السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإسكندرية المنكوبة

الإسكندرية المنكوبة
الإسكندرية المنكوبة




إلهام رفعت  تكتب:

الإسكندرية المنكوبة البعيدة عن عين كل المسئولين التى كانت حتى وقت قريب محط الأنظار والترفيه صيفًا وفى العطلات الرسمية ولكنها استبدلت بالساحل الشمالى وبات الإهمال نصيبها لأن الكبار هجروها، ولتظل الإسكندرية معشوقة أهاليها الذين يقفون مكتوفى الأيدى أمام ما يحدث فيها من انهيار وتدهور متعمد ويتساءلون: لماذا تتركونها وسط هذا الكم الضخم من الإهمال والتراخى؟ حتى نواب الإسكندرية الذين راهن عليهم السكندريون لنقل مشاكلهم لأصحاب القرار، فوجئوا بالكثير منهم يغلقون هواتفهم ويبعدون تماما عن أبناء دوائرهم.
 سنوات خمس مرت على مصر كلها بعد ثورة أسقطت نظامًا من الرأس ولكنها تركت ذيولاً وأيادى تعبث بمقدرات وطن ضعاف النفوس فى جميع المجالات أستغلوا ضعف الدولة وتراخيها بعد ثورة يناير، والإسكندرية شأنها شأن كل جزء فى مصر لكنها العروس ولاغتصابها معنى آخر وقسوة أشد.
المقاولون هدموا القصور والفيللات الأثرية ذات الطراز، ليحل محلها كتل خرسانية لا يقل ارتفاعها عن 17 طابقًا، وتحولت كل أحياء الإسكندرية إلى سجون خرسانية، وشعر السكندريون أنهم محبوسين فى خرسانة قبيحة تحيطها القمامة من كل جانب وفى كل شارع بشكل مقزز.
ولأن المرافق قديمة وأنشئت أصلاً لعقارات لا تتعدى خمسة طوابق فقد انفجرت شبكات الصرف الصحى والمياه وتهالكت محطات الكهرباء حتى أبراج المحمول لم تعد لها تأثير وتصبح عبارة «مفيش شبكة» على كل لسان ولكل الشبكات.
عروس البحر تحتضر تحت مسمع ومرأى من المسئولين فى القاهرة، ولا مانع لديهم من التضحية بالمحافظ، أى محافظ، حتى أصبح لقب محافظ الإسكندرية مثيرًا للذعر والخوف لأنه يضع المرشح له على حافة الهاوية، وهو إما يملك عصا سحرية لحل مشاكل متراكمة، وإما تتم الإطاحة به بعد السخط الشعبى عليه.
ولأن المواطن السكندرى لا يتحمل طويلا، وينتظر الكثير من المحافظ الجديد، الذى لا يملك بالفعل عصا سحرية، فإن النهاية للمحافظ قريبة لا محالة والصيف قادم ومن قبله «بروفة» شم النسيم، وسيعترض السكندريون حتما عندما تخنقهم الأعداد المتزايدة من المصطافين، وتتزاحم الشوارع، ويصبح السير فيها أشبه بالاكروبات فى السيرك، كما ستتضاعف أكوام القمامة فى الشوارع ولا مانع لتغيير المحافظ بآخر للتهدئة، وهكذا تستمر الدائرة المفرغة التى لا مخرج منها، إلا بالكسر.
وليكن اقتراح إعلان الإسكندرية مدينة منكوبة لمدة 4 سنوات الذى طرحه كارم محمود احد اعضاء نادى العاصمة الثانية، والذى عمل طويلا فى الخارج قبل أن يستقر فى أرض الوطن، مشروعًا للانقاذ وفكرة خارج الصندوق وخلال تلك المدة يتم إعلان الطوارئ بالمحافظة، وتتولى القوات المسلحة جميع شئونها اشغالات ومرور وجمع قمامة وتدويرها، وقد أكد صاحب الاقتراح أن المؤسسة العسكرية تملك من الإمكانيات والآليات التى تمكنها من تنفيذ الفكرة وأمدنى صاحب الاقتراح بمعلومات عن تلك الفكرة التى لم أكن قد سمعت عنها من قبل وانها معروفة عالميا وتم تطبيقهأ فى عدة مدن، منها مدينة فلينت بولاية ميتشجان الامريكية، واستجاب المسئولون لمطلب حاكم الولاية باعلان حالة الطوارئ بسبب تفاقم أزمة تلوث المياه التي تتعرض لها المدينة وارتفاع نسبة الرصاص بمياه الشرب واستلزم ذلك إعلان الطوارئ، وتوفير اعتمادات مالية غير عادية لحل تلك المشكلة.
طبعا هناك فروق كثيرة بين الإسكندرية والمدينة الأمريكية، فالأخيرة مشكلتها تلوث مياه الشرب بارتفاع نسبة الرصاص فى مياه الشرب، أما الإسكندرية فالتلوث بكل صوره، القمامة متراكمة فى كل الشوارع، وتتجمع حولها الحيوانات الضالة والحشرات الناقلة للأمراض، ومياه الصرف الصحى فى الشوارع، بعد عجز الشبكة عن التحمل، والعقارات المخالفة مازالت ترتفع رغم كل التصريحات والتهديدات بالازالة ولسان حال المخالفين يقول: «ما تقدرش تزيل»، المقاهى والباعة الجائلين استولوا على الارصفة والشوارع، ولم يعد المواطن قادرا على السير فى الشارع.
كل هذا التلوث ألا يستحق من المسئولين فى القاهرة أن يرصدوا ميزانية خاصة لحل ازمات الإسكندرية؟ أو اعلانها مدينة منكوبة والعمل على إنقاذها.