الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إبراهيم الكونى: أشكر مصر التى آوت شعبى فى محنته الأخيرة

إبراهيم الكونى: أشكر مصر التى آوت شعبى فى محنته الأخيرة
إبراهيم الكونى: أشكر مصر التى آوت شعبى فى محنته الأخيرة




كتب- إسلام أنور


قال الكاتب الليبى الطارقى إبراهيم الكونى «أشكر مصر التى آوت شعبى فى محنته الأخيرة، وفى الحقيقة، هذا ليس غريبًا على هذا المكان العريق، لأن مصر فعلت ذلك منذ ما قبل التاريخ عندما واجه شعبى الكارثة البيئية التى حولته إلى صحراء، وفعلت ذلك أيضًا وقت الاحتلال الإيطالى لليبيا. ومصر هى التى تحقق لشعبى الأمان الآن، فى مفارقة تستحق التأمل؛ فرغم أن ليبيا صارت فى محنتها جسرًا يعبر خلاله الباحثون عن حطام الدنيا فى أوروبا، إلا أن الشعب الليبى اختار اللجوء إلى مصر لأنهم لا يريدون إلا الأمان، الذى هو أسبق من الحرية، فلا خير فى حرية لا تحقق الأمان».
وأضاف الكونى فى افتتاح الدورة الثانية من مهرجان القاهرة الأدبى والذى أقيم مؤخرا «أعترف بأنّى فكّرت أن أعتذر عن قبول المشاركة فى هذه التظاهرة ساعة تلقّيت هذا التحديد كعنوان لفحوى المهرجان، لأنى لم أملك إلاّ أن أتساءل: ما الجديد الذى يستطيع إنسانٌ اعتزل العالم منذ عقود مثلى أن يضيفه لموضوعٍ أضحى باطل المفعول بسبب الإسراف فى الاستعمال، ناسياً أن الحياة هى تلك السيرة الملغّزة فى الفحوى، الثريّة فى ترسيمة الاستمرار، التى إذا كانت قابلة لأنّ تفنَى كغنيمة فَرْدٍ، بيد أنها كفعل غير قابلة لأن تبيد، سيّما عندما تَرِدُ كمبدأٍ معطوفٍ على شأنٍ كان فى تجربتى قدراً، كما هو الحال مع الأدب الذى حوّلته العادة فى دنياى مسلّمةَ؟، كان بالإمكان أن أضع هذا الاعتذار موضع التنفيذ لو لم يهرع لنجدتى يقينى القديم الذى يقول: احترس! فأينما تبدّت مُسَلّمة فثمّةَ شَرَكٌ، وأينما وُجِد الشَرَك فثمّة كنز!».. وأوضح الكونى أن الأدب نقيض للايدولوجيا قائلاً «فالأدب، إذا كان السليل الشرعى للميثولوجيا، فإنه النقيض الحقيقى للأيديولوجيا. فمن روح الميثولوجيا لم يولد الأدب وحده، ولكن وُلد اللاهوت أيضاً، وتدخّل الأيديولوجيا هو ما زعزع اللاهوت دوماً ليحوّله فى حياتنا إلى طاغوت»، وأضاف: «أن ما يهمّ الأيديولوجيا ليس الحقيقة التى تسرح فى بُعْد الحرية، ولكنها الحقيقة التى تتوهّم هذه السعلاة بأنها تمتلكها، ناسية فى حمّى حَمْلتِها أن الحقيقة هى ما لا يُمتلك. الحقيقة لا تحتمل الاحتكار، فى حين لا تقنع الأيديولوجيا إلاّ بالاحتكار ديناً. فالأيديولوجيا جنسٌ من مسّ. من سُعار. من لوثة ذات بُعْد خاصّ. ولهذا لا تمسّ شأناً من شئون عالمنا إلاّ وتناله اللعنة، ويحلّ فيه باطل الأباطيل. يحلّ فيه حرفيّاً وليس مجازياً، بدليل أنها لم يحدث أن تبنّت مشروعاً أو قضيّة إلاّ ودبّ فيها الشلل، وباءت بالفشل. اللاهوت نفسه اغترب بفعل الأيديولوجيا. تنكّر لفحواه وغاب فيه الله، بسبب الأيديولوجيا. وإلاّ بأيّ حقّ ينقلب الحب، الذى هو رأس مال كل دين، ليتحوّل بُوقاً يُسوِّقُ القتلَ، ويُشَرعِنُ الأكذوبة، ويسفّه كل الوصايا العشر، لو لم تكن هذه الجنيّة هى عرّاب هذا الاغتراب؟ كيف نتسامح مع أيديولوجيا تنصّب نفسها ربّاً يغتصب صلاحيات الربّ، ليروّج فى الأرض فتوى عدمٍ لم يعترف به الربّ قدراً لخليفة الربّ على الأرض؟ هل كانت الأيديولوجيا لتفلح فى مكيدتها ضدّ الحياة لتُدخِل الناس فى دين الإرهاب أفواجاً لو لم تمهّد لها السياسة السبيل يوم اعتمدت الأخيرة الحرف ناموساً، لا لتحريف الديانات وحدها، ولكن لتحريف الوجود أيضاً؟ ألم تكن السياسة هى العون الذى هرع لنجدة الأيديولوجيا التى تتشدّق بالدِّين يوم سخّرت لها تقنية المعلومات مطيّةً».