الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«المركب بتغرق يا قبطان».. كوميديا سوداء للواقع

«المركب بتغرق يا قبطان».. كوميديا سوداء للواقع
«المركب بتغرق يا قبطان».. كوميديا سوداء للواقع




كتب - خالد بيومى


محمود فطين كاتب وطبيب شاب، صدرت له مجموعة قصصية بعنوان «رقصة النكبة» عام 2009، وصدر له مؤخرا، مجموعة « المركب بتغرق يا قبطان، عن دار نشر «الدار»، والعنوان مستوحى من كارثة العبارة المصرية التى غرقت قبل عشر سنوات فى البحر الأحمر وراح ضحيتها المئات أكثر من ألف مواطن بريء عقب الساعة الواحدة صباحا بقليل فى 3 فبراير عام 2006، وما زال مالك العبارة طليقا لم يحاسب حتى اليوم.
يفتتح الكاتب قصصه على إيقاع الغياب الذى يلازم الإحساس بالفقد. فيرحل الراحلون ويشهد من تبقى على حكاية وطن عصى على الغياب.
يقدم الكاتب 11 نصا ملتبس الهوية من حيث الاتصال والانفصال، فيرصد حياة المهمشين البائسين كما فى قصة «إشارات الدخان»، والسعى على الرزق فى قصة «الوهم الأبيض». والحكايات تتطور بشكل طبيعى إنسانى كما فى قصة «التيبس» والكاتب لديه القدرة على رسم جماليات المكان وذاكرة الزمان فى نصه القصصى. ونجد أنفسنا أمام شخصيات متكاملة الملامح، بطل رئيسى وآخرين مساعدين، فالأحداث متصاعدة، والأمكنة محددة المعالم كما فى قصة «مصر بتلعب» التى تدور أحداثها فى ميدان طلعت حرب والتصادم بين رجال الأمن والمواطنين.
والمجموعة تترك لدى القارئ علامات استفهام كثيرة، ناتجة عن حياة أبطالها المربكة. والخطاب القصصى جاء شاملا، واسعا، قادرا على احتمال وتوظيف شمولية المشهد، مكانا وشخصيات، من كبار المدينة والمهمشين فيها، جاءت لغة السرد مباشرة، عادية البناء، لا تعتمد أو لا تميل إلى الشعرنة، فهى لغة سردية وصفية، تنقل المعلومة بشكل مباشر إلى المتلقى. وفى قصة « الحرام» يرصد مغالاة سائقى الميكروباص فى الأجرة ردا على زيادة أسعار الوقود، وتبرم المواطنين من هذه الزيادة، ولكن ما باليد حيلة. ونصوص المجموعة تفيض بالحوارات عن الوطن والعلاقات البشرية التى تتجاوز الانتماءات الضيقة. وفى قصة «الوطى» يتناول ظاهرة سرقة جثث المقابر بحكم مهنته كطبيب ويكشف خباياها، والسوق السرية لها والتى تحولت إلى مافيا. والمجموعة تهتم بالبعد الثقافى، فالمجتمع يتشكل من أفراد إنسانيين، ومن تجمع هؤلاء الأفراد أو البشر، وتفاعلهم فيما بينهم، تنشأ الثقافة، ونظرا لكون الثقافة لا ترى إلا فى عقول أعضاء المجتمع وسلوكياتهم، وفى علاقاتهم بعضهم البعض، فإن أعضاء المجتمع هم حملة الثقافة، التى تستمد جميع صفاتها من شخصيات أعضاء المجتمع، ومن تفاعل تلك الشخصية، وبالتالى لا مجتمع بدون ثقافة، والعكس صحيح.