الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

البنوك ترفع «راية» التحدى لمواجهة أزمة الدولار

البنوك ترفع «راية» التحدى لمواجهة أزمة الدولار
البنوك ترفع «راية» التحدى لمواجهة أزمة الدولار




كتب – أحمد زغلول


يقود القطاع المصرفى المصرى ما يشبه الحرب لمواجهة نقص إيردات النقد الأجنبى للدولة، فى ظل زيادة الطلب على العملة الصعبة للوفاء باحتياجات البلاد لاستيراد السلع المهمة والأساسية وعلى رأسها المواد الغذائية والبترولية،إلى جانب مدخلات الإنتاج للمصانع والمستثمرين.
وتشهد إيرادات الدولة من النقد الأجنبى تراجعًا ملحوظًا فى الفترة الأخيرة، لاسيما بعد أن تراجعت إيرادات السياحة، ثانى أكبر قطاع مدر للنقد الأجنبى بالبلاد، وذلك فى أعقاب حادث الطائرة الروسية بسيناء اكتوبر الماضى.
وقد تراجع عدد السائحين الذين زاروا مصر فى عام 2015 إلى نحو 9.3 مليون سائح بنسبة انخفاض قدرت بما يقرب من 6% عن عام 2014، وتقلّص إجمالى الإيرادات إلى 6.1 مليار دولار بانخفاض 15% عن الإيرادات المتحققة فى 2014،وذلك بحسب وزارة السياحة.
كذلك فقد أفادت البيانات الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة أن حجم الصادرات انخفض بشكل ملحوظ فى الوقت الذى لم تتراجع فيه الواردات، وتراجعت صادرات مصر غير بترولية خلال العام الماضى 2015 بنحو 16.48% لتسجل 18.59 مليار دولار مقارنة بنحو 22.262 مليار دولار ت خلال عام 2014.
وأوضح تقرير لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات ان اجمالى صادرات مصر غير البترولية خلال ديسمبر الماضى تراجعت بنحو 12.34% لتسجل 1.716 مليار دولار مقارنة 1.957 مليار دولار خلال ديسمبر 2014.
وإلى جانب تراجع إيرادات السياحة والتصدير، فقد انخفضت إيرادات قناة السويس بشكل طفيف، وذلك نتيجة تراجع حجم التجارة العالمية، فى ظل تراجع النمو الاقتصادى فى الصين، واستمرار المشكلات الاقتصادية لدول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، إلى جانب تراجع أسعار النفط بشكل كبير (هوت إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل)، وقد كان مخططًا أن ترتفع إيرادات قناة السويس بشكل مبدئى بقيمة 100 مليون دولار خلال العام المالى 2015-2016.
وإلى جانب ما سبق فلم ترتفع قيمة الاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر، وكذا التحويلات الخارجية بالشكل الذى يسد الفجوة التى أحدثها تراجع السياحة والتصدير.
وفى ظل هذه الأوضاع لم يقف الجهاز المصرفى مكتوف الأيدى، بل إن ثمة مبادرات اتخذتها البنوك لمواجهة العجز فى النقد الأجنبى، على رأسها الاتجاه إلى الحصول على خطوط تمويل من بنوك دولية،وقد حصل البنك المركزى فى الأيام القليلة الماضية على مليار دولار من بنك التنمية الصينى كمنحة، كذلك وقع بنك مصر اتفاقات تمويل مع بنوك دولية بقيمة 250 مليون دولار، ثم 100 مليون دولار من بنك الصين، كذلك حصل البنك الأهلى على 700 مليون دولار من البنك الصينى.
ولم يقتصر الأمر على البنوك العامة بل إن بنك عودة – مصر استطاع الحصول على 30 مليون دولار من البنك الأوروبى لإعاة الاعمار من أجل دعم المشروعات الصغيرة، وثمة تحركات مشابهة قامت بها بعض البنوك فى الفترة الأخيرة.
ورغم أن الاتجاه إلى الاقتراض لا يعد حلاً جذريًا للمشكلة إلا أنه يضمن توفير النقد الأجنبى لاتمام عمليات الاستيراد للسلع الهامة والأساسية بالمدى القصير، على أمل أن تتحرك إيرادات القطاعات الاقتصادية المدرة للعملة الأجنبية خلال الفترة المقبلة، مع الاجراءات والتحركات المتنوعة التى تقوم بها الحكومة لتحفيز التصدير، وتقليص الواردات غير المهمة.
وتأتى هذه التحركات التى تقوم بها البنوك، فى ظل استقرار الاحتياطى النقدى عند 16.4 مليار دولار، لا تكفى الاستيراد إلا 3 شهور و 12 يومًا.
وطبقًا لطارق عامر، محافظ البنك المركزى، فقد قام الجهاز المصرفى، فى ظل الظروف الصعبة، بتوفير أكثر من 14 مليار دولار فى غضون ثلاثة أشهر لتغطية طلبات المستوردين وسداد المستحقات المعلقة للمستثمرين الأجانب، وتعتمد مصر اعتمادا كثيفا على واردات الأغذية والطاقة، حيث تستود البلاد نحو 65% من احتياجاتها الغذائية من الخارج.
وقد تفجرت الأسبوع الماضى أزمة شركة جنرال موتورز التى أعلنت لوكالات الأنباء العالمية أنها قررت وقف الانتاج بمصر نظرًا لأزمة الدولار، وعدم قدرتها على الإفراج عن مدخلات الإنتاج لعدم توفر النقد الأجنبى.
إلا أن الشركة عادت لتعلن استئناف أعمالها بدءًا من اليوم الأحد، وذلك بعد تبيّن أن الشركة تقوم بتحويل جميع أرباحها للخارج، ولا تقوم الشركة الأم بضخ ما يلزم من تسهيلات لوحدتها بمصر بالنقد الأجنبى، الأمر الذى يجعل الأمر يضغط بشكل كبير على الجهاز المصرفى لتوفير احتياجات الشركة التى حصلت على تسهيلات من البنوك فى مصر بقيمة 1.6 مليار جنيه، فى حين لم تجذب قروضا بالعملة الصعبة من البنوك الخارجية، وإجمالى تسهيلات البضاعة التى حصلت عليها من الشركة الأم لم يتجاوز 60 مليون دولار طوال السنوات الماضية منذ بداية النشاط فى السوق المصرية.
ورغم أن الحديث عن افتعال أزمة من جانب شركة جنرال موتورز، إلا أن ذلك لا يعنى أن هناك مشكلات فى عمليات توفير النقد الأجنبى، إلا أن البنوك تحاول جاهدة مواجهتها دعمًا للاقتصاد، وحرصًا على توفير جميع السلع التى يحتاجها السوق.