الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«روزاليوسف» داخـل عمارة الجـن والملائكة العمارة سكنهـا اليهود وتراقبها الأقمار ليل نهار

«روزاليوسف» داخـل عمارة الجـن والملائكة العمارة سكنهـا اليهود وتراقبها الأقمار ليل نهار
«روزاليوسف» داخـل عمارة الجـن والملائكة العمارة سكنهـا اليهود وتراقبها الأقمار ليل نهار




تحقيق: بشير عبد الرؤوف

تناقلت الشائعات واختلفت الروايات عن ألغاز عمارة «تيرينج» المعروفة بعمارة اليهود التى تعلوها «الملائكة» الأربعة التى تحمل كرة بقلب ميدان العتبة والتى تظهر من جميع جوانبها بوضوح، وتسيل لعاب السائحين ويأتيها زائرون من كل صوب، وأسالت لعاب الفنانين التشكيليين وأصحاب الفن الراقى.
وبقدر ما أثار النظر إلى تلك العمارة رقم 17 ميدان الملكة فريدة أو ميدان العتبة، إلا أن أسئلة محيرة طرحها كثيرون على ذوى الصلة، وهل هناك عفاريت داخلها وحقيقة غرفة الإعدام التى تعلوها عند موضع الملائكة فى أعلاها، ومن هم هؤلاء الذين تم إعدامهم داخلها.
كل هذه الأسئلة تجيب عنها تلك الرحلة التى اقتحمت «روزاليوسف» خلالها العمارة من بداية مدخلها الخلفى صعودا حتى الاستقرار إلى جوار الملائكة، مع اختراق غرفة الإعدام لرصد حقيقة المشنقة.
المهمة الصعبة
لم يكن من السهل فى البداية الوصول لمدخل العمارة الذى لا تتضح معالمه للتعديات التى تمت على تلك العمارة التاريخية، فتم الاستدلال على مدخل خلفى كان يستخدم للعاملين لدى سكان العمارة وبه مصعد من التاريخ يحمل مع صعوده مشاهد أفلام الزمن الجميل، لتبدأ الرحلة من الطابق الرابع الذى حولته التعديات إلى طمس لملامح تلك العمارة وجمال الوحدات السكنية والتى شملت قواطع من الطوب والأسمنت، ومع صعود السلالم لمشاهدة واقع العمارة على الطبيعة، كانت السلالم أشبه بالمرور على قطع من الإسفنج، حيث نوع الأخشاب الفريد والذى ما زال يحتفظ برونقه، والدرابزين الدائرى الذى ينقلك بين الطوابق، ومع كل طابق تقع على جنبات الحوائط تحف فنية تجاورها شرفات زجاجية تحمل ألوان الطيف، ويخترقها طقس معتدل، إلى أن تسلمك تلك السلالم إلى سطح تبدأ معه الألغاز.
مهملات تخص محلات تجارية، وغرف متعددة أغلق معظمها بأقفال حديدية، وغرفة موتور المصعد الذى ما زال بحفر الشركة المنتجة له ويتم صيانته بشاهد الزيت الخاص به والذى يجاوره، وكذلك كابينة الكهرباء الخاصة به، وعلى جانب منها باب كبير مغلق يمكن النظر منه إلى الطوابق السفلى، تجاوره قبة كبيرة، يلاصقها مبنى يرتفع إلى عنان السماء تعلوه الكرة التى تحملها الملائكة، وفى أعلى الكرة مثبت بها سيخ من الحديد، وأسفل الكرة غرفة معلقة تتوسط تلك الكرة يؤدى إليها سلم مرتفع من الحديد، وترتكن إلى الزوايا أحواض من الزرع وبعض الأشكال الهندسية التى لا يوجد لها تفسير.
غرفة الإعدام
تمكنت «روزاليوسف» من فتح تلك الغرفة المعلقة التى قيل عنها أنها غرفة الإعدام، فكانت المفاجأة، عدد من الأسرّة والأغطية والأشياء الخاصة لبعض الأشخاص استأجروا هذه الغرفة، أما السيخ الحديدى الذى يعلو الكرة التى تحملها الملائكة، فهو لتفريغ الشحنات التى تتولد عن الصواعق، أما كلمة «تيرينج» التى تظهر للرائى من بُعد فهى مثبتة على ألواح من الحديد وموصلة بالكهرباء، إلا أن يد العبث طالتها.
والعمارة لها إحداثية بأحد الأقمار الصناعية وتتم مشاهدتها على مدى الأربع والعشرين ساعة، والشائع أنها كانت ملك خواجة يهودى هو فيكتور تيرنج من مواليد مدينة القسطنطينية وأراد أن يحاكى متاجر، سيزار ريتز، فى أوروبا، فوقف عند الساحة الشهيرة لميدان العتبة، فى عام 1910، وقال إنه اختار موقع العتبة فى القاهرة لبناء مركز تجارى له، والكرة الأرضية أعلى قبته التى كانت تظهر لامعة براقة فى الليل، وتم الانتهاء من البناء 1912-1913، على يد معمارى نمساوى وهو المهندس المعمارى، أوسكار هورويتز، وهو معمارى يهودى نمساوي، درس العمارة فى النمسا، وجاء إلى القاهرة فى الفترة 1913-1915، وكان المقاول للمشروع هو ليون رولين فيلز، ومن أعمال هذا المهندس فى القاهرة فيللا على إبراهيم باشا وعمارة الإيموبيليا سنة 1895 وعاش فيها الكثير من اليهود، ولذلك يطلق عليها اسم عمارة اليهود.
الوثائق تتحدث
حصلت «روزاليوسف» على وثائق العمارة وتاريخها المدون بسجلات المحكمة المختلطة وجهات الثبوت المصرية، وهو ما يختلف اختلافا كبيرا عما دونته وسائل المعلومات المختلفة، حيث جاء فى إقرار بأن العقار رقم 17 ميدان العتبة له 14 مالكا وهم أليس أفاديس تشاكجيان ولوسى أفيديس تشاكجيان وريزيت ونانيا وروبينا ورستم وآنى ومانى مهران تشاكجيان وفاهيه وآرا وفيكتوريا صمويل كوند وراجيان وهوست وأونيك مارديروس ماراشيان.
كما جاء فى مستخرج من الأصول المحفوظة بقلم تسجيل العقود الرسمية بالمحكمة المختلطة بالقاهرة، إنه فى يوم الثلاثاء 30 ديسمبر 1947 الساعة العاشرة صباحا بقلم تسجيل العقود الرسمية بالمحكمة المختلطة بالقاهرة، أمامنا نحن شفيق هوس الكاتب لدى المحكمة المذكورة وأقوم بوظيفة موثق وبحضور كل من مجر إلياس ابن المرحوم إلياس آرتين المقيم بالقاهرة 9 شارع موسى عثمان، شبرا، وإلياس خوام ابن المرحوم جوزيف المقيم بالقاهرة 13 شارع حارة كوم الريش بالفجالة، شاهدين تتوافر فيهما جميع الصفات المطلوبة قانونا ومثبتين لشخصية الحاضرين، حضر أفيديش تشاكجيان ابن المرحوم ترسيس تشاكجيان، من ذوى الأملاك، مصرى، باسمه وبصفته والد يمارس سلطة الأبوية على بناته الثلاثة القصر الآنسات وهن لوسى وعمرها 16 سنة وأليس عمرها 14 سنة وسونيا وعمرها 7 سنوات والجميع يقطن بشارع المحطة رقم 19 بالمطرية، ضواحى القاهرة، وطلب الحاضرون تحرير العقد التالى بالشروط والبنود الآتية، البند الأول، وهب السيد أفيديس تشاكجيان وأسقط ونقل بكافة الضمانات الفعلية والقانونية إلى بناته القصر الآنسة لوسى، أليس، وسونيا القابلات عن طريق والدهن بواقع الثلث لكل بنت و40/41 على المشاع للأعيان التى ستوصف فيما بعد أى 4 قيراط و19 سهما و5/1 على 24 قيراطا.
وصف العمارة
وجاء وصف الأعيان، حصة 4 قيراط 19 سهما و5/1 على المشاع فى العقار رقم 17 ميدان الملكة فريدة قسم الموسكى محافظة القاهرة مساحتها 1279.20 متر مربع حدودها بحرى ممر بطول 40.64 متر، قبلى ميدان الملكة فريدة بطول 39.33 متر، شرق شارع العتبة الخضراء بطول 32.82 متر، غرب ممر بطول 31.33 متر، من حق هذا العقار الارتفاق على الممر الكائن بحرى- غربى رقم 17أ على ميدان الملكة فريدة، وتشمل هذه الهبة حق الاستغلال والمرافق فى الشارعين الخصوصيين المشار إليهما بواقع النصف لمالكى العقار موضوع هذا العقد والنصف بالنسبة للجيران. مع ما يتبع ويشمل بدون استثناء أو تحفظ، مسجل بتكليف السيد أفديس تشكجيان مكلفة رقم 72/2 عام 1947 بموجب إيصال الضرائب رقم 451393.
البند رقم 2، أقر الواهب بأنه المالك الوحيد لهذه الأعيان الموهوبة منه حاليا ولقد اشتراها من السيد أنطونى برناد وآخرين بموجب عقد بيع رسمى حرر بهذا القلم فى 2 نوفمبر 1941 رقم 6105 ومسجل بقلم الرهون لهذه المحكمة المختلطة بالقاهرة فى نوفمبر 1941 برقم 5948.
البند رقم 3، أقر الواهب ويضمن بأن الأعيان الموهوبة منه معتقة من جميع الأعباء والقيود، وجاء فى البند رقم 4، بأن الهبة نهائية ولا رجعة فيها، وفى البند الخامس، للموهوب إليهن حق استغلال هذه الأعيان ويتحملن الضرائب والمصاريف الأخرى منذ توقيع هذا العقد، ترجمة جابى عدلى زخارى.
كما جاء فى عقد بيع رسمى من المحل التجارى شارل سيمونس وشركاه لصالح السيدة فيكتوريا تشاكجيان وشركاها لمبلغ 54 ألف جنيه، إنه فى يوم الأحد 2 نوفمبر 1941 الساعة 12. 30 من بعد الظهر بالمنزل الكائن 15- 19 شارع المحطة بالمطرية حيث انتقلنا بموجب ترخيص من السيد رئيس المحكمة المختلطة بالقاهرة والمرفق لهذا العقد، أمامنا نحن شفيق هوس، الكاتب لدى المحكمة المذكورة وأقوم بوظيفة موثق وبحضور كل من، ألبير ساراجوسى ابن المرحوم جوزيف مستخدم بمكتب الأستاذ ابتر المحامى والمقيم بالقاهرة وأنيس جبران مستخدم عند الأستاذ سيفوكيان والمقيم بالقاهرة، شاهدين تتوافر فيهما جميع الصفات المطلوبة قانونا ومثبتين لشخصية الحاضرين، حضور اليو بيبى ابن المرحوم. ليون ابن المرحوم بندتو، إيطالى الجنسية، ديانته يهودى، مولود بالإسكندرية ومقيم 17 ميدان الملكة فريدة وهو وكيل السادة، هربرتى أنطونى برناد وشارل فريدريك برنارد والاثنان أبناء المرحوم. دافيد برنارد، وشارل أجستين دافيد وبرسى جون ديفيس والجميع يقطنون بلندن بصفتهم منفذين لوصية المرحوم دافيد برنارد المتوفى فى 15 سبتمبر 1937، صفة المنفذ للوصية وكذلك تاريخ الوفاة من السجل العام بالمحكمة العليا فى 13 نوفمبر 1937 حيث صورة منه لهذا العقد، وهؤلاء البائعون طرف أول، والسيدة فيكتوريا تشكجيان جاوج جاروجوسيان بن المرحوم هوف هاتس، وأفيدس تشكجيان ومهران تشكجيان، والسيدة اليز ماراشيان زوجة السيد مارديروس مراشيان، والسيدة فلورا كوندوردجيان زوجة صمويل كوندوردجيان، وهم أولاد المرحوم نرسيس تشكجيان ابن المرحوم أفديس، والسيدة فرجينى تشكجيان زوجة أفيدس تشكجيان بنت ستراك شكاكريان بن المرحوم ماديروس، السيد. مارديروس مرشيان ابن يوسف بن جربيد، والسيد صموئيل كوندوراجيان بن اريشا بن المرحوم توروس، والجميع مصريون مقيمون بالمطرية 15 شارع المحطة، حيث باع المحل التجارى شارل سيمون وشركاه عن طريق وكيلهم السيد بيبى، وتنازل وأسقط بكافة الضمانات الفعلية والقانونية إلى السادة والسيدات، فيكتوريا وأفيدس ومهران وفرجينى تشكجيان، وإيلى مرجيان، وفلورا وصموئيل كوندوردجيان، ومارديروس ماردجيان، القابلين متضامنين الأعيان التى عبارة عن العقار كاملا وكما تم توصيفه سابقا.
الملاك الوحيدون
وأقر البائعون بأنهم الملاك الوحيدون لهذه الأعيان المباعة منهم حاليا وأنهم اشتروها بالطريقة الآتية، الثلثان على المشاع بشرائهما من سليمان بك دسوقى بموجب عقد عرفى فى 29 يونيو 1911 والمسجل برقم الرهون لهذه المحكمة فى 29 يونيو 1911 رقم 7639 القسم الأول والمؤكد بالعقد الرسمى المحرر بهذا القلم فى 10 يوليو 1911 رقم 3043 والمسجل بهذا القلم قلم الرهون فى 11 يوليو 1911 رقم 7987، والثلث الباقى على المشاع عن طريق المزاد بالمحكمة المختلطة بالقاهرة فى دعوى نزع الملكية من المحل التجارى شارل سيمون وشركاه ضد شركة بيكوتو بروس بموجب الحكم الصادر فى 6 مارس 1937 من دائرة المزادات بالمحكمة المذكورة وكان المحل التجارى بيكوتو بروس هو أيضا مالك للثلث بموجب نفس المستندات حصل على الثلثين على المشاع.
حى الموسكى الواقع فى نطاقه العقار قام بتوقيع محاضر مخالفات عديدة لقيام المستأجرين لبعض المحلات بالتعدى على الطوابق المختلفة بإنشاءات بتقسيم الطوابق وإنشاء محلات جديدة وتغيير الشكل القائم للعقار الأثرى، وتم إخطار المحافظ بتلك المخالفات.