الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ودارت الأيام

ودارت الأيام
ودارت الأيام




مديحة عزت  تكتب


أولاً هذه الأبيات لشاعر رسالة الغفران أبو العلاء المعرى الذى قال فى الزمان:
عجبت وكم عجب فى الزمان
لرأى بنى دهرك القائل
فمالى لا أقول ولى لسان
وقد نطق الزمان بلا لسان
ويبعث بالفلوس لكل خزى
وجوه كالدنانير الحسان
وأين فرارى من زمانى وأهله
وقد غص شرا نجده والتهائم
رأيت بنى دهر فى غفلة
وليست جهالتهم بالأمم
نشكو الزمان وما أتى بجنابه
ولو استطاع تكلما لشكانا
شاعر رسالة الغفران أبو العلاء المعرى وصف زمانه وكأنه يصف زماننا اليوم وما يحدث فيه من تفكك الشعب على أيادى جماعة الإخوان الإرهابية المسلمين سابقًا وأعوانهم من الدخلاء من جماعة حماس ومن المندسين من الأحزاب المتاجرة بالدين وتحركهم لاحتلال مصر والقضاء على التاريخ والثقافة والسياحة على أيدى جماعات تركت إسرائيل لتقتل شبابنا وتخرب ديارنا مع البلطجية المستأجرة.
وبعد، هكذا أصبح زماننا يا أبا العلاء المعرى زمن البدع، احتفال باختيار ملكة جمال المحجبات، وعجبى على الحجاب والمحجبات! ومنى هذه الكلمة إلى فتيات الحجاب «يا شابات، الحجاب مطلوب بمعنى الحشمة وحجب مراكز الفتنة فى المرأة، لذلك واجب على المحجبات مراعاة إخفاء أجسادهن قبل شعورهن بعدم ارتداء البنطلونات المحزقة التى توضح تفاصيل أجسادهن وكأنهن عرايا - يا ملكة جمال الحجاب».
وهذه الكلمة لكل ما يثار من وقت لآخر بأن يطلع أحدهم بفتوى تثير قضايا محسومة شرعًا مثل زوبعة النقاب، وأصل النقاب لو يعلمون زىّ إسرائيلى، لبسته المرأة اليهودية هربًا من معارك انتشار المسيحية وظهور السيد المسيح عيسى عليه السلام.
وبعد، رحم الله أستاذنا عباس محمود العقاد  القائل:
فشت الجهالة واستفاض المنكر
فالحق يهمى والضلالة تجهر
يا ترى يا أستاذنا لو كنت بيننا اليوم فى زماننا ورأيت وسمعت عجائبه ماذا كنت تكتب فى زمن غياب الضمير فى زحمة المادة وسقوط القيم والمثل العليا، مثلا خبر يقول: «أول مصرى يشارك فى أسبوع الموضة العالمية فى باريس»
وقفت أمام الخبر لأتذكر أن مصر كيف كانت عاصمة الموضة فى الشرق وفى الدول العربية، وللتاريخ مثلا ملابس زفاف الأميرة «ليلى المركبى» اللبنانية التى تزوجت الأمير «عبدالله الجابر الصباح» أمير الكويت عام 1963، وجميع جهازها كان من مصر، وتولته مدام «صالحة أفلاطون» أشهر خياطات مصر حرم أفلاطون باشا ووالدة الفنانة التشكيلية إنجى أفلاطون ومن أشهر بيوت الأزياء التى كانت تتعامل معها نساء العالم حتى فرنسا، وبيت أزياء مدام «دسينا سلفاجو» التى عندما تركت مصر بعد حرب 1956، وسافرت إلى فرنسا وتضع نفس اللافتة التى كانت تضعها على بيت أزيائها فى مصر، وأيضًا مدام «ادا كحيل» وضعت نفس اللافتة التى كانت تضعها فى مصر، ثم بدأت بعد الثورة تنشر الأسماء المصرية، «بيبر كلوفاس» كانت بدايته عند مدام «سلفاجو» وكانت أشهر زبوناته المطربة «صباح» ثم «فوزى اندراوس» الذى كان مفضلا لدى فنانات كثيرات والراقصات بالذات، وكان مشهورًا فى تجديد موديلات بدل الرقص، ثم بدأت «إيفون ماضى» بعد تخرجها فى مدرسة الراهبات ودرست تصميم الأزياء فى فرنسا، ثم افتتحت الأتيليه، وبدأت تشتهر، خصوصًا بعد أن قامت بتصميم ملابس فيلم «الوصايا العشرة» كما استعان بها المخرج الأمريكانى «سيسيل دى» فى ملابس فيلم  «كليوباترا لإليزابث تايلور» وكانت إيفون ماضى أول من لبست القطن المصرى وسافرت لعرض الأزياء القطن فى أمريكا وفرنسا بالاشتراك مع شركة المحلة، وكان رئيسها عبدالحميد حمدى ابك، وأيضًا كانت «إيفون ماضى» أول من احتفى بتصدير الأزياء إلى روسيا.
وكانت أيضًا من أوليات المصريات الدارسات لتصميم الأزياء، الراحلة الصديقة «صفية حمدى» شقيقة الفنان الموسيقار «بليع حمدى» والدكتور «مرسى سعد الدين» وكانت أول أستاذة لتصميم الأزياء فى معهد الفنون الطرزية، أول معهد فى مصر، وأيضًا كانت «صوفى اندراوس» وليلى البنان والعزيزة صديقة العمر «آمال المصرى» أطال الله عمرها، صاحبة بيت أزياء «سابرينا» التى هوت تصميم الأزياء بعد حصولها على «ليسانس» الآداب قسم اللغة الإنجليزية، والتى بدأت فى عرض الأزياء فى العالم وبناء على فكرتها كلفها الراحل العزيز يوسف السباعى بتنفيذ فكرها وهى عمل عروض أزياء مأخوذة عن أهم  الأزياء المصرية  الصميمة «التلى الأسيوطى» وملابس «دمياط» و«الواحات» و«سيناء» و«الفرعونية» وتجولت هذه الأزياء فى جميع بلاد أوروبا وخاصة، انجلترا وفرنسا وإيطاليا واليونان ثم فى أمريكا، وظلت هذه الأزياء فى مخازن وزارة الثقافة منذ وفاة يوسف السباعى عليه رحمة  الله.
أما عارضات الأزياء فكانت المصرية الصميمة فيهن هى العزيزة الفنانة «رجاء الجداوى» التى مرنتها وقدمتها مدام «صالحة أفلاطون» وكانت أصغرهن سنًا، أما الباقيات فكن إما يونانيات أو خليطًا بين «لبنان» و«قبرص» وللعلم كانت أكبر بيوت أزياء فرنسا تعرض فى مصر منها بيوت أزياء «نينارتشى» و«ديور» و«شانيل»!
على فكرة، كانت من أهم زبائن إيفون ماضى السيدة جيهان هانم السادات أطال الله فى عمرها، وسيدة الصحافة أستاذتنا فاطمة اليوسف، و«لولا» هانم حرم أستاذنا إحسان عبدالقدوس ورجاء هانم حرم أستاذنا أنيس منصور.
وبعد أن كانت مصر بلد الموضة والذوق والفن الراقى الجمالى أصبحت ليس لها لون ولا طابع يميزها كما كانت مصر دائمًا قبل «العك» والخلط فى الأذواق والتذوق الفنى بين الحجاب والنقاب غير المدروس ونسبه للدين والدين منه براء.
وفى الوقت غير المناسب وما يتعرض له الإسلام هذه الأيام من جراء ما يفعله الإخوان فى البلاد الإسلامية، والإخوان المتاجرون بالدين ويلبسون لباس الدين لأغراضهم السياسية والمادية، ونسوا وتناسوا أن الدين لله ودستور الإسلام القرآن الكريم والسنة النبوية.
وربنا قادر أن يهد كل من يحاول استعمال الدين الإسلامى لغير وجه الله.
وأخيرًا هذه تحية حب ومعزة إلى الكاتب المبدع الصديق العزيز أحمد رجائى وكتابه الأخير «بطولات على الشط» الذى أعاد لذاكرتى ذكرى عزيزة لأعز زملاء الدراسة والكفاح والعمل مع الفدائيين أثناء العدوان الثلاثى الشهيد العزيز «جواد حسنى» وكيف يا جواد كنت أنا والزميلة إنجى رشدى نوصل إليك يا جواد السلام إليك وزملاءك فى قرية الحسنية فى بورسعيد، وتصطحب الجرحى من الموقع إلى العيادة التى كان يشرف عليها الدكتور يوسف إدريس، جواد حسنى كيف أقمنا لك عزاء خاصا بعد استشهادك، يوم تركتنا فى الفجر واعتقل جواد حسنى فى بورسعيد وعذب وكتب بدمه كيف أنهم فقأوا عينيه قبل الإفراج عنه، ثم أطلق عليه الرصاص قبل أن يصل إلى موقع الجيش الذى جاء لتبادله بأحد الجنود الفرنسيين ونال الشهادة، وكانت آخر كلماته آخر يوم سهر معنا فى القاهرة، لا تنسونى يا زملاء العمر.
لن ننساك أبدًا ومصر لن تنساك أبدًا يا جواد حسنى وإليك خالص التحية والشكر يا عزيزى أحمد رجائى على كتابك وما فيه وإليكم الحب كله وتصبحون على حب.