الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العلماء: جواز تسجيل القرآن بصوت المرأة بشروط

العلماء: جواز تسجيل القرآن بصوت المرأة بشروط
العلماء: جواز تسجيل القرآن بصوت المرأة بشروط




كتب - عمر حسن


ربما يتساءل البعض عن سر عدم وجود قارئات للقرآن الكريم حول العالم، فلم نسمع يومًا عن نزول نسخة صوتية مرتلة من المصحف بصوت «القارئة فلانة»، كما هو الحال مع كبار المقرئين من الرجال، ولعل البعض يركن فى تفسير ذلك بشكل بديهى إلى أن صوت المرأة عورة ولا يجوز لها تسجيل القرآن بصوتها وإذاعته على عامة الناس.
ولقد كان حكم ترتيل المرأة للقرآن بصوتها أحد تلك الأحكام التى وقعت تحت بند التحريم من جانب عدد من المشايخ، ويمكنك التأكد من ذلك فور تصفحك لمواقع الكترونية إسلامية معنية بالفتوى سواء رسمية أو غير رسمية، وهو ما دفع النساء إلى العزوف عن ذلك خشية الوقوع فى المعصية.
وبالرجوع إلى عدد من علماء الأزهر ثبت أن الحكم يتوقف على عدد من المعايير التى لا تصل إلى حد التحريم المطلق، وكذلك هو الحال مع العديد من الأمور الفقهية التى تأخذ صك التحريم من جانب عدد من الذين نصبوا أنفسهم شيوخًا ومفتيين، فإطلاق الحكم فى عموميته دون الخوض فى بعض التفاصيل التى تضع خطوطًا بين «الحرام» و«المكروه» حوّل بعض الآراء إلى حكم شرعى ثابت لا يقبل الجدال أو التصويب.
من جانبه أكد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالجامع الأزهر سابقًا، أنه يجوز للمرأة أن تسجل القرآن بصوتها وتنشره للعامة، شرط أن تلتزم «الحشمة» فى التلاوة، فتتجنب «المياعة» والتكسّر، وليس صحيحًا أن الإسلام يقصى المرأة عن هذا الحق، فقد سبق وأن شاركت المرأة الرجال فى الحروب، وكانت تقوم بالسقاية وبتمريض الجرحى وهم رجال، فالممنوع من كلام النساء هو ما كان فيه «تنغيم» زائد كما قال الله - سبحانه وتعالى - فى كتابه العزيز «فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولًا معروفًا».
وأضاف الأطرش: إن المرأة لا يجوز لها رفع الأذان فى الجامع فهو من اختصاص الرجال فقط، كذلك الحال فى إمامة الصلاة، فلا يجوز أن تؤم المرأة الصلاة فى حضور رجال، ويجوز لها الإمامة لمثيلاتها من النساء فقط فى مذهب الإمام الشافعى على أن تقف وسط الصف ولا تتقدم عليهن. أما عن تسجيل القرآن بغرض الربح قال الأطرش: «بشكل عام لا يجوز تسجيل القرآن على شرائط وبيعها لأنه أثمن من كل شىء، وينبغى ألا يؤخذ القرآن للتجارة، ويجوز فقط أخذ أجر عن تعليمه للغير».
فى سياق متصل أوضح الشيخ حسين خضر، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن ترتيل المرأة للقرآن وسط النساء لا شىء فيه، أما تسجيله على شريط وبثه فى أى وسيلة «مكروه» وليس محرمًا، ويجوز لها أن تتلو القرآن فى حضور الرجال فى احتفالية أو مناسبة ما إذا اقتضت الضرورة ذلك مع مراعاة عدم التسجيل لها، شرط عدم التمطيط فى القراءة أو استخدام الحلى الصوتية الزائدة التى تثير الفتنة، فالخشونة هنا مطلوبة.
 وقالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن صوت المرأة ليس بعورة، وأنه من باب أولى تزيينه بتلاوة القرآن، فقد كان يوجد فى القرن الرابع الهجرى قارئة شهيرة فى القيروان وأخرى فى الأندلس، وقد ذكرتهما فى أحد كتبى لأوضح حقيقة أن المرأة كانت تتمتع بقبول لقراءة القرآن فى الماضى، إلا أنه بتقادم الزمن بعد القرن الثامن الهجرى بدأ يتراجع دور المرأة فى أمور كثيرة من بينها قراءة القرآن، فقد ساد الرجال هذا المجال وأصبح اختصاصهم مع مرور الوقت، إنما فى الأساس صوت المرأة ليس بعورة.
وذكرت أستاذة العقيدة والفلسفة أن أحد العلماء وهو «جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزى» موسوعة القرن السادس الهجرى والشخص الثانى بعد «أحمد بن حنبل» وشيخ «ابن تيمية» كان يقول «بموت شيختى شهدة بنت أحمد البغدادى نقص علم العراق فى رواية الحديث والخط الجميل»، فلم يكن يتوارى عن أن تكون له شيخة امرأة أو أن امرأة تقرأ القرآن.. وتابعت قائلة: «لم أرَ نصًا دينيا يحرم ذلك ومن لديه الدليل يأتى به»، مؤكدة أن سيطرة ثقافات دول الجوار علينا تسببت فى تحجيم نشاط المرأة، فالأمر يتعلق فى الأساس بموروثات اجتماعية خاطئة من عادات وتقاليد رسخت مفهوم «صوت المرأة عورة».
وأردفت: «المرأة أكثر حاجة أخرتها هى العادات والتقاليد.. واستدعاء بعض التفسيرات من قبل بعض العلماء التى كانت تفسيراتهم من سياق عصورهم»
وأشارت نصير إلى أنها مع ظهور قارئات سيدات فى الفترة الحالية، داعية وزارة الأوقاف إلى تنظيم مسابقات ترتيل القرآن للنساء، فيجب أن تقتحم المؤسسات الدينية هذه الموروثات الخاطئة التى تعوق المرأة فى أن يكون لها شأن فى هذا الميدان.