الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بالوثائق: برامج «فريدم هاوس» السرية لتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الكبير»!

بالوثائق: برامج «فريدم هاوس» السرية لتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الكبير»!
بالوثائق: برامج «فريدم هاوس» السرية لتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الكبير»!




هاني عبدالله يكتب:

فى 28 مايو من العام 2009م.. وبالتزامن مع استعدادات واشنطن لزيارة «أوباما» للقاهرة (ألقى أوباما خطابه للعالم الإسلامى من «جامعة القاهرة» فى 4 يونيو من العام، نفسه).. كانت وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلارى كلينتون) على موعدٍ «جديد» مع 16 ناشطًا مصريًا.
كان اللقاء مع «هيلارى كلينتون» هو المحطة الأخيرة بـ«الرحلة التدريبية» التى استمرت لمدة «شهرين» كاملين..

 إذ كانت الرحلة التى تمت تحت إشراف مؤسسة «فريدم هاوس» (Freedom House)، وبتمويل «مباشر» من «الحكومة الأمريكية» (USG-funded)، عبر «هيئة المعونة الأمريكية» (USAID)، و«مبادرة الشراكة الشرق أوسطية» (MEPI)، تستهدف نقل خبرات المدربين الأمريكيين (بعضهم كان من «الفاعلين الرئيسيين» بالحملة الانتخابية للرئيس أوباما)، على ما أطلقوا عليه: «تعزيز الديمقراطية، وحقوق الإنسان فى مصر».. إذ تمت الزيارة تحت غطاء برنامج «جيل جديد» (New Generation of Advocates).
وسواء أكان يعرف «المدعين» للمشاركة بالبرنامج، أم لا يعرفون؟!؛ فإن الهدف «العام» من ذلك البرنامج، الذى أنشأه، ابتداءً، «الجمهوريون» بالعام 2006م، وورثته «الإدارة الديمقراطية» داخل البيت الأبيض - وفقًا لما كشفه العديد من البرقيات الدبلوماسية، فيما بعد - هو تدريب العناصر «المنتقاة» على ما اصطلح على تسميته بـ«آليات التغيير السياسى» بدول الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا (MENA)، فى إطار تهيئة مسرح الأحداث بالمنطقة؛ لاستقبال مشروع «الشرق الأوسط الكبير».
وبالتالى.. فقد كانت النتيجة «الحتمية» للبرنامج، هى: خلق أجيال تدين بالولاء لسياسات «الولايات المتحدة الأمريكية» بمنطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا (MENA)، عبر استقطاب عناصر «بعينها» ممن يتم تدريبهم - وتتوافر بهم سمات «العناصر الإثارية» - لتوجيهها ضد «الأنظمة الحاكمة» ببلدان المنطقة، فيما بعد.. ومن ثمَّ؛ كان النشطاء المصريون، أحد «المستهدفات الرئيسية» للبرنامج.
(1)
قالت «هيلارى كلينتون»، فى بداية استقبالها لوفد النشطاء المصريين: من دواعى الشرف أن أستقبل مجموعتكم تلك بـ«مقر وزارة الخارجية الأمريكية».. فهذه المجموعة التى تضم العديد من الشباب، والشابات منوط بها «تحسين حياة الشعب المصرى!»، وتوفير المزيد من الفرص الاقتصادية، وزيادة مساحة الديمقراطية، واحترام «حقوق الإنسان».. فقد أتيتم من خلفيات متنوعة (ضم الوفد الشبابى: «محررين صحفيين»، ونشطاء من الجمعيات الحقوقية، وبعض عناصر «الحركات الاحتجاجية» ).. وكل واحد منكم يحمل خبرته الخاصة.. خبرة فى مجال اهتماماته، وطموحاته (!)
وأضافت: تغمرنى السعادة؛ لأننى سأزور مصر «الأسبوع المقبل» بصحبة «الرئيس أوباما»؛ من أجل خطابه لـ«العالم الإسلامى».. وقد استمتعت بالعمل مع نظرائنا المصريين على تعميق العلاقات بين البلدين.. لكن.. الجزء الأهم فى هذه العلاقة، هو ما بين الولايات المتحدة الأمريكية، و«الشعب المصرى» (ستكون تلك النقطة، أيضًا، أحد محاور كلمة أوباما).
وتابعت: أعتقد أن تلك هى الزيارة الأولى لعدد من الموجودين - الآن - للولايات المتحدة الأمريكية.. لذلك؛ فمن الرائع أن تكونوا بيننا اليوم، وأن تكونوا جزءًا من هذا الأمر.. فسوف نذهب للقاهرة لكى نضع إطارًا شاملا حول التغييرات المرتقبة.. فنحن نثمن دور القاهرة فى عملية السلام، ومكافحة الإرهاب.
وفى لقائها «المغلق» مع المجموعة (استمر اللقاء المغلق لمدة 10 دقائق)، قالت «كلينتون»: ستبقى عملية الضغط على «النظام السياسى»؛ من أجل «توسعة» مجال مشاركة «المجتمع المدنى» فى مصر، جزءًا أساسيًا - و«دائمًا» - من سياسات «الولايات المتحدة».. لكن.. ستضطر الإدارة (أى: إدارة أوباما)، فى بعض الأحيان، لأن تبقى هذا الأمر خلف «الأبواب المغلقة» (!)
.. وفى أعقاب اللقاء، كتب «شريف أحمد صبحى منصور» (حاصل على الجنسية الأمريكية، ومقيم بالولايات المتحدة)، مدير برامج الشرق الأوسط بمؤسسة «فريدم هاوس» (Freedom House)، تقريرًا لوزارة الخارجية الأمريكية، بما تم خلال اللقاء من أسئلة، وإجابات.. فضلا عن إعادته تأكيد بيانات المشاركين، إذ أوضح «منصور» أن قائمة المشاركين، ضمت من «المصريين» كلا من: «أحمد عبدالعزيز»، و«عاليا عبدالرءوف»، و«محمد عادل أمين»، و«مى دسوقى»، و«سالى الباز»، و«راندا أبو الدهب»، و«منى على الدين»، و«نور محمد خير الدين»، و«علا فهمى»، و«باسم فتحى»، و«عماد نصيف فكرى»، و«ماريان ناجى حنا»، و«محسن كمال»، و«مى كسبة»، و«أميرة مصطفى»، و«ماجد سرور».. بينما ضم «الجانب الأمريكى» - بخلاف «هيلارى كلينتون» - كلا من: «جيفرى فيلتمان» (Jeffrey Feltman)، و«كارين ستيوارت» (Karen Stewart)، و«تيموثى أندروس» (Timothy Andrews)، و«تشارلز كيامى» (Charles Kiamie)، و«جوليا سانتوتشى» (Julia Santucci).
(2)
فى ختام التقرير «النهائى» الخاص بالزيارة؛ كتبت «هيلارى كلينتون» تعليقًا يقول:
«كان هذا، هو «الفوج الثالث» من زملاء البرنامج ممن التقوا قيادات وزارة الخارجية الأمريكية.. أما لقائى (لقاء وزيرة الخارجية) مع تلك المجموعة من «المهنيين الشباب»؛ فقد عكس دعم الحكومة الأمريكية، وتشجيعها لعمليات التغيير السياسى بالمنطقة.. كما كان اللقاء، هو «القصة الرئيسية» على جدول اجتماعات الوزارة خلال اليوم التالى.. ونتطلع للإبقاء على قنوات الاتصال مع هذا «الفوج»، فضلا عن باقى زملاء البرنامج، جميعًا (!)
.. وبعد أن انتهت زيارة الوفد الشبابى للولايات المتحدة الأمريكية؛ كان أن حل بعدها - بأيام قليلة - «باراك أوباما» ضيفًا على القاهرة.. ليوجه من داخل أروقة «جامعة القاهرة» خطابه للعالم الإسلامى.. وهو خطاب حمل العديد من الرسائل، وقتئذ، حول أن ثمة رياحًا للتغيير ستلقى بظلالها على المنطقة فى القريب (!)
ووفقًا لما كشف عنه أحد «مُحللى» الاستخبارات المركزية الأمريكية (C.I.A)، فى 28 سبتمبر من العام 2010م، خلال محاضرة له ألقاها بـ«جامعة سانت جونز» الأمريكية؛ فإن أحد الدلائل المهمة الّتِى تضمنها خطاب «أوباما» فى جامعة القاهرة، كانت فى اختياره لمكان الخطاب فى حد ذاته.. فالأجيال الصاعدة فى مصر هى الهدف.. إذ كانت رسالة البيت الأبيض الّتِى لم يدركها الكثيرون، حينئذ أن ثمة تغييرًا لا بد أن يحدث.. فالولايات المتحدة سترتبط فى المقام الأول بالمجتمعات الإسلامية، لا الأنظمة الحاكمة للمجتمعات الإسلامية؛ من أجل موضوعات تتعلق بـ«الأمن القومى الأمريكى» بالأساس.
وأضاف الرجل: كأن أوباما أراد القول: «إننا تخلينا عن فكرة تصدير الديمقراطية للأنظمة الحاكمة، واستبدلناها بدعم نمو الديمقراطية من داخل هذه المجتمعات نفسها».. وبالتالى لا بد ألا يكون ارتباطنا بالنخبة ذات التعليم الغربى، أو الّتِى تجيد التحدث بالإنجليزية.. بل بالقطاع العريض غير جيد التعليم، الّذِى ربما لا يجيد الإنجليزية على الإطلاق.. وإن كان هناك قطاع داخل هذه المجتمعات، الّتِى تشهد نموًا لقوى الإسلام السياسى، لا يتفق وسياستنا الخارجية، فلا يعنى هذا ألا نتحدث معهم (!)
(لمزيد من التفاصيل، حول تلك النقطة؛ يمكن مراجعة كتابنا «كعبة الجواسيس: الوثائق السرية لتنظيم الإخوان الدولى - طبعة «مركز الأهرام للنشر» - مؤسسة الأهرام الصحفية).
(3)
فى أعقاب نهاية زيارة «أوباما» للقاهرة.. كان ثمة «فوج» آخر من نشطاء «الحركات الاحتجاجية» على موعدٍ من نوع خاص؛ للتدريب على آليات «إسقاط النظام» داخل «بلجراد» (صربيا).. وبدعم من «مبادرة الشراكة الشرق أوسطية» (MEPI)، أيضًا (!)
ضم الوفد الذى تم تدريبه بمعرفة خبراء مركز (Canvas)، أو (Center for Applied Nonviolent Action and Strategies) - المنبثق عن منظمة «أوتبور» التى أطاحت بالرئيس الصربى «سلوبودان ميلوسيفيتش» - العديد من أعضاء حركة «6 إبريل» المصرية.. وكان على رأس هؤلاء المدربين «سرديا بوبوفيتش» (SRDJA POPOVIC)، الذى أسس المركز الجديد، من حيث الأصل.
.. أما ماذا حدث خلال تلك «الرحلة التدريبية» التى بدأت بسفر أعضاء الحركة - إلى جانب بعض النشطاء «الحقوقيين» - فى 14 يونيو من عام 2009م؟ فهذا ما سنترك مهمة شرحه للتقرير الذى كتبته «تينا روزنبرج» (Tina Rosenberg) لمجلة «فورين بوليسى»، بعد تخلى «مبارك» عن السلطة بخمسة أيام فقط، تحت عنوان: (Revolution U: What Egypt Learned From the Students Who Overthrew Milosevic)، أو «ما تعلمته مصر من الطلاب الذين أطاحوا بميلوسيفيتش؟».
تقول «تينا روزنبرج»:
فى صيف عام 2009م؛ ذهب «محمد عادل» - المدون الإخوانى، وأحد مؤسسى «6 إبريل» - إلى «بلجراد (صربيا).. فالعاصمة الصربية، هى مقر «المركز التطبيقى لحركات اللاعنف، والاستراتيجيات» (CANVAS).. وهى منظمة يديرها «الشباب الصربى»، ممن سنّوا أسنانهم فى نهاية التسعينيات؛ استعدادًا للإطاحة بـ«سلوبودان ميلوسيفيتش» (Slobodan Milosevic).
وبعد الإطاحة به.. دشنوا مشروعهم «الطموح»؛ لترجمة نجاحهم، ونقله إلى البلدان الأخرى.. لذلك - والقول لـ«تينا» نقلا عن أحد قيادات «كانفاس» - «يظن الديكتاتوريون أننا نحمل الثورة داخل حقائب سفرنا».
وتتابع: لكن الأمر بالنسبة لنشطاء الديمقراطية - من الحرير إلى طهران - مختلف.. فهم يرون الشباب الصربى أبطالا (!).. إذ يتفاعلون مع نشطاء «الحركات الاحتجاجية» فى أكثر من 50 دولة، ويوجهون المجموعات الشبابية نحو اقتلاع الحكومات «الأكثر سوءًا»، مثل جورجيا، وأوكرانيا، ولبنان ضد السوريين (ثورة الأرز)، والمالديف.. وأخيرًا مصر.
وفى «بلجراد» - والقول لـ«تينا روزنبرج» - حصل «محمد عادل» على دورة مكثفة لمدة أسبوع فى «استراتيجيات الثورة».. وتعلم كيف يُنظم الجماهير (بالشارع، لا على شاشة الكمبيوتر).. لكن الأهم؛ أنه تعلم كيف ينقل خبراته التى حصل عليها إلى الآخرين، بعد عودته (!).. وعندما عاد إلى مصر، بدأ - بالفعل - فى تدريب الآخرين.. لذلك كانت حركة «6 إبريل»، فضلا عن شبيهتها (كفاية)، هما الأكثر تنظيمًا خلال اعتصام الـ(18 يومًا) الذى انتهى بتخلى «مبارك» عن السلطة فى 11 فبراير.. فقد أخذت كلٌ من: 6 إبريل، وكفاية على عاتقيهما مسئولية تنظيم المتظاهرين بالشوارع.
واستطردت: فى تقريره الصادر يوم 3 فبراير - أى: بعد خطاب 2 فبراير «العاطفى» بيوم واحد، فقط - ذكر مركز «ستراتفور» (Stratfor)، الاستخبارى «الجيو- سياسى» أن «تكتيكات» التحرك فى الشارع المصرى، كانت انعكاسًا مباشرًا لـ(لدورات مركز «كانفاس» التدريبية).
وتنقل «تينا» عن تصريحات «محمد عادل» لقناة «الجزيرة الإنجليزية» فى 9 فبراير قوله: «لقد تعلمنا تنظيم الاعتصامات، وكيفية مواجهة عنف الشرطة.. وكيفية تنظيم عمليات الحشد الجماهيرى داخل الشارع»، مردفة هذا الأمر بتعليق لمؤسس كانفاس، «سرديا بوبوفيتش» (Srdja Popovic) يقول: «لقد أدهشونا.. فقد فعلوا الكثير من القليل».
تقول «روزنبرج»: لقد ذكر لى «إيفان ماروفيتش» (Ivan Marovic)، أحد المدربين السابقين بـ«كانفاس»، منذ بضع سنين فى «واشنطن»: «يبدو الأمر، دائمًا، كأن هناك حشودًا غاضبة نزلت للشوارع فجأة.. لكنه - فى النهاية - نتيجة لشهور، وسنين من التجهيز والإعداد.. قد يبدو الوقت مملا؛ للوصول لنقطة حقيقية، يمكن من خلالها تنظيم اعتصام، أو احتجاج.. لكن إن كان الأمر مخططًا له بشكل جيد من البداية؛ فإن كل شىء يُمكن أن ينتهى خلال أسابيع معدودة».
«كانفاس»، هى المنظمة الأولى التى تُعلم الشعوب كيف يطيحون بحكامهم الديكتاتوريين.. فالولايات المتحدة الأمريكية - منذ السنوات الأولى للحرب الباردة - تمول العديد من المنظمات الحقوقية، بأرجاء العالم كافة.. لكننى لم أشاهد شيئًا مثل «كانفاس».
.. وداخل «غُرف بلجراد المُغلقة»؛ كان من بين ما تم تدريب أعضاء «6 إبريل» عليه، هو آليات تتبع أجهزة اللاسلكى الخاصة بالشرطة؛ لتحديد أماكن تمركز القوات، عند المواجهة.. وهى «تقنية» تعتمد - فى المقام الأول - على توظيف تكنولوجيا «الهواتف النقالة»، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة (اللاب توب).. كما تم توزيع كتاب (مبادئ حرب الغوار) لـ«تشى جيفارا» مترجمًا إلى العربية.. وهو كتاب يعتمد على «تكتيكات حرب العصابات».. إلى جانب التكتيكات الأخرى التى طورها «بوبوفيتش» فى كتابه «مُخطط للثورة».
و«كانفاس» (CANVAS) لمن يعرف، يتم توصيفه داخل العديد من الدوائر الأمريكية بـ«معهد انقلابات المخابرات المركزية» أو (CIA Coup-College)، إذ إن شركاءه فى العمل: معهد «ألبرت أينشتاين» (Albert Einstein Institution)، ومؤسسة فريدم هاوس (Freedom House)، والمعهد الجمهورى الدولى (International Republican Institute).. وهى مؤسسات لم تكن قياداتها - بأى حال من الأحوال - بعيدة عن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، إذ إن أغلب قياداتها من ذوى الخلفيات الأمنية، والاستخبارية بالولايات المتحدة.