السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

استراتيجية الصناعات الصغيرة

استراتيجية الصناعات الصغيرة
استراتيجية الصناعات الصغيرة




يكتب: أحمد عبده طرابيك
 تشكل الصناعات الصغيرة قاطرة هامة لعملية التنمية بشقيها الاقتصادى والاجتماعي، لما لها من دور كبير فى تنمية القطاع الصناعى سواء من خلال منتجات نهائية الصنع، أو منتجات وسيطة تدخل ضمن عمليات التصنيع الكبرى من جهة، وما لتلك الصناعات الصغيرة من قدرة كبيرة على استيعاب العديد من فرص العمل باعتبارها من الصناعات كثيفة العمل، بعكس الصناعات الكبيرة التى تكون إما صناعات كثيفة رأس المال أو صناعات كثيفة التقنية.
 تمثل الصين أفضل النماذج الناجحة فى الاستفادة من الصناعات الصغيرة التى نطلق عليها اصطلاح «صناعات تحت السلم»، فى بداية نهضتها الاقتصادية، حيث وضعت لها قواعد ومعايير محددة ومنضبطة، الأمر الذى جعل تلك الصناعات تساهم بشكل كبير فى الطفرة الاقتصادية التى تشهدها الصين حالياً، فالصين التى تعتبر من أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، البالغ عددهم 1,4 مليار نسمة، استطاعت الاستفادة من هذا العدد الكبير من السكان باعتباره قوة إيجابية، وثروة فى حد ذاتها وليست عبئاً على التنمية، الأمر الذى جعل الصين تحتل ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وأكبر الدول من حيث معدلات التنمية السنوية.
 تحتاج مصر فى تلك المرحلة أن تعتمد بشكل أكبر على الصناعات الصغير من أجل تحريك عجلة الاقتصاد شبه المتوقفة، وامتصاص حجم البطالة المتراكمة نتيجة توقف العديد من المشروعات والمصانع، وضعف الاستثمارات، وتوقف النشاط السياحى الذى ضاعف من حجم البطالة، حيث تمثل الصناعات الصغيرة أهمية كبيرة فى تلك الفترة لعدد من العوامل، أهمها أن الصناعات الصغيرة كما أسلفنا هى صناعات كثيفة العمل، ومن ثم تستطيع استيعاب أعداد كبيرة من الأيدى العاملة، كما أن تمويل تلك الصناعات لا يحتاج إلى ميزانيات كبيرة، ولا بنية أساسية وتجهيزات مكلفة، بالإضافة إلى أنها تسهم بشكل كبير فى زيادة حجم المدخرات لدى الأفراد والاستفادة من الموارد المحلية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
 تساهم الصناعات الصغيرة فى نشر الثقافة العملية فى المجتمع وخاصة بين قطاع الشباب، وذلك عندما يشعر الشباب بنجاحه فى عمله وأن له قيمة ومكانة فى المجتمع، ومن ثم نشر ثقافة احترام المواعيد وتقدير قيمة العمل والوقت، والابتعاد بالشباب عن مزالق الانحراف، ومتاهات التطرف والارهاب.
 كما ينعكس أثر تلك الصناعات الصغيرة على تنمية المجتمع وتطوره، ورفع مستوى المعيشة لدى القطاعات الفقيرة ومحدودى الدخل وقاطنى المناطق العشوائية، الأمر الذى يؤثر بشكل إيجابى كبير على التعليم والصحة والتنمية العمرانية، وخفض مستويات التدخين والإدمان، والحد من الجريمة فى المجتمع نتيجة للوعى الاجتماعى بشكل عام.
 لا تسطيع تلك الصناعات الصغيرة تحقيق الهدف منها فى إحداث تنمية حقيقية على المستوى القومى إلا بتدخل حكومى بشكل كبير يتمثل فى:
أولاً: التوجيه والإرشاد من قبل الحكومة وتحديد الصناعات المفيدة للاقتصاد القومى سواء كانت صناعات نهائية الصنع أو صناعات وسيطة تدخل فى صناعات كبري.
ثانياً: لابد من دعم تلك الصناعات فنياً من خلال توفير التدريب اللازم بشكل مجانى أو برسوم رمزية، كما لابد من دعمها مادياً من خلال تقديم قروض ميسرة، وأيضاً تقديم اعفاءات جمركية وضريبية، وتخفيف الاجراءات والقيود البيروقراطية، وكذلك المساهمة فى عملية التسويق لتلك المنتجات من خلال توفير المعارض الدائمة والموسمية، ودعم عمليات التصدير.
ثالثاُ: تحديد مناطق متخصصة فى انتاج صناعات معينة لكل منطقة فى كل محافظات الجمهورية، والذى يعرف باسم تقسيم العمل، مثل صناعات الأثاث فى دمياط، حيث أن ذلك التخصص من شأنه تكثيف الخبرات، وتقليل الفاقد فى عمليات التصنيع، كما يساهم فى سهولة التوزيع والترويج للمنتجات.
أدركت كثير من الدول أهمية الصناعات الصغيرة، فاستطاعت أن تجعل من تلك الصناعات قاطرة لعملية التنمية، ومحرك هام للنمو الاقتصادى وزيادة الناتج المحلى الإجمالى، لما لهذه الصناعات من مرونة والتوجيه بشكل كبير لخدمة الصناعات الكبيرة بشكل خاصة والاقتصاد القومى بشكل عام، ولكن يجب توفير استراتيجية وإدارة رشيدة وحكيمة تدير تلك العملية لتحقيق الاستفادة القصوى منها.