الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

خدعة الإسلام السياسى‎

خدعة الإسلام السياسى‎
خدعة الإسلام السياسى‎




يكتب: هشام فتحى

خدعوك الإسلاميون فقالوا: إن الغرب يسمح بالاحزاب الدينية فلماذا تحرموها علينا وديننا هو دين ودولة؟!. هذه مقولةخادعة، لأن الغرب حينما سمح للأحزاب المسيحية واليهودية بالعمل السياسى سمح بالمقابل بـ«نقد الدين».
المسيحية تحلل «بضم التاء» فى الغرب وتفكك «بضم التاء». المسيحية واليهودية وغيرهما من أديان ومذاهب وملل ونحل تنتقد «بضم التاء» فى الغرب، دونما تكفير لعلماء الاجتماع وعلماء مقارنات الأديان وعلماء التاريخ وعلماء الآثار وعلماء الحفريات وعلماء السياسة وعلماء اللغة وعلماء النفس. إن الدين فى الغرب مجرد ظاهرة ثقافية، تحت معول النقد والتفكيك والكشف والتحقق، شأن أى ظاهرة اجتماعية أخرى بدون إرسال المنتقدين والدارسين والمحققين والمتشككين إلى السجون، وبدون الحكم عليهم بـ«الردة» و«ازدراء الأديان» ومن ثم «القتل».
الدين فى الغرب هو محض «إيمان شخصى» وليس «إيمان دولة»، فالإله لن يحاسب الدولة بل الفرد «وكلهم آتيه يوم القيامة فردا» (قرآن كريم). الدين فى الغرب هو اختيار وليس إجبارا. الدين فى الغرب لا يرتب للمتدين حقوقا سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو علمية أو شرفية أكثر من غيره (غير المتدين أو غير المؤمن). الدين فى الغرب لا يتحصن وراء مادة دستورية تدافع عنه بديلا عن الله. الدين فى الغرب مسموح الشك به لأنه «اختيار شخصى» و«اختبار شخصى».
الدين فى الغرب لا تتقاتل من أجله الشعوب لنصرته، وكأنه شىء هش إذا فقد سيف الدفاع عنه بيد البشر سقط وتبين بطلانه! الدين فى الغرب ظاهرة «ثقافية ـ تاريخية» خاضعة لشعاع النقد العقلى والعلمى بكل بساطة. هذه هى الخدعة الكبرى التى يحيكها أنصار «الإسلام السياسى» فى المنطقة العربية وفى غيرها، فالإسلاميون لا يكملون «الآية»: «الغرب يسمح بأحزاب دينية» لكنهم يتغاضون عن بقيتها «لكنه - أى الغرب - يسمح بنقد الدين دستوريا وقانونيا وثقافيا ويسمح بالتحول الدينى من ديانة لاخرى بدون تكفير».
إنها خدعة الإسلاميين الكبرى بمحاولة بيع الوهم والتوقف عند «منتصف الحقيقة». إن سماح «الدولة المصرية» وغيرها من دول عربية وغير عربية بقيام أحزاب دينية من شأنه «تديين السياسة وتقديسها»مما يشكل خطرًا داهما على «مفهوم السياسة» وعلى حركتها كما يفهمها العالم الحر ويمارسها. ولربما يتناسى كثيرون تحت ضغط «التأييد الاعمى» أن ثورة عارمة قام بها المصريون ضد «الإسلام السياسى» أيدها الجيش، اطاحت بعهد الرئيس الأسبق محمد مرسى، الذى خلط الدين بالدولة، وحصن دستوره من الطعن والتعديل، وتلك «حالة مقدسة» لا تصلح لعالم السياسة بآلياته المتغيرة والمتبدلة دوما.
إذا كان النظام فى مصر حريصا بالفعل على ممارسة السياسة وفق مفاهيمها المتداولة عالميا، فعليه إزاحة «الاحزاب الدينية» من طريق المواطنين أو إبقائها مع السماح بـ«نقد الدين» دونما تكفير، والتخلص الفورى من قانون «ازدراء الأديان»، وتعديل المادة الثانية من الدستور لتصبح «الشريعة الإسلامية أحد مصادر التشريع» لا مصدرا رئيسيا، فالشريعة سوى مجموعة الأحكام الفقهية التاريخية التى ناسبت عصرا سياسيا بعينه ولربما لا تصلح بعض أحكامها لعصرنا الحالى، ولم لا ففى غضون 23 عامًا من عمر الدعوة شهدت حركة «الناسخ والمنسوخ» لتتناسب تبدلاتها مع المستجدات والمتغيرات. حرروا السياسة من رقّ الكهانة وتذكروا أن «المصريين» ثاروا على هذا الخليط المعيب فى 30 / 6 / 2013.