الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نووى مصر.. ونووى الإمارات

نووى مصر.. ونووى الإمارات
نووى مصر.. ونووى الإمارات




خالد عبد الخالق  يكتب

منذ أيام أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن انتهائها من اختبار التوازن المائى البارد بنجاح فى المحطة النووية الأولى فى موقع براكة بأبوظبى، والذى يمثل خطوة مهمة تجاه الاستعداد للعمليات التشغيلية لأول مفاعل نووى بالإمارات عام 2017، يعقبه بعد ذلك تشغيل ثلاثة مفاعلات نووية اخرى بنهاية عام 2020. وذلك وفق استراتيجية شاملة لدولة الإمارات تهدف إلى أن تشكل الطاقة النووية 25% من مصادر الدولة من الكهرباء بحلول 2020.
الإمارات على الرغم من غزارة انتاجها النفطى وتمتعها بوفرة نفطية، اتجهت إلى الطاقة النووية باعتبارها طاقة مستدامة وحل محتمل لتحديات إمدادات الطاقة فى البلاد مستقبلا. ولعل هذا ما دفع رئيس وزراء الإمارات محمد بن راشد آل مكتوم إلى الإعلان عن نيته الاحتفال بتصدير اخر برميل نفط.
وفى مصر ومع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى المسئولية، اولى اهتمام بضرورة ان تدخل مصر عصر امتلاك الطاقة النووية لمواجهة الطلب المتزايد على الطاقة فى مصر، من اجل اكمال مسيرة التنمية، ولعل كل المصريين عانوا وعايشوا الفترة التى كانت مصر فيها مظلمة جراء انقطاع الكهرباء لساعات طويلة فى اليوم الواحد وصلت فى بعض المناطق إلى أكثر من 10 ساعات بدون كهرباء.
فى الإمارات لم نسمع عن معارضة لانشاء محطات نووية لانتاج الكهرباء ولم يخرج رجال اعمال يهاجمون مشروعهم النووي، بل كانت هناك رؤية والجميع وافق عليها واقتنع بها، لكن فى مصر هناك اكثر من رؤية واكثر من رأى وأكثر من توجه، وقد تجلى ذلك فى قيام أحد رجال الأعمال المعروف بارتباطه بالمصالح الأمريكية والصهيونية بمهاجمة مشروع الضبعة النووية. لم يتوان هذا الشخص عن مهاجمة مشروع مصر النووى وافردت له قناة «بى بى سى العربية» مساحة لمهاجمة هذا المشروع وكانت حجته انه لن يستطيع ان يقوم بدعوة اصدقائه لتناول الغذاء فى الساحل الشمالى وعلى بعد 3 كيلو مترات محطة نووية.  
 حفنة من رجال الاعمال فى مصر لا يبحثون إلا عن مصلحتهم فقط، ويمثلون التحدى الاكبر لسياسات «السيسي» وتوجهاته، ولم يتوان احد منهم عن تعطيله وإيقافه بشتى الطرق. انها الدائرة الاكبر والاكثر مالًا والاقوى والاعلى صوتاً، كما انهم امتداد لنظام سابق لايزال قائما، نظام صنعها ودعمها وهم يسعون إلى مقاومة أى تغيير فى وضع انتجهم وافرزهم وسمح لهم بالتوغل والتمدد على حساب الشعب المصري. قوتهم اكتسبوها من الدعم الحكومي، ولولا تواطؤ الدولة فى فترة سابقة معهم لما أصبحوا رأسماليين ولا رجال مال وأعمال، مواهبهم وإبداعاتهم قاصرة على «السمسرة والعمولات وتسقيع الاراضي»، لا يتركون الغنيمة فى وطنهم إلا بعد مصيبة أو فضيحة أو هروبًا من أحكام قضائية، لا يكبرون ولايزدهرون إلا بالفساد، سحقوا أى تنمية خطفوا كل عائد. سعى كثير منهم للاستيلاء على أرض الضبعة بنفس الوسيلة التى استولوا بها على أراضى مصر بأبخس الأسعار وبيعها بملايين الجنيهات.
الدولة تتعامل معهم كتعامل الأب مع طفل مدلل، تحاول الدولة تلبية كل متطلباتهم، والدولة لا تجد منهم أى تجاوب أو دعم أو مساندة. هم لا يتوانون عن ابتزاز الدولة، دائمى الشكوى بحجة ان المنظومة القانونية تعرقل الإنعاش الاقتصادى وتعوق التدفقات الاستثمارية، وفى مقابل ذلك تحاول الدولة إرضاءهم؛ خفضت أسعار الأراضى لهم بحجة الزراعة، وفى النهاية تم بيعها ولم يزرع فيها فسيلة واحدة، خفضت الضرائب لهم واستجابت لهم عندما اعترضوا على ضريبة ارباح البورصة، ولم تجد الدولة منهم حتى الآن أى فائدة او نفع فضررهم اكثر من نفعهم، صدمة «السيسى» فيهم كبيرة وجريمتهم كانت عظيمة عندما لم يتبرع احد منهم لصندوق «تحيا مصر».
مصر كان لديها برنامج نووى طموح منذ خمسينيات القرن الماضى، لكن التحديات الداخلية والخارجية كانت اقوى من ان تقوم مصر باستكمال مسيرتها وتنمية برنامجها فتوقف برنامجها النووى مثلما توقف كل شىء فى مصر، الآن هناك عزيمة للنهوض ورغبة فى إعادة إحياء الأمل، لكن هذه الرغبة فى البناء تقابلها رغبة فى الهدم والتدمير، رغبة فى الخطف والجرى، ولا يفهمون سوى ذلك، فالتحدى لايزال قائما والاصعب لايزال قادما.