الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

المؤسسات الثقافية ماتت ويجب دفنها واختراع مولود جديد




مساحة حرة خصصناها لأدباء الأقاليم بمحافظات مصر، فى محاولة لكسر حالة الحصار التى يعانون منها، والمركزية الثقافية التى تضعهم دائما فى الهامش، يبوحون فيها بكل ما يدور فى عقولهم ... آمالهم وأحلامهم ومشاكلهم وإحباطاتهم ... يتحدث عدد من الأدباء السكندريين الشبان عن الحال الثقافى بعروس البحر الأبيض المتوسط، مقدمين تصوراتهم لإنهاء ما يرونه مواتا للمؤسسات الثقافية بالعاصمة الثانية لمصر:

 
الشاعر ميسرة صلاح الدين: المركزية ومشكلاتها

 
بالرغم من مكانة الإسكندرية الأدبية والفنية وحتى التاريخية الكبيرة، فإنها تعانى من العديد من المشاكل التى تقف عائقا أمام المبدعين والكتاب، فمعظم قصور الثقافة خارج الخدمة أو مغلقة أو تحت التجديد، والقصور التى تعمل تعانى من مشاكل تتعلق بالميزانية أو النظافة أو حتى الأنشطة، وبالرغم من ازدهار الأنشطة التى تقوم بها الجهات المستقلة، أو دور النشر التى بدأت تشعر بأهمية الإسكندرية، فإنها لم تستطع أن تسد تلك الفجوة الكبيرة والحاجة الملحة لدى جمهور الإسكندرية والمبدعين.

 
كما تعانى الإسكندرية أيضا من ضعف التغطية الإعلامية، مما يشعر الكثير من المبدعين بالإحباط ويجعل البعض يفر للقاهرة، لكن فى النهاية الإبداع الجيد دائما ما يفرض نفسه ويتخطى أى عقبات، وهذا ما استطاع العديد من مبدعى الإسكندرية أن يبرهنوا عليه.

 
الكاتبة هناء عبدالهادى: أحلام مبدعى الأقاليم

 
حلم كل مبدع هو الوصول للمتلقى والتفاعل معه، فنحن لا نكتب لأنفسنا، ومشكلة النشر يعانى منها أكثر كتاب الأقاليم لبعدهم عن القاهرة التى استحوذت على معظم مصادر النشر والشهرة، ونحن نعانى من المركزية وتقلص دور المؤسسات الثقافية فى الأقاليم، وبالتالى تقل فرصة مبدعيها فى النشر، كما أن السلاسل المتعددة التى تصدر عن المؤسسة الثقافية الرسمية، يلزم النظر إليها وتفعيل دورها بدمجها أو تقليل عددها لتحقق هدفها بصورة أشمل.
كما يلزم تفعيل دور أفرع اتحاد الكتاب لتقوم بدورها، وبالنسبة لشباب المبدعين فعلينا رعايتهم وتنمية مواهبهم ومساعدتهم على الوصول للقارئ وإتاحة فرص النشر لهم، كما يجب على وزارة الثقافة التفاعل مع الجماعات الأدبية المستقلة، بما يثرى الحياة الثقافية.
أما عن الإبداع قبل الثورة أو بعدها، فلا يختلف سوى فى موضوعه وليس فى نوعيته أو شكله، ربما زادت مساحة الحرية فيما يخص السياسة، ولم تختلف الثقافة كثيرا بعد الثورة، وإن كنت أتحفظ فى كلمة «بعد»، فنحن مازلنا ننتظر أن تصل الثورة للإعلام والمؤسسات الثقافية.

 
القاص محمد العبادى: العلاقة بين الأجيال فى المشهد السكندرى
 
 
هناك بالفعل عدد من الأدباء الكبار الذين مثلوا نماذج متميزة فى العلاقة بين الأجيال، وكذلك بين ما يمكن أن نصفهم بأدباء جيل الوسط، الساعين للوجود كهمزة وصل بين الأجيال، لكن حقيقة الأمر أن هناك فجوة واضحة بين الأجيال، يلحظها المراقب من طبيعة الندوات والأنشطة الثقافية السكندرية، تنقسم الندوات والتجمعات الأدبية إلى قسم يكتسح حضوره ونشاطه جيل شباب، وقسم آخر أصبح حكرا على الكبار دون غيرهم.
 
 
مما يعطى انطباعا بضياع الود بين جيل الشاب الذى نشأ دون أن يجد الدعم الكافى من سابقيه، وجيل كبير عانى من تجاهل المؤسسة المركزية له، وما زاد الأمور سوءاً وجود فئة غير ناضجة من «مدعى الأستاذية»، معتمدين فقط على السن وبياض الشعر، دون أى منتج أدبى حقيقي، يقابل هذه الفئة مدعى الأدب من الشباب المهتمين بالمظاهر الخارجية دون مضمون حقيقي.

 
لكن هل هناك أمل فى الوصول لصورة أكثر إشراقا فى المستقبل؟.. سأكتفى بأن «أتمنى» ذلك.. دون أن «أتوقع» حدوثه.

 
القاص إسلام على: النشر الخاص والحكومى

 
عشر سنوات قضيتها فى تجربة شخصية فى قصور تسكنها الأشباح لا المثقفون، أفلح المسئولون بجدارة فى أن يكونوا عاملا للطرد لا لجذب المثقفين،  و بدلا من خلق جيل جديد من الأدباء ليواصل ما كان يحاول تقديمه الجيل السابق.

 
أما عن حال النشر فحدث ولا حرج، لماذا يضطر الكاتب الى أن ينتظر عددا من السنوات قد ينسى فيها عمله الذى قدمه لأى من سلاسل النشر الإقليمي؟! لا أتعجب من تهافت الأدباء على دور النشر الخاصة التى تطبع العمل فى فترة زمنية أقل وبجودة أفضل، وهل هى مصادفة أن يطبع لأثنين من أبناء الأدباء فى نفس السلسلة وعددين متتاليين؟ هل النشر فى الثقافة أصبح لأبناء العاملين كما فى المؤسسات الحكومية؟
 
 
نظرة سريعة من المسئولين عن الثقافة لدور النشر الخاصة التى أصبحت تمارس الدور الفعلى فى العملية الثقافية، تطرح التساؤل لماذا لا تسلم تلك قصور الثقافة للمثقفين الحقيقيين؟ خاصة أن هناك جيلا من الشباب قادراً على القيادة بشكل جيد.

 
لا أعتقد أنه يوجد فى الإسكندرية إلا «مختبر السرديات» الذى يشرف عليه القاص والروائى منير عتيبة وبعض المكتبات ودور النشر التى تقوم ببعض الفاعليات باستثناء ذلك لا توجد أى فاعليات حقيقية لا فى قصور الثقافة ولا غيرها.

 
الروائية أمانى خليل: دور الإعلام فى نقل أخبار الإسكندرية
 
 
الوسائل المسموعة والمقروءة والوسائط الإلكترونية تساهم مساهمة كبيرة فى ربط المدينة بالوسط الثقافى داخلها وخارجها، وتقوم إذاعة الإسكندرية بدور مهم حيث مازال الراديو يناضل للبقاء فى دائرة الضوء، أما الوسائل الأكثر سرعة مثل مواقع التواصل الاجتماعى (الفيس بوك) و(تويتر) و(يوتيوب) فتتيح التفاعل المباشر والسريع مع الخبر، ولا ننسى أن صفحة (كلنا خالد سعيد) الشهيد السكندري، كانت شرارة الثورة.

 
القاص محمد أبو عوف: مكتبة الإسكندرية مكان لمقابلات طلبة الجامعة والسائحين
اعتقدنا فى بداية إنشاء مكتبة اسكندرية أنها ستكون بداية جديدة لعمل المؤسسة الثقافية المصرية لكن للأسف لم تكن إلا عزبة لسوزان مبارك، اكتفت أن تكون مصدرا للثقافة «المودرن» أو «الشيك» ومكانا للمقابلات العاطفية بين طلبة الجامعة، ومكاناً يزوره السائحون فكان، وأرى أنه لابد أن تنتقل لوزارة السياحة بدلا من وزارة الثقافة، ومؤخرا أعطت مساحة ضئيلة جدا لعمل بعض الشباب، بإقامة بعض الندوات واستضافة منتدى إطلالة الأدبي، وحتى الآن وبعد الثورة لم يحدث أى جديد إطلاقا فقط لم يحدث أى جديد نفس السياسة القديمة بنفس الرجال.

 
للأسف إذا أردنا التحدث عن وزارة الثقافة وما يتبعها لم نتحدث إلا عن مؤسسة حكومية كباقى المؤسسات بنفس الروتين بنفس الفساد بنفس الموظفين، وأخيرا مجدى عفيفى رئيسا لتحرير أخبار الأدب وإعلان إسلام ماركس على صفحات جريدة أخبار الأدب.

 
الروائى والقاص منير عتيبة: الثورة لم تصل وزارة الثقافة

 
الثورة لم تصل إلى وزارة الثقافة بعد، مثلها مثل أماكن كثيرة لم تصلها الثورة، أو وصلها الجانب السلبى من الثورة، أظن أنه علينا إلغاء وزارة الثقافة ووزارة الإعلام معا، وإنشاء كيانات جديدة شعبية وليست رسمية تحل محلها، لأن المسئولين على الكراسى الكبيرة والصغيرة يعيشون ويتعاملون مع الحياة الثقافية فى مصر بنفس العقليات والآليات القديمة، لم يتغير شيء حقيقى، بل إن بعض التغييرات هى للأسوأ، مثل قرار الوزير بإنشاء مجالس أمناء لقصور الثقافة يختار أعضاءها المحافظ والأحزاب السياسية، هل هذا القرار لصالح الثقافة والمثقفين ورواد قصور الثقافة الذين هم أولى باختيار من يمثلهم؟ بالتأكيد لا، الغرض الأساسى من هذا القرار هو المحافظة على الكرسى لأطول وقت ممكن، ولا أنتظر الكثير بل قل لا أنتظر شيئا تفعله وزارة الثقافة للمثقفين، أيها السادة لدينا وزارات كثيرة ميتة وليس علينا بذل الجهد والمال فى محاولة إحيائها، بل إكرام الميت دفنه، والاعتناء بمولود جديد يمكن أن يكون أكثر نفعا.