الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

معالجات متنوعة لنصوص عالمية وعربية نجحت فى استقطاب الجمهور

معالجات متنوعة  لنصوص عالمية وعربية  نجحت فى استقطاب الجمهور
معالجات متنوعة لنصوص عالمية وعربية نجحت فى استقطاب الجمهور




فى الوقت الذى انطلقت فيه عروض المحترفين، على خشبات مسارح الدولة، لتعلن عن بدء موسم مسرحى جديد، كانت هناك تجارب شابة بمسارح خلفية، تعلن هى الأخرى، عن بصمتها الخاصة، وتجاربها المسرحية الاستثنائية، فعلى مدار الأسبوع الماضى، انطلقت فعاليات مهرجانين، كليهما ضما طاقات فنية شابة، الأول مهرجان مواسم المسرح الجامعي، فى دورته الثانية، على خشبة مركز الإبداع الفنى، برئاسة المخرج خالد جلال، والثانى مهرجان «الآفانسين»، وهو النسخة الجديدة، من مهرجان الشباب المبدع بالمركز الثقافى الفرنسى، وشارك فى كلا المهرجانين، مجموعة غير قليلة، من عروض شباب الجامعات، والهواة والمستقلين، وبالرغم من تواضع مستوى بعض العروض، فى كليهما فإن هذه النوعية، من المهرجانات تحقق حالة من المتعة الخاصة أثناء متابعتها، فعادة ما يحمل جمهورها ذائقة فنية مختلفة، عن جمهور المسرح العادى، كما أن كلا التجربتين، تنبئان بخروج مجموعة كبيرة من الجيل الواعد، سواء على مستوى التمثيل، أو الإعداد المسرحى، أو الإخراج، وبالتالى كان لابد من تقديم رصد سريع لفعاليات مواسم المسرح الجامعى و«الآفانسين» معا، فالاثنان تجمعهما فلسفة مسرحية واحدة.
فى البداية، جاءت مشاركتى فى مهرجان مواسم المسرح الجامعى من خلال لجنة المشاهدة التى شرفت بعضويتها مع كل من الزملاء النقاد باسم صادق، ومى سليم، وأحمد خميس، وطوال عملنا، خلال اللجنة، كانت هناك أعمال كثيرة تفصح عن موهبة صنعها، فمن خلال 120 عرض مسرحى متقدم للمشاركة، ضمن فعاليات المواسم، عرض على لجنة المشاهدة 36 عرضا، ثم تم اختيار عشرة عروض فقط للتسابق، وكانت هذه العروض صاحبة الحظ الأوفر، فى إقامة عروضها، على خشبة مركز الإبداع، وسواء اختلفت أو اتفقت، مع مستواها الفنى، فإن بعضها كان مبشرا، إلى جانب أن نجاح هذا المهرجان فى الأساس يكمن فى الفلسفة، التى يتبناها، وهى انفتاح عروض الجامعات، على مجتمع أكبر وأرحب من مجتمع الجامعة، بتقديم عروضهم وسط جمع من الجمهور، والإعلاميين والفنانين، ولجنة التحكيم، والتى يترأسها هذا العام، الفنان عزت العلايلى، وضمت عضوية، كل من الفنان محمد رياض، الناقدة عبلة الروينى، مصممة الأزياء الدكتورة مروة عودة، مهندس الإضاءة والديكور الدكتور عمرو عبد الله الشريف، كما يكرم المهرجان يوميا، أحد الفنانين الكبار، الذين تخرجوا فى رحم مسرح الجامعة، وكان على رأسهم ليلة الافتتاح، النجم يحيى الفخرانى، والفنان فؤاد المهندس، أحمد عبد العزيز، خالد صالح، فاروق الفيشاوى، سامح الصريطى، محمد عوض، الكاتب أحمد عبد الله، الفنان توفيق عبد الحميد، وصلاح عبد الله، وبالطبع فى ظل هذه الأجواء الصاخبة، يقدم الشباب عروضهم، يوميا على خشبة المسرح، وسط زحام جماهيرى كبير، حتى إن بعض العروض، تمت إعادتها للمرة الثانية بسبب هذا الإقبال.
لكن برغم هذا الزحام، والنجاح التنظيمى لفعاليات المواسم، إلا أن العروض المشاركة، خلال هذه الدورة، كانت أقل جودة، من نظيرتها فى الدورة الأولى، وبدا واضحا أن هناك حالة من الاستهتار من البعض، وعدم التقدير للفرصة المتاحة، لإظهار موهبتهم الفنية، وظهر هذا الاستهتار، من عرض الليلة الأولى، «أورفيوس» لجامعة عين شمس، والمأخوذ عن كتاب الأساطير الإغريقية، إعداد محمد زكى، وإخراج مصطفى سعيد، يتناول العرض أسطورة «أورفيوس»، الشاب العاشق الذى تسرق منه حبيبته بالعالم السفلى، ويبدأ الصراع بين الإله زيوس، وإله العالم السفلى، لإعادة حبيبته، ويخوض معركة طويلة، تنتهى بهزيمته، عانى العرض من مشاكل فى التنفيذ، على خشبة المسرح، وكان يبدو أن فريق العمل، غير مستعد لليلة الافتتاح، فجاء أداؤهم ضعيفا وغير مكتمل، باستثناء نادين أشرف، إلى جانب أن تصميم الديكور، كان مزعجا للغاية، وليس له علاقة بالأسطورة المقدمة، وبالتالى تسبب فى انفصال الجمهور، عن أجواء العرض الأسطورية، ومن الأعمال التى اشتركت معه فى نفس العيوب، أيضا «هم هاملت»، جامعة حلوان والقاهرة، تأليف وليم شكسبير، وإعداد وإخراج ياسر بدوى، و«العبدة» لنفس فريق العمل، و«فصيلة على طريق الموت» جامعة عين شمس، تأليف الفونسو ساسترى وإخراج محمود حسن، و«العهد المفقود» جامعة عين شمس تأليف كريستوفر مارلو، وإعداد فيصل رزق، وإخراج أحمد حرز الله، فوقعت هذه العروض فى فخ الملل، والإعداد الضعيف للنصوص المقدمة، إلى جانب ضعف أداء معظم الممثلين المشاركين بها.
بينما من الأعمال الجيدة، التى شاركت خلال دورة المواسم هذا العام، والتى ترقى لمستوى الاحتراف الفنى، وتنبئ بخروج عدد من المسرحيين الموهوبين، كان منهم «نزهة فى أرض المعركة» لجامعة المستقبل، إخراج كريم شهدى وتأليف فرناندو ارابال، يتناول العرض قصة أب وأم ذهبا للتنزهه، مع ابنهما الوحيد، على الجبهة أثناء انشغاله بالحرب، ويتضمن العرض مواقف كوميدية تجمعهم بأرض المعركة، قدم الممثلون جميعا دورهم بمهارة، ولم تشعر أمامهم للحظة واحدة، أنك أمام مجموعة من الهواة، بل جميعهم أدوا أداء المحترفين، وهم كريم شهدى، نديم هشام، سارة مجدى، محمد مدكور، عبد الله التهامى، محمد عادل، وكذلك كان عرض «منحنى خطر»، لجامعة القاهرة تأليف ج-ب بريستلى، وإعداد وإخراج محمد عبد الستار، اهتم هنا المخرج بكل عناصر العمل الفنية، سواء الملابس، الإضاءة، أو الديكور، وأداء الممثلين، الذى كان معظمهم جيدا، وهنا اثبت عبد الستار، أن أزمة سوء اختيار الملابس أو الديكور، لا ترجع إلى الإمكانيات المحدودة، بل ترجع إلى سوء تصرف صناع العمل، فى حسن التقدير والاختيار، لأن العمل بدا وكأنه أحد عروض مسرح الدولة، التى منحت ميزانية لا بأس بها، فى حين أنه عمل لمجموعة، من الشباب الهواة، حصلوا على دعم 2500 جنيه فقط!!، من صندوق التنمية الثقافية، وهم مصطفى رشدى، محمد شيخ العرب، منى صلاح، أحمد الجوهرى، أفنان مؤمن، ورنا خطاب، كان من الأعمال الجيدة أيضا، «نهاية اللعبة» لجامعة عين شمس، تأليف صمويل بيكيت وإعداد وإخراج يوسف مصطفى، وبطولة عمرو عفيفى ومصطفى خطاب، «راشمون» جامعة القاهرة، تأليف ريونوسكى أكوتاجوا وإعداد محمد صلاح خطاب وإخراج باسم خيرى، واهتم مخرجه أيضا بالصورة المسرحية، وأداء الممثلين أحمد موسى، وأحمد يحيى، بيشوى جورج، أحمد سعيد، كريم أبو بكر وآية جمال، و«بجماليون» جامعة حلوان، تأليف توفيق الحكيم وإخراج عمار سامح وبطولة باسم لطفى، ياسمين محمد مظهر، سعاد أحمد، عمرو الجندى، أحمد طارق، سلمى طارق.
واستكمالا للإثارة والتنوع، شهد فى نفس الوقت، المركز الفرنسى إقبال أعداد غفيرة، من الجماهير، على عروض «الآفانسين»، فبين عروض المسرح، والكافتيريا، والمكتبة، تزاحم الشباب، على عروض المهرجان، حتى أن البعض كان لا يستطيع الدخول، بسبب الزحام الشديد، وتميزت عروض المهرجان، هذا العام بالتنوع الشديد، فى المعالجات والرؤى، للنصوص المسرحية المشاركة، حيث افتتح المهرجان دورته، بعرض « الدخان»، لفرقة الأمل جامعة عين شمس، إعداد وإخراج محمد يوسف، وسينوغرافيا أبوبكر الشريف، العرض قدم رؤية فنية جديدة، لنص «الدخان»، لميخائيل رومان، فمع المحافظة على فكرة وروح النص، الذى يتناول أزمة الإدمان، التى تدمر حياة صاحبها، استعرض المخرج فكرة العرض، بالتمثيل والأداء الحركى، وصنع خطا دراميا مبتكرا لربط أحداث المسرحية، أوضح من خلاله أشكال الاستعباد والتعلق بالأشياء، قدم أبطال العمل أدوارهم بمهارة شديدة، ويعد من الأعمال المهمة، التى شاركت ضمن فعاليات المهرجان، حيث سبق وحصل نفس العرض، على المركز الأول بمهرجان المسرح العربى، والمركز الأول بمهرجان آفاق، والمركز الأول بمهرجان نجوم المسرح الجامعى، فى دورته الأولى، وكذلك كان عرض «هبط الملاك فى بابل» إعداد وإخراج محمود طنطاوى، وتأليف فريدريش دروينمات، تمتع أيضا بنفس مستوى الجودة الفنية، والأداء التمثيلى والإعداد المسرحى، وتدور فكرته حول الحيرة التى يقع فيها، كل من الشحاذ والملك، فى تفسير حكمة السماء، والتعامل مع هبتها، وهى الملاك، الذى وهبه الله، لأفقر رجل فى المدينة، وحتى يفوز الملك بقلب الملاك، وصحبته، كان عليه أن يتخلى ويتنازل عن ملكه، قدم الممثلون العرض بحرفية شديدة، وكذلك المخرج الذى استطاع، خلق معايشة حقيقية، لهذه اللحظات المسرحية، ما بين هبوط الملاك، وصراع الملك والشحاذ، ثم إبرازه لحكمة النص المسرحى، ومن الأعمال الجيدة أيضا، والتى حملت عمقا فكريا وفنيا، كان عرض «كنت فى بيتي» تأليف جان لوك لاجارس، سينوغرافيا وإخراج عبد العزيز محمد على، وبطولة مجموعة من النساء البائسات، ليليت فهمى، نورهان فؤاد وسميراء سليم، وسارة عطيمان، وهدير مصطفى، فهن مجموعة نساء أرهقهن ألم الوحدة والانتظار، وبالرغم من أن العمل غلفته حالة من الملل، بسبب اعتماد المخرج على الكلام أكثر من الحركة، فمعظمهن يتحدثن جالسات، طوال العرض، ولا يتحركن سوى حركة ضئيلة، وبالتالى كان تركيزه على إبراز، مشاعرهن المكتومة فى أوضاع ثابتة، جعلته أقرب إلى السينما التسجيلية، لكن فى المقابل، قدم الممثلون أدوراهم بإجادة وبما يخدم حالة العرض الفنية، إلى جانب تشكيل صورة مسرحية جيدة، عن طريق الديكور والسينوغرافيا، وتشابه «رواية رجل مجهول»، مع هذا العرض، فى إيقاع السينما التسجيلية، للمخرج أحمد سامى، وهو إعداد عن رواية أنطونى تشيكوف، لكن جاء أداء الممثيلن هنا أضعف، من العرض السابق، خاصة فيما يتعلق بالبطل الرئيسى، الذى تدور حوله الأحداث، معتصم أحمد شعبان، وعماد اسماعيل، الذى بدا على غير هيئته الفنية المعتادة، فكان مسيطرا على الممثلين، خاصة الرجال الأداء التسجيلى السردى للأحداث، باستثناء رشا جابر ورنا خطاب، من الأعمال الهامة والجيدة أيضا، «أربعة أرجل فأرجل»، لفرقة ولسه، والمأخوذ عن أكثر من نص مسرحى «الكراسي»، و«المغنية الصلعاء» لأوجين يونسكو، و«العالم على جسدي»، ليوسف نبيل وزينب محمد، يستعرض مشاكل المجتمع بصورة هزلية ساخرة، والتى بدت واضحة، من الملابس والديكور الفاتنزى، الذى صممه عادل هانى وأحمد هلال، ومايكل ثابت، وكذلك أداء الممثلين إيمان منصور وفادى سمير، وأخيرا عرض «حلم هزلي» لفرقة الأمل المأخوذ عن «الدنيا رواية هزلية» لتوفيق الحكيم، إعداد وإخراج أيمن سرور.
لم تقتصر عروض مهرجان «الآفانسين»، على عروض المسابقة الرسمية فقط، بل حرصا على التنوع والابتكار، قدم المهرجان فعاليات موازية خارج التحكيم، منها عروض الساحة الخارجية بمدخل المركز، مثل «كرتونة بيض» لفريق اسمه ايه، لفنون الأداء المعاصرة، وهو إعداد عن نص «كرتونة بيض» لأوجين يونسكو، و«المغنية الصلعاء»، «فتاة للزواج»، «مشاجرة رباعية»، «طريقة تحضير بيضة مسلوقة»، أداء وإخراج أحمد برعى وصفاء حمدى، ومن عروض الكافتيريا، كان عرض السيموفنية التاسعة «ريا وسكينة»، تأليف وإخراج محمد السورى، وبالصالة كان عرض «الدرس»، إعداد عن نص «الدرس» ليوجين يونسكو، إخراج منار زين.
كما اتبع المهرجان الفرنسى هذه الدورة تقليد جديد، فى تنظيم الورش الفنية، حيث قدم ورشة للمخرجين التسعة المشاركين، ضمن فعالياته، تحت إشراف محمد الخطيب، حول موضوع «الصورة الذاتية»، كما شهد عقد لقاءات، بين الفرق ولجنة المشاهدة المكونة، من المخرج هانى المتناوى وريم حجاب وليلى سليمان، ونتج عن هذه اللقاءات، تطوير أعمال الفرق، وورشة تمثيل تحت إشراف رمزى لينر، ثم لقاءات فردية مع الدكتور ناجى شاكر مدرس السينوغرافيا بكلية الفنون الجميلة، ومع نهاية فعالياته، وبعد توزيع الجوائز، قدم المهرجان أمس الخميس عرضا مسرحيا، خارج التسابق بعنوان «ختامه مسك»، تأليف وإخراج محمد الخطيب، واستحدث المهرجان هذا العام، جائزة مختلفة، فبدلا من السفر لمهرجان «أفنيون»، تم استبداله بمهرجان Les Rencontres à l>échelle» « بمرسيليا، فى نوفمبر 2016، والذى تنظمه جميعة Les Bancs Publics، ضمت لجنة تحكيم المهرجان كل من المخرجة المسرحية والممثلة ريم حجاب، المخرج هانى المتناوى، والكاتبة ليلى سليمان، والناقدة والممثلة منحة البطراوى.