الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

موت عالم

موت عالم
موت عالم




كتب: صبحى مجاهد

 مما لاشك فيه أن موت العلماء يعد من المصائب التى تصيب الأمة وهذا ليس معناه عدم الإيمان بقضاء الله وقدره، فالموت حق لا مفر منه، ولكل اجل كتاب إلا أن موت العلماء يعد من المصائب لأن بموتهم يرفع العلم، وفى ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وهم نجوم يهتدى بهم فى الظلماء، ومعالم يقتدى بهم فى البيداء، أقامهم الله تعالى حماة للدين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولولاهم - بتوفيق من الله لهم - لطمست معالمه، وانتكست أعلامه بتلبيس المضلين، وتدليس الغاوين.
ولهذا كان من أعظم المصائب التى يبتلى بها الناس، وتحرك نفوس الأكياس موت العلماء، لأن هذا الأخير سبب لرفع العلم النافع، وانتشار الجهل.
ولقد ودعت الأمة الأحد الماضى أحد علمائها الذين خدموا الدعوة بصدق رغم الأزمات والصعاب وهو د. محمد مختار المهدى الرئيس العام للجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة وعضو هيئة كبار العلماء الذى لم يختلف عليه اثنان، احبه من فى الأزهر وخارجه من العلماء حيث أخلص للدعوة وظل يعمل حتى فى أوقات مرضه على نشر الدعوة.
ولقد كنت ممن تعاملوا معه عن قرب وسمعت منه ما لم يسمع آخرون، فقد واجه قبل وفاته بثلاثة أعوام أزمات كانت كفيلة بالقضاء على عمل الجمعية الشرعية حيث تم مصادرة أموال الجمعية وأعلن وقتها أن منهج الجمعية يقوم على انه لا شأن لها بالعمل السياسى الحزبى، كما أوصى بذلك مؤسسها، وفى إطار الأغراض التى من أجلها أنشئت.
كما واجه المجتمع بصراحة شديدة دفاعا عن الجمعية الشرعية وأكد أنها أول جمعية دعوية خيرية فى مصر قبل الإخوان وقبل أنصار السنة وغيرهما، والتزمت منذ إنشائها إلى الآن بمنهج الأزهر ولم يتول أمرها سوى علماء الأزهر.
والغريب أنه رغم النشاط الخيرى الكبير للجمعية الشرعية إلا أن د. المهدى كان حريصا على ان تسير الجمعية فى سياستها بعدم تلقى اموال من الخارج وفى ذلك كان - بعد نظر  -حماية لعمل الجمعية الشرعية دعويا وخيريا، وتطبيقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤخذ من اغنيائهم وترد لفقرائهم.
إننا بحق فقدنا عالما مخلصا فى الدعوة لا يبغى من وراء عمله عرض الدنيا وأختم بجملة قالها د. المهدى «لا ينبغى على الإنسان أن يشغل نفسه بالحصول على المتع فى الدنيا ويترك العبادة وفعل الخير، ولنترك انتظار هذه المتع فى البرزخ وننشغل بعبادة الله وطاعته لأن العمر لا يطول.. فرحم الله عالمنا الجليل د. المهدى وأسكنه فسيح جناته.. والحقنا به على خير».