعنا على مواقع إدارية، هل لأنهم خافوا مننا؟ إلى أن وزعونى على جهاز الاتصال، وبدأت أعمل نقط للاتصال على طول الجبهة حتى استلمت أرض الجنوب «جنوب سينا» فى يوم 25 إبريل، وكنت سعيدًا جدا حينها بعد أن جاء السلام بما لم يأت بالحرب، وكان أنور السادات هو بطل الحرب وبطل السلام، وجمال عبدالناصر هو من بدأ أسطورة حرب الاستنزاف وكسر الحاجز النفسى بيننا وبين إسرائيل.

■ ماذا عن دوركم فى حرب أكتوبر؟

- يوم 6 أكتوبر استخدمنا الطائرات الهليكوبتر وقمنا بضرب مواقع البترول فى بلاعيم وشلاتين «فى الجنوب» وقمنا بضرب مواقع فى الخليج، وفى يوم 18 أكتوبر خرجنا فى مهمة لضرب كوبرى صنعه الإسرائيليون فى الإسماعيلية للمرور عليه، ولكن اللواء الشاذلى حينها غير المهمة بأن نجمع معلومات عن القوات التى دخلت ثم نقاتلها ونحن فى طريقنا خرج جندى مصرى من أسفل عربة محروقة وأخبرنا أن العدو ينصب لنا كمائن فى هذه المنطقة، فرجع إبراهيم الرفاعى للشاذلى وأخبره إلا أن الشاذلى أصر على أن نستكمل المهمة من نفس الطريق، فقال الرفاعى لنا إن الشاذلى عاوز يموتنا وأكملنا فى التقدم من نفس الطريق ففتح العدو تشكيله علينا وأثناء تبادل إطلاق النار أصيب إبراهيم الرفاعى اصابة قاتلة واستشهد مباشرة يوم الجمعة 19 أكتوبر.

وعدت مرة أخرى للقائد للحصول على تعليمات جديدة فأخبرنى أن أنضم أنا ومجموعتى لفرقة عليها هجوم شديد فاحتللنا المواقع بالمظلات التى أن تم وقف اطلاق النار 22 أكتوبر ولكننى كنت دائما أخبرهم أن دبابات العدو مازالت تدخل وكانت تدخل السويس يوم 24 إلى أن حدثت معركة السويس التى حضرها اللواء عبدالغنى الجمسى إلى أن تم الانسحاب النهائى.

■ كم مرة أصبت فيها أثناء الحرب؟

- «دمى روى سينا أربع مرات» فى المرة الأولى كانت فى موقعة رأس العش، والثانية فى موقع اغارة على موقع الدفاع، والثالثة عندما كررنا الاغارة على نفس الموقع فى أغسطس 1967 إلا أنها فشلت لتسريب أحد الضباط معلومات للعدو أصيب فيها العشرات معلومات للعدو أصيب فيها العشرات وقتل العديد وتم عمل فيلم عما حدث هو «الصعود إلى الهاوية» والمرة الرابعة كانت فى اليمن.

■ ما أهم المواقف الإنسانية التى قابلتك؟

- فى عملية الاغارة الثانية التى خاننا فيها أحد الضباط ونحن متوجهون صوب المنطقة الخاصة بالعدو أصبت بشظية فى ظهرى وأصيب صديقى اصابة قاتلة فحملته على ظهرى إلا أنه استشهد بين يدى ورجعت به إلى الموقع، وما لا استطيع نسيانه يوم استشهاد إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة الأمر الذى أحزننا جميعا.
وفى إحدى العمليات طلبوا منا الذهاب لتدمير مطار الطور قبل أن تذهب إليه «جولدا مائير» رئيس وزراء إسرائيل لرفع معنويات جنودها، فاستخدمنا القوارب المطاطية وكان طول الموجة وقتها يتجاوز الـ6 أمتار فوقعت ونزلت أسفل القارب وشربت مياهًا كثيرة ونطقت بالشهادتين على نفسى إلى أن ظهرت ابنتى فجأة أمام عينى وأخذت تتحدث معى ودخلنا فى حوار مطول حتى انتشلنى أصدقائى وأكملنا المهمة ودمرنا المطار تدميرا شاملا ورفعت هذه العملية معنوياتنا بشكل كبير وخفضت معنويات العدو.