الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«صيدلى».. بدرجة مفتى وبياع

«صيدلى».. بدرجة مفتى وبياع
«صيدلى».. بدرجة مفتى وبياع




تحقيق - سمر حسن

 

لضيق وقتك أو لعجزك عن دفع فاتورة الكشف الباهظة فى عيادة طبيب مشهور، وربما لأنك لا تعرف بديلاً، قد تضطرك الظروف للذهاب للصيدلية، ويصف بعض الصيادلة الدواء دون روشتة طبية، فلا يساعد الحالة على التعافى، وتكون المحصلة النهائية للعلاج صفراً، وقد يقود المريض للموت بسبب قرص دواء غير متوافق مع حالته الصحية وتاريخه المرضى الذى لا يعلم عنه الصيدلى أو مساعده أى شىء، إضافة إلى أن هناك من يبيع الدواء ويوصفه للمرضى بينما هم ليسوا لهم علاقة بمهنة الصيدلة، وقد يكونوا من حملة الدبلومات أو أى مؤهل آخر، أو بلا مؤهل من الأساس.
يقول أحمد العراقى - مكوجى 40 عاما - إنه مريض بقرحة فى المعدة منذ 10 سنوات، وحدد له الطبيب المعالج مجموعة أدوية، وذهب لصرفها من الصيدلية، فقام البائع الموجود بالصيدلية بصرف دواء آخر ليس له علاقة بمرضه، ولكنه دواء خاص بمرضى القلب، وتدهورت حالته الصحية يوما بعد يوم، إلى أن ذهب لاستشارة الطبيب المعالج مرة أخرى حاملا عبوات الدواء، وعندما رآها أصابه الذهول، فهذا الدواء قد يتسبب فى إصابته بأزمة قلبية تؤدى للوفاة، وعندما ذهب للصيدلية مرة أخرى وقابل صاحبها، علم أن الذى صرف الدواء فنى تمريض.
أشرف سمير - 49 عاما سائق - يروى مأساته هو الآخر مع أشباه الصيادلة ويقول: أصيب ابنى بألم فى معدته، فذهبت لاستشارة الصيدلى، فقال لى إنه يعانى من تقلصات فى البطن، وأعطاه حقنة، وبعدها بساعة واحدة ارتفعت حرارة جسده وأصيب برعشة، فذهبت إلى أحد المستوصفات الطبية، فأبلغونى أنها حقنة للحساسية ولا توصف للأطفال، وقاموا بإعطائه محاليل مركبة لطرد مفعول الحقنة.
وقال إبراهيم الحسينى - موظف - أصيبت زوجتى بنزيف عقب إجرائها عملية جراحية، ووصف لنا الطبيب دواء لها، وذهبت إلى الصيدلية لصرف الروشتة، فأخطأ الموجود بها فى قراءتها وأعطانى دواء غير الموصوف لها، وتدهورت حالتها الصحية، وقمت وحررت محضرا بالواقعة إلا أنه بلا فائدة، حيث مر عليه أكثر من 6 أشهر دون جديد.
وأكد محمد حنفى - 50 عاما عامل - أن أسعار الأطباء نار، فعندما أشعر بألم أذهب إلى الصيدلية ﻷخذ أى دواء لتسكين آلامى، ورغم ما حدث لى من مضاعفات بسبب دواء خاطئ ونقلى بالإسعاف إلى أحد المستشفيات الحكومية على يد فاعلى الخير إلا إننى مازالت أعتمد على الصيدلى فى تشخيص ووصف الدواء، وقال «هجيب فلوس منين».
ويقول محمد جمال - طالب فى كلية تجارة - قرأت فى أحد الإعلانات عن صيدلية فى حاجة إلى أشخاص للعمل بها خبرة أو بدونها، وبالفعل ذهبت إليها نظرا لحاجتى المادية للإنفاق على الدراسة، ووافق صاحب الصيدلية على عملى بها، فى تلك الفترة كان المرضى يصفون لى ما يشعرون به من آلام كى أعطيهم دواء لمرضهم، وبالفعل كنت أصرف لهم الدواء الذى يتلاءم مع وصفهم وذلك بعد أن اكتسبت خبرة فى مجال الأدوية، فالصيدلية فى منطقة شعبية أغلب سكانها غير قادرين على تحمل فواتير الأطباء الباهظة، أو يتعذبون فى المستشفيات الحكومية، وأضاف: «قبل أن ترموا اللوم على الصيدليات، خفضوا فيزيتا الأطباء، وطوروا المستشفيات الحكومية».
وعلى الجانب الآخر جاءت آراء أصحاب الصيدليات صادمة لتؤكد على واقع مرير إذ أوضح أحمد الفرحاتى - صاحب صيدلية بالمنيل - أن الصيدليات بها تلال من المشاكل وخاصة فى الأماكن الشعبية والريف، ولا يقتصر الأمر على بيع الدواء دون روشتة فقط، بل يقص شريط الحبوب إلى أقراص متفرقة أو كبسولات وبيعها متفرقة للمرضى، فما الذى يضمن للمريض أن هذا الدواء مازالت صلاحيته سارية، وطالب بضرورة تشديد الرقابة عليها حفاظاً على أرواح المرضى.
وقال محمد شعبان - صاحب صيدلية - أننا نضطر لتشغيل غير الصيادلة نظرًا لارتفاع رواتبهم، فالعامل العادى يأخذ راتبا شهريا أقصاه 1500 جنيه، ويعمل 10 ساعات يومياً وله نصف يوم إجازة أسبوعية، بينما الصيدلى يتقاضى راتبه بالساعة مما يعنى أنه يتخطى الـ3000 جنيه شهريا، ويعمل من 6 إلى 8 ساعات يوميا، وله يوم كامل إجازة أسبوعية، وهذه تكلفة مرتفعة.
بينما يرى محمد المراكبى - صاحب صيدلية - إن معظم الصيدليات تعتمد على غير الصيادلة فى العمل لديها وذلك لانخفاض رواتبهم، فالصيدليات مكسبها لا يغطى مصاريفها، أما الصيدليات الكبرى فهى التى تعتمد على الصيادلة أو مشروع الصيادلة بمعنى أن طلاب كلية الصيدلة يذهبون إليها للعمل كمتدربين وذلك يكون دون أجر فى مقابل التدريب، علاوة على أنها تحقق دخلا عالميا يمكنها من توظيف أكثر من دكتور صيدلى متمرس لمتابعتهم.
ومن جانبه قال الدكتور محمد عز العرب - المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء - إن الصيدلى هو الشخص المنوط به صرف الدواء للمرضى بناء على الروشتة المحددة من قبل الطبيب المعالج، وأضاف إن له صلاحية شرح تعليمات أخذ الدواء للمريض، والإرشادات الخاصة به، وتحديد الجرعات ومواعيدها، ووصف مجموعة أدوية دون الرجوع للطبيب وهى ما تسمى بأدوية الرف، والتى ليست لها أعراض جانبية، ومعترف بحق الصيدلى فى صرفها فى معظم دول العالم، وهى 35 نوعا منها أدوية الصداع، والبرد، والمغص.
وشدد على ضرورة مراقبة مخازن الأدوية، فدائمًا ما تقوم بتوزيع أدوية قاربت على انتهاء الصلاحية بسعر منخفض، مع زيادة الرقابة على الصيدليات، ولكن للأسف إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة عاجزة عن تغطية كم الصيدليات الموجودة فعدد المفتشين 1500 شخص للمراقبة على 163 ألف صيدلية، وألف شركة ومثلهما مخازن و137 مصنع أدوية.
ومن جانبه أكد الدكتور أحمد فاروق - أمين عام نقابة الصيادلة - أن الصيدلى هو الخبير الأول والأوحد فى صرف الدواء، وأكمل: إن هناك مجموعة أدوية تصرف بدون روشتة، ولكن على الصيدلى تحويل المريض للطبيب إذا تشابهت الأعراض مع مرض آخر علاجه خارج أدوية الرف.
 وأوضح أن الصيدلى الذى يثبت عليه صرف دواء آخر دون روشتة، أو تشغيل غير الصيادلة يحول للتحقيق، ويعاقب بالقانون، بحيث تغلق الصيدلية لمدة شهر فى حين المخالفة الأولى، و 6 أشهر للثانية، إلى أن تصل للحبس.