الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع: على المقهى

واحة الإبداع: على المقهى
واحة الإبداع: على المقهى




كتبها- السيد الزرقانى


يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى:    
[email protected]

اللوحات بريشة الفنانين سيف وأدهم وانلى

جلست على المقهى الشعبى تنظر إلى الناس عن كثب تحتسى الشاى الدافئ وتعيش فى عالم غير عالمها الذى نشأت فيه فأنا أعرفها جيدا منذ كانت فى الجامعة، ترسم الحلم فى كراسات التاريخ وتسعى له من خلال السيارة الفخمة التى كانت تأتى بها يوميا إلى الجامعة، كم كانت متكبرة فى تعاملها مع الآخرين، تمارس معهم التعالى فى أغبى صورة فنفر منها الجميع حتى تخرجت وليس لديها من الأصحاب إلا المنافقين والمتسلقين.. اليوم أمر أمامها وهى جالسة على هذا المقهى وليست المرة الأولى التى أراها ترسم البسمة على شفتيها وهى تنظر إلى جموع البسطاء الذين يعبرون الشارع  بحثا عن الرزق ولقمة العيش فى دروب المدينة المترامية الأطراف التى تطحن البشر طحنا دون رحمة أو شفقة، كانت تبحث عن شيء ما فى داخلها، تعمدت أن أقف أمامها لحظة لعلها تلاحظنى برهة، نظرت لى وراحت تأخذ نفسا طويلا من الشيشة التى أمسكت بها بشكل لم أكن أتوقعه،
تركت المكان وهممت الخروج من المقهى فوجدتها قد وقفت ونظرت لى مليًا وقالت: مش انت اللى كنت معانا فى الجامعة.. قلت: احتمال، لا انت محمود صاحب محمد، قلت: احتمال، قالت: احتمال ايه، قلت: احتمال الاحتمال.
عادت إلى مجلسها على المقهى وراحت تبحث مرة أخرى لعلها تصادف الاحتمال الذى تركها  يوما فى الجامعة ولم يركب معها السيارة الفارهة حين دعته إلى عوالم لم يعهدها من قبل.
خرجت إلى المجهول يحاربنى فى كل ما يتصل بأيامي، انتصر أحيانا ويتمكن منى فى أحيان أخرى، إلا أننى أصررت على عدم الركوب فى مركبة ليست لى ولم أسع إلى امتلاكها إلا بعد اطعام اخوة لى من أبى وأمى اللذين فعلا المستحيل لادخالى الجامعة رغم مابهما من شح وضيق عيش.
أبى هناك على الرصيف المقابل يسعى كل صباح ليسترزق الحلال رغم مابه من ألم حيث يعانى المرض الذى ألم به عن كبر ولم يدخر المال لعلاجه وإنما ليدخلنى الجامعة على أستطع مجابهه العيش الضيق، أنا قصدت ذاك المقهى لااسترزق الفتات رغم ما أعانيه من مشقة فى التعامل مع هؤلاء الرواد، منهم من أحسن التعامل معى والكثير نظر لى على أننى مجرد عامل مقهى وليس لى من الإنسانية إلاالجسد النحيف، البعض نال منى بغطرسة وغلظة فى الكلام والنظرات والبعض منحنى الكيان الإنسانى ماديا وأدبيا وإنسانيا.
- استدير ناحيتها فأجدها وقد تصلبت نحوى فى إصرار على الملاحقة
- خرجت امسح ما بداخلى من امتهان بعض الزبائن
لعلها تنسى ما اتت إليه  !!!! نااااااااادت.. لكنى لم أسمع إلا صوت الزبائن فى المقهي، كررت النداء عدة مرات إلا أننى تركت المكان لأنى لم أنس لها تلك المعاملة وانغمست وسط الباعة فى الشارع المطل على المقهى.