الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الفنون الجميلة والشارع المصرى

الفنون الجميلة والشارع المصرى
الفنون الجميلة والشارع المصرى




يكتب: د.حسام عطا

عن السعادة كهدف تسعى إليه الدول المؤمنة بقيمة مواطنيها فكرت مصر عام 1911 بتأكيد أهمية الجمال، فمنذ ما يزيد على القرن بخمس سنوات تم إطلاق مدرسة الفنون الجميلة المصرية، وفى بروجرامها جاء أنه «لما رأى صاحب الدولة البرنس يوسف كمال أن تلك الفنون الجميلة لا تكاد يوجد لها أثر، دفعته أريحيته الغريزية إلى تأسيس مدرسة دعاها مدرسة الفنون الجميلة المصرية» لاحظ معى أنها ليست كلية جامعية، بل مدرسة تقبل الطلاب من سن 15 سنة ليتخرجوا بدبلوم عال فى سن 25 سنة فى أقسام التصور والزخرفة والنحت وفنون الخط العربي، وفى سن 26 سنة فى قسم هندسة البناء، على أن يتم الطلاب المتفوقون دراستهم فى باريس لمدة عامين لإتقان المهنة، ذلك أن تجميل واجهات المبانى الكبرى كانت مهنة تحتاج لرخصة عمل للزخرفة وصناعة النحت، ولم يكن من حق أى عامل التصدى لها خاصة فى القاهرة الخديوية، والتى كان مجرد السير فيها أمراً يدعو للسعادة، كان مدير المدرسة ومعلم النحت فيها غليوم لابلان يتابع العمل اليومى لساعات طويلة ملزماً الأساتذة بأن يصلحوا كل يوم أعمال تلاميذهم.
ولذلك أنجزت المدرسة من المهنيين من نشروا الجمال فى العمارة وصناعة التماثيل ورسم الصور ما هو ماثل حتى الآن من تراث معمارى يحتفل بالطرز العربية الأصل والأندلسية المنشأ والأوروبية العائدة لعصر النهضة، وهى ما تجلت ليس فقط فى المبانى المهمة بالعاصمة والأقاليم بل فى عدد من بيوت أعيان الريف المصري، لاحظ الاهتمام بنظافة وتزيين الشوارع حتى الفرعية منها، وهو ما يبهر العين بسهولة فى تراث السينما المصرية، لاحظ الحدائق العامة وأبرزها حديقة الحيوان بالجيزة وجمالها المذهل، لاحظ أيضا أن معظم المصريين لم يكونوا أغنياء لكن الإطار المادى المحيط الذى كانوا يتحركون فيه، كان ممتلئاً بالأناقة والنظافة والجمال، ولذلك أسأل وزارة الثقافة عن مشروعها القديم المهم الممثل فى إنشاء جهاز التنسيق الحضارى، فهل تستعيد الدولة جمال الشارع المصرى بدعم دور جهاز التنسيق الحضارى وتفعيل القانون الخاص به، وإنجاز تعاون حقيقى مع الإسكان والبيئة والحكم المحلي، هل فى برنامج وزارة الثقافة الذى ستقدمه الحكومة لمجلس النواب دورا حقيقيا لاستعادة دور مدرسة الفنون الجميلة المصرية والاستفادة من آلاف الخريجين، حتى نستعيد الجمال فى الشارع المصري، هذا ليس ترفاً بل ضرورة للسعى نحو السعادة لاستعادة الإطار المادى الحاضن لقيم الجمال الدافعة لكل إبداع إيجابى نحو المستقبل.