أبوبكر حفنى السفير المصرى بأديس أبابا: مصر تدير ملف سد النهضة على طريقة «كامب ديفيد».. ولن نفرط فى شربة ماء
رضا داود
حوار – رضا داود
وصف أبو بكر حفنى سفير مصر فى إثيوبيا مفاوضات سد النهضة بالصعبة مؤكدًا أنها تسير بشكل إيجابى وإن كانت بطيئة بعض الشىء.
وقال أبوبكر فى حوار خاص أجرته روزاليوسف معه فى السفارة المصرية بإثيوبيا أن المفاوض المصرى صلد ويدرس أفضل قرارات القانون الدولى فى دراسة حالات دولة المنبع «إثيوبيا» ودولة المصب «مصر» للوصول إلى افضل نتيجة مشددا على أن كل ما يدار فى المفاوضات لا يجب أن يفصح عنه لأنها تضر بمصلحة البلدين وأن مصر تتعامل مع ملف سد النهضة على طريقة اتفاقية كامب ديفيد وأنها لن تفرط فى شبر من المياه كما أنها لم تفرط فى الأرض من قبل وأكد أبو بكر أن مصر أهملت أفريقيا لفترة طويلة إلا أنها الآن تسعى وبقوة لاسترداد مكانتها داخل دول القارة من خلال التوسع فى المشروعات الاستثمارية لافتًا إلى أن الاستثمارت المصرية فى إثيوبيا تتراوح الآن ما بين 700 و 800 مليون دولار وأن الحكومة الإثيوبية وافقت على تخصيص مساحات مختلفة للمستثمرين المصريين وجار التحضير لزيارة وفد من رجال الأعمال المصريين لاختيار منطقة واحدة لإنشاء منطقة صناعية باستثمارات 120 مليون دولار
وتحدث أبو بكر عن الكثير من الملفات المهمة بين مصر وإثيوبيا فإلى نص الحوار:
■ معالى السفير تولى مصر مؤخرا اهتماما غير مسبوق بإفريقيا والتى اتضحت فى جولات الرئيس السيسى ومؤتمراته للتكتلات الإفريقية الاقتصادية لماذا هذا التحرك فى الوقت الراهن رغم أن إفريقيا تم إهمالها لأكثر من ثلاثة عقود؟
ـــ بالفعل مصر تعطى أولوية كبيرة لافريقيا وليست وحدها بل العالم أجمع لأن إفريقيا اصبحت هى المستقبل ليست لاعتبارات سياسية فقط بل على المستوى الاقتصادى والاستثمارى أيضًا فاليوم إفريقيا تحقق معدل نمو مرتفع فلو تكلمنا عن إثيوبيا فهى تحقق معدل نمو تضاعفى يسمى «بالدابل دجيت» أى رقمين وكوت ديفوار تحقق معدلات نمو كبيرة جدًا فالاتجاه إلى إفريقيا له زاويتين بالنسبة للسياسة الخارجية المصرية الأولى تتعلق بالشق الاستثمارى ودورنا كسفارة ليس تقليدى بل نقوم بفتح طريق للمستثمرين والتعامل مع الحكومات أما الشق الثانى فيتعلق باننا كنا قد اهملنا إفريقيا لفترة طويلة ومن ثم نركز الآن على الاهتمام بإفريقيا بشكل عام ودول حوض النيل بشكل خاص فمنذ 15 سنة كانت الاستثمارات المصرية فى إفريقيا صفر اليوم نتكلم عن استثمارات مصرية موجودة على الأراضى الإثيوبية تتراوح ما بين 700و800 مليون دولار.
■ من هم أبرز المستثمرين المصريين فى إثيوبيا؟
ـــ السويدى يعتبر من أكبر مصانع الكابلات الكهربائية فى السوق الإثيوبية ومن أوائل المستثمرين المصريين هناك وفى طريقهم لإاستثمارات أكبر وشركة فريش لإنتاج الأجهزة الكهربائية لديها مصنع بالإضافة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تعمل فى مجالات كثيرة فضلا عن شركة المقاولون العرب التى تنفذ جزءا كبيرا من الطريق الدولى الذى سيربط القاهرة بكيب تاون «شمال القارة بجنوبها» انتهت من طريق يربط أديس أبابا بنيروبى حوالى 97 كيلو وستبدأ فى تنفيذ جزء آخر بمسافة 57 كيلو بتمويل من بنك التنمية الإفريقى.
وتعتبر الاستثمارات أهم وسيلة لبناء الثقة بين الشعوب بالإضافة إلى الدبلوماسية الشعبية.
■ كان فى إثيوبيا وزير الصحة المصرى الأسبوع الماضى مع وفد كبير لممثلى 21 شركة أدوية مصرية فى زيارة للسوق الإثيوبية للتعرف على أهم احتياجاتهم من الدواء ماذا فعل؟
ــ بالفعل تم عمل مؤتمر كبير شارك فيه أكثر من 200 شخص يمثلون أهم المنتجين والموردين الإثيوبيين للدواء وكذلك ممثلى 21 شركة دواء مصرية تعمل فى مجال تصنيع الأدوية ومستحضرات التجميل وكذلك الأدوية البيطرية.. وأوضحت أن هناك احتياجًا كبيرًا للدواء المصرى داخل السوق الإثيوبى خاصة أن سمعة الدواء الصينى والهندى سيئة والدواء المصرى له سمعة جيدة جدا و45% من الأدوية الإثيوبية مستوردة.
وعندنا السياحة العلاجية وعندنا مستشفيات على أعلى مستوى وبأسعار تنافسية كما أن الإثيوبيين يسافرون إلى تايلاند وسعرها ثلاثة أضعاف أسعار السياحة العلاجية فى مصر كما يسافر مع المريض مرافق ويحتاج أشياء تحفزه من سياحة ترفيهية ودينية وهناك ارتباط كبير بين الكنيسة المصرية والاثيوبية ومن الناحية الإسلامية مهم ومن ثم يمكن جذب المرضى إلى مصر ومن ثم هناك فرصة كبيرة لمصر فى هذا المجال.
وهناك منظمات إقليمية والامم المتحدة لها عدة وكالات والاتحاد الإفريقى ويعمل بها ما يقرب من 10 آلاف موظف دولى ونحن بصدد توقيع مذكرة لترحيل مرضى تلك المنظمات إلى مصر وسوف يأتى وفد من ممثلى تلك المنظمات لزيارة المستشفيات المصرية.
■ ما هى خطط الحكومة المصرية والسفارة لزيادة الاستثمارات المصرية داخل السوق الإثيوبية؟
ــ نحن بصدد دراسة إنشاء مزارع مشتركة لاستيراد المواشى الاثيوبية ونريد إنشاء منطقة صناعية مصرية وسوف يأتى وفد من رجال الأعمال المصريين لاختيار موقع المنطقة الاسبوع المقبل وستجذب استثمارات بنحو 120 مليون دولار وقامت الحكومة الاثيوبية بعرض أكثر من مساحة للاختيار بينها وستكون مساحة المنطقة الصناعية كبيرة وسوف تضم صناعات عديدة فى مجال الكابلات والأدوية والجلود ومجازر آلية وتصنيع اللحوم.
■ ما مساحة المنطقة بالتحديد؟
ــ لم يتم تحديد المساحة بعد ولكن هناك اكثر من عرض لأكثر من منطقة وسوف يتم المفاضلة بينها لاختيار أنسبها الاقتصاد المصرى يختلف عن الصين باعتبار أن الاشتراكية تسيطر عليها عكس مصر القطاع الخاص هو القاطرة وإثيوبيا عضو فى الكوميسا لكن تطبقها بشكل جزئى وهناك وعود لتطبيقها بشكل كامل بما يمثل فرصة كبيرة لصادرات الشركات المصرية.
■ ماذا عن مفاوضات سد النهضة؟
ـــ أحب أطمئن المصريين أن المفاوضات تسير بشكل جيد ومرضى وإن كانت بطيئة بعض الشىء وهذا أمر طبيعى لأنها مفاوضات صعبة والجانب الإثيوبى ملتزم تماما على ما تم الاتفاق عليه مع مصر والسودان فى اعلان المبادئ بالخرطوم مارس 2015 وما تم الاتفاق عليه من السيسى وديساين على هامش مؤتمر القمة الإفريقية بشرم الشيخ وجار المفاوضات النهائية الخاصة بتوقيع العقد المالى والفنى مع الاستشاريين الفرنسيين للإجراء الدراسات الفنية ونحن نعمل على عدة مسارات مع إثيوبيا ومؤخرا تم عقد اجتماع فى إثيوبيا لتنفيذ مشروع « بيك ماد» للنقل النهرى بين الإسكندرية وجميع دول حوض النيل حتى بحيرة فيكتوريا وإثيوبيا طالبت الانضمام اليها وتم الموافقة عليها والنقل النهرى ليس ملوثًا ويسمح بنقل بضائع ثقيلة.
■ المواطن قلق حول مفاوضات سد النهضة ويعتبرها استهلاكًا للوقت؟
ـــ أولاً قانون الدولى العام قاصر على كل حالة بمعنى أن كل الأحكام التى صدرت فى كل حالة لها خصوصيتها ونحن ندرس الحالات الناجحة التى توجد فيها دولة منبع ودولة مصب كما هو فى حالة إثيوبيا ومصر إزاى نستطيع الوصول لصيغة ناجحه للجانبين إزاى إثيوبيا تحقق معدلات نتنمية دون المساس بحصة مصر من المياه على اعتبار ان المياه لمصر خط أحمر وهى الحياة والمفاوضات الجارية للتوصل لرؤية مشتركة تحقق مصلحة الجانبين دون أن يعتدى طرف على مصالح الطرف الآخر وإثيوبيا هى مصدر لـ86 % من مياه النيل التى تصل مصر والبحيرات الكبرى لاتمثل سوى 14% فقط فالنيل هو الحياة لمصر والتنمية لإثيوبيا.
■ ماذا عن فتحات سد النهضة؟
ـــ لست فنيًا ونحن نتفاوض على 3 مسارات دبلوماسية قانونية وفنية ويسأل عن ذلك الدور الفنى وزارة الرى ونحن كوزارة خارجية دورنا سياسى.
■ الرئيس أعلن عن تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف استعدادا لتخزين مياه السد.
- تحلية المياه شىء مهم رغم كلفتها العالية مما دفع الدولة للتفكير ايضاً فى تحلية ومعالجة مياه الصرف وهى النظم المعمول بها عالميا لتوفير المياه.
■ ما هو الجديد فى ملف استيراد اللحوم؟
ــ اللحوم نستوردها ولكن ليست بكميات كبيرة وهذا أمر يتعلق بالذوق المصرى ونحن فى تعاملنا مع اللحوم السودانية كان ناجحًا لأن هناك مشرفين بيطريين على تغذية الحيوان قبل الذبح ونريد أن نطبق ذلك الاتفاق مع إثيوبيا للتوسع فى استيراد اللحوم ونحن نسعى كسياسة خارجية بأن نأخذ كل ما نسطيع من افريقيا كما هو الحال للشاى من كينيا واللحوم من دول إفريقية.
■ ما وضع الجالية المصرية فى إثيوبيا بمعنى هل هناك مضايقات للمصريين بسبب موضوع سد النهضة؟
ـــ الإثيوبيون قريبون جدًا من طباع المصريين فهناك احترام شديد وتقدير تاريخى للعلاقة التاريخية بعيدة المدى ويتضح ذلك من خلال الدبلوماسية الشعبية فى الزيارات المتبادلة وزيارة قداسة البابا لإثيوبيا وزيارة الأنبا ماتياس لمصر وهناك تاريخ كنسى مشترك لأكثر من ألف عام وتاريخ إسلامى وكان أول هجرة فى الاسلام للحبشة والملك النجاشى حفظ المسلمين وهناك الكثير من الأوهام دخلت على قاموس البلدين وليست لها اساس من الصحة وحقيقة الأمر نحن شعبان نتفق فى اشياء كثيرة حتى اللغة الامهرية لغة سامية قريبة من اللغة العربية والاسلام الإثيوبى اسلام متصوف وهادئ ومعتدل مثل الاسلام المصرى والمسيحية الاثيوبية الأقرب للمصرية بل تتفق مع المسيحية المصرية والبلدان عندهم احساس بالانتماء للحضارة.
■ كم يبلغ عدد الجالية المصرية فى إثيوبيا؟
ــ عام 1990 كان العدد لا يزيد عن 5 أفراد أما اليوم فحجم الجالية المصرية يصل إلى نحو 250 مواطنًا معظمهم يعملون فى جزء كبير منهم فى المقاولون العرب جزء آخر فى شركة السويدى وشركة فريش وجزء فى الاتحاد الافريقى ومنظمات الامم المتحدة وشركات الاتصالات.
■ فى رأيك هل إسرائيل لها يد فى إنشاء سد النهضة؟
ــ إثيوبيا دولة ذات سيادة ودولة قديمة ويحكمها نظام ناجح وحكومة بهذا الوعى لديها رؤية مستقبلية للتنمية والكل يجرى وراء مصلحته وأهم حاجة الوصول إلى مصلحة مشتركة بين مصر وإثيوبيا فى مفاوضات سد النهضة
■ هل سيجف النيل؟
ــــ منسوب الأمطار التى تسقط على وادى النيل تتجاوز الألف مليار متر مكعب سنويا وما يصل مصر 55 مليار متر مكعب سنويا وفقا لحصتها أى أن ما يصلنا لا يزيد على 1% من كمية الامطار التى تسقط على وادى النيل.
السد الإثيوبى هيدروليكى لتوليد الكهرباء وهو مصمم لأن تنساب المياه لتوليد الكهرباء وهو مصمم بهدف إنتاج 6 آلاف ميجا وات من الكهرباء.
■ الرأى العام يعتقد أن هذا ليس هو السد الوحيد الذى تبنيه إثيوبيا بل تخطط لانشاء 3 سدود أخرى.
ــ أرجوا أن يثق المواطن المصرى فى قيادته السياسية والإعلان عن تفاصيل كل ما يحدث ليس فى مصلحة البلدين مثلما كنا نتعامل مع اتفاقية كامب ديفيد ويجب ان يترك المجال للقيادة السياسية.
والرئيس قالها صراحة إنه لن يضيع الشعب مثلما لم يضيعهم أيام الإخوان لكن هناك من يدق أسافين لإثارة البلبلة لدى الرأى العام.
■ تجاهلنا إفريقيا طيلة سنوات كثيرة حتى اصبحت الصين قوة مسيطرة هناك ..هل يمكن منافستها؟
ــ نحن لا نستطيع منافسة الصين لأنها دولة عظمى ونحن عندنا مزايا أننا نصدر معرفتنا فى مجال الطب فالدكتور مجدى يعقوب قادم لإثيوبيا لإجراء عمليات جراحية فى القلب والدكتور كمال ابراهيم الأستاذ فى جامعة ميتشيجن سيأتى لتعليم الإثيوبيين كيفية علاج تشوهات العمود الفقرى فمصر عندها ميزة فى نقل الخبرات.
■ ما هو دور الثقافة المصرية فى التعامل مع إثيوبيا؟
ــــ نعمل بعثات لمئات المتدربين الإثيوبيين سنويا للقدوم إلى مصر فى مجال الكهرباء والرى والمياه مكافحة الارهاب والاذاعة والتليفزيون والصحة وأيضًا المصريون يأتون ليتدربوا نحن نتبع تراثًا من الأوهام.
■ لماذا لا يتم تدويل قضية سد النهضة؟
ـــ الأمور تسير بشكل جيد ولا نريد ان نستبق الاحداث والمفاوض المصرى جلد وصلد وعندنا خبرة كبيرة جدًا.
■ ما هى رسائلك للمصريين؟
ـــ أطمئن المصريين أن الأمور جيدة وكما حصلنا على الأرض فى سيناء فلن نفرط فى شبر من المياه.
■ أين تقف مصر الآن من دول العالم؟
ــ كانت السياسة الخارجية لمصر أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى المعسكر الشرقى ثم جاء السادات ليحول البلد إلى المعسكر الغربى واليوم عندنا قيادات برجماتية تضع مصلحة الشعبين المصرى والإثيوبى فوق كل اعتبار فمصر دولة متوسطية وشرق أوسطية وعربية وإفريقية.
■ إلى أى معسكر تنتمى مصر؟
ـــ نحن فى عالم المصالح ومن ثم يجب أن تكون علاقتنا جيدة بكل الدول فأمريكا تتعامل مع إيران وروسيا وأوروبا نفسها تتعامل مع روسيا وموسكو تتعامل مع الصين.
